يستضيف ملحق إذاعة وتلفزة في ركن "آشنو شفتي" هذا الأسبوع الباحث الإعلامي المتخصص وأستاذ الإعلام بالمعهد العالي للصحافة بالرباط عبد الوهاب الرامي ليقدم للقارىء رأيه وموقفه من الحلقة الأخيرة لبرنامج "مباشرة معكم" الذي يقدمه جامع كلحسن. الحلقة تناولت موضوع "الدخول السياسي" قبيل افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان والصراع حول اختيار رئيس مجلس ممثلي الأمة. وقد اسضافت فرقاء سياسيين من جل الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي المغربي وعرفت حدة في النقاش. * ماذا شاهدت هذا الأسبوع على شاشة التلفزيون المغربي وحفزك على طرح أسئلة الباحث الإعلامي المتخصص؟** شدتني حلقة يوم الأربعاء 7 أبريل 2010 من "مباشرة معكم" بالقناة الثانية، والخاصة بموضوع الدخول السياسي. فقد كانت حقا متميزة، إذ قربت المشاهدين أكثر من واقع السياسة بالمغرب، ليس من حيث تعرية هذا الواقع، لأن الأمر يحتاج إلى أكثر من حلقة وإلى بعد استراتيجي يلتصق بالأسئلة المطروحة مبدئيا على الإعلام العمومي، بل لأن إدارة البرنامج في شخص جامع كولحسن أفلحت في أن تهمز الضيوف وأن تستثيرهم من أجل رفع الأقنعة التي يفرضها مقام التلفزيون والتي غالبا ما تكون مسوغا لاختفاء الجدل، وتداخل المواقع، واحتشام القناعات، وموت التمايز. * ألم تثرك بعض السلبيات في الحلقة؟ما قلته عن تميز "مباشرة معكم" في مقاربته للدخول السياسي لا يعفي من وجود بعض الملاحظات السلبية التي يمكن إبداؤها حول الحلقة لكن هذا ليس بيت القصيد هنا. إن من بين ما يفرضه التنشيط الصحفي، التحديد الوافي لموضوع الحلقة وكذا محاورها، واحترام قاعدة "المصدر المؤهل"، وتوزيع الكلمة بالقسطاس، وعدم التحيز، وتوليد أسئلة متابعة تستلهم التساؤلات المفترضة للجمهور المتتبع، إلى غير ذلك من معايير الجودة. وقد كان جل هذه الشروط حاضرا في حلقة "مباشرة معكم"، إلا أن اختيار ضيوف الحلقة كان في رأيي سببا رئيسا من أسباب نجاح هذه الحلقة. فالساسي وخيرات والوديع والشوباني والأنصاري والفكاك، يتميزون بكونهم ممارسين للسياسة من موقع القيادة، ولهم القدرة على الإبلاغ والتناظر، وذلك بغض النظر عن المواقع السياسية التي يحتلونها وعن الأساليب الخطابية التي يتبنونها. وهذه ميزات تستفيد منها البرامج الحوارية السياسية خاصة.* جمعت الحلقة حساسيات سياسية متنافرة وهو ما يشكل مصدر تخوف في البرامج السياسية المباشرة بالتلفزيون المغربيفعلا، وبغض النظر عن اعتبارات التسويق السياسي عبر التلفزيون، ومنطق الربح والخسارة الذي يفرضه الظهور على الشاشة، فإن حضور ستة أصوات سياسية مختلفة، لحد النشاز أحيانا، هو قيمة مضافة للبرنامج. وقد خاض هؤلاء المدعوون في التصورات الخاصة بممارسة السياسة بالمغرب، وهو ما يتيح –مبدئيا على الأقل- للمشاهدين ليس فقط المتابعة الواعية والمدركة لما يجري على الساحة الوطنية، بل الانصهار كذلك داخل تصورات لها ملامح واضحة. ومن بين أنجح البرامج السياسية تلك التي تتيح، فضلا عن تزويد المتلقي بجملة من المعطيات حول الموضوع المطروق، اختيار مواقع إيديولوجية واضحة، تنير سبيل المشاركة الحياة العامة. وهذا بالفعل ما رشحت به حلقة "مباشرة معكم"، إذ كانت، في نفس الآن، تقدم الفاعلين السياسيين من خلال ذواتهم، والإديولوجيات التي يمثلونها، وأوجه الممارسة السياسية التي يخوضونها، بما يمنح المشاهد مدى من أجل فهم ما يجري، عبر الإنصات للأطروحات والأطروحات المضادة. لقد كان المشاهدون يرون في هذه الحلقة "اللعبة" السياسية تجري، وبتمثيلية واسعة، مباشرة تحت أعينهم. لقد كان البرنامج فعلا "مباشرة معكم".