تُعلّق على الدخول البرلماني المقبل الكثير من الرهانات التشريعية والاجتماعية والسياسية، ذلك أنه يأتي هذه السنة، في ظل عدد من التطورات والتغيرات التي يرتقب أن يشهدها المشهد السياسي الحالي، بعد الخطابين الملكيين الأخيرين لعيد العرش وذكرى ثورة الملك والشعب. وحمل الخطابان الملكيان توجيهات لمختلف الفعاليات الوطنية، من أجل مباشرة الاصلاح في إطار النموذج التنموي الجديد والجهوية الموسعة، فضلا عن الدعوة إلى تعديل حكومي وتجديد مناصب المسؤولية الإدارية. هذين الخطابين وخطابُ افتتاح الدورة التشريعية، يشكلان حسب المحلل السياسي، عمر الشرقاوي، "محددا ومؤطرا للدخول البرلماني المقبل". وأضاف الشرقاوي في تصريح لموقع القناة الثانية، أن الدخول البرلماني مرتبط بسيناريوهات التعديل الحكومي، ، وبشكل الحكومة المقبلة، من حيث طبيعة الأغلبية وبرنامجها، الذي يمكن على أساسه أن تبنى الأولويات والتي سيتم تنزيلها في أهم قانون، وهو قانون المالية، الذي يستهلك 70 في المئة من عمر الدورة التشريعية. من جهته اعتبر الباحث في العلوم السياسية، كريم عايش، أن الدخول البرلماني المقبل سيكون متميزا، "حيث ينتظر حدوث تغييرات هيكلية، على تشكيلة الحكومة وطرق اشتغالها مما يحتم ملاءمة قوانينها مع طبيعة مهامها ووفق خارطة الطريق الجديدة، التي وضعت سؤال التنمية ومعالجة إشكالاتها في قلب والنموذج التنموي ومتطلبات اللامركزية، التي نادى بها صاحب الجلالة في خطابه الأخير." "لا يمكن التكهن بالأجندة التشريعية للبرلمان في دورته المقبلة"، يصرح الشرقاوي، مضيفا: "من الصعب التنبؤ بأوليات حكومة لم تولد بعد وبالتالي يبقى الغموض في انتظار ما ستسفر عنه التشكيلة الحكومية الجديدة، غير أن هناك قضايا تتجاوز الحكومة وتتعلق باستكمال التنزيل الدستوري، ذلك أن هناك ثلاث قوانين تنظيمية ما تزال عالقة بالبرلمان، وهي المتعلقة، باستكمال هيئات دستورية أخرى، كمجلس المنافسة ومجلس العمل الجمعوي ومجلس الأسرة والطفولة، وعدد من القضايا الأخرى." في ذات السياق، شدد عايش أن "هناك رهانات مهمة تواجه البرلمان المغربي للنهوض بأدواره وممارسة مهامه الرقابية والتشريعية على أكمل وجه، وحتى يتمكن من مواكبة الوتيرة المتسارعة للمجتمع والمشاريع الكبرى التي ستقبل عليها بلادنا". يشار أن البرلمان يعقد جلساته أثناء دورتين في السنة، ويرأس جلالة الملك افتتاح الدورة الأولى، التي تبتدئ يوم الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، وتُفتتح الدورة الثانية يوم الجمعة الثانية من شهر أبريل. وإذا استمرت جلسات البرلمان أربعة أشهر على الأقل في كل دورة، جاز ختم الدورة بمرسوم. كما يمكن جمع البرلمان في دورة استثنائية، إما بمرسوم، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، أو بأغلبية أعضاء مجلس المستشارين. ويعقد البرلمان جلسات مشتركة بمجلسيه، وعلى وجه الخصوص، في الحالات التالية، افتتاح جلالة الملك للدورة التشريعية في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، والاستماع إلى الخطب الملكية الموجهة للبرلمان والمصادقة على مراجعة الدستور وفق أحكام الفصل 174و الاستماع إلى التصريحات، التي يقدمها رئيس الحكومة وعرض مشروع قانون المالية السنوي والاستماع إلى رؤساء الدول والحكومات الأجنبية.