أقرت الحكومة الألمانية، صباح الخميس 14 أبريل/نيسان 2016، سلسلة تدابير تهدف الى تأمين اندماج اللاجئين وتحدد حقوقهم وواجباتهم، في خطوة هي الأولى من نوعها، وتشكل اتفاقاً "تاريخياً" بالنسبة لدولة ترددت طويلاً في تحديد نفسها كأرض للهجرة. وأشادت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل محاطة بشركائها المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين خلال مؤتمر صحفي بذلك قائلة: "إنها المرة الأولى في تاريخ جمهورية ألمانيا الاتحادية". من جهته، قال سيغمار غابرييل، نائب المستشارة وزير الاقتصاد من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن هذه القرارات التي تم التوصل اليها بعد 7 ساعات من المفاوضات وسيتم تحويلها الى قانون، هي "خطوة تاريخية" للتعامل مع "تغيير عميق في المجتمع". وتنظم القرارات حقوق وواجبات المهاجرين في ألمانيا التي استقبلت أكثر من مليون طالب لجوء عام 2015، ما أدى الى تعرّض ميركل لضغوط خصوصاً من المعسكر المحافظ. وتتضمن التدابير تخصيص الحكومة مكان الإقامة لطالبي اللجوء المعترف بهم على هذا النحو، من أجل توزيعهم بشكل أفضل على أرجاء البلاد وتجنب إقامتهم في غيتوات. ويؤكد نص التدبير أن "الأشخاص المعنيين سيتعرضون لعواقب حال مخالفتهم" التعليمات. وتلحظ التدابير أيضاً عدم منح حق دائم في الإقامة للاجئين الذين لا يبذلون جهداً كافياً للاندماج، خصوصاً تعلم اللغة الألمانية. كما تنص على "ضرورة اكتساب اللغة من أجل إقامة مؤقتة" في ألمانيا. وتتضمن أيضاً قسماً مخصصاً لتشغيل اللاجئين بغية تسهيل عملهم. فحتى الآن لا يمكن لطالبي اللجوء أو مَنْ في حكمهم ممارسة وظيفة إلا في حال عدم وجود ألماني يمارسها أو أحد مواطني دول الاتحاد الأوروبي. وسيتم رفع هذا الإجراء لمدة 3 سنوات. وسيمنح اللاجئون أثناء التدريب المهني حق الإقامة طوال مدة تعلمهم، حتى يتمكنوا من العثور على عمل. وحذرت ميركل قائلة إن "مَنْ يتوقف عن التدريب سيفقد إقامته، وبالتالي حق البقاء في ألمانيا". وسيتم تقديم نحو 100 ألف وظيفة لطالبي اللجوء، على أن يستبعد منها المهاجرون من البلدان المصنفة آمنة مثل دول البلقان. وسيصوّت النواب الألمان، الخميس، على تصنيف الجزائر والمغرب وتونس بين البلدان الآمنة. ورأت ميركل، في تلخيص لفلسفة التشريع الجديد، أن هناك "فرصة لكل شخص، ولكن أيضاً واجبات لجميع الوافدين"، في حين قال نائبها: "نريد أشخاصاً مندمجين فخورين، لا نريد أشخاصاً يتم استيعابهم بالقوة". وهذا النص حول الاندماج هو الأول من نوعه في ألمانيا، حيث كان المحافظون يخشون تأمين عوامل جذب وتحويل البلاد الى أرض للهجرة. ومن المفارقات أن مَنْ مهّد الطريق لذلك هي ميركل من خلال سياستها في استقبال المهاجرين بشكل مكثف عام 2015. من جهته، قال زعيم الكتلة النيابية للحزب الديمقراطي الاشتراكي توماس أوبرمان: "بعد 50 عاماً من بداية الهجرة، أصبح لألمانيا الآن قانون حول الاندماج". ويشير بذلك الى "العمال الضيوف"، ومعظمهم من الأتراك، الذين وصلوا إبان الستينات لتعزيز "المعجزة الاقتصادية" الألمانية. لكن هذا البلد عانى طويلاً لحملهم على الاندماج نظراً لغياب السياسة الطوعية في هذا الشأن. واعتبر غابرييل أيضاً أن هذه التدابير ليست سوى خطوة أولى نحو قانون أكثر شمولاً للهجرة. لكن الحركة المؤيدة للمهاجرين "برو-اسيل" نددت بقانون "التفكك"، منتقدة خصوصاً شرط الإقامة الذي سيتم إدخاله. من جهته، رأى حزب "البديل لألمانيا" الشعبوي الذي يحقق شعبية منذ بداية أزمة الهجرة في هذه التدابير "شكلاً مخادعاً من الإغراق الاجتماعي". وبين التدابير أيضاً، وافق الائتلاف الحكومي على خطوات لمكافحة الإرهاب تتضمن السماح للشرطة الاتحادية باستخدام عملاء سريين لمنع الاعتداءات وتعزيز التعاون مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية.