في ظل أزمة الخبز التي تهدد الجزائر بمزيد من الاضطرابات والقلاقل، وفي ظل الفشل الذريع للدبلوماسية الجزائرية التي لم تصمد أمام قوة الحضور المغربي لوقف تمرير مقترح الولاياتالمتحدةالأمريكية القاضي بتوسيع صلاحيات "مينورسو"، لم تجد بعض وسائل الإعلام الجزائرية والمرتبطة مباشرة بالمخابرات العسكرية لنظام بوتفليقة سوى نشر مغالطات، وتلفيق الأكاذيب ومحاولة إظهار المغرب بصورة عكس تلك التي تمكن من خلقها على مدى أكثر من عقد من الزمن ومنحته احترام وتقدير كل المنتظم الدولي، وذلك بفضل الحضور القوي للملك محمد السادس الذي قدم صورة الملك القريب من الشعب، والتي أثارت الرعب في نفوس النظام الجزائري. هذا الإعلام الجزائري المنغلق على نفسه، والبعيد كل البعد عن معطيات الواقع، ظل على الدوام ينهل من تقارير ورسائل يبعثها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر علي أنوزلا الذي وصفه حميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال بالخائن لبلده، ومع أن العلاقة الوطيدة التي تربط أنوزلا بالمخابرات الجزائرية لم تعد خافية على أحد، إلا أنها اكتست في الآونة الأخيرة بعدا خطيرا، لكونه تحول إلى شاهد عيان بالنسبة لهذه المخابرات ولإعلامها، بل الأخطر من ذلك أنه أجر موقعه الإلكتروني لضرب مصالح المغرب بشكل يتناغم مع مصالح النظام الجزائري الذي يعاني من شيخوخة مزمنة، انعكست سلبا على الحياة الاجتماعية للشعب الجزائري الذي يعاني فقرا مدقعا ووصل مرحلة متقدمة من الخطورة. والظاهر أن كثيرا من الصحافة الجزائرية التي تعيش من مساعدات النظام وعائدات البترول والغاز، وعلى اعتبار أنها لا تملك أي معطيات مدققة حول المغرب فإنها تلجأ إلى خدمات أنوزلا، الذي لا يتأخر في تنفيذ أوامر أولياء نعمته، أكثر من ذلك أن هذه الصحافة تسعى إلى تصدير خطاب الأزمة، من قبيل ما نقلته مجلة "لوكريي دالجيري" التي زعمت في أحد مقالاتها المغلوطة أن المغرب يتجه إلى أزمة سياسية غير مسبوقة، ولأن هذا النوع من الصحافة يعتمد الإشاعة والإثارة، فقد كانت كل المعلومات التي استقتها مغلوطة وكاذبة وملفقة، حيث قالت إن الأوساط الديمقراطية في المغرب متذمرة بسبب غياب الملك محمد السادس عن الاجتماع الأخير الذي عقد في الديوان الملكي لبحث تداعيات المقترح الأمريكي، ومع أننا لا نعرف هذه الأوساط الديمقراطية التي اعتمدت عليها الصحيفة الجزائرية، والتي لن تكون سوى أنوزلا ومن معه، فإن ما ساقته يوضح بجلاء حقيقة ادعاءات هذه الأطراف التي لم تستسغ حتى الآن الصفعة التي تلقتها الدبلوماسية الجزائرية، ليس فقط بسبب تحرك الحكومة أو الأحزاب، ولكن في المقام الأول بفضل التحركات الأخيرة للملك محمد السادس الذي كان حاضرا في كل المشاورات التي جرت، من خلال التعليمات التي كان يصدرها، والاتصالات التي أجراها، وبطبيعة الحال هذا العمل الجبار لا يمكن أن تعاينه الصحافة الجزائرية ومن يقف وراءها، ببساطة لأنها كانت مزهوة بما اعتبرته مكسبا، والذي ظهر في الأخير أنه مجرد وهم عاشته الجزائر وصنيعتها، وتأكد أنه مجرد فرقعة في الهواء. لقد أظهرت الدبلوماسية المغربية التي يقودها الملك محمد السادس، أنها قادرة على التحرك بفعالية نادرة كلما تعلق الأمر بالسيادة المغربية، وهي الدبلوماسية التي قدمت الدليل على أنها دبلوماسية مرنة تتعامل مع الأحداث بحسب أهميتها، وتتواصل بشكل احترافي لا مجال فيه للتدافع المصلحي الضيق، مادام أن الأمر يتعلق بالوحدة الوطنية التي تشهد إجماعا بين كل مكونات المجتمع اللهم بعض الاستثناءات التي لا يمكن أن تغير من الأمر الواقع شيئا.