عندما يسقط القناع عن الخطاب السياسي الممارس بشكله السطحي في دورة للمجلس البلدي، جمعت خليطا من الكائنات الممثلة لأحزاب وجودها خجول على بقعة الوطن، إلا في هذه المدينة التي تمثل النشاز، وهي المشكلة لأغلبية مفككة داخل المجلس ، تستحضر الذاكرة المحلية وبعد مرور سنة ، انتظارات الساكنة من خلال خطب هذه الأغلبية في الحملة الانتخابية التي قدمت وعودا شكلت تصورات فردية غابت المأسسة فيها وحضرت النرجسية في بعديها الفردي والجماعي مع تغييب تام لهموم المواطن اليومية . هكذا شاءت الأقدار أن يلدغ المواطن مرة أخرى ، عندما اختزلت أشغال دورة غشت هموم أكبر بلدية في الإقليم في استصدار قرار لمقاضاة عامل الإقليم ! مهزلة لم تشهدها المنطقة منذ الاستقلال .علما بأن صك التهمة مفتقر لأي دليل للمقاضاة وهو ما أكده لسان بعض “الأعضاء”. بدافع المصلحة الخاصة خرج رئيس البلدية عابثا بدون منازع عندما جعل أغلبية الأعضاء يستمنون لفظيا ثلاث ساعات ، بعد أن خطط لذلك بإحكام . والغريب في الأمر ألا أحد تنبه لذلك رغم التنبيهات التي كان يوزعها من حين لآخر ، ك “وحشنا كلامك “، “لم تفهموا شيئا “…… وهو يترجى الوصول إلى الرعشة الجنسية باستصدار قرار محاكمة العامل من مجموعة أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها مخصية وفقدت رجولتها منذ اللحظة التي تفبرك فيها ” المطعم البلدي “. مجموعة واصلت الاستمناء ثلاث ساعات : تارة باليمين إرضاء للرئيس وتارة باليسار ضدا له . وانتهت المهزلة بالتأكيد للحضور عدم فهمهم للعبة كما جاء على لسان الرئيس تأكدت في الأخير أنكم لم تفهموا شيئا. استدرك الأمر بمقاطعة ما تبقى من الدورة بعدما انتبه “الأعضاء” إلى اللعبة القذرة فقاطعوا جلستي الخميسين في مهزلة لم تشهدها البلدية منذ الاستقلال. يحدث هذا في الوقت الذي لا يختلف إثنان حول أفق انتظارالمواطن المنتمي إلى بلدية الناظور الذي تراوده يوميا هموم أكبر من النزوات الإستمنائية السياسوية البزنطية لرئيس ” المطعم البلدي ” و التي يمكن إجمالها في ما يلي : • تأهيل المدينة وإخراجها من صورة البادية إلى صورة المدينة المعاصرة . • محاربة البناء العشوائي والاستحواذ على المناطق الخضراء. • مشكلة الأزبال وما تخلفه من أثار سلبية على صحة المواطن ومنظر المدينة . • هيكلة الأحياء التي تعاني من التهميش . • تنقية مسالك المياه والوديان تحسبا للفيضانات . • تحسين الجانب الخدماتي في كل المرافق التي لا شيئ يميزها غير التغيب المزمن و تضييع حقوق المواطنين . • تنظيم مواقف السيارات في شوارع المدينة كما في المدن الأخرى و إيقاف الابتزاز اليومي العشوائي الذي يتعرض له المواطنون من طرف ” حراس غرباء ” مأجورين يعملون لفائدة موظفين معروفين بالبلدية يقتسمون معهم الغنيمة . أكيد أن هؤلاء ” الأعضاء ” رغم اختلاف مستواهم الثقافي وضحالته أحيانا فإنهم فاقدون لآليات الاشتغال في مؤسسة تغيب فيها ميكانيزمات التعاون و الحوار والتواصل ونبذ عنف الخطاب والعرقلة ، وهو الشيء الذي جعل مؤسسة العمالة هي المخاطب الوحيد للمواطن في هذه البلدية السعيدة ناهيك عن المؤسسات العليا كالوزارات وأحيانا الديوان الملكي وديوان المظالم. لقد كان حريا بالرئيس الحالي إذن ، عوض الإستمناء السياسوي الرخيص ، التفرغ للإرث الفظيع من القضايا و المشاكل الذي تراكم منذ الاستقلال و المتمثل في كثير من الرخص الوهمية وغير الشرعية التي وقعت في الولايات السابقة ، و في المشاكل اليومية المترتبة عن الأراضي المتنازع عليها أو التي تم تفويتها …..