في الوقت الذي فضل فيه الجميع التزام الصمت إزاء تحركات قوات الجيش وانتشارها في مختلف المدن المغربية، تحسبا لخطر "إرهابي" قد يستهدف التراب الوطني، قال حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي، إنه "حق لنا أن نعتز بحالة الاستقرار والأمان التي نتفيأ ظلالها، والتي جنبت شبابنا مجاورة الدبابات في الشوارع والطرقات، وأعفتنا من إدمان رؤية الدماء والأشلاء، هذه الحالة التي ولدت من رحم اختيارات إرادية داخليا وخارجيا". وأضاف البيجيدي في كلمة نشرها اليوم على موقعه الالكيروني، أن "اختيار المغرب لنهج الانفتاح ومنطق الاستيعاب بدل القطيعة وسياسة اليد الغليظة، جنّب البلد الولوغ في بركة اللاستقرار الآسن ماؤها، الملبَّد أُفقها بغَيم المجهول ومآلات الجحيم، والتي تكلف بلدان محيطنا الإقليمي فاتورة غالية يؤديها المواطن من دمه وقُوته وأمنه وأمانه". وأكد حزب رئيس الحكومة، أن "هذه الاختيارات وفرت للنموذج المغربي تميزه، ومكنته من إشعاع دولي، ترجم اقتصاديا الى جاذبية مضطردة للاستثمار، وسياسيا بالتقدير المتزايد الذي يحظى به المغرب من مختلف الدوائر والمحافل الدولية، كواحة للاستقرار في صحراء إقليمية موغلة في الاضطراب". واعتبر أن "الاستقرار الذي ينعم به المغاربة اليوم مدين فيه لتضافر مؤسسات البلد ونخبها، وحرصها جميعا على حماية أمنه والدفاع عن انسياب الحياة الطبيعية في مفاصل الدولة والمجتمع على حد سواء، فلئن كانت الدولة بشكل إرادي قد انحازت الى منطق التعايش والقبول والاعتراف المتبادل وتدبير الصراع بمنطق التدافع الديمقراطي فإن النخب أفراداً ومؤسسات حسموا منذ أمد خياراتهم بشكل نهائي، وتكوَّن لديهم إجماع على نبذ العنف، والتماس التغيير بطرق سلمية، وأن حصاد سنوات من الصراع الدموي أحيانا على السلطة لم يكن إلا سرابا، ويأسا قاتلا". وشدد على أن "هؤلاء جميعهم اليوم مطالبون بحماية هذه المكتسبات والتصدي لأي جهة تحاول العبث باستقرار البلد، وإن الركون الى دفئ الاستثناء، والانتشاء بفضيلة الأمن لا يجب أن ينسينا أننا محسودون على ما نحن فيه، وأن فاجعة 16 ماي التي حلت بنا على حين غفلة، يجب أن توقظ في دواخلنا بواعث اليقظة وتنتج لدينا حالة التأهب الفكري أولا لصيانة مشتركنا الجماعي القائم على التعايش والقبول المتبادل، وثانيا لاستحضار حجم التربص ببلادنا والذي تزداد مخاطره بوجود تخمة في وسائط التواصل مما يجعل فضاءنا التداولي وخصوصا بين فئة الشباب مستباحا ومخترقا من طرف جماعات العنف وخطابات الدم والتطرف". وأشار إلى أن "وزير الداخلية سبق وأن دقّ ناقوس الخطر وهو يجيب عن أسئلة النواب ويعرض أرقاما مهولة لحجم توغل خطاب التطرف في البنية الشبابية لبلدنا تفصح عنها أرقام الملتحقين بجبهات القتال ضمن الجماعات المسلحة، واليوم كل المؤشرات تؤكد أننا لسنا بمنأى عن الاستهداف الإرهابي والذي يستلزم يقظة أمنية وتأهبا دائما، كما أنه يستدعي مقاربة شمولية يحضر فيها الاجتماعي والتربوي والثقافي بقوة".