شابات مغربيات قدمن إلى تركيا، بعضهن كن ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، وبعضهن كن ضحايا أنفسهن والبحث عن المال السريع والملذات، فسقطن في ظلام الجنس الدامس. «اليوم24» أمضت ليلتين كاملتين في أشهر الشوارع بمدينة اسطنبول «شارع الاستقلال»، الكائن بمنطقة تقسيم، وعاينت المراحل التي تمر منها عملية انتقاء والتعرف على الزبون، وكيفية تحديد الثمن، والمكان الذي يقضيان فيه السهرة. بملابس كاشفة لمفاتنهن، وأحمر شفاه فاقع، وحقيبة صغيرة، يضعن داخلها أدوات تجديد الزينة وعلبة سجائر، يقفن على طول شارع الاستقلال، الذي يمتد على مسافة ثلاثة كيلومترات بمدينة "استطمبول، على شكل مجموعات من ثلاث إلى خمس شابات في مقتبل العمر، يتحدثن بصوت مرتفع، وضحكاتهن يسمع صداها من بعيد. كلما مر شخص يبدو عليه أنه من دول الخليج، يلمحنه بنظرات تشبه نظرات امرأة عاقر إلى الأطفال في الحديقة. إحدى المجموعات التي مررنا بمحاذاتها، كانت تتكون من ثلاث شابات يبدو من لهجتهن أنهن ينحدرن من الدارالبيضاء، خاطبت إحداهن الأخريات قائلة: «هاذ ليلة بغيتو بوكوص وجيبو عامر فلوس»، فردت عليها إحدى زميلاتها: «خصك تصيديه إماراتي، أما التواركة تبوكيص كاين لكن جلدة». الساعة في تلك الأثناء كانت تشير إلى العاشرة مساء، الشارع يعج بالزوار، المحالات التجارية والمطاعم ممتلئة عن آخرها، أصوات الموسيقى المنبعثة من كل مكان بأنغام وألحان متنوعة. السهرة كانت في أولها. فجأة ارتفع صوت إحدى الشابات: «عتقو الروح». كان شعرها قصيرا ومصبوغا بلون بني، تضع عدسات لاصقة باللون الأخضر الفاتح، وكانت ترتدي تنورة قصيرة وقميصا أسود يظهر صرتها. كانت رفقة شابين تركيين، يبدو أنهما عنفاها، اجتمع حولها الناس، لكنهم سرعان ما تراجعوا للخلف وأكملوا مسيرهم. نادل أحد المطاعم سوري الجنسية، قال لنا: «اعتدنا هذه الوقائع، كلما وقعت إحداهن في أيدي الأتراك يعنفونها ويمسحون بكرامتها الأرض، دون أن تتدخل الشرطة لحمايتها. هنا القوانين دائما في صف المواطن التركي مهما ارتكب من مخالفات ضد غير الأتراك، خصوصا ضد ممتهنات هذه الحرفة». بعد مدة من الصراخ والجدال، تركاها وذهبا، كانت الشابة التي تبدو في بداية العشرينات ترتجف، كما أن ماكياجها فسد بسبب الدموع. ظلت جالسة مكانها، أخذت هاتفها المحمول وطلبت رقما، «كانا يريدان أن يمارسا معي بالتناوب مقابل 20 ليرة، وعندما رفضت ضرباني وهدداني بالقتل»، تحكي لمخاطبها على الهاتف، وتضيف: «لولا لطف الله لكنت ميتة الآن، لن أكمل السهرة سأعود إلى البيت، مزاجي تعكر». الطريقة التي كانت تتحدث بها مع مخاطبها توشي بأن هناك محاولة لثنيها عن العودة إلى البيت، ودفعها إلى البحث عن زبون آخر يكون من جنسية عربية تمضي معه الليلة في سلام بمقابل مادي محترم. حي المغاربة قد يبدو إطلاق مثل هذه التسمية على حي في مدينة مثل