بعد انتهاء الحملة الانتخابية، تجرى غدا الخميس، الانتخابات الرئاسية بالجزائر وسط ترقب وانقسام في الشارع الجزائري حولها بين رافض وداعم. ويتنافس في هذه الانتخابات خمسة مرشحين، هم عز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، وعبد القادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء الوطني، وعبد المجيد تبون المرشح الحر، وعلي بن فليس رئيس حزب طلائع الحريات، وعبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل. في ظل استمرار الاحتجاجات ورفض إجراء الاقتراع الرئاسي، هل مهمة تحديد المرشح الاوفر حظا ستكون صعبة ؟ وهل يمكن توقع عزوف شعبي عن الاقتراع أو إلغاء للمرة الثالثة هذا السباق الرئاسي؟. وحول هذا الموضوع، حاور موقع القناة الثانية ضمن "فقرة ثلاث أسئلة"عبد الفتاح الفاتيحي، المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي في الشؤون المغاربية. نص الحوار.. تعتبر الانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة غدا الخميس ثالث موعد للانتخابات هذه السنة لاختيار خليفة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بعد إلغاء انتخابات أبريل ويوليوز الماضيين، بسبب الحراك الشعبي، في نظرك هل ستكون مهمة تحديد المرشح الاوفر حظا عسيرة؟ إن إجراء الانتخابات الجزائرية لا يقام على أساس مطالب الحراك السياسي الجزائري، وإنما يراد بها مسكنا لحالة الاحتقان الناتجة عن مطالبات بإصلاحات جوهرية. هي في النهاية تهدد مصالح الطبقة العسكرية الحاكمة. ولذلك يراوح القايد صالح مطالب الحراك التي امتدت لأزيد من 10 أشهر متواصلة بين استعادة الشرعية المفقودة بعد الإطاحة بعبد العزيز بوتفليقة ومحاولة ترضية الشارع السياسي الجزائري بتقديم بعض من الذين كانوا بالأمس أحد أعمدة الحكم العسكري إلى القضاء وإدانتهم بأحكام طويلة الأمد. إن محاولة استعادة قبول الشارع باستمرار بقايا النظام العسكري أوقع السلطة في الجزائر إلى ارتباك ملحوظ تسبب في تأجيل العديد من تواريخ إجراء الانتخابات الرئاسية إلى حين حصول تراجع حدة الاحتجاجات. غير أن هذا الرهان لم يجد نفعا، ولذلك يحاول العسكر من جديد تجريب القسوة بالدعوة إلى إجراء انتخابات الرئاسية في هذا الموعد. كأسلوب يمكن الجيش من شرعية مواجهة نضال الشارع، بعد أدينت تدخلاته ضد رموز الاحتجاج من قبل الهيئات الدولية. هل يمكن توقع عزوف شعبي عن الاقتراع خاصة مع اتساع رقعة الرافضين للانتخابات في الشارع وإعلان عدد من الأحزاب السياسية من المعارضة والشخصيات الوطنية مقاطعة هذه الانتخابات؟ مهما تكن نتائج اقتراع الرئاسة الجزائرية في 12 دجنبر 2019، فإن الرئيس المنتخب سيكون بشرعية ناقصة، لأنه من جهة متهم شعبيا بالانخراط في لعبة "العصابة"، وأنه وسيلة لاحتواء مطالب الشعب الجزائري. ومن جهة ثانية فإن الأصوات التي يحصل عليها أي فائز بهذه الانتخابات ستكون ناقصة التمثيل لحجم المقاطعة التي ستلقاها هذه الانتخابات. إن التقدير الحقيقي لمستقبل نجاح الانتخابات المقرر إجراؤها عنوة وقسرا على الشعب الجزائري، قد لا تحل الأزمة السياسية بالجزائر، ولكن ستعمق حجم الاحتقان، مما قد يخرج المطالب من طبيعتها السلمية إلى إنضاج شروط بروز سلوكات عنيفة ودموية فيما بين المحتجين والجيش من شأنها تقويض الأمن والاستقرار في الجزائر والمنطقة. بالعودة إلى العلاقات المغربية الجزائرية، كيف ترى مستقبل هذه العلاقات بين البلدين على ضوء ما ستسفره نتائج الانتخابات الرئاسية؟ إنه من الصعوبة بمكان تقدير مستقبل العلاقات المغربية الجزائرية، لكل الاعتبارات السالفة. إلا أن المؤكد أن المغرب يتخذ حيادا مطلقا من ما يحصل داخل الجزائر. غير أنه يمكننا التأكيد على أن مستقبل العلاقات بين البلدين ستتأثر بما يفرزه الأحداث بالجزائر بنجاح الجيش باستعادة زمام السيطرة كسابق عهد أو بعد تغييرات جوهرية يمكن أن تطال نظام الحكم الجزائري. وحيث إن مقدمات الحراك ومهما تكن نهايته، فإنه بالتأكيد سيتطبع منطقا جديدا في علاقات المغرب بالجزائر إلا أن بقاء اعتبار المغرب منافسا إقليميا صلبا سيبقى جزء من العقيدة السياسية للنظام السياسي الجزائري. وأن تجاوز ذلك إلى منطق البراغماتية السياسية لما فيه مصلحة الشعوب المغربية قد يحتاج إلى مزيد من الوقت بسبب العثرة الذي ظل العسكر الجزائري يجعلها منها جوهر إيديولوجية استمراره. أما على مستوى نزاع الصحراء، فلا يعتقد تخلي الجزائر عن دعم جبهة البوليساريو إلى إذا استطاعت تحويل مآربها السياسية القديمة إلى أهداف براغماتية يمكن أن تفاوض بها المملكة المغربية لتطبيع شامل للعلاقات بين البلدين.