كثفت جنوب إفريقيا، في الآونة الأخيرة، جهود دعمها لجبهة البوليساريو. آخر تجليات هذا الدعم هو الزيارة الأخيرة التي قام بها السفير الجنوب إفريقي بالجزائر إلى مخيمات تندوف لدعم ما أسماه «الشعب الصحراوي». حيث قضى السفير الجنوب إفريقي، نهاية الأسبوع المنصرم، في مخيمات تندوف، وخصص له مسؤولو جبهة البوليساريو استقبالا غير مسبوق قبل أن يلتقي بالمسؤول الأول في الجبهة محمد عبد العزيز في حفل عشاء، جدد فيه السفير الجنوب إفريقي دعم بلاده لما أسماه «نضال الصحراويين لنيل استقلالهم». وخلال هذه الزيارة إلى مخيمات تندوف، التقى السفير الجنوب إفريقي أيضا كلا من محفوظ عالي بيدا رئيس البرلمان في جبهة البوليساريو وماء العينين الصديق رئيس لجنة العلاقات الخارجية المكلف بالعلاقات مع الدول الآسيوية. ولم تتوقف هذه اللقاءات عند هذا الحد، بل إن السفير الجنوب إفريقي أجرى سلسلة مشاورات مع مسؤولين كبار في هرم جبهة البوليساريو بينهم وزير الدفاع محمد لمين البوهالي والوزير الأول طالب عمر. وليست هذه أول مرة يقوم فيها السفير الجنوب إفريقي بالجزائر بمثل هذه المبادرة، بل سبق أن صدرت عنه مواقف مثيرة مؤيدة لانفصاليي البوليساريو، اعتبر فيها «أن بلاده حريصة على تصفية الاستعمار في القارة الإفريقية»، قبل أن يضيف في تصريحات صحفية في فبراير من السنة الماضية «أن بلاده منشغلة بوضع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة، وأن جنوب إفريقيا أخطرت مجلس الأمن في العديد من المرات بالخروقات المرتكبة من طرف المغرب». وكانت جنوب إفريقيا أقدمت على خطوة اعترافها بجبهة البوليساريو، بعد أن قدم المغرب مبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع في الصحراء، قبل أن تفاجئ بريتوريا الرباط وتدعو إلى مؤتمر حول هذا النزاع بالعاصمة الجنوب إفريقية تستدعى إليه أطراف النزاع، أي المغرب والبوليساريو، لكن الديبلوماسية المغربية رفضت الاستجابة لهذه المبادرة، خاصة أن المسؤولين في جنوب إفريقيا لم يستدعوا أطرافا أخرى معنية بالنزاع مباشرة، في إشارة إلى الجزائر، وهو الأمر الذي أدى إلى بعض التوتر في العلاقة بين البلدين انتهى باعتراف بريتوريا بالبوليساريو. غير أن الذي أخر هذا الاعتراف هو صعود نيلسون مانديلا إلى سدة الحكم، نظرا للدعم العسكري الذي تلقاه من المغرب في حربه ضد الميز العنصري في عهد الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب عندما كان وزيرا للشؤون الإفريقية.