قمة بروكسيل.. هذا ما قاله الاتحاد الأوروبي عن علاقاته مع المغرب بعد قرار المحكمة    ناشط صحراوي ل"رسالة 24″: مقترح دي مستورا مبرر لانسحابه من هذه الوساطة أو الدفع إلى إقالته    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    حركة حماس تعلن مقتل قائدها يحيى السنوار        المنتخب المغربي يخوض مباراتين وديتين أمام تنزانيا والسنغال    في تقرير حديث للأرصاد.. 2023 الأكثر حرارة بالمغرب خلال 80 سنة الماضية    مراكش: افتتاح الدورة ال14 للمعرض الجهوي للكتاب    انفوجرافيك | سواء المبردة أو المجمدة.. "أونسا" تحدد الدول المسموح باستيراد اللحوم الحمراء منها    الدوري الممتاز لكرة السلة: قمة ساخنة بين الفتح واتحاد طنجة    ⁨انفوجرافيك | تدهور مستوى المعيشة للأسر المغربية خلال الفصل الثالث من 2024⁩    فتح تحقيق مع ضابط شرطة متهم باختلاس 40 مليون    التوترات الجيوسياسية تدفع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق    شفشاون تحتضن فعاليات مهرجان الضحك في نسخته الرابعة    تامسنا: عرض مسرحية "دوخة" للتحسيس بمرض السرطان    لواء سابق بالجيش الاسرائيلي: "قطيع من الحمقى يقود دولتنا نحو خطر يهدد وجودها"    توقيف 66 شخصا في عملية لمكافحة الإرهاب نسقها الإنتربول' في 14 دولة من بينها المغرب    استهلاك التبغ بين الشباب الأميركيين يسجل أدنى مستوى له منذ 25 عاما    سعر الذهب يتجاوز 2700 دولار للأونصة    غياب زياش أو حضوره في معسكر التدريب تتحكم فيها جاهزيته و قناعات المدرب    قيادي بحماس: لا يمكن القضاء على الحركة    كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)    السنة الثقافية 2024 .. مبادرة "قطر تقرأ" تقرب الأطفال من ثقافات البلدين    أرت'كوم سوب وكوم سوب تفتتح الحرم الجامعي الجديد في الدار البيضاء وتوقّع 14 شراكة استراتيجية    بعد طوفان الأقصى أي أفق لمقترح "حل الدولتين" ؟    غوتيريش يوصي بتمديد مهمة المينورسو في الصحراء المغربية..    الوطن أولا.. قبل ماذا؟    مطالب للحكومة بالارتقاء بحقوق النساء والوفاء بالتزاماتها    هل نحن في حاجة إلى أعداء النجاح؟    نسبة الفقر تقارب مائة في المائة في قطاع غزة بعد عام على بدء الحرب    ملامح العلاقة مع المغرب في ظل العهدة الثانية للرئيس الجزائري    المنتخب المغربي لكرة القدم يرتقي إلى المرتبة 13 عالميا    الهلال السعودي يكشف عن نوعية إصابة ياسين بونو    مجلس المستشارين يعلن أسماء أعضاء مكتبه ورؤساء اللجان الدائمة    هؤلاء هم أهم المرشحين لخلافة السنوار في قيادة حماس؟    مغربيان ضمن الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشرة    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    دي ميستورا يطرح على مجلس الأمن الدولي مشروعا لتقسيم الصحراء المغربية    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: في الحروب يقف الموت على الأبواب    ديميستورا المنحرف عن الشرعية و التجاوز غير المسبوق لكل القرارات الأممية    النجم حميد السرغيني والمخرج العالمي إدريس الروخ يشاركان بالفيلم