انقسامات بسبب مسودة اتفاق في كوب 29 لا تفي بمطالب مالية طموحة للدول النامية    نزار بركة: تعبئة شاملة لحزب الاستقلال من أجل الوطن والمواطن    طقس الأحد: أجواء حارة نسبيا ورياح بعدد من الجهات    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران        اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أسباب الطلاق البائن بين العدليين و20 فبرار في ندوة الرهان

حذر عبد الحميد الحداد، القيادي البارز في صفوف حركة 20 فبراير تنسيقية القنيطرة، جماعة العدل والإحسان من لجوئها إلى تحريض الشعب المغربي ضد المشاركة في مسيرات الحركة.
وقال الحداد، المستشار في مجال التنمية المحلية، في ندوة بعنوان:" حركة 20فبراير الأزمة والآفاق"، نظمتها أسبوعية "الرهان"، في مقرها بالرباط، صباح يوم السبت 24 دجنبر الجاري، إن الجماعة بدأت في "حركة تسخينية" لشن هجوم على حركة 20 فبراير، وهو ما عبر عنه تصريح الناطق الرسمي للجماعة فتح الله أرسلان، ليومية "أخبار اليوم"، في عددها الصادر، يومي، السبت الأحد 24 25 الجاري، حين قال إن "استمرار حركة 20فبراير، وبهذه الشاكلة يقدم أكبر خدمة للفساد والاستبداد".
واستغرب الحداد، بشدة، من هذا التصريح، الذي وصفه ب"غير الديمقراطي والتقليدي"، والذي يعكس "فهما ومنطقا غريبا". وقال فيه بتهكم ساخر: "أنا في حركة 20 فبراير فهي تحارب الفساد والاستبداد، أنا خارج حركة 20 فبراير فهي تدعم الفساد والاستبداد وتغطي عنه".
كما انتقد القيادي "الفبرايري" ذاته، وهو،عضو الكتابة الوطنية للخيار اليساري الديمقراطي القاعدي، ما صاحب "بيان" الجماعة على موقعها الإلكتروني من تفسير ودعاية، معتبرا "إصدار بيان لهيئة سياسية من الحركة مغالطة كبيرة وتظليل للرأي العام، لأن انخراط العدل والإحسان كان انخراطا لشباب ومناضلين في 20 فبراير أما الجماعة فقد كانت منخرطة في مجالس الدعم". يقول الحداد، الذي أضاف في ذات السياق:"نحن ننشط في 20 فبراير ولم نتحدث يوما في جمع عام عن هوياتنا السياسية بل نتحدث بناء على الأرضيات وقائمة المطالب، التي طرحتها الحركة، وأي التزام خارج ذلك هناك قنوات لتصريفه في الإطارات الداعمة، إذن من أراد أن يقول الانسحاب أو التوقيف، عليه أن يكون صريحا مع المغاربة ومع حركة 20 فبراير وأن يقول بالحرف: أنسحب من ماذا؟" يتساءل الحداد.
ونفى "القائد الفبرايري" بتنسيقية القنيطرة، عنصر المفاجأة عن خطوة توقيف الجماعة لأنشطتها بالحركة، "لأن وثائق وأرضيات حركة 20 فبراير المنتمية للمشروع الليبرالي، تتناقض بشكل صارخ والمشروع السياسي للجماعة ذو الأفق الديني الشمولي متمثلا في نظام الخلافة". وقال الحداد إن "ما فاجئني هو التوقيت والسرعة التي سيق بها الموقف، أما التوقيف بشكل عام فكان واردا ومتوقعا".