اسطنبول، تشريفا للمغرب، لكن الواقع شيء آخر. فالحي الذي يسمى في الأصل «دوار جدا آدم بيوغلو»، تم تغيير اسمه إلى حي المغاربة، نسبة إلى جنسيات القاطنين فيه، إذ إنه أصبح الوجهة لكل مغربية ومغربي حطت أقدامهم في إسطنبول لامتهان الدعارة. يقع هذا الحي في الجهة الغربية من منطقة "تقسيم"، بناياته قديمة ومتهرئة، وزقاقه ضيق، يمتد على طول كيلومتر. حسب عدد ممن تحدثنا إليهن، فإن اختيار هذا المكان يعود إلى تسعيرة كرائه المنخفضة التي لا تتجاوز 800 ليرة (اليرة التركية تساوي 3 دراهم هذه الأيام)، وموقعه الاستراتيجي لقربه من مكان "عملهن". يبدو للداخل إليه أنه حي مغربي، مطاعمه تقدم أكلات مغربية، صالونات التجميل يعمل فيها مغاربة، اللهجة المتداولة فيه مغربية، أسلوب العيش يشبه أسلوب العيش في الأحياء الهامشية المغربية. أصبح حي المغاربة وجهة لكل باحث عن اللذة وعن مواصفات خاصة في المرأة التي يريد قضاء ليلته معها. خلال تجولنا في الحي ليلا كان المكان صاخبا، وأغلب رواده من جنسيات عربية. تقول إحدى القاطنات بالحي ل«اليوم24»: «في مثل هذه الساعة يأتي الزبائن ليختاروا شريكتهم في السرير، بعدما تكون ‘القوادة' قد جهزتهن وأظهرت من مفاتنهن وزينتهن، وهم يدفعون 200 دولار(حوالي 1800 درهم) للواحدة مقابل ساعات من اللذة». وتضيف: «في أغلب الأحيان تنتهي الليلة بشابة بالطرد في الساعات الأولى للصباح من طرف زميلتها التي تكتري البيت بسبب أحدهم، أو بسبب خصام كبير يكون كل سكان الحي شاهدين على تفاصيله»، وزادت: «البيوت هنا لا تكترى بشكل جماعي، بل تكون أقدمهن في إسطنبول هي صاحبته، وتستقبل فيه زميلاتها اللواتي يتقاسمن معها ثمن الكراء وفواتير الماء والكهرباء، لكن عند أبسط مشكل ترميهن إلى الشارع لتأتي بأخريات، وهكذا». لا تقطن بالحي فقط ممتهنات الدعارة، بل حتى الشواذ أو المتحولين جنسيا من الجنسية المغربية. ‘‘لين''، أحد الشباب المغاربة الذين غيروا اسمهم وجنسهم من ذكر إلى أنثى، يرتدي فستانا قصيرا في اللون الأزرق يظهر منه نهدان بارزان، وكعب عال. شعره المستعار اختار له اللون الأشقر، قصد هذا الأخير اسطنبول حسب ما أكده هربا من التضييق التي كان يتعرض له في بلاده. يقول في حديثه ل«اليوم24»، «هربت من الجحيم الذي كنت أعيشه كل يوم في الحي والشارع والبيت مع أهلي، لم يتقبلوني كما أنا، وكنت أسمع كل يوم شتائم لا تعد ولا تحصى، بالإضافة إلى مضايقات الشرطة»، ويسترسل قائلا: «لم آت في البداية إلى اسطنبول بغرض ممارسة البغاء، بل كنت أبحث عن الحرية والعيش في سلام، غير أن ظروفي المادية الصعبة هنا جعلتني أبيع جسدي كي أستطيع تأمين لقمة أسد بها رمقي». وتابع: «في بداية عهدي باسطنبول، استقبلني صديق لي سبقني إلى هنا في بيته، غير أن جلوسي معه طال، بحثت عن عمل لكني لم أجده. كنت أشاهد صديقي ورفاقه الذين يقطنون معنا في البيت يخرجون كل ليلة