باريس – العربية.نت، الرباط – عادل الزبيري تشهد الأوضاع الأمنية في مدينة مليلية التي تحتلها إسبانيا في الساحل الشمالي الشرقي للمغرب، توترا بعد احتجاجات نشبت خلال اليومين الماضيين في ضواحٍ معظم سكانها مسلمون من أصل مغربي وانتفضوا بسبب عدم ضم عدد منهم إلى قوائم خطة للعمل أعدتها حكومة المدينة لتوفر للعاطلين عن العمل فرصا يعملون فيها لستة أشهر على الأقل، بحسب ما راجعته “العربية.نت” مما تناقلته وسائل إعلام إسبانية. وفي تطور لاحق، طالبت اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة سلطات مدينة مليلية بالإفراج عن المعتقلين. وتشمل الخطة، المثيرة للجدل، توفير العمل لمن وضعهم العائلي صعب جدا، وهو ما سبق وأعلنته مفوضية الحكومة المليلية في بداية العام الحالي حين قالت إنها تنوي وضع خطة جديدة تضمن تأمين العمل لأكثر من 4 آلاف شخص، فانتعش بالأمل من لا يعملون وعددهم يزيد على 10 آلاف، أي تقريبا 15% من سكان مليلية البالغين 70 ألف نسمة، بينهم 40 ألف مسلم أصولهم مغربية. ووجد بعض هؤلاء أن اللوائح الجديدة استبعدتهم في ما تم قبول إسبان غير مسلمين، وهو ما أشعل شرارة الفلتان الأمني في المدينة منذ الثلاثاء الماضي، خصوصا في الضاحية الأشد فقرا، وهي “هيدون” المعروفة بلقب “هيدون الموت” ذات الأغلبية المسلمة. وكانت قوى نقابية في المدينة ضغطت على حكومتها لتكشف عن القوائم بأسماء المحظوظين، فتبين أن هناك عائلات كاملة تم قبولها، وقريبا سيتسلم أفرادها وظائفهم، بينما بقيت عائلات أخرى من دون أي دخل ومعظمها مسلمة شعرت بالتمييز الواضح عبر حصولها على الفتات وسط تفشي البطالة بين أفرادها، فتحولت مليلية على إثرها إلى ما يشبه مدينة “أم الفحم” في مناطق 48 الفلسطينية. لذلك اشتعل فتيل الاحتجاج حيث أصيب شرطي إسباني بجرح في وجهه من حجر طائش تطاير نحوه وسالت منه الدماء وسط قيام عشرات الشبان بحرق الحاويات في الشارع الرئيسي، بل سمعت زخات من الرصاص أطلقها بعض الغاضبين في الهواء ثم لاذوا بالفرار. وجرت اضطرابات أخرى في حي بالمدينة يدعى”كبريريساس” حيث ذكرت وكالة “افي” الإسبانية للأنباء أن المحتجين الغاضبين قاموا برشق رجال الشرطة الإسبانية بالحجارة، كما رشقوا منزل الدكتور مصطفى أبرشان، وهو زعيم “حزب التجمع من أجل مليلية” الذي يمثل مسلميها وأحرقوا سيارته، لاتهامه من قبل المحتجين بأنه على تواطؤ مع الحكومة المحلية ضد المطالب الاجتماعية لسكان الأحياء والضواحي الفقيرة المكتظة بمسلمي مليلية من أصل مغربي. وتطورت الأحداث بسرعة أكثر بعد ظهر أمس الأربعاء، إلى درجة أن قنابل مولوتوف حارقة استخدمها المحتجون ضد رجال الشرطة الذين ذكر موقع “إنفو مليلية” الإخباري عن مفوض الحكومة المحلية، غريغوريو اسكوبار، أنهم اعتقلوا 8 من المحتجين، وأنهم تصدوا للبقية بأكثر من 200 عنصر مزودين بكافة أنواع العتاد لصد “أعنف انتفاضة للموروس المغاربة في مليلية” وفق تعبير “إنفو مليلية” الإخباري. ويتفاءل المراقبون لأوضاع مليلية بزيارة ستقوم بها وزيرة الخارجية الإسبانية الجديدة، ترينيداد خيمينث، للمغرب الأسبوع المقبل، وهي الأولى إلى الخارج منذ تسلمها قبل أسبوع حقيبة الخارجية خلفا لميغيل أنخيل موراتينوس، فخلالها قد تتوصل إلى حلول مع المغرب للوضع المتأزم بالمدينة، كما يتم البحث بتجديد اتفاق للصيد بين البلدين سينتهي بعد 5 أشهر. وتتمتع مليلية التي احتلتها إسبانيا بعد سقوط مملكة غرناطة قبل أكثر من 500 عام بحكم ذاتي، وهي صغيرة بالكاد مساحتها 12 كيلومترا وسكانها 60 ألفا، ومحاطة منذ 12 سنة بسياج إلكتروني لمنع التسلل ارتفاعه أكثر من 6 أمتار وطوله متعرجا 8 كيلو مترات. مطالبات بالإفراج عن المعتقلين وقد أصدرت اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة، وهي منظمة غير حكومية مغربية، بيانا اليوم، كشفت فيه أن مدينة مليلية الخاضعة للسلطات الإسبانية، في الشمال المغربي، تشهد منذ الثلاثاء الماضي “انتفاضة شعبية” ضد السلطات الاستعمارية الإسبانية، حيث انطلقت شرارتها من طرف شبان مليليين مسلمين مغاربة، خرجوا للاحتجاج على السياسات العنصرية الإسبانية اتجاههم في مجال الشغل. وكشفت اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة، التي تشتغل على الملف عن قرب، بشكل رسمي أن المئات من المغاربة الرافضين “للإقصاء والتهميش” الذي يعيشونه في بلدهم المحتل، اشتبكوا في مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال التي قدمت من إسبانيا لتعزز وتساند القوات المتواجدة أصلا بالمدينةالمحتلة، وهذه المواجهات، بحسب المنظمة الحقوقية المغربية، أسفرت عن اعتقال العديد من مغاربة مليلية وإصابة آخرين بجروح متفاوتة. وعبرت اللجنة الوطنية للمطالبة بتحرير سبتة ومليلية والثغور المحتلة، التي تنشط في مدن الشمال المغربي، عن متابعتها “بقلق بالغ”، هذه التطورات التي كشفت عن سياسات الاستعمار الإسباني، في إقصاء وتهميش وتفقير مغاربة مليلية المحتلة وكذلك الأمر بالنسبة لمغاربة سبتةالمحتلة في إطار حملة عنصرية شرسة ومناهضة للديمقراطية ومعادية لحقوقهم. وأعلنت اللجنة مواصلة العمل في رصد ما يقع في مليلية من انتفاضة غير مسبوقة، من قبل المسلمين من أصل مغربي داخل المدينة، إلى جانب تضامنها المبدئي واللامشروط مع مغاربة مليلية، المنتفضين ضد الاستعمار وسياساته الفاشية، على قول البيان، الذي حصلت “العربية.نت” على نسخة منه. وطالبت اللجنة بإطلاق سراح كل المعتقلين المغاربة فورا، ووجهت دعوة إلى الحكومة المغربية لحماية مغاربة مليلية، وكذلك دعوتها كل الإطارات المدنية والحقوقية والسياسية المغربية للتحرك العاجل لمساندة المغاربة المنتفضين بمليلية المحتلة، وفي نفس الاتجاه، أعلنت المنظمة غير الحكومية، عن دعوتها لوقفة احتجاجية أمام القنصلية الإسبانية، في مدينة تطوان، شمالي المغرب، غدا الجمعة.