إرتأيت قبل أن أبدأ بنشر تقييم خاص لعملية العبور مرحبا 2018 أن اكتب مقالا أنتقد فيه الذات، بإعتباري فرد من الجالية المغربية أو مغاربة العالم كما يحلو للبعض. أرجوكم أن تتحملوا مقالي وتفهموا مغزاه فهو موجّه لفئة معينة من الجالية، وكلامي هذا موجه للذين ينتقدون من الأجل الإنتقاد ويصطادون في الماء العكر. قصدي هنا، هي تلك الفئة التي تعمل على تشويه صورة المغرب أولاّ لأنه بلد المصدر أو البلد الأم، وكيفما كان وسيكون فالإنسان ينسب إلى بلده حتى وإن تجنس بجنسيات أخرى، و طبعا يسيئون بشكل أو بآخر للبلاد التي يقيمون فيها، بإعتبارهم يحملون جنسيات دول متقدمة وراقية. عندما يذهبون إلى إداراتها يصطفون في طوابير ويحترمون أرقام دورهم، (يتظاهرون بإحترام الغير) ويتحدثون بلغة وأخلاق القرآن على غرار خير خلق الله. لكننا ونحن ذاهبون إلى المغرب أو قادمين منه صيفا وشتاءً، جوّا وبحرا وبرّا تكاد تفقد وعيك مما تراه وتعايشه، وكأنك أمام كائنات غير بشرية من كوكب آخر، أكيد ليس من المريخ أو زحل، وإنما أمام كوارث بمعنى الكلمة، فوضى وسوء معاملة وقلّة أدب، عدم إحترام فليس هناك مفهوم لكبار السن ولا للنساء ولا الأطفال. تبدأ معاناة الفرنسيين والإسبان عبر محطات الوقود وباحات الإستراحة، دروات المياه عبارة عن برك مائية لأن المسلمين مرّوا من هنا وتوضؤوا للصلاة تاركين وراءهم قارورات المياه الفارغة وأكوام من الورق وإن كان تابعه الذي سيدخل وارءهم محظوظا فقد لا يجد بقايا (الحرب) التي جرت أطوارها خلف باب المرحاض. وإن كانت البواخر في الموانئ ستُقلّ الجميع نحو وجهته فلا داعي للفوضى والتزاحم وأحيانا السب والشتم وربما الّلكم لكن ما دمنا متميّزين عن غيرنا فلابد من ذلك. وبعدما تريد أن ترتاح على متن الباخرة وتردد جملة (أخيرا سأتجه نحو المغرب) وتخرج من غرفتك لإحتساء أو أكل شئ ما ستجد الطريق إلى المقهى مقفل أو خارج التغطية إلى أجل غير مسمى، ليس لأسباب تقنية إنما بسبب أجسام القوم الذين إفترشوا الأرض يمينا وشمالا فوق وتحت، رائحة الأكل تختلط برائحة حفاظات الأطفال وأزبال متناثرة هنا وهناك، أقسم بالله أنك ستستحيي أن تقول أنني مغربي أو مسلم من قساوة المشاهد الغير إنسانية. وما إن تصل الباخرة أو الطائرة إلى المغرب حتى يصطف الجميع للخروج ضاربين إجراءات الأمن والسلامة الذاتية بعرض الحائط، بل هو تدافع وتزاحم، لا إحترام للعائلات ولا كبار السن ولا هم يحزنون. بعدما ينتشرون في الأرض يتفنّنون للقيام بأفعال خارجة عن النص وأحيانا العبث بالقوانين والأكيد أنهم لايفعلون هذا في بلاد الإقامة هناك في أوروبا، وإن حاولت مناقشتهم في الأمر سيحاولون إعطاءك الدروس في التقدم والديموقراطية وحقوق الإنسان بل الأغرب من هذا يعطون دروسا في الأخلاق والقيم بل العجيب أنهم يطالبون الدولة بخدمات على غرار الدول المتقدمة ويقارنون بين المغرب بأوروبا.لكن عفوا هل ارتقيتم إلى هذه المرتبة التي يخوّل لكم المطالبة بأي شئ؟ أليس من البديهي أن تطبقوا تعاليم وأخلاق الإسلام القيّمة التي تتظاهرون بها في أوروبا؟ ألم يكن الأحرى بكم على الأقل أن تقتدوا (بالنصارى) كما تدّعون وتطبقوا ولو واحد في المائة من إنسانيتهم التي تعيشون فيها وتحتها. كلمة ختامي تقول: أنه من عاش في أوروبا ويتغنّى بها ولم يُجِد بعدها أدب دورات المياه كان عليه بالأحرى البقاء في البادية ليواصل مسيرته في التيمم بالحجارة.