صعود مكوكي وشخصية غير نمطية تمردت عن الوصفات الكلاسيكية للمعركة الانتخابية. هكذا وصفت جريدة "لوموند" الفرنسية المرشح المستقل للرئاسيات التونسية قيس سعيد الذي فجر مفاجأة من العيار الثقيل بتصدر نتائج الدور الأول من الانتخابات الرئاسية ببلاد ثورة الياسمين، مزيحا من الطريق العديد من الأسماء ذات الرصيد السياسي. وأفردت الجريدة الفرنسية مقالا عن أستاذ القانون الدستوري البالغ من العمر 63 عاما والذي كان لخبر تصدره انتخابات الرئاسة التونسية في دورها الأول بحصوله على 18.8 بالمئة من الأصوات صدى عالميا، حيث كتبت "لوموند" أن قيس سعيد، الذي لا يتوفر على انتماء سياسي ورفض التمويل العمومي الذي تمنحه الدولة للمرشحين للقيام بحملاتهم الانتخابية، وظف حالة الإحباط العام التي يحس بها الشعب التونسي تجاه الطبقة السياسية التقليدية للحصول على الدعم وشد المعجبين إليه. وأضافت الجريدة أن قيس سعيد، الذي لم يأخذه المحللون في البداية على محمل الجد، قام ببناء خطاب محافظ حول القضايا الاجتماعية حتى دفع هذا الأمر بالبعض إلى وصفه ب "السلفي"، مشيرة أن رؤية الخبير الدستوري تتمحور حول العداء لتغول الدولة المركزية وتقوية الدور الاجتماعي للدولة، وهو ما لاقى صدى لدى فئات واسعة من الشعب التونسي، ومنها الشباب. وكتبت الجريدة أن أستاذ القانون الدستوري دخل الحملة الانتخابية دون "ماكينة حزبية" كما لم يعقد أي اجتماعات أو مؤتمرات صحفية، ولم يستعن بأي فريق لإدارة حملته لرئاسيات تونس، واستعان بشبكة من المتطوعين الشباب، مضيفة أنه رغم ذلك فإنه لم يكن مجهولا لدى التونسيين الذين تعرفوا عليه من خلال مداخلاته التلفزيونية، والتي تناولت العديد من المواضيع ذات الطابع الدستوري ولا سيما بناء مؤسسات الدولة ما بعد الثورة، فضلا عن الكاريزما التي يتمتع بها وصوته العميق وقدرته على استعارة مفردات القانون لقول الحق ورؤيته الواضحة لمجموعة من الملفات، وهو ما شد إليه العديد من المناصرين. وتطرقت "لوموند" للمشروع الذي يحلم قيس سعيد بتحقيقه في تونس والمتمثل في دولة لا مركزية يجري فيها اتخاذ القرار من المستوى المحلي وليس انطلاقا من المركز، مع الأخذ بعين الاعتبار التحديات الاقتصادية والاجتماعية لكل مجلس محلي على حدة من أجل إنتاج نماذج تنموية تتوافق مع خصوصياتها في أفق تحقيق الهدف الأسمى وهو الرخاء الوطني.