ورفض نفس المتحدث، أن يغلف موقف توقيف الجماعة لأنشطتها بأي منطق كان، في إشارة إلى ما جاء في بيان الجماعة حول "أفق الحركة" و"اشتراطات مكوناتها". وأشار المتدخل إلى أن هناك منفعة في إطار "المشروع الأصولي العام، كما لا ننسى" يقول الحداد" المناخ "الأصولي" الحالي وصعود الحركات الإسلامية في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط والذي يدخل في إطار الحسابات الإستراتيجية للمشروع الأصولي.. وهناك ضوء أخضر.. وتنقل القرضاوي من قطر إلى قطر.. والتوجيه الإعلامي.. وصعود العدالة والتنمية في المغرب..، فمهما كان حجم الاختلاف في صفوف المكونات الحركة الإسلامية ( بين العدل والإحسان والعدالة والتنمية) فطبيعي في إطار التوجيه الإستراتيجي العام ومنفعة وخدمة المشروع "الأصولي" الكبير أن تؤمن جماعة الشيخ ياسين للعدالة والتنمية مساحة للاشتغال".
الدكتور سعد بوعشرين، الباحث في مجال الحكامة والتدبير العمومي، قال من جانبه، إن هناك بوادر إرساء معادلات جديدة للتوازن والاستقرار في الدولة، و"العدل والإحسان" دائما تريد أن تكون الرقم الصعب في أي معادلة، وهي (الجماعة) تعي كل الوعي بأن 20 فبراير، بالنسبة لها ما هي إلا "عنوان: شرارة.. رد فعل تلقائي على الربيع العربي، هي ليست تنظيما".
"فالتحول في أدوار الفاعلين الإستراتيجيين في الدولة: زعيم حزب سياسي تحول إلى مستشار للملك.. فاعل إسلامي كان في المعارضة اليوم يترأس الحكومة.. يمكن أن يخدم الجماعة. أعتقد أن الجماعة تعيش هذا المنعطف وهي تتجه نحو محاولة قراءة السياق بمستجداته وبما يخدم الجماعة. وحتى لا تتمأزق فهي تأخذ مسافة لأنها تقرأ بان هناك تحولات في استراتيجيات الفاعلين الأساسيين في الساحة السياسية"، يقول بوعشرين.
ولم يضخم الخبير الإستراتيجي والباحث في الحكامة، من انسحاب الجماعة من الحركة، وقال بأن توقيف الجماعة لأنشطتها لا يشكل وحده المفاجئة، مشيرا إلى أن ما وقع على مدار العشرة أشهر المنصرمة يشكل رزمة من المفاجآت : فمن واقع سياسي قبل 20 فبراير، فيه حزب دولة مهيمن، متجه نحو قيادة كل مفاصل الشأن العام في المغرب.. مصحوب بموجة ترحال سياسية قوية جدا منحته الهيمنة على مؤسسات استراتيجية؛ كالبرلمان بمجلسيه، بعد أن هيمن على الحكومة وقبلها على مجال الباطرونا، إلى سيناريو آخر معاكس للأول ب360درجة: انفتاح على الإسلاميين .. ترأس الحكومة من طرف بنكيران وتشكيلها في أجواء من الحرية وعدم التدخل.. دستور جديد ينظم العلاقة بين الفاعلين الإستراتيجيين هذه الحالة هي ما تعني بالنسبة إلي مفاجأة".
كما اعتبر بوعشرين، انسحاب الجماعة من حركة 20 فبراير، نوعا من تبسيط لمعادلة الحراك بشكل عام، وتبسيط كذلك لمعادلة التوازن والاستقرار في الدولة".
فحركة 20 فبراير، حسب ذات المتحدث، "هي فقط عنوان يتم توظيفه كفاعل في التوازنات الإستراتيجية. وانسحاب الجماعة ينتمي إلى هذا المنطق.. كما أن وجود بعض عناصر حركة 20 فبراير كمؤتمرين في الحزب الاشتراكي الموحد، هو في حد ذاته توظيف لعنوان 20 فبراير"، يوضح بوعشرين.
