تعيش الدبلوماسية المغربية مؤخرا زخما ملحوظا، وهو زخم عززته التطورات الأخيرة في قضية الصحراء لعل أبرزها الاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على لإقليم في دجنبر الماضي. وليست التحركات المغربية وليدة الحدث، الذي اعقب تأمين معبر الكركرات، بل هو تراكم في ''معركة دبلوماسية ' انطلقت منذ سنوات، وشهدت العديد من الجولات. المتغير هذه المرة في التحرك المغربي المنسق، هو تثبيت المكتسبات المغربية في السنوات الخمس الاخيرة، من عودة المغرب للاتحاد الأفريقي، واتفاقية الصيد البحري مع الاتحاد الأوربي والاتفاقية الفلاحية والاعتراف الاميركي، الذي جاء في خضم افتتاح العشرات من القنصليات بمدينتي العيون والداخلة. وهو مؤشر على تحول في مواقف بعض الدول الداعمة للجبهة. هذه التطورات دفعت وزارة الخارجية الى المرور للسرعة القصوى، ومواجهة الجبهة في قلاع داعميها للتعريف بالقضية في بعض المناطق التي تتحرك فيها ايضا جبهة البوليساريو وممثليها في الخارج. أولى الجبهات الداعمة هي جنوب أفريقيا، وهي نم ابرز قلاع لجبهة في القارة السمراء التي تشكل ملعبا خصبا للبوليساريو وعملاءها. في بريتوريا عاصمة جنوب افريقيا، اصدر السفير المغربي، يوسف العمراني منشورا بعنوان "الصحراء المغربية .. قضية وطن"، يسعى من خلاله إلى الإجابة على تسعة من الأسئلة الأكثر شيوعا بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل حول قضية الصحراء المغربية. بينما نشر سفير المغرب في أستراليا كريم مدرك،مقالا في صحيفة "سيدني صن" الأسترالية عن الدعم لدولي لمخطط الحكم الذاتي، والمؤتمر الذي حضرته 40 دولة، فيقول :إن الدعم الدولي غير المسبوق لهذا المخطط، الذي تم تقديمه في عام 2007، ليضيف أنه "يمثل مقدمة لعصر جديد من السلم والازدهار بالمنطقة برمتها ونهاية لنزاع مفتعل خلق عمدا خلال الحرب الباردة بناء على حجج مضللة وبالية". كما أوضح السفير أن الولاياتالمتحدة ذكرت خلال هذا المؤتمر أن قرارها لم يأت بين عشية وضحاها، ولفت إلى أن جميع الإدارات الأمريكية، منذ إدارة الرئيس بيل كلينتون، أكدت دعمها لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وفي أقصى شرق القارة الآسيوية، حيث لا يدعم البوليساريو سوى دولتين هما كوريا الشمالية ، وتيمور الشرقية، قال سفير المغرب لدى اليابان، رشاد بوهلال، في تصريح لوكالة الأنباء اليابانية الخاصة "بان أورينت نيوز"، إن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية يشكل رافعة للتنمية بالمنطقة، التي أضحت حاضنة للتنوع على الصعيد الجغرافي والاقتصادي والثقافي. وفي بلجيكا التي يستقر بعض الممثلين للجبهة وماضليها، اعتبر محمد عامر سفير المملكة هناك، أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه يندرج ضمن منطق تسوية نزاع يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرقل الشراكة مع أوروبا. وأوضح عامر ، في مقال بصيحفة "كناك" الناطقة بالهولندية،أن قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية ودعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي، يندرج ضمن منطق التسوية والقطع مع وضعية الجمود التي تؤجج التوتر في منطقة تواجه بالفعل الكثير من التهديدات، وخلص إلى أن "التعنت والمواقف المتطرفة لا تفيد سوى مثيري الصراعات وتجار الحرب" أما سفيرة المغرب بجمهورية التشيك، حنان السعدي، فقد توجهت برسالته مباشرة للشريك الأول للمغرب وقالت إنه يتعين على أصدقاء المغرب داخل الاتحاد الأوروبي أخذ المبادرة في اتجاه بلورة موقف داعم لمقترح الحكم الذاتي على غرار الموقف الأمريكي وفي الأممالمتحدة، يخوض السفير هلال منذ سنوات معارك في أكثر من جبهة للرد على أعداء الوحدة الترابية للمغرب في المنظمة الأممية، وآخر مرافعاته دفاعا عن مغربية الصحراء نشرتها الأممالمتحدة، وهي عبارة عن رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي ندد فيها باستغلال جنوب إفريقيا لرئاستها للاتحاد الإفريقي كأداة لخدمة أجندتها الأيديولوجية والسياسية حول قضية الصحراء المغربية. وشجب السفير هلال، في هذه الرسالة المؤرخة في 19 يناير 2021 والتي تم نشرها كوثيقة رسمية لمجلس الأمن وستسجل في سجلات الأممالمتحدة، حملة بريتوريا ضد مغربية الصحراء. سفير المملكة اتهم جنوب إفريقيا بمحاولة تضليل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، عبر مراسلة وجهتها إليهما في 30 دجنبر 2020، تدعي فيها كذبا بأن القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول "إسكات البنادق"، خصصت حصريا لقضية الصحراء المغربية. وفي الجارة موريتانيا التي تعد من بين اربع دول تعترف بالجبهة وتقيم علاقات دبلوماسيةمعها، قام السفير المغربي حميد شبار بعقد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج إسماعيل ولد الشيخ يوم الثلاثاء 26 يناير، جرى خلاله التطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين وإلى مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها ملف الصحراء والتطورات الأخيرة في معبر الكركرات وإضافة لموريتانيا يتبقى للبوليسارو بضعة دول داعمة وتربطها علاقات معها في القارة السمراء ابرزها الجزائر، ومالي، وجنوب إفريقيا وأنغولا وإثيوبيا، وبوتسوانا، وكينيا والموزمبيق وروندا وتنزانيا وأوغندا وزيمبابوي، ونيجيريا التي تربطها مع لامغرب شراكات اقتصادية واعدة ، يمكن بلورتها إلى مواقف سياسية لصالح القضية الوطنية، خاصة بعدما شدد قائدا البلدين الملك محمد السادس والرئيس محمد بوهاري، امس في اتصال هاتفي عزمهما المشترك على مواصلة المشاريع الاستراتيجية بين البلدين وإنجازها في أقرب الآجال، سيما خط الغاز نيجيريا-المغرب وإحداث مصنع لإنتاج الأسمدة في نيجيريا وتحتفظ في القارة السمراء كل من الملاوي وزامبيا وجزر الموريس بمواقف غير واضحة من النزاع، اما امريكا اللثينية التي لم تعد معقلا مهما للجبهة منذ سنوات، وتعترف بها كل من ميكسيك، وبليز، والأوروغواي وفنزويلا، وكوبا، ونيكاراغوا، وترينداد وتوباغو. (المصدر: الأيام 24)