“ها هي جات، ها هي جات، لا لا عيشة مولات الواد” (لقد جاءت، لقد جاءت، السيدة عائشة صاحبة الوادي).. بينما انشغل الآلاف من زوار مولد “سيدي علي بن حمدوش” بضواحي مدينة مكناس المغربية (وسط) بترديد هذه الأهزوجة، انشغلت قوات الأمن المغربية من جهتها بالعمل على الحيلولة دون تدفق مئات الشواذ جنسيا على المولد الذي يمثل فرصة ملائمة للقاءاتهم. واعتقلت قوات الأمن في الفترة ما بين يومي 7 و14 مارس الجاري 25 شاذا حاولوا الوصول للمولد الذي يقام سنويا احتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف، ووضعتهم داخل مدرسة قروية بانتظار ترحيلهم لسجن مكناس للتحقيق، كما صدت السلطات أكثر من 17 شاذا خلال اليوم الأول للمولد جاءوا من الدارالبيضاء، وأجبرتهم على العودة، بحسب مصادر أمنية. ووضعت السلطات 6 حواجز أمنية في الطريق المؤدية إلى الضريح المقام في قرية لا يتجاوز تعداد سكانها 4 آلاف شخص وهي “جماعة المغاصين” بمكناس، وأوضح شهود عيان ل”إسلام أون لاين.نت” أن “الأمن لا يكتفي بالاطلاع على أوراق صاحب السيارة، بل يدققون في ملامح الركاب، ويفتشون أغراضهم؛ لاعتراض أي مشتبه بتعاطيه الشذوذ”. وفضلا عن مراقبة الطرق، تقوم قوات الأمن بحملات تفتيش على منازل القرية التي تشتبه باحتضانها للشواذ الذين استطاعوا الوصول إلى الضريح من خلال سلوك طرق فرعية لا تخضع لمراقبة الأمن. ويجرم القانون المغربي الشذوذ وفق باب انتهاك الآداب في الفرع السادس من القانون الجنائي الذي ينص في مادته 489 على أنه “يعاقب من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 200 إلى 1000 درهم مغربي (20 – 100 دولار) لمن ارتكب فعلا من أفعال الشذوذ الجنسي مع شخص من جنسه”. احتياج روحاني وجنسي!! “قضية مركبة يمتزج فيها الطقس الروحي بما هو جنسي محض”.. بهذه الكلمات علق الاختصاصي الاجتماعي محمد العيطوني على ظاهرة تدفق الشواذ جنسيا بالمغرب على موالد الأولياء موضحا: “إنهم كباقي المغاربة الذين يحجون إلى الأضرحة والأولياء، فهم أولا وأخيرا يبحثون عن نوع من الاستقرار الروحي والبركة العاطفية التي قد تعوضهم نفسيا عن الحرمان الذي يعيشونه وسط مجتمع لا يعترف بهم”. وأضاف في تصريحات لإسلام أون لاين: “وهم بهذا يحصلون داخل هذه الملتقيات الشعبية على نوع من الاعتراف المجتمعي من خلال ممارستهم لكافة الطقوس التي يمارسها الآخرون من ذبح للأضحية، ونثر للبخور، والاغتسال في حفرة لالا عيشة”، وهي غرفة ضيقة صغيرة توجد تحت الضريح. واستدرك: “لكن مما لا شك فيه أنه إضافة إلى العوامل السابقة، فالمكان الذي هو الضريح، والزمان الذي يرتبط بموسم يحضره الآلاف، يشكل فرصة سانحة لممارسة الدعارة بنوعيها الشاذ والعادي، والحصول على عائد مادي كبير؛ نظرا لكثرة الزوار”. وتابع: “ومن المهم الإشارة هنا إلى أن مواسم الأضرحة التي يحضرها الشواذ في عدد من المدن المغربية تكون فرصة لتعارف بعضهم ببعض، وهذه مسألة حيوية بالنسبة لهم؛ لكونهم يشعرون بنوع من الغربة داخل المجتمع المغربي الذي يرفضهم”. وكان رئيس جمعية تهتم بشئون الشواذ بالمغرب قد فجر ما يشبه القنبلة في الأوساط المغربية خلال حوار مطول أجرته معه صحيفة مغربية قبل أكثر من أسبوع؛ حيث كشف عن تلقي جمعيته دعما من جانب أحزاب وجمعيات حقوقية، وبعثات دبلوماسية أجنبية في المغرب، مشيرا إلى أن الشواذ منتشرون وسط حقول الإعلام، والمجتمع المدني والسياسي المغربي، وهو ما لاقى انتقادات من جانب حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي. “بن حمدوش” ويحضر مولد “بن حمدوش” سنويا إلى جانب الشواذ وفتيات الليل عدد كبير من العرافين والعرافات، الذين يستغلون المناسبة التي تدر عليهم ربحا وفيرا، كما يعتبر الجزارون وبائعو الماشية أكثر المستفيدين من المولد؛ إذ يحرص آلاف الزوار على تقديم القرابين بالضريح، والتي قد تكون ثورا، أو دجاجة -بحسب القدرة الشرائية للزائر- وذلك ل”الحصول على البركة، والتخلص من أعمال السحر والحسد والشعوذة”، وفق اعتقادهم. ومن طقوس زيارة الضريح التي تعد شرطا لنيل البركة: إشعال الشموع، وتقديم القربان، ثم الاغتسال داخل ما يسمى بحفرة “لالا عيشة” الموجودة تحت الضريح بماء “العين الكبيرة” التي يعتقد أتباع الطريقة الحمدوشية أن “الشيخ علي بن حمدوش توضأ منها، وكانت سببا في نيل الآلاف للبركة والرزق”. بيد أن تصريحات المسئولين المحليين تؤكد أن “ماء العين الكبيرة ليس إلا ماء صنابير المكتب الوطني للماء الصالح للشرب”، الذي يعد الجهة الرسمية المشرفة في البلاد على توزيع المياه، وتبقى الحضرة (الزار) من أهم الطقوس التي يحرص زوار الضريح على ممارستها. ويذكر أتباع الطريقة الحمدوشية أن الشيخ بن حمدوش هو “خريج جامعة القرويين بمدينة فاس التي تعتبر أقدم جامعة في العالم (أسست عام 245 للهجرة على يد فاطمة الفهرية أم البنين)، وقد حفظ القرآن، وأصبح من العلماء الزاهدين الذين يتبرك بهم طلبة العلم”. أما “لالا عيشة” فيروى أن “الشيخ علي بن حمدوش لما عزم الزواج أحضر له أحد أتباعه الذي كان في زيارة للسودان سيدة من هناك أعجبته أخلاقها، وعندما حضر بها إلى المغرب الأقصى فوجئ أن الشيخ توفي أعزب، فبقيت العروس تبكي على قبره حتى حصلت لها البركة، وصارت-بحسب معتقداتهم- رمزا للفتيات طالبات الزواج”. ويتفادى غالبية المشرفين على الطريقة الحمدوشية حاليا الحديث عن مسألة “عزوبية الشيخ”، التي يثير النقاش بشأنها غضبهم؛ لكونها تحرم البعض مما يدعيه من انتماء لنسل الشيخ الذي مات أعزب. وينتقد علماء بالمغرب الكثير من المظاهر التي تشوب احتفالات الزوايا بالمناسبات الدينية، خاصة ما يتعلق منها بتقديس الشيخ، ومحاولات التبرك به، مبرزين أن مثل هذه المظاهر تخالف ما جاء به الإسلام الحنيف. إسلام أونلاين.نت