إستونيا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    تدبير منازعات الدولة.. استراتيجية النيابة العامة خلال الست سنوات الأخيرة أفضت إلى توفير مبالغ مهمة لفائدة خزينة الدولة (الداكي)    إضراب وطني ووقفات احتجاجية تنديداً بحادثة وفاة أستاذة أرفود    لماذا ثافسوت ن إيمازيغن؟    جلسة مجلس الأمن: خطوات نحو تهدئة إقليمية وإقرار بعجز البوليساريو عسكريا    "الاستقلال" يفوز برئاسة جماعة سمكت    عمال الموانئ يرفضون استقبال سفينة تصل ميناء الدار البيضاء الجمعة وتحمل أسلحة إلى إسرائيل    فرنسا: قرار الجزائر لن يمر دون عواقب    حرس إيران: الدفاع ليس ورقة تفاوض    إدريس علواني وسلمى حريري نجما الجائزة الكبرى للدراجات تافراوت    من يسعى الى إفساد الاجواء بين الجماهير البيضاوية وجامعة الكرة … !    إخضاع معتد على المارة لخبرة طبية    وهبي: تثمين العمل المنزلي للزوجة التزام دستوري وأخلاقي وليس "واجبا طبيعيا"    التامني تنتقد السعي نحو خوصصة الأحياء الجامعية وتدعو لإحداث لجنة تقصي الحقائق حول أوضاع الطلبة    العُنف المُؤَمم Etatisation de la violence    "ديكولونيالية أصوات النساء في جميع الميادين".. محور ندوة دولية بجامعة القاضي عياض    وفاة أكثر من ثلاثة ملايين طفل في 2022 بسبب مقاومة الميكروبات للأدوية    دراسة أمريكية: مواسم الحساسية تطول بسبب تغير المناخ    فايزر توقف تطوير دواء "دانوغلبرون" لعلاج السمنة بعد مضاعفات سلبية    محمد رمضان يثير الجدل بإطلالته في مهرجان كوتشيلا 2025    إدريس الروخ ل"القناة": عملنا على "الوترة" لأنه يحمل معاني إنسانية عميقة    الكوكب المراكشي يؤمّن صدارته بثنائية في مرمى "ليزمو"    الحسيمة.. مصرع سائق بعد انقلاب سيارته وسقوطها في منحدر    الهجمات السيبرانية إرهاب إلكتروني يتطلب مضاعفة آليات الدفاع محليا وعالميا (خبير)    فليك : لا تهاون أمام دورتموند رغم رباعية الذهاب    جنود إسرائيليون يشاركون في مناورات "الأسد الإفريقي 25" بالمغرب    نقل جثمان الكاتب ماريو فارغاس يوسا إلى محرقة الجثث في ليما    توقيف شخصين بتيزنيت بتهمة الهجوم على مسكن وإعداد وترويج ال"ماحيا"    الذهب يلمع وسط الضبابية في الأسواق بسبب الرسوم الجمركية الأمريكية    جيتكس 2025: إبرام سبع شراكات استراتيجية لتسريع فرص العمل بالمغرب    برادة: إصلاحات في تكنولوجيا التعليم قادرة على الاستجابة لحاجيات المغاربة المقيمين بالخارج في مجالي الابتكار والبحث    مراكش: الاتحاد الأوروبي يشارك في معرض جيتكس إفريقيا المغرب    السغروشني: المغرب يتطلع إلى تصميم التكنولوجيا بدلا من استهلاكها    وقفة احتجاجية للمحامين بمراكش تنديدا بالجرائم الإسرائيلية في غزة    فاس العاشقة المتمنّعة..!    قصة الخطاب القرآني    اختبار صعب لأرسنال في البرنابيو وإنتر لمواصلة سلسلة اللاهزيمة    المغرب وكوت ديفوار.. الموعد والقنوات الناقلة لنصف نهائي كأس أمم إفريقيا للناشئين    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    غوتيريش: نشعر "بفزع بالغ" إزاء القصف الإسرائيلي لمستشفى المعمداني بغزة    هلال: أمريكا عازمة على إغلاق ملف الصحراء ونأمل أن نحتفل بالنهاية السعيدة لهذا النزاع خلال الذكرى ال50 للمسيرة الخضراء    تضمن الآمان والاستقلالية.. بنك المغرب يطلق بوابة متعلقة بالحسابات البنكية    أمسية وفاء وتقدير.. الفنان طهور يُكرَّم في مراكش وسط حضور وازن    ارتفاع قيمة مفرغات الصيد البحري بالسواحل المتوسطية