وقال الخبير الإستراتيجي ذاته، إن الوضع السياسي الراهن، وفهم خطوة الجماعة من حركة 20 فبراير، يقتضي منا طرح بعض الأسئلة الضرورية: هل الجماعة في سياق تحول أم استمرارية؟ أي موقع إستراتيجي للعدل والإحسان ضمن معادلة التوازن والاستقرار في الدولة؟ هل تستطيع العدل والإحسان أن تتجه نحو خيار خلخلة معادلة التوازن والاستقرار في اتجاه خلق ما يسمى بشروط انهيار الدولة؟ أم هل تستطيع العدل والإحسان أن تدبر الهدف الإستراتيجي الذي تعلنه في أهدافها عبر مراحل؟ أم هل ستتجه العدل والإحسان نحو تعديل أفقها الإستراتيجي في الدولة؟ يتساءل بوعشرين.
وقال بوعشرين إن الجماعة أخلفت موعدها مع التاريخ في ثلاث محطات مهمة 1998 2006 2011، لأن أفقها هو القومة وإحداث الثورة العارمة بما تعنيه: سقوط النظام وصعود نظام سياسي إسلامي شمولي قوامه "الخلافة".
فشروط الربيع العربي، يقول بوعشرين، وضعت الجماعة أمام خيارين: إما تطوير آليات الاشتغال والبحث والإستعاب، أو التقهقر والرجوع إلى الوراء: "إذن هل هو سياق تحول أم استمرارية" يتساءل بوعشرين ثم يجيب:"الجماعة ومن خلال رصد أدائها داخل حراك 20 فبراير، ولا حتى خارج نطاقه، لم تستطع تقديم إجابات، فعندما تنخرط الجماعة في حراك 20 فبراير فهي تعلن ضمنيا انه "سياق تحول"، ولكن عندما يخرج بيان انسحابها بمبررات مثل "الأفق ليس هو الأفق الذي نريد .. هم يريدون الملكية البرلمانية ونحن نريد القومة إذا هنا الجماعة في سياق استمرارية". يوضح بوعشرين.
كما عاب ذات المتحدث، على الجماعة ضعفها في التواصل مع الفاعلين بشكل عام، "فلا يمكن لجماعة عمرها أكثر من ثلاثين سنة ولا تجد حتى تقريرا سنويا عنها، "فإذا أردت التواصل مع الجماعة فعليك بالضرورة العودة لكتب عبد السلام ياسين أو رصد الأداء السياسي لها في الساحة وهذا غير كاف للتواصل مع الجماعة". يقول بوعشرين، مضيفا أن هناك "خلل استراتيجي لدى الجماعة في التواصل مع عناصر الساحة السياسية".
من جانبه لم يفاجئ إدريس عدة، الكاتب العام للنقابة الوطنية للقطاع الفلاحي، والقيادي البارز في حركة 20فبراير تنسيقية القنيطرة، من انسحاب الجماعة من الحركة، بعد أن فشلت في الركوب عليها.
وقال عدة، إن جماعة الشيخ ياسين عانت من شدة محاولاتها التماهي مع وثائق وخيارات حركة 20 فبراير، وخاصة مطلبها المركزي والمتمثل أساسا في خيار "الدولة المدنية"، كما أن الجماعة يضيف عدة، وجدت صعوبات في تدبير مشاكلها وعاشت قلقا شديدا، بين انخراطها في زخم الحركة وعلاقتها بشعارات حركة 20 فبراير، كل هذا أصبح يهدد "لحمة الجماعة ذاتها بالانشطار".
وحول ما راج في أكثر من مناسبة بخصوص تنسيق الجماعة مع حزب النهج الديمقراطي، لم يخف القيادي بذات الحزب، في القنيطرة، امتعاضه الشديد من ذلك، وقال إن من يتحدث عن تنسيق بين الجماعة وحزبه إما جاهل أو ل"حاجة في نفس يعقوب"، لان التنسيق، يوضح ذات المتحدث : "له شروطه ويحتاج إلى أرضية مشتركة وتصور مشترك ومعلن وهذا لم يحصل أبدا، كما أن التنسيق يتطلب نوعا من التقارب، والكل يعرف حجم التنافر الإيديولوجي والفكري بين الجماعة والنهج الديمقراطي".
