إمذيازن وإزران وأمجا والزمار وأدجون عناصر تؤثث الفلكلور بالريف أريفينو / خالد بنحمان “آيارا لابويا” لازمة أمازيغية يتم ترديدها كضابط إيقاع لنغمات متناسقة وميزان شعري بأبيات وقافية فتعطي صورة من صور الإحتفالية لدى المجتمع الأمازيغي بالريف عادة ما اكتسبت موقعا لا يمكن الإستغناء عنها في المناسبات السارة من عرس وختان وعقيقة، ومجرد التغني بغيرها يعد خروجا عن قاعدة مألوفة وتنكر للإنتماء والأصل الذي جعل من” آيارا لابويا “علامة بارزة تميز منطقة الريف وطقوس أهلها من الشرق إلى الغرب. رغم وجود تفاوت نسبي في الطريقة التي يتغنى بها أهل الريف، فإن المقومات الأساسية للازمة “آيارا لابويا” في الشعر الأمازيغي إزران تبقى ثابتة وترسخت منذ قرون خلت، ففيما ذهبت دراسات إلى اعتبار “آيارا لابويا” صيغة أمازيغية تعني أيا سيدتي فإن التفسير المتوارث عبر أجيال وحكايات يرويها الأجداد للأحفاد تحيل أصل الكلمة إلى أحد الآلهة عرف بقدسيته وسط المجتمع الريفي واعتبر فأل خير يتم استحضاره خلال المناسبات من خلال التغني باسمه كلازمة في رقصات وأهازيج تردد فيها إزران التي لا بكتمل بناء أبياتها وصورتها الإبداعية إلا بآيارا لابويا. في كل بيوت الريف ووسط كل أسرة ضمن النسيج المجتمعي لقبائل الريف، تصبح “آيارا لابويا” واحدة من لحظات ذات مكانة خاصة عند المرأة والفتاة عادة ما تستحضر لتؤنس فترات تقضيها في أشغال البيت عند إعداد الطعام أو الخبز وخارجه في الطريق لجلب المياه أو الرعي، منظر نجد مثيلا له في الأطلس المتوسط والكبير. وإن اختلفت “آيار لابويا” من حيث الإيقاع فإنها تشترك في المضمون والشكل العام . حيث الأهازيج تعتمد على “آيارا لابويا” ولا يهم إن كانت إلها أو أسطورة أم خيالا ما دامت نواة لموسيقى شعبية أمازيغية بالريف تعتمد أدوات بسيطة لا تختلف كثيرا عن ماهو في مناطق أخرى كأحواش بسوس وأحيدوس بالأطلس المتوسط مثل أدجون أي الدف مصنوع من طوق خشبي وجلد الماعز والزمار عبارة عن آلة تتكون من قصبتين متوازيتين ترتبطان ببعضهما في نقطة وسط وفي آخرهما وضع قرنا ثور ملتويان إلى الأعلى يصدر عنهما صوت ينتشر على فضاء أوسع، كما نجد كذلك أمجا الذي يشبه الناي إلى حد بعيد لكن بمميزات وصوت خاص ومتنوع ذو مستويات متدرجة يضفي جمالية على الأغنية الأمازيغية ويكون دورهه محوريا يتطلب قوة واحترافية عازفه واتساع رئة صدره كمصدر هواء وطاقة لنفخ دائم طيلة الحفلة كانت عرسا أم عقيقة. هذه الآلات لا تتوفر عند أي كان، حتى وإن وجدت فأن الأمر يتعلق بأدجون الذي يصبح جزءا من أواني الأعراس والمناسبات، وعادة ما تجتمع هذه الأدوات عند مجموعة أو ثنائي يطلق عليهما إسم إمذيازن هما عازفان ومغنيان ماهران في نفس الوقت يمتهنان حرفة إحياء الحفلات التي تعتمد على الجولان والتنقل من أدشار معنى مدشر إلى آخر وبوصلة في ذلك قدرتهم على التقاط الخبر والمعلومة من داخل مناسبات سابقة أو عند انعفاد السوق الأسبوعي الذي يتحول إلى ساحة وتجمع تلتقي فيه العشائر والقبائل لدرجة أن من يعد العدة لزف أحد الأبناء عروس أو عريسا لا يعير اهتماما لمسألة البحث عن إمذيازن، بل هم من يحضرون من تلقاء أنفسهم بدون دعوة سابقة في الغالب حيث جرت العادة أن منشطا الحفل يكونان في الموعد المحدد لتقديم خدماتهما التي يتم إحياءها في فناء الدار رمراح في فرصة يسنح خلالها للنسوة من الأهل للترويح عن النفس أو خارج المنزل في مجال أوسع وأرحب يسع أعداد المدعوين ومتابعة أهازيج عريقة كدليل على إكرام صاحب الدار لأهله وضيوفه كما إن قدوم إمذيازن يعد دلالة على الرقي الإجتماعي وهدية للعريس والعروسة موراي وثاسريث أو المولود آسيمي كطقس احتفالي تتباهى به العائلة والأهل نظرا لارتباطه بجذور قديمة في المنطقة. ولايكتفي إمذيازن بالعزف والغناء بل يضيفون إلى فنهم هذا رقصات وتمثيلات تثير فضول الحاضرين الذين يراقبون حركاتهم المتناسقة وينصتون إلى أبيات شعرية عادة ما تكون على شكل حوار يحمل بين طياته كلمات ومعاني هزلية تضفي على المكان مسحة من التشويق الممزوج بالمرح. أما النساء فلا يسمح لهن بالرقص إلا في حدود ضيقة سيرا على عادات وطبيعة أهل الريف الذي يحكم قبضته على تحركات الحريم في حرص تام على عدم الإختلاط بالأغراب ومرد ذلك أن الحفاظ على هذه الضوابط هو صيانة لكرامة العائلة والقبيلة، هو تعامل تقابله المرأة والفتاة بنوع من القبول والرضى المصحوب بكبرياء وأنفة وافتخار بأنوثتهن فتبررن تصرف الرجال بأنه خوف عليهن من أي مكروه ودليل على مكانتهن الخاصة في أذهان الأب أو الأخ أو الزوج فيما تبقى آيارا لابويا باحة استراحة من قيود تعودنها وفرصة للتعبيرعن الفرح ومشاركة العائلة أجواء المناسبات السارة خارج رقابة يمليها واقع دأب عليه الأجداد فسارت قاعدة لدى أجيال متعاقبة وتلك ميزة أخرى ومظهر من مظاهر مجتمعات الريف الغنية بموروث شعبي يتلاقى في جوانب مع مناحي حياة أمازيغ الأطلس المتوسط والكبير فتداخلت في أوساط مجتمعية بحواضر ومدن مغربية ليعطي نكهة خاصة للهوية المغربية.