بنسبة 12% خلال الربع الأول من 2025    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    كلاسيكو الشمال.. المغرب التطواني ينتصر على اتحاد طنجة في مباراة مثيرة    باها: "منتخب الفتيان" يحترم الخصم    بين نزع الملكية وهدم البناية، الإدارة فضلت التدليس على الحق    الذكاء الاصطناعي وحقوق الإنسان: بين الفرص والتحديات الأخلاقية    أسلوب فاشل بالتأكيد    خبير ينبه لأضرار التوقيت الصيفي على صحة المغاربة    ماريو فارغاس يوسا.. الكاتب الذي خاض غمار السياسة وخاصم كاسترو ورحل بسلام    لطيفة رأفت تطمئن جمهورها بعد أزمة صحية    إنذار صحي جديد في مليلية بعد تسجيل ثاني حالة لداء السعار لدى الكلاب    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرشوة” سرطان” التنمية
نشر في أريفينو يوم 15 - 12 - 2012

دون إغراق في التفصيل الحاد لمعاني وتعاريف الرشوة. فالكل يعرف الآفة بأسمائها الحقيقية والمستعارة: الرشوة، “لحلاوة”، “دهن السير إسير”،”لهمزة”….، أسماء متعددة والمسمى واحد….؛ سوف ألتمس منهجية تحليلية لكشف وإبراز الوجوه البشعة والمتعددة لظاهرة الرشوة، التي هي بمثابة سرطان يسري في جسم التنمية “الهامدة”؛ فالآفة “باحتشامها واستحيائها” مبثوثة في كل زاوية من زوايا الإدارات العمومية والخصوصية…، لا تعلن ظهورها بالمرة وتمارس سريتها بالكتمان المطلق…، ظاهرة تكبح وتسد كل قنوات البناء المجتمعي، قنوات تُعبد وتُمهد لبناء “قاعدة الأساس” لإعلاء الصرح بأسسه السليمة المتينة، التي من شأنها، أن ترعى وتُراعي كل مواصفات البناء لحياة كريمة هي غاية كل غاية…؛ إنها إذا مسألة مفصلية، لرفع الظلم والغبن على المواطن الذي أراد لكرامته أن تبقى مصونة ومسيجة بسور منيع، حيث، آدميته وإنسانيته، تتماشى وإيقاع الحق والواجب….توازن “كلي” يعجز كل خبراء الاقتصاد تحقيقه وتنزيله على نفسية “الإنسان المقهور”… ، إنها عادة مستحكمة اخترقت كل مفاصيل الأجهزة الإدارية. فما السبيل، إذا، إلى قلب هذه المأساة واجتثاث جذورها بكل الترسانة الدستورية والقانونية؟ فهل من برامج محددة ومدققة وإستراتيجية معلنة، لاستئصال الورم قبل أن ينقلب، وأيُ منقلب، شعار”التنمية المستدامة”إلى شعار”الرشوة الناعمة”؟.
الكل يقر بالظاهرة وخطورتها، بل الأدهى والغريب من ذلك، تم “التعايش” معها، وتم الدفع في اتجاه قبول واقع الحال، فشرائح مهمة من المواطنين انخرطت “طواعية أو كراهية” في منظومة الأخطبوط الجاثم على صدر التنمية، بثقله وكلكله على كل منافذ التنفس السليم، حتى “اختنقت وانسدت” كل شرايين الاقتصاد، إلى درجة أن الجسم قد أصيب بمرض “الربو”؛ تنفس يضفي، لا محالة، في حالة الحد من الظاهرة، إلى مراشد الاقلاع الاقتصادي، والتنمية السياسية، والانفراج الثقافي ….، وتحقق التضامن المجتمعي في أبهى صوره. فكل مدخل أساسي للتنمية لا يُزيح الآفة، ولا يتورع في: التتبع، التحقق،…، والجرأة الصارمة في مواجهة المعضلة يبقى “المشروع” معلق، كالتي نقضت غزلها من بعد قوة، وبالتالي تصير فعالية جميع الهيئات: الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، هيئة محاربة الفساد، هيئة المراقبة، هيئة الحكامة، الهيئة العليا،……..، تحوم حول الجمود والتفرج …السبب؟ السبب، بسيط، هو عدم تمكن هذه الهيئات والمنظمات الفاعلة، في ميدان محاربة الرشوة، بالإمكانيات المادية والبشرية اللازمة، لتخليق وتشريح الوضعية، بالشكل الذي يُلطف أجواء الاستثمارات وإرجاع الثقة للمواطن، الذي هو محور كل بناء وإقلاع.
