الكتابة الموضوعية ومبدأ التشكيك: تناولنا في الجزأين الأول والثاني من هذه الدراسة أهم مفاصل ومحتويات رأي وموقف الخياري من انتفاضة 58/59 وقادتها، خاصة موقفه من زعيم الانتفاضة القائد محمد سلام أمزيان . وفي الجزء الثالث والأخير نعرض لجوانب أخرى ذات صلة بالموضوع، إما لم نتطرق لبعضها في الجزئين السالفين أو أوجزنا الكلام في بعضها الآخر لضيق المقام. لكن ورغم ذلك، لا بد أن يكون القارئ الملم بتاريخ وأحداث هذه الواقعة (=انتفاضة 58/59 ) الموشومة في ذاكرة الريفيين جيلا بعد جيل قد اكتشف جملة من التناقضات والافتراءات التي تعج بها مقالات الكاتب / الخياري التي يحاول ترسيخها في ذهنية القارئ بعد ما أن حاولنا، بتواضع شديد، كشفها وتعريتها بالحجة والتحليل الموضوعي. والأبد من الإشارة هنا إلى نقطتين أساسيتين، الأولى هي أننا لا نريد من خلال الملاحظات التي أوردناها على امتداد صفحات هذا الرد / الدراسة توجيه النقد من أجل النقد فقط كما قد يعتقد البعض، بل نطمح إلى وضع معايير موضوعية في تناولنا لقضايا الريف وزعمائها. والثانية هي أننا لا نصادر – إطلاقا – حق التشكيك في مشروعية ومصداقية الانتفاضة وزعمائها التاريخيين باعتبارهم مجرد بشر مثلنا، وبالتالي فإن أعمالهم وأقوالهم قابلة للتشكيك والنقد، سواء تعلق الأمر هنا بالسيد الخياري أو بغيره، لكن، وفي المقابل يحق لنا التشكيك في نوايا وأهداف المقالات/ الكتابات التي تحاول النيل من تاريخنا وقادتنا، خاصة إذا كانت هذه الكتابات تفتقر إلى ابسط شروط الكتابة الموضوعية. نعتقد أنه لا يمكن محاكمة تاريخ ورموز الأمة انطلاقا من التخمينات والتقديرات الشخصية، أو بناء على ” منهجية” القيل والقال كما يفعل صاحبنا في مقالاته السابقة الذكر، حيث أورد يقول في معرض حديثه عن المناضل عبد السلام حدو أمزيان على سبيل المثال وليس الحصر ما يلي (( ولمن لا يعرف من هو حدو سلام أمزبان نقول: انه كان مفتشا للشرطة بالحسيمة. ويقال أنه كان من أكثر المعتدين والمضطهدين للمواطنين بالمنطقة، وذلك حسب شهادة المواطنين الذين عايشوه ..)) . هنا مرة أخرى، يبتكر الخياري قصة أخرى لا تخلوا من السذاجة، فكيف للإنسان العاقل أن يصدق مثل هذا الكلام الفضفاض ؟ فالسيد الخياري يتهم عبد السلام حدو أمزيان بتعذيب المواطنين ولكنه لم يذكر لنا أسماء هؤلاء المواطنين الذين عذبهم ؟ وأين تم تعذيبهم( مراكز التعذيب) ؟ والسؤال الجوهري الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل التعذيب الذي يتحدث عنه الخياري كان خلال فترة مزاولة عبد السلام حدو أمزيان لمهامه كمفتش الشرطة بالحسيمة أم في إطار الثورة؛ أي في إطار تصفية ” المناهضين ” للثورة كما يقول الخياري في موقع أخر ؟ ثمة إن جملة أسئلة تطرح نفسها في السياق الذي نحن بصدده، والتي قد نعثر على جواب لها يوم ما، ومنها : من هم هؤلاء المواطنين الذين يشهدون بأن الرجل كان يعذب الناس؟ وما هي نوعية العلاقة التي كانت تجمع هؤلاء المواطنين بالمتهم (=عبد السلام حدو أمزيان) ؟ هل يستطيع السيد الخياري أن يكشف لنا عن مصادره حتى نتيقن من كلامه ونستريح ، سواء كانت وثائق مكتوبة أو أسماء الشخصيات/ الأشخاص التي اعتمد عليها حتى يتسن لنا التأكد مما يقوله في حق هذا الرجل المناضل الذي يعتبر رمز من رموز ثورة 58/59 ؟ تلك كانت بعض الأسئلة التي يتعين على الخياري أن يجيب عليها. في ضوء هذا السياق؛ أي في سياق التشويه والنيل من رموز وقادة الانتفاضة المجيدة، يقول الخياري في معرض حديثه عن القائد محمد سلام أمزيان متهما إياه بالكذب والعمالة للأسبان ما يلي (( كما ذهب إلى ذلك بعض ممن عرفوه عن قرب )) ، هكذا بجملة واحدة فقط يحاول الخياري أن يمحي جزءا مهما من تاريخ الريف الحديث، دون أن يذكر لنا من هم هؤلاء البعض الذين يعرفون المرحوم محمد سلام أمزيان عن قرب؟ ولم يخبرنا كذلك بنوعية العلاقة التي تجمع هؤلاء ” الشهود ” بالقائد؟ وأين ومتى تعرفوا عليه؟. فالرجل (= محمد سلام أمزيان) كان له أنصار، كما كان له أيضا – بكل تأكيد – خصوم وأعداء كذلك، وبالتالي لا يمكن – أخلاقيا على الأقل – اعتبار ما يقوله الخياري كدليل للحكم على أخلاقية وسلوك الرجل. كما لا يمكن كذلك الاعتماد فقط على ” شهادات ” الخونة للتشكيك في نزاهة ومصداقية الزعيم، كقوله مثلا (( منها شهادة الحاج حسين أوشن، نجل عمر أوشن نائب الصدر الأعظم في المنطقة الخلفية..)). وتجدر الإشارة هنا إلى نقطة مهمة للغاية، وهي أنه لا احد من الباحثين والمهتمين( مؤرخين وصحفيين وكتاب ..) اتهم محمد سلام أمزيان بالخانة والعمالة للإسيان ماعدا المخزن وأزلامه، وحتى إذا أخدنا على سبيل المثال كتاب جرمان عياش الذي يستشهد به الكاتب / الخياري، فإنه لا يحتوى على تهمة الخيانة والعمالة ، وإنما يتهمه ؛ أي جرمان عياش،بالتضخيم والمبالغة في تمجيد الثورة الريفية وقائدها البطل الرئيس محمد بن عبد الكريم الخطابي. فالمبالغة والتضخيم من ثورة الريف وقائدها شيء والخيانة والعمالة للإسبان شيء آخر. محمد سلام أمزيان وجيش التحرير: عند قراءة مقال شكيب الخياري المذكور أعلاه، يتضح لكل من له إلمام بتاريخ جيش التحرير كثرة المغالطات والإساءة الواضحة للقائد محمد سلام أمزيان، ولا أدري ما الذي يدعو الخياري للقيام بهذا التصرف ؟ وقبل مواصلتنا للحديث في هذا المحور ، نود أتوقف أولا عند نقطتين أساسيتين: الأولى هي أننا نتحدث هنا عن جيش التحرير المغرب العربي الذي أسسه رئيس دولة الريف القائد محمد بن عبد الكريم الخطابي بشهادة مختلف الكتابات التاريخية(36)، ولا نتحدث عن المقاومة وجيش التحرير المغربي (الرسمي والحزبي) الذي أسسته الأحزاب السياسية بالتعاون مع الإسبات بمدينة تطوان سنة 1955 قصد إيهام الرأي العام المغربي بتمثيلها للحركة الوطنية(37) . والنقطة الثانية هي أن هذا التاريخ؛ أي تاريخ جيش التحرير الحقيقي (جيش التحرير المغرب العربي) ، مازال إلى يومنا هذا يعاني من الحصار والتهميش الممنهج من طرف الدولة والباحثين. وعلاقة بهذا الموضوع نشير هنا إلى أن المناطق والقبائل المجاورة لمنطقة/ قبيلة كزنايية التي احتضنت شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي سنة 1955، خاصة القبائل الحدودية لها (قبيل آيث ورياغل وآيث توزين مثلا) مازالت مهمشة في الدراسات والأبحاث التاريخية، بالرغم من دورها الريادي في الكفاح المسلح. أشير على سبيل المثال إلى