إلى الشارع ويعودون في الصباح وفي جيبهم 100 دولار، فقررت أن أفعل مثلهم، وأخرج أنا أيضا، كان الأمر صعبا في البداية، لكني سرعان ما اعتدت ذلك. في الشهور الأولى كنت أحصل على سعر عالٍ، لأنني كنت وجها جديدا لدى الزبائن، لكن بعد مدة أصبحت مثل الباقين». أما زبائن لين فهم من الأتراك والخليجيين. Sur commande وعلى عكس "لين" وكل الأخريات اللواتي يذرعن شارع الاستقلال، هناك مغربيات، يمارسن صنفا أخر من الدعارة. فهن يعيش بالمغرب ولكن الزبونيتكفل بمصاريف تنقلهن نحو اسطنبول من تذكرة الطائرة إلى حجز في فندق من فئة 5 نجوم، لقضاء بضع ليالٍ ماجنة رفقته. تحكي إحدى ممتهنات هذا الصنف "الراقي" من الدعارة التقيناها عن طريق وسيط مغربي يقطن في المدينة ذاتها، أن قدومها إلى أكبر مدن تركيا لم يكن بغرض الإقامة، بل كانت سياحة لأيام رفقة أحد الإماراتيين، الذي تعرفت عليه في مدينة مراكش قبل سنتين، وهو من تكفل بجميع مصاريفها لتنتقل إليه إلى هنا، حتى لا يضايقهما أحد، وبالفعل، أمضت أياما معه مدفوعة المصاريف. هناك طريقتان لتنقل شابات مغربيات «sur commande»، إلى تركيا للقاء زبائنهن من الخليجيين، الذين كانوا يقصدون المدن المغربية قبل بروز تركيا كوجهة جديدة للسياحة الجنسية؛ الأولى أن يكون هناك تعارف مسبقا بين الزبون والشابة، حيث إنه يتفق معها على الانتقال إلى تركيا لقضاء أيام معا يتكفل بجميع مصاريفها، بالإضافة إلى دفع مبلغ محترم في نهاية العطلة، أما الطريقة الثانية، وهي الأكثر شيوعا حسب عدد ممن تحدثنا إليهن، فتكون عن طريق وساطة، حيث إن الزبون يطلب مواصفات معينة من ناحية الشكل، فيتم البحث له عن المواصفات التي يريدها، وبعدها يرسلون إليه الصور عن طريق الواتساب، وإذا وافق عليها، يرسل إلى «القوادة» المبلغ المتفق عليه، مع تحديد موعد حجز التذكرة بتاريخ إياب وهمي ومكان اللقاء. عندما تصل الشابة إلى اسطنبول، تجد هناك من يستقبلها ويأخذها إلى البيت الكائن بحي المغاربة، حيث يتم إعدادها للقاء من حيث الملابس والماكياج، لتكون وفق المواصفات التي طلبها الزبون. وعند انقضاء الأيام المتفق عليها يعود مستقبلها لأخذها ثانية، فإما يعيدها إلى المغرب، وإما تستقر في المدينة لتستأنف نشاطها هناك، بعدما يتم سلبها جواز سفرها وكل الوثائق التي تثبت هويتها من قبل المسؤول عن الشبكة هناك. تختلف الطرق التي أوصلت بائعات الهوى المغربيات إلى إسطنبول، فهناك من جاءت إليها بعقد عمل وهمي، وهناك من جاءت إليها تحت غطاء السياحة، وهناك من قدمت مع أحد زبائنها وقررت المكوث هنا، غير أن النتيجة واحدة. بعد وصول الشابات المغربيات إلى أرض الأناضول، يجدن أنفسهن لقمة سهلة لشبكات الاتجار بالبشر، حيث يتم سلبهن جوازات سفرهن وكل أوراقهن، واستخدامهن سلعة لجلب المال. تحكي إحدى المغربيات اللواتي التقيناها هناك رفقة مغربيات أخريات، أن قدومها من