فلا مجال للمزايدة في رفع أفق انتظارات المغاربة من خلال برامج، هي في الأصل مصابة بالهشاشة المزمنة، حتى تعشش في أحضانها الموسمية وكل أنواع التسويف والتماطل، بينما الإحساس بالاستعجال يلوح بنفاذ الصبر، حيث الشارع، مازالت أطرافه وهوامشه، تغلي بحرارة الربيع، ربيع أبى إلا أن يطول ليضع حدا “للجفاف المستدام” ربيع بحلة جديدة، بوجوه جديدة، تنضح بالجدية اللازمة، لتعلنها ثورة على الخطوط الحمراء وكل الطابوهات، وهي، رغم ذلك، قابلة لدفع كلفة الإصلاح، لتضرب في الصميم هيكل الرشوة، وتجفف، بالمرة، المنابع والينابيع التي تؤشر على استفحال الظاهرة، وتقلم تدريجيا كل الأغصان، التي تمد “شجرة” الرشوة بالنسغ والحياة. فالعزم على أشده، ماض إلى غير رجعة، لتتبع كل آثار المؤشرات: المؤشر الانطباعي، مؤشر الحكامة، مؤشر “دولة القانون”، …..هي مؤشرات لقياس مدى انتشار واستحكام واقع الآفة… إنها آليات لتشخيص الظاهرة، لكن الحلول تبقى معلقة بين التأويل الديمقراطي لمضامين الدستور و البرنامج الحكومي الغارق في الغموض حتى النخاع…
مناهضة الفساد، يبدأ، كما يقال، بالخطوة تلو الخطوة، فالتقارير التي تقدمها الهيئات “المتخصصة” في تتبع “عورات” الرشوة، هي الآن موجودة مدققة ومفصلة، بين يدي الجهات المخولة قانونيا لمحاربة معضلة الرشوة، ومعاقبة كل “شبكة” ثبُت تورطها في عملية ” دهن السير إسير”، فمتى، إذن، يظل “الراشي” يمارس “عادته السرية” ولا يبوح ولا يبلغ، وهو المحصن بشتى أنواع التحصينات،عن “المرتشي” الذي يستلذ كل “لحلاوة” ويشدها بيد ممدودة “تحت المكتب” لكي لا تراها “أعين الحساد”؟ ومن لا يُبلغ، وهو في ظروف تسمح له بذلك، يعيش في سراديب اللعنة إلى يوم الدين….؛ تقارير شخصت الواقع، فهل تملك، الحكومة ومعها كل القوى والمنظمات العاملة في شعاب المجتمع المدني، تصورا ورؤية، بها تزلزل هيكل الرشوة، تمهيدا للهدم والردم النهائي للآفة الخطيرة؟ فحماية الحقوق، وصيانة الكرامة،…، هي رافعة كل تنمية…
بعد أن اتضحت معالم “خارطة” الرشوة، على الجميع أن ينخرط، مهما كان الثمن، في مسلسل “تصفية الحساب” مع الشبكات الصاهرة على رعاية “أوكار” الفساد…كفانا من الصفقات المشبوهة، كفانا من المتاجرة في الخدمات المجانية، كفانا من اللعب مع الملاعين في الدروب الوعرة ;….يجب إرجاع هيبة الدولة، وليس إرهاب الدولة، فالجميع مطالب بوضع اليد على مكمن الداء، لكي يلتف الحاكم والمحكوم حول كل ما يبني الوطن، ويلتفت كل منا إلى ما حوله، لإماطة الأذى عن طريق التنمية، ليترجم ذلك عمليا من خلال إزاحة كل«مثبطات ومعوقات” الاقلاع الشامل…، كل يساهم حسب استطاعته، وفي هذا إيذان لتلاشي آثار الورم، حينها يصحو الجسد ويتعافى من كل: تقيحات”دهن السير إسير”، وبثور” الهموز”، وتشوهات”لحلاوة”….فالجسم السليم في بيئة سليمة، والسلام !!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.