انطلقت اليوم الجمعة برحاب المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بأكادير، فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان المهاجر"ألمكار ن إموذا"، الذي تنظمه على مدى ثلاثة أيام جمعية الباحثين في الهجرة والتنمية المستدامة بتعاون مع عدد من الشركاء تحت شعار "نظرات متقاطعة حول مفهوم الاندماج".وشدد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد محمد الصبار، في افتتاح هذا اللقاء، على أهمية التطرق إلى موضوع الهجرة وسياقاتها ومقاصدها وتعدد أغراضها وما عرفته من تحولات عميقة في السياق المغربي، الذي انتقل من بلد مصدر إلى بلد عبور واستقرار الموجات من المهاجرين من مختلف الأقطار. وأبرز أن أجيال المهاجرين المغاربة ساهمت في انفتاح المغرب على العالم وسرعت من وتيرة التغييرات الاجتماعية ولعبت دورا مركزيا في التنمية المحلية من خلال تحويلاتها المالية نحو قراها وبلداتها الأصلية، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي وما واكبها من صعود اليمين المتطرف والعنصرية جعلت بعض بلدان الاتحاد تنهج سياسات صارمة وضغوطات متزايدة على البلدان المصدرة للهجرة في غياب سياسة موحدة لبلدان شمال إفريقيا. وأوضح أن المغرب، الذي كان سباقا إلى بلورة سياسة للهجرة مكنت من ترسيخ ارتباط المغاربة بوطنهم الأم، كان أول بلد عربي وإفريقي يبادر إلى إطلاق عملية واسعة لتسوية أوضاع المهاجرين المقيمين فوق أراضيه بشكل غير قانوني، مؤكدا أن هذه العملية استجابت لما مجموعه 18 ألف طلب من أصل 27 ألف ملف. وأشاد في هذا السياق ببروز وعي جديد بقضايا الهجرة والاندماج كما يترجمه الاهتمام الإعلامي بهذه القضايا وانخراط هيئات المجتمع المدني وتنظيم عدد من المنتديات والملتقيات الوطنية والدولية وتوالي الأبحاث والدراسات المهتمة بما تطرحه هذه الظاهرة من تحديات وإشكالات. وأضاف أنه، بالرغم من الجهود المبذولة، "مازال أمامنا طريق طويل و معقد لما تطرحه قضايا الهجرة من تحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية في منطقة ملتهبة"، مشددا على دور وأهمية التعاون الدولي، أمام محدودية الموارد، لمعالجة تحديات الهجرة والاندماج ضمن مقاربة إنسانية متكاملة تقطع مع أسباب الإقصاء والتهميش. وتتميز هذه الدورة من مهرجان المهاجر، التي تنظم بشراكة مع المرصد الجهوي للهجرات والمجال والمجتمعات وجامعة ابن زهر بأكادير وبدعم من وزارة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بمشاركة خبراء دوليين في مجال الهجرة من مختلف البلدان التي راكمت تجربة مهمة في مجال الهجرة، لاسيما من فرنسا وإسبانيا وبلجيكا وهولندا وكندا، فضلا عن الخبراء المغاربة. وتمثل هذه التظاهرة، بحسب المنظمين، مناسبة لمجموعة من المنظمات غير الحكومية وعدد من الجمعيات الوطنية والأجنبية، التي تشتغل على موضوع الهجرة عامة والاندماج بصفة خاصة، لتقاسم التجارب والخروج بتوصيات من شأنها أن تشكل خارطة طريق للمساهمة في تسهيل اندماج المهاجرين في المجتمع المغربي. ويتضمن برنامج هذه النسخة سلسلة من الندوات والورشات واللقاءات العلمية وتنظيم عدد من الأنشطة الاجتماعية والرياضية وتقديم مجموعة من الأعمال والمؤلفات التي اشتغلت على موضوع الهجرة، فضلا عن عرض أفلام وثائقية وتكريم بعض الفعاليات التي أعطت ومازالت تعطي الكثير في مجال الهجرة. واعتبر المنظمون أن تنظيم هذه الدورة يأتي في ظرفية خاصة لكونها تنعقد بعد التسوية القانونية لأوضاع الأجانب المقيمين بالمغرب التي امتدت إلى نهاية سنة 2014، والتي تميزت بتبني المملكة لسياسة جديدة في مجال الهجرة واللجوء، مع ما يطرحه هذا الملف من تحديات كبرى تتمثل بالأساس في إدماج الأجانب في المجتمع المغربي. يشار إلى أن الدورة الأولى لهذا المهرجان نظمت بإقليمتارودانت تحت شعار "نظرات متقاطعة حول الهجرات المغربية"، فيما احتضن إقليم أشتوكة آيت باها النسخة الثانية تحت شعار "قرن من الهجرات المغربية 1912/2012".