المغرب كان عن طريق وسيطة تقطن في مدينة سلا، والتي أقنعتها رفقة صديقتها بالهجرة إلى تركيا، وأغرتهما بعقود عمل وهمية، حيث طلبت منهما تحضير مبلغ 6000 درهم، وهو ما تم فعلا، حيث اقترضتا المبلغ من أقربائهما، وسلمتاه إليها، وبعد وصولهما إلى تركيا وجدتا رجلا وامرأة في انتظارهما في المطار، كان تعاملهما لطيفا، أخذاهما في سيارة مثل التي تظهر في المسلسلات التركية، وعند وصولهما إلى البيت وجدتا أنهما ليستا الوحيدتين الباحثتين عن عمل، وهو ما جعلهما تطمئنان. بعد أيام، طلب منهما جوازا سفرهما وكل الوثائق التي أحضراها بهدف تحضير عقد العمل، إلا أن ذلك اليوم كان نقطة تحول في حياتهما، فبعد النعيم والحياة الوردية التي عاشاها لأيام داخل ذلك المنزل، أصبحت المرأة التي جلبتهما من المطار، تطلب منهما الذهاب إلى هذا وذاك، وحضور الحفلات التي يقيمها الخليجيون هناك. كانت صدمة بالنسبة إليهما، ولم تكونا تتوقعان أن تكونا فريسة سهلة لشبكة دعارة، وكلما اعترضتا على طلب، جرى تهديدهما بالقتل. مضت سنة ونصف وهما على تلك الحال، سهر وشرب وجنس كل ليلة، استطاعت محدثتي أن تهرب من ذلك الجحيم، بعد لقائها بشاب سوري، أحبها وأحبته، فاستطاعت الهرب معه، غير أنها اكتشفت أنها سقطت في حفرة أعمق من سابقاتها، فالشاب الذي هربت معه استخدمها بدوره لجلب المال، وكان يجلب لها الزبائن إلى بيت الذي يقطنان فيه لتمارس معهم الجنس مقابل المال، وكان يهددها في حال رفضها بتسليمها للشبكة التي هربت منها. قصة أخرى اختارت بطلتها الدعارة طوعا لا كرها، حيث إنها قدمت إلى اسطنبول للسياحة رفقة صديقاتها، فكن يخرجن في الليل إلى الملاهي الليلية، يرقصن ويشربن ويتعرفن إلى الزبائن، ويقضين معهم الليلة، مقابل 200 دولار. تقول في حديثها ل«أخبار اليوم»: «لم أكن ضحية شبكة دعارة، بل اتفقنا أنا وصديقاتي على القدوم إلى تركيا، للعمل هنا وجني المال. في المغرب لم أكن أجني ربع ما أجنيه هنا، كما أنني هنا أتمتع بالحرية التامة، ولا أخشى الشرطة ولا أبناء الحي ولا أي شيء»، وتضيف: «عدد من صديقاتي جئن كما جئت أنا بعد سماعنا عما تجنيه القادمات إلى هنا، وحياة الرفاهية التي يعشنها. نحن أربع بنات نقطن في بيت واحد، نتقاسم أعباء الحياة، ونضمن مستقبلنا ونعيش حياتنا دون قيود». من عاملات نظافة إلى عاملات دعارة «من عاملة نظافة في أحد الفنادق في مدينة اسطنبول، إلى ممتهنة دعارة»، هكذا تعرف سلمى نفسها، وهي إحدى المغربيات اللواتي التقيناهن، ووافقت أن تحكي ل«أخبار اليوم» قصتها. تخرج سيجارة من حقيبتها، تشعلها وتنفث دخانها، تم تقول: «بعد الضائقة المالية التي كنت أعيشها رفقة أسرتي في الدارالبيضاء، أخبرتني صديقتي بأن هناك فرص عمل في تركيا في الفنادق وبأجر محترم، يكفي أن أوفر ثمن الطائرة المقدر ب4 آلاف درهم. بعد تفكير طويل، قررت الانتقال إلى اسطنبول للبحث عن