في الصورة علي أنوزلا مدير نشر " الجريدة الأولى" نشرت صحيفة مغربية خبرا ورد فيه أن الملك محمد السادس مصاب بمرض مختلف عن ذلك الذي تحدث عنه البيان الملكي الرسمي، ونشرت صحيفة إلكترونية اسبانية واسعة الانتشار الخبر نفسه. "" الصحيفة المغربية هي الجريدة الأولى المستقلة، والاسبانية هي إمبرسيال. لكن الفرق أن الجريدة المغربية تتعرض لمتابعة أمنية وقضائية، ويوجد مديرها علي أنوزلا رفقة صحافية من طاقمها هي بشرى الضو في ضيافة الشرطة والمخابرات منذ الاربعاء، بينما لم تتعرض الصحيفة الاسبانية الإسبانية لأي نوع من المضايقة أو المتابعة، الأمر الذي يبرز التناقض الحاصل في تعاطي سلطات الرباط مع الصحافة المحلية والأجنبية. وكان بيان ملكي صدر الأسبوع الماضي تحدث عن اصابة الملك بفيروس روتا وحاجته لنقاهة مدتها خمسة أيام. وقد خلق اهتماما كبيرا في المغرب بحكم أنها المرة الأولى التي يصدر فيها القصر بيانا يتحدث عن مرض الماسك بزمام مختلف الصلاحيات السياسية والدينية في البلاد. وهكذا بدأ فريق من المغاربة يدعو للملك بالشفاء وفريق آخر بدأ يقرأ بشغف حول هذا الفيروس. ولأول مرة في تاريخ المغرب يصبح الناس على دراية بالفيروسات، بينما وجد فريق ثالث نفسه مغلوبا بالفضول، ويتعلق الأمر بقبيلة الصحافيين، حيث تصدر الخبر عناوين الصحف اليومية والأسبوعية. وكعادتها، لم تقصر الصحافة المستقلة في تناول ما ورد في البيان الرسمي واجتهدت في البحث عما تعتبرها الأسباب الحقيقية لمرض الملك وتحدثت عن مرض آخر ربما أصيب به الملك غير الفيروس الشهير روتافيروس. وكانت الجريدة الأولى قد قدمت معطيات مختلفة حول المرض اعتبرتها سبقا. لكن الزميل أنوزلا نسي شيئا اسمه سيف دومقليس المعلق على رؤوس الصحافيين المستقلين في المغرب. وكما كان متوقعا، صدر بيان الأسبوع الجاري يعلن المتابعة القضائية في حق أنوزلا والصحافية بشرى الضو لخرقهما الضوء الأحمر المتعلق بالقصر. وأكد أعضاء من هيئة تحرير الجريدة الأولى لالقدس العربي أن المدير أنوزلا وزميلته الضو ما يزالان، الى غاية مساء أمس الخميس، في ضيافة الأمن المغربي. وكان الخبر الرئيسي في الصفحة الأولى من عدد الجمعة بالجريدة الأولى عن استمرار التحقيق مع الصحيفة وعن أن مصير أنوزلا والضو ما زال مجهولا. والمثير أن خبر إصابة الملك نشرته الصحيفة الالكترونية الإسبانية إمبرسيال وجرائد أخرى، لكن لا مدير هذه الجريدة أنسون ولا الصحافي صاحب الخبر بيدرو كاناليس (الخبير في العلاقات الثنائية بين مدريدوالرباط) استدعي لمقر أمني، لا في الرباط ولا في مدريد لاستفسارهما حول مصادرهما. وكتب بيدرو كاناليس يوم 28 غشت الماضي أن محمد السادس يعاني من مرض مزمن ناتج عن مضاعفات تشريح طبي كان خاطئا. وفشلت القدس العربي ظهر أمس الخميس في الاتصال بعلي أنوزلا لأن هاتفه المحمول بدوره كان مغلقا في ضيافة الشرطة، بينما أسف بيدرو كاناليس لما لحق بزميليه. وقال الذكاء السياسي كان يتطلب بيانا للرد فقط بدل هذا السيرك الاعلامي الذي قامت به السلطات المغربية. وكان كاناليس قد كتب السنة الماضية مقالا حول صحة الملك وقال انه أجرى عملية جراحية، فرد القصر الملكي ببيان تكذيب لكن من بدون متابعة قضائية. وقال كاناليس يبدو أن هناك مزاجين للقصر الملكي في تعامله مع الصحافة، مزاجاً غربياً يتجلى في إصدار بيان توضيحي وتكذيبي عندما يتعلق بوسائل إعلام غربية كما حصل معي السنة الماضية، ومزاجاً عربياً يتجلى في الملاحقة والاعتقال كما يجري مع أنوزلا وبشرى الضو. وكحل لهذه المتابعات يقترح كاناليس مازحا أن يغير الصحافيون المغاربة أسماءهم بأخرى غربية، وبهذا يصبح علي أنوزلا بول آنو وبشرى الضو ماريا ضو، وقتها، كما قال، ستتعامل معهم عقلية النظام وكأنهم غربيون. ويبدو أن الزميل جمال بودومة الذي يعمل في الجريدة نفسها قد أدرك هذا الأمر فقرر أن يمضي بعض مقالاته باسم فرنسي هو لولوش الى جانب جمال. فعل هذا عساه يدوّخ بوصلة الأمن المغربي بين جمال ولولوش. *( القدس العربي)