قد لا يكون العائد الاقتصادي أولوية للحكومات عند التوجه لتقديم الخدمات العامة والتجارية المختلفة إلكترونيا تحت مظلة برنامج ''الحكومة الالكترونية'' أو ما أطلق عليه في السعودية برنامج التعاملات الحكومية الالكترونية ''يسّر''. بالطبع عادة ما يكون الهدف الأساس تحسين تقديم الخدمات للمجتمع بتسهيل الإجراءات وتسريعها، وضبط التعاملات ودقتها، والاهتمام بحفظ واسترجاع المعلومات بآلية تحقق لجميع الأطراف حقوقهم، كل حسب دوره وموقعه في هذه المنظومة. لكن الجانب الذي يراعى من قبل مقدم الخدمة، ويهم المستفيد ألا تتأثر أعماله ومعيشته بأي سبب هو ما يتعلق بالتكاليف أو سوء إدارة أو تعثر في التنفيذ. فإذا ماذا كان ما تم إنفاقه وقضاء الوقت فيه يقود إلى نتائج أفضل في مستوى تقديم جميع الخدمات كضخ الأموال للقيام بتغيير آلية التعامل والتفاعل مع القطاعات المختلفة في كيان الدولة، فالنتيجة لا بد أن تحقق الفوائد النظرية التي حصرت في الدراسات والتقارير العلمية وغير العلمية، ولا بد أن تعوض النتائج الوقت المستغرق والجهد المبذول لتنفيذ هذا البرنامج. فهل التقييم المرحلي يثبت ذلك؟ أترك هذا للقائمين على المشروع، فالقادم يحتاج منا إلى أن نتعاون في فتح آفاق أخرى تجدد النشاط وتسرع الأداء وتحسن المخرجات. لا شك في أننا الآن في مرحلة اللاعودة، خصوصا وأن الاستراتيجية وخططها التنفيذية أصبحت ثلاثة أعوام قريبة من خط النهاية؛ ما يؤكد أن سيرنا للوصول للمرحلة الحالية كان نتيجة تخطيط جيد ومتابعة للمدخلات والمخرجات عن قرب. كما أن مقالات عدة تضمنت الحديث عن الميكنة والتنظيم، ثم التشريع والإنفاق. المحتوى المعرفي واقتصاديات المعرفة تحت مظلة ''اقتصاد المحتوى = Content Economy'' ما زال موضوعا حديثا إذا ما قورن بالتقنية وتطويرها على سبيل المثال. الحديث عن هذا الموضوع يمكن أن يؤدي إلى تطوير الفكر الاستثماري ويفتح مجالات في الخدمة لها منظور جديد ومستقبل مزدهر، وقد يكون أيضا سببا في التأخير أو التعطيل على الرغم من توافر الموارد المالية والبشرية. وبالتالي قد تستمر مرحلة تطبيق النظامين الورقي والإلكتروني في مرحلة ال Hybrid Stage وترسم بذلك نهاية ضبابية للمشروع، وعندها نكرس لمفاهيمنا القديمة في تنفيذ المشاريع. المقالات التي نشرت لي في هذه الصحيفة الموقرة عن الاهتمام بالمعرفة والمعلومات والمحتوى اقتصاديا منذ عام 2007 وحتى هذا العام 2013 تزيد على خمس مقالات، وبعضها من جزءين، وما نشر قبل ذلك كان مقدمة لها. اقتصاد المحتوى أصبح الآن واقعا تتنافس فيه الدول وتبدع بعد أن بدأ تغيير نمط أداء الأعمال وطريقة التواصل مع الآخرين خدميا أو اجتماعيا. فمثلا لو نظرنا إليها من زاوية الخدمات المقدمة للغرف التجارية والشركات الحكومية والقطاع الخاص عموما لبدأنا نكوّن مفهوما جديدا في سوقنا الاقتصادية الذي سبقتنا إليه الأسواق العالمية في أنحاء العالم. فالحصول على بعض التقارير والدراسات الدقيقة والمحتوية على معلومات مفيدة يمكن أن تفيد في الدراسات العامة والخاصة الكبيرة والمحدودة إذا ما سُعرت وثُمنت من وقت إلى آخر وقدمت للحصول عليها من قبل رجال الأعمال، فهم سيستفيدون في تطير أعمالهم والجهاز الحكومي سيغطي تكاليف إعداد هذه المادة والعائد يمكن استخدامه في تطوير التقنية والدراسات الناتجة من هذا التعامل. كما أن الدارسين والباحثين والمطورين سيكون لهم شأن في تحليل السوق والدخول فيها. ومن الأمثلة أيضا إذا ما قامت شركات السياحة المرخصة والمعتمدة بالتواصل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار والحصول من الموقع على تراخيص جديدة، إضافة إلى حقوق التواجد في مواقع معينة للتسويق والنشر عن السياحة في المملكة وبالأرقام، وذلك بمقابل مادي محسوب بعناية فقد لا تحتاج الهيئة إلى أن تتواجد بذاتها في كل مدينة ولا موقعها على كل البيانات بقدر ما تحتاج لوضع التقارير والأهداف المحققة. هنا تسرع الإجراءات وتصل الرسالة وينتقل مفهوم الخدمة المباشرة إلى غير المباشرة. في مسألة تمكين التقنيات في مجال الأعمال، وحديثنا هنا عن برنامج التعاملات الحكومية الإلكترونية، أسهب الاقتصاديون في التسعينيات بأبحاث عدة عن تطبيق الحكومات للتقنية واستخدامها في تحسين الإنتاجية، سواء عبر البرمجيات المختلفة أو تطوير المهارات والعمليات المتصلة بها. فمثلا بإيجاد تطبيقات تفاعلية تقوم بخدمة الزائر أو العميل آنيا أو مستقبلا يمكن للجهة الحكومية في نطاق G2B أن تحتسب تكاليف التطوير والتشغيل وتحقق رغبات المستثمرين والمستفيدين بشكل مباشر وغير مباشر، وتتحقق التنمية في الاستثمارية عن طريق الخدمة المطورة والمجودة. في هيئة الغذاء والدواء إجراء بعض التحاليل والرد على الاستفسارات لها قيمة سوقية وكذلك نشر التعاميم والقرارات والتقارير وتوفير الدراسات وتحسين التواصل مع المجتمع تثقيفيا عن طريق قنواتها مع الجهات الأخرى في نطاق خدمة ال G2G وتطوير المحتوى فيها. في هذا المجال التوظيف وتطوير المهارات سيكون محطة ذات قيمة عالية ليتنا نكرّس الجهود فيها. ولكن لنهتم بالتقدم في نطاق الخدمة G2C بكل عناية واهتمام فما زلنا في الاتجاه الواحد والتحرك في الاتجاه الآخر يعني تحميل الأفراد تكاليف مقابل ذلك؛ ما يعرض المشروع لكثير من التأخير، بل التشويه. لذلك حبذا لو تم العلاج بعيدا عن المبالغة في سقف الأسعار والمردود المالي المبالغ فيه. لا شك في أن المهتمين والمختصين قرؤوا تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2012 وتقارير أخرى مشابهة، وظهر تحرك تصنيف الدول بناءً على التنافسية والإبداع. فمن إبداعاتنا في هذا المشروع هل يمكن أن يكون لنا بين الدول العشر الأولى في القدرة التنافسية أو الإبداع موقع في التقرير القادم أو الذي يليه؟