الدور الريادي الذي لعبت قبيلة آيث ورياغل في كفاح جيش التحرير، سواء من الناحية البشرية ( مشاركة عدد هائل من المقاتلين الورياغلين في حرب جيش التحرير) أو من ناحية الدعم الوجيستيكي للثورة كاستقبال المجاهدين وعائلتهم من جهة، كما أنها وفرت أيضا مراكز استقبال الثوار من جهة ثانية. ففي هذا الجانب نشير إلى وجود مركزين أساسين لم يحضوا بالاهتمام الكافي في الدراسات التي أنجزت عن موضوع جيش التحرير لحد الساعة ، المركز الأول هو مركز أربعاء توريرت الذي أشار إليه القائد محمد سلام أمزيان في حواره مع مصطفي أعراب، حيث لعب هذا المركز دورا أساسيا في حركة جيش التحرير يقول محمد لخواجة (38)، وكذلك مركز شقران( جبل حمام) حيث كان هذا المركز يعتبر المركز العام للضابط الغربوشي، قائد منطقة تيزي وسلي.(39) هذا بالإضافة إلى مركز تاركيست كذلك.(40) وبعد كل ما تقدم نرجع إلى موضوعنا الأساسي؛ أي إلى كلام الخياري المليء بالمغالطات والتهم المجانية في حق القائد محمد سلام أمزيان، ومن ضمنها اتهامه بالتحريف واختلاق الأحداث والوقائع، فهل هذا صحيح؟ للإجابة على هذا السؤال سنحاول البحث في حقيقة الأحداث والوقائع التاريخية التي أوردها القائد في حواره مع الزميل مصطفي أعراب. ومن أجل هذا سنقوم بإجراء بحث صغير للغاية، لكنه دقيق ومفيد للغاية كذلك. وهو البحث الذي سنتناول فيه مسألة جوهرية تطرق إليها الخياري في مقاله السالف الذكر، والتي يعتبرها مجرد كذب وافتراء من قبل القائد، وهي مسألة علاقة القائد بجيش التحرير التي يقول حولها الكاتب ما يلي (( وهو بكل تأكيد لا علاقة له بجيش التحرير ولا بالمقاومة أصلا ..)) ، والسؤال المطروح هنا هو : هل كان القائد محمد سلام أمزيان عضو في جيش التحرير أم لا؟ قبل أن نخوض في تفاصيل هذا الموضوع نود الإشارة هنا إلى نقطة مهمة أيضا في ما يقوله القائد في حواره مع مصطفي أعراب. فكل قارئ نزيه للحوار قد تستوقفه ثلاثة مسائل أو ثلاث ملاحظات أساسية في الحوار، بحيث تضفي نوع من الواقعية والمصداقية على الكلام الذي أورده القائد في حواره مع أعراب ، خاصة إذا كان للقارئ دراية وإلمام بالظروف السياسية للمرحلة التي تناولها القائد الأحمر حسب تعبير الصحفي والكاتب محمد زاهد (41). المسألة الأولى هي أن القائد ذكر مجموعة من الأشخاص كانوا (ومازال البعض منهم ) على قيد الحياة أثناء لحظة إجرائه للحوار( بل حتى لحظة نشره أيضا) ، ولا أحد منهم اعترض على المعلومات والإسرار التي تضمنها الحوار حسب علمنا. ذكر على سبيل المثال ابن عمه الفقيه والعالم الشيخ مزيان( توفي سنة 2006)، ذكر أحمد المرابط (مازال على قيد الحياة)، الهاشمي الطود(مازال على قيد الحياة) ، ابن عبد الله ن موح أمزيان ( مازال على قيد الحياة ولا قرابة عائلية له مع قائد الانتفاضة) وغيرها من الأسماء. المسألة الثانية هي أن القائد يتحدث في حواره على جيش التحرير المغرب العربي الذي أسسه عبد الكريم مع أواخر الأربعينات القرن الماضي ولم يتحدث عن جيش التحرير المغربي الذي وصفه بجيش التخريب . المسألة الثالثة هي أن الوقائع والأحداث التي أوردها القائد في حواره تعطي إشارات واضحة إلى وجود علاقة بين القائد محمد سلام