نحن هنا لنطهر أنفسنا من الأرواح الشريرة" تقول مدام خياط، وهي أحد المشاركين في موسم سيدي علي بن حمدوش، الذي تتعايش فيه الشعائر الإسلامية والممارسات والمعتقدات الشعبية والشعوذة. ويقام هذا المهرجان السنوي ذو الطابع الصوفي في بلدة مغرسين على بعد بضع عشرات الكيلومترات من مدينة مكناس المغربية. ويأتي المريدون الصوفيون لإحياء ذكرى هذا الشيخ الذي كان من أعلام التصوف في القرن ال19، والذي يتناقل الناس أخبار كراماته وعجائبه. وإضافة إلى هذا الشيخ القادم من سورية، حسب الروايات، يكرم المريدون الصوفيون ذكرى لالا عائشة، التي يقال إنها كانت ابنة ملك السودان قبل أن تصبح "ولية من أولياء الله". حج للخلاص من الأرواح وتقول مدام خياط وهي سيدة ستينية من مدينة فاس إن هذا المهرجان "نوع من أنواع الحج". وتوضح "يقصد المسلمون مدينة مكة حيث الحج السنوي الذي يطهرهم من خطاياهم، أما هنا فإنهم يأتون للتطهر من الأرواح الشريرة". ويلقى هذا الرأي معارضة في صفوف الكثيرين من المسلمين الذين يرفضون أن يكون للإنسان واسطة بينه وبين الله لتطهيره. وتقول خياط "كثير من الناس يرون أن هذا الأمر همجي...حتى أن زوجي لا يحبذ أن آتي إلى هنا، لكني أغافله وآتي". ويتضمن المهرجان ممارسات وطقوسا غريبة الأطوار تنطوي على شعوذة وذبح حيوانات ورقص صوفي. ويقول عالم الاجتماع عزيز حلاوة إن طقوس المهرجان تتضمن ذبح ثور وديَكة سوداء بهدف "تهدئة الأرواح الغاضبة". ووسط حلقة من المريدين، يكسر رجل صحنا من الفخار على رأسه، بينما تشعل النساء الشموع وعيدان البخور في مغارة لالا عائشة، طلبا للمدد. وفي المساء، يجتمع المريدون بأعداد كبيرة في جلسات للتأمل، وبعد ساعات من الإنشاد الصوفي، يهز أحد المريدين رأسه بقوة ثم يسقط مغشيا عليه على الأرض، بينما يتردد بعض رواد المهرجان على قارئات الطالع لاستشارتهن حول مستقبلهم العاطفي مقابل بعض القطع النقدية. في السنوات الأخيرة، أثار مهرجان سيدي علي الكثير من الجدل في المجتمع المغربي، لاسيما بسبب جذبه للكثير من المثليين الجنسيين في البلاد. ويساهم في ذلك ما تردده القصص الشعبية من أن لالا عائشة تحولت إلى رجل عندما حاول أحد الرجال اغتصابها. 86 في المئة يؤمنون بالأرواح في المغرب، ينتشر الإيمان بقدرات "الأرواح" بين الكثير من الناس، ولا يقتصر ذلك على الطبقات الفقيرة منهم فقط. ففي دراسة أعدتها مجموعة من الخبراء الأميركيين عام 2012، تبين أن 86 في المئة من السكان يؤمنون بتأثير الأرواح. وبموازاة ذلك، تنتشر الطرق الصوفية في المغرب منذ مئات السنين، لكنها شهدت ازدهارا بتشجيع من الملك محمد السادس، حسب عالم الاجتماع حلاوة. وعام 2002 عين أحمد توفيق وزيرا للشؤون الدينية، وهو معروف بقربه من الطرق الصوفية. ويعرف عن الصوفيين بشكل عام بأنهم يدعون إلى إسلام "معتدل ومتسامح"، وينتقدون التشدد الديني.