عملية شد الحبل بين القاضي الإسباني بالتسار كارثون و مجموعات اليمين المتشدد لا تزال مستمرة و الظاهر أنها أخذت منحا جديدا في الأيام الأخيرة. فبعد محاولات مستميتة من اليمين الإسباني لوقف جهود القاضي كارثون و عرقلة كل محاولات التحقيق في الحرب الأهلية، بإثارة دعاوى قضائية متعددة و متباينة من طرف مجموعات مثل الأيادي النظيفة، و الفلانج اتهمت القاضي بالتعسف و إصدار قرارات يعلم مسبقا ظلميتها، في إشارة إلى تناقض القاضي حسب رأيها حين ادعى الاختصاص في النظر في جرائم الحرب الأهلية الإسبانية ثم تراجعه و تصريحه بأن اختصاص التحري في هذه الجرائم يعود إلى المحاكم المحلية. لكن مثل هذه التهم كانت تجد دائماً طريقها إلى الأرشفة حيث تدخلت النيابة العامة لصالح القاضي و طوت مسطرة التقاضي, لكن الجديد اليوم هو أن الغرفة الجنائية في المحكمة العليا قبلت الدعوى المرفوعة ضد بالتسار كارثون، و المتعلقة بمداخيل كان قد تقاضاها مقابل زيارات تدريسية قام بها بين سنوات 2005 و 2006 إلى جامعة نيويورك و لم يصرح بها لمصلحة الضرائب. الجديد في الأمر هو أن قبول الدعوى من طرف هذه الغرفة، سيجرد كارثون من إمكانية ممارسته لمهامه خلال فترة ليست باليسيرة، كإجراء عادي يترتب عن متابعة أي قاض من طرف المحكمة العليا كما ينص القانون المنظم للسلطة القضائية. و هو الأمر الذي سيعد في حد ذاته نصراً مهما للمجموعات اليمينية الإسبانية على قاض طالما أزعجها. وجدير بالإشارة أن القاضي في المحكمة العليا لوسيانو فارلا كان قد رفض إلغاء الدعوة المقامة ضد كارثون من طرف النقابة اليمينية الأيادي النظيفة و جمعية الحرية و الهوية، و الفلانج الإسبانية حول القرارات القضائية المتخذة من طرف كارثون في ملف الحرب الأهلية، و هو ما يعني أن كارثون سيتابع بقضيتين منفصلتين. لكن السؤال الذي يفرض نفسه في مثل هذه الظروف هو مدى مشروعية و ملائمة تحقيق القاضي في مسائل و قضايا جرت حلقاتها خارج المجال السيادي الإسباني مثل الدعوى التي رفعتها جمعيات إسبانية مساندة لجبهة البوليساريو ضد عدد من المسؤولين المغاربة متهمة إياهم بارتكام جرائم حرب بالصحراء في وقت يعجز فيه عن التعامل مع قضايا أساسية و مركزية في عقر بلده في حجم التحقيق في جرائم الحرب الأهلية الإسبانية و التي كانت سؤالا تنبغي مناولته كجزء من مسلسل الانتقال الديمقراطي الإسباني.