وزاد عدة : "عندما نزلنا إلى حركة 20 فبراير وجدنا مجموعة من المكونات داخلها، منها جماعة العدل والإحسان، فكان أمامنا خياران: إما أن نترك الحركة تسير بما حملت، وبالتالي لا أحد كان سيتوقع اتجاهها لاقدر الله، وإما سنبقى في حركة 20 فبراير متشبثين بأرضيتها ومطالبها، فاخترنا الخيار الثاني، وهذا ألزمنا موضوعيا بالعمل الميداني مع الجماعة بما تفرضه شروط العمل الميداني من أمور لا تتجاوز ما هو تقني".
أما المهندس والمحلل السياسي عبد الرحيم السين، فقد وجد للجماعة من الأعذار ما يكفي للانسحاب.
وقال السين، إن العدل والإحسان لم تجد نفسها داخل الحركة، وشأنها شأن أي مكون آخر بشكل طبيعي، إذا لم يجد نفسه ومصلحته قد ينسحب".
واعتبر السين، ماجاء به "بيان" الجماعة حول دواعي توقيف نشاطها من داخل الحركة " منطقيا وصحيحا"، لان العدل والإحسان، بحسب نفس المتحدث، لها نزوعات الهيمنة في الساحة السياسية والإعلامية وفي الساحة الميدانية. فالجماعة حسب السين، انسحبت لسببين: واحد معلن مرتبط بضيقها من أفق الحركة، ومناوشات المكونات الأخرى لها، والثاني متعلق بطبيعة الجماعة المحكومة دائما بهاجس الهيمنة في الساحة السياسية والإعلامية وفي الساحة الميدانية "كما شاهدنا في الجامعات الطلابية". وأضاف المتحدث في ندوة "الرهان" قائلا: "مادام اليسار داخل حركة 20 فبراير، قد حرم العدل والإحسان من تحقيق هذا الطموح والنزوع و فرملها وفرض عليها إديولوجية لا تتوافق معها، كان طبيعيا ومتوقعا في أي لحظة وهي التي تدربت على ضبط النفس أن تخرج من الحركة"، يقول السين، ثم زاد "العدل والإحسان كانت تراهن على الزخم الشعبي و تطور الاحتجاج لتحقيق مكتسبات اكبر، الشئ الذي لم يتحقق، فكان طبيعيا أن تبحث عن إستراتيجية جديدة".
وحول سؤال تقدمت به "الرهان" بخصوص الهجوم الذي كانت تواجهه الجماعة داخل الحركة، خاصة حين يتم وصفها بوجه"الاستبداد الأصولي" الموازي ل"الاستبداد المخزني" من طرف حلفاء ميدانيين وتداعيات كل ذلك على حركة 20 فبراير. اعتبر مناضل النهج الديمقراطي إدريس عدة: "ذلك من الأخطاء التي ارتكبت داخل حركة 20 فبراير"، مشيرا إلى أنه كانت هناك مواقف تحاول "عزل جماعة العدل والإحسان عن حركة 20 فبراير، ليس لاعتبارات مرتبطة بالأرضية أو الإيديولوجية، وإنما محاصرة جميع المكونات والخطوط السياسية الراديكالية"يقول عدة، مضيفا "الصراع كان بين خطوط إصلاحية" ( ربما يقصد الحزب الاشتراكي الموحد والطليعة) "وأخرى راديكالية" ( النهج الديمقراطي والعدل والإحسان).
بدوره لم يخف عبد الحميد الحداد، الدور "السلبي" الذي لعبه نقاش "الاشتراطات" والوضوح السياسي في تأزيم الحركة، وقال "نعم بالفعل هذا ساهم في فرملة الحركة على الأقل في إبراز التناقضات الثانوية بين مختلف التنظيمات السياسية في الوقت الذي كان غير مطلوب أصلا مثل هذا النقاش، الذي يعتبر فضاءه الطبيعي مجالس الدعم أو أي فضاء ومجال آخر وليس داخل حركة 20 فبراير.
