أفرج وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية لسلا، اليوم، عن نتائج التحقيق في فاجعة انقلاب قطار بوقنادل، يوم الثلاثاء 16 أكتوبر 2018، والذي ربط الحادث بناء على التحقيقات ب”السرعة المفرطة للقطار المكوكي الرابط بين الرباطوالقنيطرة، والتي بلغت 158 كلم في مكان الحادث”. ووجهت النيابة العامة لسائق القطار تهم “القتل والجرح الخطأ وهي الجنح المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصلين 432 و 433 من القانون الجنائي”، وتمت إحالته في حالة اعتقال لمحاكمته طبقا للقانون، يقول بلاع الوكيل العام. لكن ماذا وقع بالضبط؟ الموقع حصل على تفاصيل حصرية عن التحقيق الذي فتح، بعدما انتهى التحقيق الذي قام به المكتب الوطني للسكك الحديدية بخصوص حادثة بوقنادل، ووضع على طاولة الدرك والنيابة العامة مساء يوم الأربعاء الماضي، وكان من المقرر الإعلان عن نتائجه مساء يوم الخميس، إلا أن تعليمات وجهت للمدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية ربيع الخليع، من أجل انتظار نتائج التحقيق القضائي، قبل الإعلان عن أي تفاصيل حول أسباب الحادث، وأن تتكلف النيابة العامة بإعلان النتائج النهائية للتحقيق. كرونولوجيا الحادث صباح الثلاثاء الماضي، يوم وقوع حادث قطار بوقنادل، أبلغ المسافرون الذين كانوا على متن قطار قادم من الدارالبيضاء، أنهم “أحسوا باهتزازات قوية كادت أن تُخرج القطار عن سكته”، وأصر المسافرون عند وصولهم إلى محطة القنيطرة على توقف القطار واخضاعه للخبرة التقنية. وحسب مصادر موثوقة ومطلعة على تفاصيل التحقيق الذي وضع على طاولة الدرك والوكيل العام للملك، فإن المكتب الوطني للسكك الحديدية، أخضع القطار رقم (154) للخبرة التقنية، و”تم التأكد من عدم وجود أي خلل في معداته أو شروط السلامة فيه”، ليقرر المكتب بعد ذلك، وقف حركة سير القطارات على مستوى السكة رقم 1، وتوجيه القطارات القادمة من الدارالبيضاء، باستعمال بدال السكة بعد الخروج من محطة “بوقنادل” من أجل الانتقال إلى السكة رقم 2. بعد ذلك، وحسب المصادر الموثوقة انتقل فريق من المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى المنطقة التي يوجد بها بدال “سيدي الطيبي”، “وذلك من الأجل الوقوف على سلامة البنية التحتية، وعدم وجود أي عطب تقني على مستوى بدال السكة، وهي العملية التي كانت مستمرة وقت وقوع حادث قطار بوقنادل”. وحسب نتائج التحقيق ذاته، فإن “قطارا آخر لم يسجل على متنه أي حادث، عبر السكة ما بين وقت مرور القطار الأول الذي أبلغ مسافروه عن إحساسهم باهتزازات، والقطار رقم 9 الذي انحرف عن سكته قبل أن ينقلب”. هذه الخلاصات التي وصل إليها التحقيق، وكانت كذلك نتاج الخبرة التي قام بها تقنيو مكتب السكك الحديدية، وضمنوها في تقريرهم، حسب مصادر ، تطرح السؤال حول “ما إذا كان هناك ترابط بين انقلاب القطار رقم 9 والقطار الذي تم التبليغ عنه بسبب اهتزازات أحس بها المسافرون على متنه؟”، وهو التسؤل الذي شغل الرأي العام مباشرة بعد الحادث، واصدر بشأنه المكتب بلاغا. وحسب الرواية التي نشرها المكتب في بلاغه فإن “الاحساس بالاهتزازات وقع عند منطقة سيدي الطيبي، أي بعد 10 كيلومترات من بدال محطة بوقنادل، وأن الخبرة التقنية التي أجريت على السكة لم تسجل أي مشكل أو خلل على مستواها”. في السياق، عقد المسؤولون والتقنيون في المكتب الوطني للسكك الحديدية، بعد زوال الخميس 18 أكتوبر، اجتماعا بالدارالبيضاء، موضوعه “إنهاء التقرير في ما يتعلق بما حدث بالنسبة للقطار رقم 154، مع وضع تفاصيل عن خط رحلته منذ خروجه من محطة سلا (تابركيت)”. “السرعة والخطأ البشري” منذ ثلاثة أشهر، وحسب مصادر موثوقة، اتخذ المكتب الوطني للسكك الحديدية، قرارا بتغيير السير الكلاسيكي لقطاراته، والقائم على اعتماد وجهة واحدة منذ نقطة الانطلاقة وحتى نقطة الوصول عبر سكة دون تغييرها. أي أن سائق القطار أصبح بإمكانه أن يغير خط السير على السكة، خلال الرحلة، وعدم السير في اتجاه واحد، بالاعتماد على توجيهات رؤساء محطات القطار وعلامات التشوير الموضوعة على طول السكة. وحسب تحقيق المكتب الوطني للسكك الحديدية الذي انتهى مساء يوم الأربعاء (17 أكتوبر الجاري)، وتوصلت به فرقة الدرك الملكي والوكيل العام للملك، فإنه “بعد الابلاغ عن ما وقع من اهتزازات في القطار رقم 154 تم اتخاذ قرار وقف حركة السير