اكتسبت القطارات المغربية ثقة المغاربة بتعاقب السنوات لتصبح وسيلة النقل المفضلة عند شريحة واسعة من المسافرين، رغم كل الملاحظات المسجلة على عمل المكتب الوطني للسكك الحديدية، والمتعلقة أساسا بعدم احترام المواعيد وضعف خدمات النظافة والتهوية والإنارة والمرافق الصحية على متن العربات، إذ اختار مستعملو القطارات تناسي كل ذلك ما دام السفر عبر القطار آمنا أكثر من أي وسلة نقل برية أخرى. غير أن معطى الأمان صار بدوره محل شك في السنوات الأخيرة، فتزامنا مع احتفاء مكتب ربيع الخليع بالنجاح الكبير لتجربة القطار الفائق السرعة، والتحسن المسجل على مستوى خدمات قطارات "الأطلس"، عادت الحوادث لتقض مضاجع المسافرين الذين لم ينسوا بعد فاجعة "قطار بوقنادل"، التي تحل غدا الأربعاء ذكراها الأولى. فاجعة بوقنادل استيقظ المغاربة يوم 16 أكتوبر الماضي على وقع فاجعة غير معتادة، حيث أدى خروج قطار عن سكته بمنطقة "بوقنادل" إلى وفاة 7 أشخاص وجرح 125 آخرين، في واقعة هزت كل مؤسسات الدولة بما فيها القصر الملكي، الذي أمر بفتح تحقيق لمعرفة أسباب ما جرى. حادثة خروج قطار بمنطقة "بوقنادل" وكان القطار الرابط بين الدارالبيضاء والقنيطرة قد خرج عن مساره بسبب السرعة المفرطة التي كان يسير بها غير المتناسبة وطبيعة المنطقة، وفق ما كشفت عنه النيابة العامة، التي أصدرت بلاغا يستند على بحث أنجزته مصالح الشرطة القضائية للدرك الملكي. وحسب الوثيقة الصادر عن الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بسلا، فقد بلغت سرعة القطار 158 كيلومترا في مكان الحادث، والذي تم تحديد السرعة الأقصى به في 60 كيلومترا، مبرزة أن هذا الأمر أدى إلى انحراف القطار عن سكته واصطدام القاطرة بقنطرة. حادث الدارالبيضاء لم يمض سوى شهران ونيف على فاجعة بوقنادل حتى كان المغاربة على موعد مع حادث جديد جعلت ثقتهم تهتز أكثر في أمان قطارات المكتب الوطني للسكك الحديدية، وذلك بعد خروج قطار عن سكته بينما كان متوجها نحو محطة الدارالبيضاء الميناء. خروج قطار عن سكته قرب محطة الدارالبيضاء الميناء وعجل مكتب الخليع بشرح ما جرى عبر بلاغ توضيحي اعترف بالحادث، لكنه قال إن الأمر يتعلق بارتطام عربتين فارغتين ببعضهما خلال عمليات المناورة بداخل مستودع الصيانة بمحطة الدارالبيضاء الميناء، دون أن يكون لذلك أي تأثير على السير العادي لحركة القطارات. حادث برشيد أبت الأقدار أمس الثلاثاء إلا أن تذكر المغاربة بمرور عام على فاجعة بوقنادل بحادث جديد شهدته هذه المرة نواحي مدينة برشيد، وذلك بعدا خرج أحد قطارات "الأطلس" عن سكته متسببا لراكبيه في حالة ذرع، لكن الألطاف الإلهية حالت دون سقوط ضحايا. خروج أحد قطارات "الأطلس" عن سكته قرب برشيد وذكر بلاغ للمكتب الوطني للسكك الحديدية أن "قطار الأطلس رقم 610، الرابط بين مراكشوالدارالبيضاء، انحرف عن سكته يوم 15 أكتوبر 2019، عند حوالي الساعة 12 و20 دقيقة، وذلك بالقرب من محطة بوسكورة قرب برشيد"، لكنه أشار إلى أن الحادث لم يسفر عن أي إصابات. وقال المكتب، الذي قدم اعتذارا لزبنائه، إن فرقه انتقلت على الفور إلى عين المكان، قصد التكفل بالمسافرين ونقلهم صوب وجهاتهم. حوادث "البراق" على الرغم من أن خدمات القطار الفائق السرعة "البراق"، الذي انطلقت أولى رحلاته منتصف نونبر من العام الماضي، لقيت استحسانا لدى زبناء المكتب الوطني للسكك الحديدية، إلا أن الفواجع رافقته منذ الأيام الأولى لبداية عمله. ففي 6 دجنبر الماضي قتل البراق أول ضحاياه، ويتعلق الأمر برجل مسن بجماعة "عين عتيق" قرب مدينة الصخيرات، وبعدها بأيام وبالضبط يوم 14 دجنبر، قتل شخصا ثانيا بين جماعتي "سيدي اليمني" و"أقواس بريش" قرب مدينة أصيلة، وقال المكتب الوطني للسكك الحديدية إن الأمر يتعلق ب"انتحار". حادث لقطار "البراق" لكن القطار الذي تصل سرعته إلى 320 كيلومترا في الساعة، نجا من فاجعة أكبر قبل هاتين الحادثتين بأيام، حين اصطدم بقضبان حديدية وضعها عمال كانوا بصدد الاشتغال في ورش بناء قنطرة بمنطقة عين حرودة. وتسببت الحوادث المتكررة، خاصة في الأسابيع الأولة عقب افتتاح "التيجيفي" في انتقادات كثرة لمكتب لخليع، وذلك بسبب كثرة الممرات غير المحروسة في محيط السكة التي يسير عليها قطار بسرعة مميتة لا تقبل أي مغامرة.