وحول مسار الحراك في المغرب، وعدم اقتفائه لآثار الثورات العربية الأخرى، قال الحداد "لن أقول لك إننا عشنا التحول أو الانتقال الديمقراطي ولكن القائمين على تدبير القرار السياسي ، بالاستعانة بالاستشارات الدولية التي هي طبيعية بالنظر لترابط المصالح مع القوى الإمبريالية استطاعوا إلى حد ما فرملة عجلة الحراك" مضيفا أن الأوضاع في تونس ومصر تختلف عن المغرب لأنه في تونس كانت دائرة المتضررين من فاعلين في الحقل السياسي أكثر، ولا أقصد المواطنين، كما أنه في مصر الحزب الحاكم حصد 97 في المائة من المقاعد البرلمانية ولم يترك أي فرصة للمعارضة فكان طبيعيا نتيجة الثورة التونسية وتداعياتها أن يسير الحراك المصري في اتجاه مختلف عما عشناه في المغرب".
وعما إذا كان تراجع زخم الحركة، وانحباسها النسبي في المغرب مرتبط بطبيعة الأسئلة التي طرحت ومدى شرعيتها وأولويتها، نفى الحداد، ذلك الأمر، معتبرا المطالب التي رفعتها الحركة لها راهنيتها، وتعكس مستوى الصراع السياسي في المغرب "فالمغاربة في حاجة إلى الديمقراطية والكرامة والعدالة والاجتماعية ومحاربة الاستبداد والفساد" يقول الحداد، ثم أضاف "ربما ما فرمل الحركة ليس طبيعة الأسئلة وإنما هو طريقة طرحها وتدبيرها، كما لا ننسى أننا كنا أمام خصم شرس وظف جميع الإمكانيات من مناورة وإرشاء اجتماعي وقمع، وأقولها لك بصدق عندما خرجنا إلى الشارع مع حركة 20 فبراير، لم نكن نعلم هل سنعود أم لا، لأن اللحظة كانت مفاجئة للجميع وكنا نرى الأنظمة تسقط تباعا، وبالتالي لم نكن نعلم هل ستكتب لنا الحياة من جديد أم لن تكتب، لم تكن هناك مظاهر للعسكرة "وشعلت العافية هنا وهنا والمخزن كان يتحمل مسؤولية كبيرة في داكشي الناس كانوا هابطين معانا بشكل منظم محابسية ولهم أهداف واضطررنا في بعض اللحظات أن ننام في الأرض كي نوقف المد لأننا وجدنا أنفسنا أمام رهان حقيقي: تريد التظاهر ("المخزن" يتحدث على لسان الحداد) هو لك ديه كله وغادي نجي نجمعك"، يقول الحداد، مضيفا: "ثم جاء الانتقال إلى الخطة الثانية "اليسار و الإسلاميين وما سمي بالزواج الكاثوليكي" ونظمت حملة إعلامية شرسة لتشويه صورة الحركة، وقد حبكت الخطة بدقة من طرف الأعداء، وللأسف لم يتم اللعب بدقة من طرف الجهة الثانية أي 20 فبراير والداعمين لها بل تم التركيز على الخلافات الثانوية والاختلاف حول الإستراتيجيات والأفاق".