أمزيان بجيش التحرير الحقيقي، كما سنرى ذلك بعد قليل. فالتاريخ هو علم يقوم على أساس فهم الروابط القائمة بين الوقائع التاريخية. فعلي سبيل المثال يقول القائد في معرض حديثه عن انطلاقا عمليات جيش التحرير ما يلي “جاءني هذا الشخص من ” بوعلمة ” وابلغني بخطة الهجوم يوم الجمعة المقبل على الفرنسيين في ” كزناية” ..” ثم أضاف يقول أيضا ” وعدت إلى الرجال، قدم لي الخمسة التحية وقالوا لي : لقد نفذنا العملية. قلت لهم أهلا وسهلا ومرحبا. نفذوا الهجوم على بورد ونجحوا في ذلك ..” (42) . وإذا قمنا بمقارنة هذا الكلام مثلا بالكلام الذي أورده الدكتور محمد لخواجة في كتابه القيم عن جيش التحرير الصادر عن دار أبي رقراق تحت عنوان ” عباس المساعدي : الشجرة التي تخفي غابة جيش التحرير..” نجد ترابط وتطابق وثيق وواضح بين ما يقوله القائد وما يقوله الدكتور محمد الخواجة في كتابه المذكور أعلاه، حيث هناك خيط رفيع يربط بشكل ايجابي بين المعطيات التي أوردها كل من محمد لخواجة ومحمد سلام أمزيان. ففي كتاب محمد لخواجة نقرا مثلا (( بعد خمسة وعشرين سنة من الهدوء جاءت عناصر مشوشة من المنطقة الاسبانية لمهاجمة مركزي ” بورد ” و “بوزينب ” القريبين من الحدود ))(ص108). فهذا الكلام يؤكد لنا أمرين: الأولى هو أن العمل الفدائي انطلق من خارج منطقة كزناية وليس من داخلها، كما نقرا ذلك في مختلف الكتب – الرسمية والشبه الرسمية – التي تناولت تاريخ جيش التحرير، ومنها كتاب السيد محمد بن عمر بن علي العزوزي الجزنائي، الذي ينفي فيه مشاركة أية قبيلة غير قبيلته (كزناية) أثناء اليوم الأولى من بدأ عمليات جيش التحرير(43). والأمر الثاني هو أن كلام الدكتور محمد لخواجة (يؤكد هذا في موقع آخر من الكتاب ) وكلام القائد محمد سلام أمزيان يؤكد لنا الدور الأساسي والمركزي لرئيس دولة الريف الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي في تأسيس جيش التحرير الحقيقي. ومن الأمور الأخرى التي تؤكد صدق وواقعية الكلام الذي قدمه القائد أثناء حواره مع مصطفي أعراب المشار إليه أكثر من مرة ، هو قوله على سبيل المثال وليس الحصر “اخبرني المجاهد من بوعلمة أنه يملك 18 بندقية مند أسبوعين وكان قد حصل عليها من عند الريفيين الذين كانوا شاركوا في الجيش الاسباني ..” (44). فحول هذا الموضوع نقرا في كتاب ” حقائق تاريخية عن تأسيس جيش التحرير بقبيلة أجزناية مع نبذة عن تاريخ هذه القبيلة”، الصادر سنة 2002 ، لصاحبه السيد محمد بن عمر بن علي العزوزي الجزنائي ما يلي ” انطلق المجاهدون من قرية أولاد علي قاصدين مركز تيزي وسلي ، عدد البنادق 17 ( سبعة عشر) بندقية ..” (ص 70). طبعا تلاحظون معي وجود بعض الفروق والاختلاف البسيطة في بعض الجزئيات الواردة في المراجع التي نقارن معها كلام القائد، وهو أمر عادي وطبيعي في الحالة التي ندرسها، فالقائد يدون للتاريخ والأمة، وبالتالي فالمنطق القبلي غائب في حواره- ربما – نتيجة تكوينه العلمي والفكري(45)، بينما المراجع الأخرى تؤرخ وتدون للقبيلة، بل أنها في بعض الأحيان تدوين للأشخاص فقط ، هذا بالإضافة إلى أن الحوار يختلف كليا عن الكتاب في التدقيق والتوثيق. لكن ما يهمنا في سرد الفقرات السابقة من كلام القائد ومقارنتها مع بعض الكتابات ” التاريخية” التي في حوزتنا هو تطابق هذه الأحداث أولا. وثانيا حقيقة وجودها في الفعل التاريخي وليست مجرد اختلاقات كما يقول السيد الخياري، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو : كيف عرف القائد محمد سلام أمزيان بهذه المعطيات( هناك معطيات أخرى كثيرة) إذا لم تكن له علاقة بجيش التحرير الحقيقي؟ إذن، سنحاول الإجابة عن السؤالين السابقين حيث سنقوم بالتدقيق في الأقوال والأحداث التي أوردها القائد في حواره السابق الذكر. وحتى لا يسود الالتباس والغموض نقول إذا كان الخياري يقصد بكلامه السابق؛ أي عدم وجود أية علاقة للقائد محمد سلام أمزيان بالجيش التحرير الرسمي المدون من طرف المخزن وما يسمى بالحركة الوطنية، الذي لا علاقة له بجيش التحرير الحقيقي كما يؤكد الكونوليل الهاشمي الطود في حواره مع الباحث والكاتب علي الإدريسي (46)، وكما يؤكده أيضا الدكتور محمد لخواجة في كتابه المذكور سابقا حيث كتب يقول ” حزب الاستقلال لم تكن له علاقة بجيش التحرير ولا بوضع اللبنات لبناء هذا الجيش. وحتى تأثر بعض قادته بما كان يروج آنئذ من صراع قي المدن، بين الأحزاب وفرنسا، وظهر عمل الفداء في استقلال تام عن الأحزاب، أن لم نقل ظهر والأحزاب تستنكره..” (ص 248). بل أن الأحزاب السياسية رفضت كلها العمل المسلح كما هو معروف(47)، إذا كان هذا ما يقصده الخياري، ففي هذه الحالة نقول – وبدون تردد – نعم ليس للقائد محمد أمزيان أية علاقة بجيش التحرير ، وبالتالي فإن كلام الخياري صائب 100%100. لكن إذا كان يقصد بكلامه أن محمد سلام أمزيان لا علاقة بجيش التحرير الحقيقي الذي أسسه القائد والرئيس محمد بن عبد الكريم الخطابي، ففي هذا الحالة سنقول لا يا صديقنا لقد أخطأت القول والتحليل، حيث هناك من الوثائق والحجج ، على قلتها، ما يؤكد وجود هذه العلاقة؛ أي علاقة محمد سلام أمزيان بجيش التحرير الحقيقي .(48) فالكولونيل الهاشمي الطود على سبيل المثال وليس الحصر يؤكد في معرض حديثه عن جيش التحرير الحقيقي انخراط محمد سلام أمزيان في هذا الجيش حيث قال في أحد حواراته ما يلي ” أعود إلى سنة 1956 ففي هذه السنة، كنا نستعيد لفتح جبهة خلفية في الشمال، أنا شخصيا أعددت 300 مجاهدا تحت إشرافي، وكان ضمن القيادة السي حدو اقشيش، محمد إبراهيم القاضي، شباطة تركي سعيد والقبطان الجزائر بربر .. وقد استعنا بأهل الريف، ومن ضمنهم الحاج سلام أمزيان ..” (49). ونفس الكلام يؤكده أيضا الباحث سليمان الخثين حيث قال هو أيضا ” ويتعلق الأمر ب ” محمد سلام أمزيان” الذي كان يشتغل معلما، قبل أن يلتحق بجيش التحرير/ حيث قاتل إلى جانب عباس المسعدي..” (50). وفي أحد المراجع الأخرى نقرا أيضا ” بعد عودته( المقصود هنا هو حدو أقشيش التوضيح من عندنا) كلفه الخطابي بالسفر إلى المغرب لنفس المهمة، وسقط في يد السلطة الاسبانية بوشاية عبد الكبير الفاسي، ثم عاد إلى الريف هاربا من السجن واعتقل ثم اختطفه القائد محمد سلام أمزيان في بداية ثورته وتوصل منه بالمعلومات المطلوبة ” (51). وقبل الانتقال إلى نقطة أخرى من النقط التي يعترض عليها الخياري في حوار القائد