تخوض المملكة المغربية حملة واسعة على المستوى الدبلوماسي في محاولة على ما يبدو لتحيين معطيات الدول الصديقة وغير الصديقة حول المستوى الذي صعد إليه ملف الصحراء إثر الاعتراف الأمريكي الذي يعد بمثابة منعطف حاسم وتاريخي في مسار النزاع. وزارة الخارجية وجهت شبكة سفراء المملكة لتكثيف الخرجات الإعلامية والأنشطة التي تسهم في تعريف المجتمع الدولي بجديد ملف الصحراء، وأيضا لتطويق أي محاولة معادية لحشد الدعم ضد المغرب، ومن أبرز من يأتي على رأس هذه الحملة يوجد سفير المملكة في جنوب إفريقيا إحدى القلاع الداعمة الأخيرة لجبهة البوليساريو الانفصالية. يوسف العمراني، السفير المغربي في بريتوريا، أصدر منشورا بعنوان "الصحراء المغربية .. قضية وطن"، يسعى من خلاله إلى الإجابة على تسعة من الأسئلة الأكثر شيوعا بخصوص النزاع الإقليمي المفتعل حول قضية الصحراء المغربية. ويمكن القول إن شهر يناير كان شهر السفراء المغاربة، فحتى سفير المغرب في أستراليا كريم مدرك، علّق على المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، عبر مقال نشرته صحيفة "سيدني صن" الأسترالية الإلكترونية، يقول فيه إن هذا الدعم الدولي غير المسبوق لهذا المخطط، الذي تم تقديمه في عام 2007، "يمثل مقدمة لعصر جديد من السلم والازدهار بالمنطقة برمتها ونهاية لنزاع مفتعل خلق عمدا خلال الحرب الباردة بناء على حجج مضللة وبالية". كما أوضح السفير أن الولاياتالمتحدة ذكرت خلال هذا المؤتمر أن قرارها لم يأت بين عشية وضحاها، ولفت إلى أن جميع الإدارات الأمريكية، منذ إدارة الرئيس بيل كلينتون، أكدت دعمها لمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. وفي أقصى شرق القارة الآسيوية، قال سفير المغرب لدى اليابان، رشاد بوهلال، في تصريح لوكالة الأنباء اليابانية الخاصة "بان أورينت نيوز"، إن النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية يشكل رافعة للتنمية بالمنطقة، التي أضحت حاضنة للتنوع على الصعيد الجغرافي والاقتصادي والثقافي. وعلق على أهمية الإعلان الرئاسي الأمريكي بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، الذي تم توقيعه يوم 10 دجنبر 2020، قائلا إن هذا الإعلان "لم يكن وليد الصدفة، بل هو نتيجة عمل جبار أسست له الرؤية الملكية، حيث دأب مختلف الفاعلين الدوليين، خاصة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، والأممالمتحدة على التأكيد الثابت لدعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي لإنهاء الصراع المفتعل حول الصحراء المغربية". بدوره سفير المغرب لدى بلجيكا ودوقية لوكسمبورغ الكبرى، محمد عامر، اعتبر أن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على صحرائه يندرج ضمن منطق تسوية نزاع يهدد الاستقرار الإقليمي ويعرقل الشراكة مع أوروبا. وأوضح الدبلوماسي المغربي، في عمود نشرته الأسبوعية البلجيكية الناطقة بالهولندية "كناك"،أن قرار الولاياتالمتحدةالأمريكية ودعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي، يندرج ضمن منطق التسوية والقطع مع وضعية الجمود التي تؤجج التوتر في منطقة تواجه بالفعل الكثير من التهديدات، وخلص إلى أن "التعنت والمواقف المتطرفة لا تفيد سوى مثيري الصراعات وتجار الحرب". أما سفيرة المغرب بجمهورية التشيك، حنان السعدي، فقد توجهت برسالته مباشرة للشريك الأول للمغرب وقالت إنه يتعين على أصدقاء المغرب داخل الاتحاد الأوروبي أخذ المبادرة في اتجاه بلورة موقف داعم لمقترح الحكم الذاتي على غرار الموقف الأمريكي . السعدي سجلت أن العلاقات المغربية الأمريكية ضاربة في التاريخ وتشمل جميع مجالات التعاون، مبرزة أن جميع الإدارات الأمريكية السابقة دعمت مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب لحل النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية منذ طرحه سنة 2007، سواء من خلال القرارات المعتمدة من قبل مجلس الأمن أو المواقف المعبر عنها في اللقاءات الثنائية. وفي الأممالمتحدة، يخوض السفير هلال منذ سنوات معارك في أكثر من جبهة للرد على أعداء الوحدة الترابية للمغرب في المنظمة الأممية، وآخر مرافعاته دفاعا عن مغربية الصحراء نشرتها الأممالمتحدة، وهي عبارة عن رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، والتي ندد فيها باستغلال جنوب إفريقيا لرئاستها للاتحاد الإفريقي كأداة لخدمة أجندتها الأيديولوجية والسياسية حول قضية الصحراء المغربية. وشجب السفير هلال، في هذه الرسالة المؤرخة في 19 يناير 2021 والتي تم نشرها كوثيقة رسمية لمجلس الأمن وستسجل في سجلات الأممالمتحدة، حملة بريتوريا ضد مغربية الصحراء. سفير المملكة اتهم جنوب إفريقيا بمحاولة تضليل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، عبر مراسلة وجهتها إليهما في 30 دجنبر 2020، تدعي فيها كذبا بأن القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي حول "إسكات البنادق"، خصصت حصريا لقضية الصحراء المغربية. وفي الجارة موريتانيا، قام السفير المغربية حميد شبار بعقد لقاء مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون والموريتانيين في الخارج إسماعيل ولد الشيخ يوم الثلاثاء 26 يناير، جرى خلاله التطرق إلى العلاقات الثنائية بين البلدين وإلى مجمل القضايا ذات الاهتمام المشترك، وعلى رأسها ملف الصحراء والتطورات الأخيرة في معبر الكركرات.