في حين يرى السين، أن من بين العوامل الأساسية التي لعبت دورا سلبيا في الحراك المغربي هو الإعلام، فجزء مما وقع في تونس ومصر يرتبط بما تدبره قطر في علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أنه "لو كانت الجزيرة قد غطت الحدث المغربي بشكل مهني و أبرزت عناصر حركة 20 فبراير سواء مستقلة آو مرتبطة بتنظيمات لكانت المعادلة اليوم في صورة أخرى"، ولهذا فالنظام المغربي، بشكل مبكر، فهم دور الإعلام فكانت صفقة مباشرة مع النظام القطري المرتبط بالولايات المتحدة الأمريكية بعدم المساس بالملكيات" يقول السين ثم يضيف:" تصور لو أن النهج الديمقراطي نزل بما له من قوة وأنصار والعدل الإحسان كذلك بكل ثقلها الاجتماعي والسياسي والحزب الاشتراكي والطليعة بما يملكان من جهد وقوة والنقابات كلها، كان طبيعي أن ينزل الشعب، ولكن حسابات الفاعلين "وشد لي نقطعليك" ونقاش الأرضيات هي ما أزمت الحركة".
بينما عزا بوعشرين، سبب عدم التحاق بعض الطبقات الاجتماعية بحركة 20 فبراير وخاصة الطبقة الوسطى في انحصار الحركة في حدود العنوان والفكرة وعدم انتقالها إلى مستوى المشروع والتنظيم. وقال بوعشرين إن الخطأ الذي ارتكب هو أن الكل اعتقد أن أقسى ما نطمح إليه هو النزول إلى الشارع".
وردا على سؤال ل"الرهان" حول نقاش بعض الحريات الفردية ( الإفطار العلني في رمضان، المثليون) وما إذا كان له من تداعيات سلبية على مصير حركة فبراير، نفى إدريس عدة، أن يكون ذلك النقاش قد أثير يوما داخل الجموعات العامة للحركة، وبأن الأمر لم يتعد تصريحات لرموز وقيادات صنعها الإعلام من أجل "تبخيس الحركة" و"تقديمها بشكل كاريكاتوري في طار إستراتيجية الإساءة للحركة" فكان التركيز على بعض الأصوات التي تشكل نشازا داخل الحركة ولا تمثل إلا نفسها". يقول عدة.
وجواب عن نفس السؤال قال الحداد: إن نقاش الحريات الفردية كان سابقا عن ميلاد حركة 20 فبراير، غير أنه وفي إطار "إستراتيجية التظليل الإعلامي وعملية ضبط التوتر تم إحياء النقاش وتوظيفه من طرف أجهزة الدولة المكلفة بهذه الإستراتيجية في اتجاه يسيء للحركة". وأضاف الحداد: "نقاش الإفطار العلني في رمضان وحقوق المثليين صنعة إعلامية مخزنية للتشويش على كفاح الحركة ضد الإستبداد، قد نختلف معهم في تقدير وطريقة طرح المسألة لكن القضية تدخل في إطار حقوق الإنسان".
وبصرف النظر عما تكون عليه الحركة، اليوم، فإن الأخيرة، بحسب مناضل النهج الديمقراطي إدريس عدة، قد حققت مكاسب كبيرة ليس أقلها اختزال الزمن السياسي على الأقل 12 سنة، حيث يقول نفس المصدر الأخير، "لا أحد كان يشكك في أن يكون الهمة رئيسا على الأقل للحكومتين القادمتين إضافة إلى حرق ورقة مهمة في يد النظام وهي الإسلاميين التي كان يعول عليها في المستقبل".
وقال عدة، إن الحراك سيعرف انتعاشة قوية في المستقبل بفعل التحاق وجوه جديدة وفئات مقصية من المجتمع.
نفس الطموح والأمل يحدو الحداد، الذي قال بان مستقبل الحركة في المغرب سيكون واعدا، برغم كل ما يمكن أن يقال عن 20فبراير من مآخذات فإنها تبقى علامة فارقة في التاريخ السياسي المغربي نظرا للمكاسب السياسية الكبيرة التي حققتها.
وقال الحداد إن حركة 20 فبراير ستنتعش وتتطور مستقبلا لأنه طالما هناك أزمة اجتماعية وفقراء ومعطلين ومقصيين فسيكون هناك احتجاج سواء كانت هناك هيئات سياسية أم لم تكن.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.