و ما إلى ذلك . لكن أنى للعطار أن يصلح ما أفسده الدهر! و حتى يتمكن القارئ الحريم من فهم هذا القول ندعوه إلى تأمل هذه الصور الأربع التي تعكس نوع العقلية التي تعاقبت على بلدية الناظور والتي يمكن وصفها بالكارثية والعقيمة في كل شيء إلا في الإستمناء الكلامي في كل دورة يتوسم المواطن أن تكون حاسمة و مفيدة … الصورة الأولى للنواة الأولى لمدينة الناظور بعقلية حضارية ) باستثناء حي بوبلاو ) رغم كون مهندسها هو المستعمر ! نطلب من القارئ الكريم أن يقوم بتحليل هذه الصورة ويصدر حكما على نوع العقلية التي صممت هذه المدينة ومقارنتها بالعقليات اللاحقة . وقبل ذلك لابد من تذكير الأجيال الجديدة ببعض المعطيات . • الصورة حديثة العهد ، تحمل ملامح مدينة أنشأت في الربع الثاني من القرن الماضي بعقلية استعمارية وبمشاركة أبناء المدينة وهنا لابد من استحضار أحد أبناء عائلة بن سي عمرو وهي من العائلات الناظورية العريقة الذي كان وراء وضع تصميم الشوارع الرئيسية. • المدينة تخلو من الأزقة والشوارع الضيقة أقل من 12 والتقطعات. • المكونات الأساسية للمدينة: المدارس ، المساحات الخضراء، الملعب الألمبي وقد تحول إلى أطيل الريف، المستوصف ،الأرصفة ، دور السينما…. هذه المدينة النموذج ستكون البداية والنهاية لحسن التدبير والتسيير والتهييء والصرامة في احترام التهيئة المنجزة في تلك الفترة . الصورة الثانية لأول حي في مرحلة الاستقلال وهو حي لعري الشيخ من تصميم النشامى الصناديد في التخلويض !. هذا الحي يؤرخ لطبيعة العقلية التي حملت على عاتقها مهمة التسيير والتدبير في مرحلة الاستقلال ، وبما أن النموذج كان أمام أعينها ، إلا أن ضيق الأفق وقصر النظر جعلاها تجهض ذلك النموذج، وتدشن انطلاقة مرحلة فوضى العمران بحي أشبه بكريان أو مدن الصفيح بأزقة يصل عرضها أحيانا 1.5متر، مع انسداد المسالك في بعض الجهات ، وبذلك تخنق المدينة النواة ويوضع حد لانفتاح المدينة وامتداد فضاءاتها الفسيحة . وستتكرر الجريمة في أبشع صورها في أحياء مجاورة خاصة اولاد لحسن براقة أربوز إصبانا … بوعرورو , رشوة ومحسوبية و جشع وتفويتات ونزع للملكية ووضع لليد …. سلوكات ميزت التسيير والتدبير للعمران في سنوات الثمانينات والتسعينات مما جعل المدينة تصنف في رتبة 7/8 وتصبح عقبة حقيقية للتصاميم المتعاقبة في العقود الثلاثة الأخيرة. الصورة الثالثة :المدينةالجديدة ومحاولات إجهاض المشروع . العهد الجديد شهد تحولا كبيرا على مستوى التعمير باستقدام عامل لقب بالبيلدوزير استطاع أن يبدل وجه المدينة ويفتح أفاقا جديدة من خلال بناء الطرق والمساحات الخضراء ووضع حد للبناء العشوائي حيث حطم عهده الرقم القياسي في الهدم وتوقيف الرخص ، غير أن أكبر جريمة وقعت في هذه المدينةالجديدة اختلاس 34 هكتار من المساحات المخصصة للمرافق خاصة المدارس والثانويات والمساحات الخضراء ناهيك عن تبديل التصاميم ربحا لبعض الآمتار التي وصل ثمنها مبالغ خيالية لم يصلها حتى في عواصم العالم ! . وفي الأخير لا بد من طرح مجموعة من الأسئلة. هل سيواصل المجلس البلدي الاستمناء السياسوي في شهر رمضان المبارك ضدا على الانشغالات الحقيقية للساكنة ؟ هل يستطيع الرئيس جعل الأعضاء ينقادون وهم أصلا على أهبة ركوب جرار بدون أبواب؟ متى كانت محاكمة العامل من أولويات الساكنة ؟ أو ليست “أعضاء المطعم البلدي ” هي الأولى بالمحاكمة ؟