مع مصطفي أعراب نشير هنا إلى نقطة تثبت علاقة القائد محمد سلام أمزيان بجيش التحرير الحقيقي وهي تطابق الأسماء التي ذكرها القائد مع عدة مراجع أخرى ومنها الأسماء التي أوردها الكونوليل الهاشمي الطود في النص أعلاه، ومن بينها اسم حدو أقشيش و الغالي الطود و إبراهيم القاضي وغيرها. أما بخصوص علاقة محمد سلام أمزيان بفرانكو فسوف لا نخوض فيها نظرا لضيق المقام ، لكن المثير في كلام الخياري هو انه من جهة يتهم القائد بالخيانة والعمالة للإسبان ومن جهة أخرى يؤكد ( في نفس المقال) عدم وجود أية علاقة للقائد مع أي مسؤول اسباني وليس مع فرانكو فقط، كما أكد له ذلك المدعو الحاج حسين أوشن ، تعالوا نتابع كلام الخياري كما هو منشور في مقاله السابق الذكر، يقول (( في هذا الصدد ينفي الحاج حسين أوشن – بحكم قرب عائلته من النظام الاسباني في هذه المرحلة أولا وبحكم معرفته بمحمد سلام أمزيان ثانيا – وجود أية علاقة لهذا الأخير بفرانكو ، بل ينفي أية علاقة له بأي مسؤول اسباني)) . طيب إذا كان الأمر على هذا النحو فكيف سيكون محمد سلام أمزيان عميلا لٌلإسبان وهو ليس له أية علاقة مع مسؤول أسباني؟ وإذا كان المدعو حسين أوشن وهو من رجال اسبانيا المقربين والذي يستشهد به الخياري في مقاله يعترف يعدم وجود أية علاقة للقائد مع الإسبان فكيف يؤكد الخياري العكس؟ وعلى سبيل الختام نرجو من السيد الخياري بناءا على المعطيات والحقائق التي ذكرناها سابقا أن يقدم اعتذار علني للريفيين عموما، ولعائلة أمزيان خصوصا، أو أن يقدم الوثائق التي تؤكد كلامه وآنذاك سيكون لنا كلام أخرى في الموضوع.
بعض الهوامش المعتمدة في انجاز هذا الجزء: 36: انظر في هذا الصدد كتاب ” محمد عبد الكريم الخطابي : آراء ومواقف 1926 -1963 ” للمؤلف محمد أمزيان ، منشورات اختلاف – الطبعة الأولى 2002 37: المرجع السابق 38: المرجع السابق ص 145 39: انظر كتاب ” محمد بن عبد الكريم الخطابي نادرة القرن العشرين في قتال المستعمرين ” إعداد وتقديم محمد بن عمر ين علي العزوزي الجزنائي منشورات دار الأمان ، الطبعة الأولى 2007 – ص 218 40: المرجع السابق 145 41: انظر مقال ” محمد سلام أمزيان القائد الأحمر ” للكاتب والصحفي محمد زاهد – جريدة أمنوس – العدد 2 دجنبر 2007 42: المرجع السابق مصطفي أعراب ص 198 -197 43: انظر كتاب ” حقائق تاريخية عن تأسيس جيش التحرير بقبيلة أجزناية مع نبذة من تاريخ هذه القبيلة ” إعداد وتقديم محمد بن عمر ين علي العزوزي الجزنائي ، الطبعة الأولى 2002 – ص 71 44: المرجع السابق أعراب – ص 197 45: حول المسار الفكري والعلمي للقائد يرجى مراجعة مقال الأستاذ جمال امزيان تحت عنوان ” …” المنشور على الموقع الالكتروني www.anoual.net 46: انظر الحوار الذي أجراه الأستاذ الباحث علي الإدريسي مع الهاشمي الطود والمنشور في جريدة هسبريس يوم 22 فبراير 2007 47: المرجع السابق المنفي – ص 100 48: انظر مقال الأستاذ جمال امزيان ” في رحاب قائد انتفاضة الريف محمد الحاج سلام أمزيان ” المنشور في جريدة جذور العدد 9 49: المرجع السابق 50: نظر مقال الباحث سليمان الخثين على الموقع www. tetouannews. com 51 المرجع السابق – المنفي – ص 107