أصدر محمد أسويق، وهو كاتب وشاعر عملا أدبيا ثالثا عن شركة مطابع الأنوار المغاربية بوجدة والكتاب دراسة نقدية حول الشعر الأمازيغي القديم في جميع تمظهراته الجمالية والبلاغية كما تطرق الكتاب الذي يحتوي على 284 صفحة من الحجم المتوسط إلى سؤال الهوية ويتضمن ثلاثة فصول محورية. الفصل الأول عبارة عن إطلالة تاريخية حول الشعر الأمازيغي والدور الذي لعبه في كسب وترسيخ مجموعة من القيم الاجتماعية والتاريخية والإنسانية التي ساهمت في إثراء وصيانة الهوية الأمازيغية ثقافيا وفكريا وهذا الدور التربوي والنبل الأخلاقي نجده في عدة كتابات وشواهد لمؤرخين قدامى، كما يتضح من خلال تجارب العديد من الدول التي حكمت بلاد المغرب قديما وقد وقف الكاتب باقتضاب عند مكانة هذا الشعر الأمازيغي عند كل من المرابطين والموحدين والمرينيين والسعديين والبرغواطيين والنكوريين في مختلف توجهاتهم العقائديية التي كان لها تأثير مباشر في التجربة الشعرية السائدة :كشعر التصوف والفقه والأمداح وعزز الكاتب مؤلفه بنماذج جميلة وأخاذة من وحدات الإزران /الأبيات الشعرية الأمازيغية. ويتعلق الفصل الثاني بالريف كمجال ثقافي وحقل لغوي ولسني ووعاء لإنتاج القيم الرمزية على وجه عام إسوة بباقي شعوب وأمم الأرض وتمت الإشارة فيه لمفهوم الإزري- القصيدة- وأنواعها وأغراضها في خصوصيات محلية وبنظرة حداثية و إنسانية. كما وقف عند لازمة «أيارل بويا» كجملة شعرية في بعدها الفني و الجمالي والتحقيب التاريخي بناء على الرواية الشفوية وبعض الكتابات القليلة. و تناول بالتحليل التركيب البلاغي والجمالي والفني واللغوي للإزري، الذي تأكد لنا أنه يمتاز تركيبيا بنفس بناء القصيدة العالمية من خلال عدة نماذج حية، أنشدت في فضاء العرس باعتباره منتدى شعريا بالدرجة الأولى والمرأة الأمازيغية هي شاعرة المكان والمقام التي اغنت هذه التجربة قبل الرجل وهي صاحبة المشعل الشعري منذ العصور كما تشهد المماليك الأمازيغية على ذلك لتظل لحدود اليوم شاعرة بامتياز ولو تناستها الدراسات النقدية والتاريخية أما الفصل الثالث والاخير فإنه يخص الأغنية الشعبية الأمازيغية ذات العلاقة الجدلية والحميمية مع الكلمة الشعرية بالريف وتطرق الكاتب في هذا المضمار للشعر الغنائي الأمازيغي، كون الشعر عند الأمازيغ عامة والريف خاصة مرتبط بالحركة والإيقاع ولا مجال لقصيدة صامتة وهو ما يعكس بنية الجمال في علاقته بالمعرفة. و أشار لمدرسة «إمذيازن» الذين لعبوا دورا هاما في المقاومة والمعارك الاجتماعية والمناسبات الاحتفالية فجددوا في اللغة وأرخوا للملاحم والبطولات وحافظوا على التراث الشفوي من جيل لجيل من خلال الموسيقى كجسر للتواصل التاريخي بكل تجلياته وقد تمت الإشارة في مؤلف أسويق إلى محمد موذروس وعبد الحميد التمساماني واحمد شعطوف وفاظمة العباس ويامنة الخمالي . وآخرين باعتبارهم مدرسة رواد ساهمت في صيانه الهوية الثقافية والغنايئة، يجب الإحتفاء بهم والكف عن نسيانهم باعتبارهم ذاكرة المنطقة يستحقون القراءة والاطلاع من خلال ما أنتجوه في ظروف صعبة وقاهرة ودون مقابل يذكر.