على مستوى السكة رقم 1، قبل الساعة العاشرة صباحا من الثلاثاء الماضي، يوم وقوع فاجعة قطار بوقنادل رقم (9)، إلى حين الانتهاء من الخبرة التقنية عند المستوى الذي أحس فيه المسافرون على متن القطار رقم 154 باهزازات”. وتقول مصادر ، إن “بدال (سيدي الطيبي) يفرض المرور فوقه بسرعة لا تتجاوز ال100 كيلومتر في الساعة، وأي سرعة تفوقها في حدها الأقصى (120 كيلومتر في الساعة) سوف تتسبب في اهتزاز القطار بشكل قوي دون أن ينقلب، أما بدال (بوقنادل) فالسرعة المحددة للمرور عبره محددة في 60 كيلومتراً في الساعة ويمكن تجاوزها في حدود ال70 كيلومتراً في الساعة، لكن أي سرعة فوق هذا الحد، يمكن أن تؤدي إلى اهتزاز القطار بشكل قوي بل وحتى انقلابه”. وتضيف المصادر ذاتها، أن “الخبرة التي أجريت على القطار منذ خروجه من محطة سلا تابريكت، سجلت جميع مستويات السرعة التي قطع بها المسافة إلى حين اتخاذ السائق لقرار استعمال الفرامل العادية ثم فرامل الطوارئ ثم انحرافه عن السكة واصطدمه بقنطرة منطقة عين بركة، التي تبعد أمتاراً عن محطة (بوقنادل)” مصادر ، حين الحديث إليها، وقبل بلاغ وكيل الملك، كشفت عن السرعة التي قطع بها سائق القطار بدال السكة، وهي 158.776 كلم في الساعة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن سرعة ال160 كيلومترا في الساعة تمكن القطار من قطع مسافة ال200 متراً في خمس ثوان فقط، أي أن قطع مسافة كيلومتر واحد، يتم بنفس السرعة في مدة زمنية قدرها 25 ثانية”. وتضيف مصادر أن “مقدمة القطار انحرفت عن السكة عند النقطة الكيلومترية رقم 107، أما التيار الكهربائي فقط انقطع قبلها، بالضبط عند بدال محطة بوقنادل”. تشرح المصادر ذاته، أن “التقنيين يعرفون نقطة وقوع أي حادث في القطار بتحديد مكان انقطاع التيار الكهربائي”. وشددت مصادر الموقع الموثوقة، على أن “ما ساهم في ارتفاع حجم الخسائر، هو قرب القنطرة من المكان الذي وقع عنده الحادث، أي قرب بدال السكة بعد محطة بوقنادل”، وأوضحت بهذا الصدد، أن “المقطورات الستة خلف قاطرة السائق انحرفت عن السكة فقط ولم تنقلب، في الوقت الذي أدى الاصطدام بالقنطرة إلى انقلاب القاطرة والمقطورة الثانية التي خلفه، وبفعل قوة الاصطدام، ارتدت قاطرة السائق إلى الخلف لتنقلب فوق مقطورة الركاب بالدرجة الثانية وليست الأولى كما يروج”. قرار تغيير مسارات السكة حسب مصادر متعددة ، من داخل المكتب الوطني للسكك الحديدية، فإن الأخير وفي السياق التحضير لإطلاق القطار الفائق السرعة “تي جي في”، فإن القطارات لم تعد منذ 3 أشهر تقريبا، تأخذ نفس مسار السكة بعد خروجها من نقطة الإنطلاق، أي أنها يمكن أن تغير السكة عند مجموعة من البدالات. هذا الإجراء وحسب مصادر ، فرض على المكتب اخضاع السائقين ورؤساء القطارات لتداريب مكثفة، لكن بنظر المصادر ذاتها، “يبقى الأمر غير كاف، لأن القطارات التي يتوفر عليها المغرب، تعتمد بالدرجة الأولى على العامل البشري، وتفرض يقظة مستمر للسائق كي يواصل باستمرار الانتباه لأي تغيير طارئ على مستوى علامات التشوير، وأن يتوصل بتعليمات على مدار الدقيقة، تخبره بأي مستجد حول حالة السير على مستوى خط سير القطارات”. وتشدد مصادر ، على ضرورة “تأهيل القطارات التي يتوفر عليها المغرب، وتزويدها بتكنولوجيا ذكية ومتطورة تتفاعل آنياً مع التغييرات على مستوى خطوط السير، كما هو الحال بالنسبة للقطارات الفائقة السرعة، والتي سوف تعتمد على سائق واحد، بالنظر إلى توفرها على تقنية تساعده لا بل تحدد له السرعة التي يجب أن يمر بها عند مجموعة من النقط، وتظهر له توجيهات يجب أن يتبعها حرفيا، عكس القطارات التي نتوفر عليها اليوم، والتي تحتاج السائق ورئيس القطار من أجل اتخاذ القرار في كل كبيرة وصغيرة تهم سلامة وحياة المسافرين”. محادثات تقنيي “ONCF” على “واتساب” بعد حادث قطار بوقنادل، تناقل المغاربة مساء يوم الثلاثاء الماضي (يوم الحادث) على نطاق واسع، محادثة تجمع بين عدد من التقنيين العاملين في المكتب الوطني للسكك الحديدية، وتحدث هؤلاء عن “وجود خلل تقني في المنطقة التي شهدت انحراف القطار رقم 9 عن سكته”. مصادر من داخل المكتب، كشفت أن “إدارته فتحت تحقيقاً داخلياً لكشف هوية التقنيين الذين سمعت أصواتهم في المحادثة، كما تم الرجوع إلى التقارير حول وجود ابلاغ عن مشاكل تقنية من عدمه على طول السكة عند وبعد بدال محطة بوقنادل”.