فئة عريضة من مدمني الخمورة، توقفوا عن استهلاك المشروبات المحرمة، بعدما لم يعد يفصل عن رمضان المبارك إلا أسابيع، هؤلاء السكارى يعتقدون أن استمرارهم في احتساء النبيذ خلال فترة ما قبل 40 يوما من حلول الشهر الفضيل، سيحرمهم من ثواب الصيام استنادا إلى مضمون أحاديث نبوية. موقف هذه الفئة، يدفع في كثير من الأحيان بعض الفضاءات التي يراق فيها الخمر، إلى إغلاق أبوابها بسبب تراجع أعداد زبنائها الذين ظلوا يترددون عليها طوال شهور السنة، على أن تستأنف نشاطها بعد انقضاء أيام الشهر المعظم. وإذا ما استثنينا الظرفية الحالية المتسمة بسريان حالة الطوارئ الصحية، فإن الكثير من الحانات والكباريهات تواصل عادة استقبال زبناء من مختلف الطبقات الشعبية، مما يدل على أن هناك أشخاص غير آبهين بقرب هذا الشهر الكريم. الخمر حرام طوال السنة يواصل أحد المحلات المعروفة ببيع الخمور في مدينة طنجة، تلبية طلبات زبنائه على بعد ستة أسابيع من حلول شهر الصيام، وفي أكثر من فضاء تابع للفنادق المصنفة بالمدينة، يمكن أن تشاهج أشخاصا منهمكين في استهلاك المشروبات الكحولية، غير أبهين بالذين يتوقفون عن الشرب خلال شهري رجب وشعبان احتراما لقدسيتهما، ربما لأنهم مقتنعين أن الخمر محرم طوال السنة وليس خلال فترة محددة. "لا يشكل شرب الخمر قبل أيام من شهر الصيام أي مشكل ولا أعترف بالمرة بما يعرف بدخول أربعين يوما لأنها عادة قديمة فقط، والخمر محرم طوال فترات السنة" يقول إسماعيل وهو يحتسي جعة مغربية شهيرة. وينفي هذا الشاب أن يكون مدمنا على الخمر، وبإمكانه التوقف متى شاء دون أية تأثيرات جسدية ونفسية، على حد قوله "كل هذه الأمور تدخل في إطار النفاق الذي يعرفه المجتمع، فكيف يعقل أننا ندعو إلى الامتناع عن شرب الخمر خلال هذه الفترة فيما يعرف شهر الصيام ارتفاعا كبيرا في استهلاك الحشيش بعد آذان المغرب، أليس الحشيش حراما أيضا" يتسائل إسماعيل في محاولة للتدليل على صواب رأيه.لكنه يستدرك قائلا " نطلبوا الله يعفو علينا جميعا". نفس الرأي توافقه فئة عريضة من مستهكلي الخمور، التي تعتبر أن توقيف شرب خلال قبل رمضان والعودة إليه بعد شهر الصيام أمر يكشف نفاقا مجتمعيا كبيرا ،" إحترام الدين لا يمكن حصره في فترة معينة هذا غير مقبول منطقيا "يقول رشيد رفيق درب إسماعيل في السهر وإحتساء الخمر. يقر رشيد بإدمانه على شرب الخمر منذ أكثر من عشر سنوات، فترة زمنية تكشف صعوبة بالغة، في إمكانية التوقف المفاجئ عن الشرب دون الرجوع إلى طبيب مختص في الإدمان، حيث سبق له أن خضع لحصص علاج، تمكن خلالها من التوقف قبل أن يعود مجددا للخمر بسبب مشاكل أسرية. ويوضح رشيد في هذا السياق،" أعاني كثيرا خلال شهر رمضان من تبعات انسحاب الكحول من الجسم، لكن أعوض الخمر بمواد أخرى تساعد على التهدئة كالحشيش التي تعرف استهلاكا كبيرا في طنجة خلال ليالي شهر رمضان". 40 يوما .. ممنوع الخمر في فضاء تابع لفندق بالمدينة، يوجد العديد من الزبائن لا يحستون الخمر ويفضلون شرب مشروبات طاقية وغازية بدل الكحول، فيما يفضل اخرون تدخين الشيشا ، حيث دفعهم اقتراب حلول شهر شعبان للتوقف عن شرب الخمر لأسباب دينية بحتة. وترجع هذه الفئة التوقف عن شرب الخمر،إلى قدسية هذه الأشهر ومخافة بطلان شهر رمضان المقبل وذلك بسبب حديث نبوي شريف، يتضمن حكما بعدم قبول صلاة شارب الخمر طلية أربعين يوما، مما يعني بطريقة مباشرة ضياع ثواب أجر الصيام والصلاة خلال شهر رمضان حسب أكثر من فتوى في الموضوع تنتشر في المواقع الدينية. "هذا الشهر بالنسبة لي له قدسية خاصة، حيث أن شرب الخمر بعني ضياع ثواب شهر رمضان القادم وهذا ما لايمكن قبوله وحدوثه بالمرة "يقول ياسين شاب فضل التوقف عن شرب الخمر. ويذهب هذا الشاب في نفس السياق إلى حد الجزم بكون الكحول يظل في الدم طيلة أربعين يوما، وهو ما لا يجوز للمسلم أن يستقبل به شهر رمضان بجسم لم يتخلص من الكحول، حسب تعبير ياسين. الفئة الغالبة من عشاق السهر بطنجة، تميل إلى ترجيح كفة احترام قدسية رجب وشعبان، ترجيح يكشفه التراجع الكبير لأعداد رواد مختلف النوادي الليلة في الأحوال العادية، بالمقارنة مع الأشهر السابقة، مما يدفع بعض هذه النوادي إلى إغلاق أبوابها ، إلى حين انصرام شهر شعبان ورمضان.