السينمائي " الوترة" بالمهرجان الدولي للفيلم بطنجة    أمريكا: مقتل السنوار فرصة لنهاية الحرب    المديني: المثقفون العرب في فرنسا يتخوفون من إبداء التضامن مع قطاع غزة    الدولي المغربي رضا بلحيان محط اهتمام مجموعة من الأندية الأوروبية    "جائزة كتارا" للرواية تتوج مغربييْن    تسجيل أزيد من 42 ألف إصابة بجدري القردة بإفريقيا منذ مطلع 2024    توقيع اتفاقية شراكة لتطوير منطقة صناعية جديدة بالجرف الأصفر بقيمة 1.4 مليار درهم    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    ما الذي بقي أمام الجزائر؟    تحسن الوضعية الهيدرولوجية في 6 أحواض مائية يبشر ببداية جيدة للموسم الفلاحي    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    نقطة نظام .. النائبة البرلمانية النزهة اباكريم تطرح وضعية المواطنين بدون مأوى بجهة سوس    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كائنٌ مجازي في رُكْن التّعازي! (من رواية لم تبدأ ولم تكتمل)
نشر في العلم يوم 18 - 10 - 2024

افتتاحية ملحق "العلم الثقافي" ليوم الخميس 17 أكتوبر 2024
طاقة الخَيال عنْد مْسَلَّكْ لِيّامْ، أبْعد في رحلاتها مِنْ أنْ تُحَدَّ بأمْيال، لذلك تجدهُ في غالب التّفكير، ساهماً حالماً لا يَسمَعُ من الكلمات إلا آخرها، في غيبوبة محْمولا على أكْتافِ النّمْل كما لو يمْتطي ظهور الأفيال، لَمْ يكن يُخالط النّاس أو يُخالِطوه لِغرابته في الشّكل والهِنْدام، فَقُمصانٌ مُشجّرةٌ وسراويل تكنسُ الطُّرقات وأحذية معْقُوفة، كان لا يَحْفَلُ بما ينْتَظِمُ الآخرين في الحياةِ الاجتماعية، يراهم أشبه بشرائح تين مُجفّف في خيْطٍ من الدُّوم المَبْروم، يعْشق وهو على حافّة البحر اسْتِباق النِّهاياتِ بالغرق مع الشمس في مضجعها الأخير، ولا تهمُّهُ الغُربة في المكان الواحِد الآهِل ولو بلغ التمزُّقُ عن مُحيطه الأحشاء، دائما في ذهولٍ خارج الصَّفِّ، إلى أن جاء يوْمٌ واستردَّ الوعْي كأيِّ جنين انزلق للتّوِّ من الرحم، وها هو يصرخ مُرتطماً بجدار الحياة: يا إلهي إلى متى سأبقى في كلامي مُهَمْهِماً وفي تفكيري حالماً، يا لهذه اللغة العصِيّة التي لا يفهمها أحدٌ سواي، يا لهذا العالم الذي حَشرْتُ نفسي في قمْقُمه بعيدا عن الواقع، رُبّما يُوجد مثلي كثيرون، ولكنهم إمّا يُصَنَّفون حسب أكذوبة الطِّب النفْسي، في عِدادِ الفُصاميِّين، أو يرحمهم المُجتمع ببعض الإعتراف فيعتبرهم شُعراءً، ولم يَكَدْ مْسَلَّكْ لِيّامْ يهْجِس بالفكرة الأخيرة حتى نطَّ من مكانه وتمطّى كالكرة، ثم مدَّ يده للسماء كما لو يريد أنْ يتلقَّفَ تفاحة نيوتن، ولكنها تُفّاحة من فاكهة مُغايِرة، تجْعل من يقْضِمها يفقد الجاذبية عوض أن يكتشفها، لماذا تلقَّفْتَ يا مْسَلَّكْ لِيّامْ تُفّاحة الكتابة، أوَ ليْس فاكهة اللذة والمعرفة، ما طرد آدم من الجنّة، ها أنت اليوم بسببها تخْتبر الجحيم في الفردوس السُّفلي للحياة، وتصيح فرِحاً مأخوذا بالسكين: انظُروا إلى هشَاشَتي في ضُعْفها المُخْزي، تنقلِبُ إلى دِرْعٍ قوي، ولولا ذلك لم يقُل المجْنون هولدرلين: ما تبقّى يُؤسِّسه الشُّعراء !
انتبهَ مْسَلَّكْ لِيّامْ لمَلَكة الخيال التي تسْتلِبُه بِطيْشِها الأرْعَن، وقال إنّه يُمْكن الإسْتفادة مِمّا تقترحه من أوهام للناس، يكفي أن أحوِّلها إلى كلمات لا تخلو من دهشة، وها أنَا أجد مكانا يسع اختلافي أو نُشوزي في هذا العالم، لمْ يُضيِّعْ مْسَلَّكْ لِيّامْ الوقت، فاعتلى جليّاً كل أحْصِنة الكلمة الجامحة، ولَوّى بقوّةٍ قرون ثيرانها الجريحة في الساحة الكبرى لِجمْهرة المُعْجم، وما زال يُطوِّعها بما يتلاءم مع شَطْح خيالاته الأوْسع من سِرواله، ولكنّها لا تني تُطوِّحه كمنْ يريد التخلُّص من جِنّيٍ يتلبَّسه بالمقْلوب، حتى رأى أول قصيدة من حُرِّ قلمه أو ألمه، منشورةً في جريدة مع صورته الساخرة من العالم، ثم أخرى في مجلات بالمشرق والمغرب، ولم يبْق للكاتب، من فرط ما جَنّحهُ الزّهْوُ الكاذب، إلا أنْ يقول للشمس، اهبطي لأسخِّن على شَرف الفقْر المُدْقع بَرّاد شاي نُحاسي، أو أطْلعْ !
هكذا انجلتْ الكآبة بغشاوتها عن عَيْنَيْ مْسَلَّكْ لِيّامْ، واتَّسَعتْ جغرافيا الكتابة الأشبه في مفاتنها بتضاريس أنثى، فاسْتبدل الأقدام ليركض مَحْمُولا على أجنحة الشغف بالأقلام، خصوصاً حين قال رئيس الجريدة، ستُؤْجَرُ على قدْرِ ما تَنْشُر، فكان يتّخذُ من الليل دواةً يُسَوِّدُ بحبرها أوراق النهار، يا إلهي أين خيالاتي وما لها يوماً عن يومٍ في ضُمور كالورم، اللَّعْنة، لم أكُن أعلم أنه يمكن الزّجَّ حتى بالكتابة في مثل هذا الكدْحٍ الشّاق، وإلا فلن تتحصّلَ على مبْلغٍ مُحْترم !
كتب مْسَلَّكْ لِيّامْ المقالة والدراسة الأدبية وأدمن الترجمة سنوات، كتب رسائل الحُبِّ يُضمِّدها جريحاً في الأوراق، حذِراً من أن تُصاب مشاعره بالإملاق، فما أفْظَع أن تحيا بدون خيال، وما أٌقسى أن يفْقد المرء في النَّوم واليقظة قابِليّة الحُلْم، أليس من رحِم هذا الخيال تأتي الفكرة كما بالسّماد تنبتُ الزهرة، شعَرَ مْسَلَّكْ لِيّامْ بالفزع الأكبر، تحسّس رأسَه فوجدها من شدّةِ الصّلابة على أهبة أن تُخْرِج قرنين، أيْن المَاء الذي كان يتناثر من خصلاتي، هذا جزاء من يريد أن يُحوّل الكَلِم الذي لا يُباعُ ولا يُشترى، إلى دراهِم، أنا مَنْ كتب كل شيء وأعاد اللُّغة إلى سَرْمدها ليُجرِّب بلاغة المحْو، ودار مع طاحونة الصحافة، وهو يعلم أنّها لا ترْحَم بآلتها المُسنّنة قلوباً ضعيفة كأكياس الخيش، فإمّا أنْ تكون كأيِّ كائن مجازي، بأعْصاب فولاذية قابلة لإعادة تشكيل الأعْطاب النَّفسية دون رحِمْ، أو تنْقلب من كاتب إلى مَكتوبٍ عليه، ولكن مع صورة بالأبْيض والأسْود في رُكْن التّعازي !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.