عمل»، وتضيف: «عند وصولي إلى تركيا، حللت ضيفة على صديقتي، التي كانت تقطن بدورها رفقة ثلاث مغربيات. بعد البحث لأسابيع عن عمل، استطعت الحصول عليه في أحد الفنادق في منطقة تقسيم، كانت أجرتي لا تتجاوز 1500 ليرة، نصفها يذهب لأداء حصتي من إيجار البيت والماء والكهرباء، والنصف الآخر لمصاريف الأكل والتنقل، لم أكن أوفر أي مبلغ لأرسله إلى عائلتي التي انتقلت من أجلها إلى هنا». مرت الأيام والشهور، وسلمى على هذه الحال، غير أنها لم تستطع أن تصمد أمام إلحاح زميلتها في السكن للخروج معهن والسهر، حيث كن يؤكدن لها أن المال الذي ستحصل عليه في الليلة الواحدة يساوي نصف أجرتها الشهرية، أما إذا قضت الليلة مع الزبون فسيغنيها ذلك عن العمل في الفندق، وهو ما تم فعلا، حيث خرجت رفقة صديقاتها، ليبدأ مسلسل السهر وبيع جسدها مقابل بضعة دولارات، «في البداية كان الأمر صعبا، لم أكن أتوقع أنني سأجد نفسي في تلك الوضعية. كان فقر بلادي أفضل من حياة الليل التي وجدت نفسي مضطرة إلى عيشها» تقول سلمى، وتضيف: «بعد شهر من السهر والخروج توقفت عن الذهاب إلى الفندق الذي كنت أشتغل فيه، واقتصرت على مداخيل السهرات والليالي التي أقضيها. كنت أحصل على مبالغ تفوق أجرتي بعشرات الأضعاف، وتمكنت من تخصيص مبلغ شهري لعائلتي، وأصبحت أقتني كل ما أرغب فيه، لكن ليست هذه هي الحياة التي كنت أنشدها عندما هاجرت من بلدي. أشعر أنني مكبلة لا أستطيع العودة من حيث جئ، ولا أستطيع الاستمرار، وحدها المخدرات تساعدني على النسيان، وتحمل منح جسدي كل ليلة لمن يدفع أكثر واحتمال قذارتهم». مغربيات ب5 ليرات الشائع عند الأتراك هنا في اسطنبول أن المغربيات هن الأرخص ثمنا، حيث يقال إن المغربية تساوي خمس ليرات، أي 20 درهما مغربية، حيث إن الأتراك نادرا ما يقيمون علاقات مع عاهرات مغربيات، بل يقبلون على السوريات والإيرانيات. وقبل ثلاثة أشهر من الآن قتل أحد الأتراك شابة مغربية تنحدر من مدينة طنجة، بعد خلاف حول الثمن، ما جعلهما يدخلان في سجال وملاسنات، أنهاها بطلقة من مسدسه، وتركها مضرجة في دمائها. لم يتم اكتشاف الجثة إلا بعد أسابيع، عندما اشتكى الجيران الرائحة الكريهة التي تنبعث من بيت الشابة، فاتصلوا بالشرطة التي حضرت إلى عين المكان، ليفاجؤوا بعد فتح الباب بجثة متعفنة لشابة في مقتبل العمر، وبعد البحث تم إلقاء القبض على الجاني الذي أخبرهم بالقصة كاملة. الحادث أخذ حيزا كبيرا من العناوين الكبرى للصحف التركية، وعرفت المدينة حملة ضد بائعات الهوى، حيث تم ترحيل عدد من المغربيات اللواتي تم إلقاء القبض عليهن، غير أن الأمور، حسب عدد ممن تحدثنا إليهم، عادت إلى طبيعتها بعد مرور أسابيع. معروف في اسطنبول وعند ممتهنات الدعارة أن كل من تقع بين أيدي الأتراك، يكون مصيرها الإهانة والضرب، وقد يصل الأمر إلى القتل، لذلك يتفادى أغلبهن الخروج معهم وإقامة علاقات جنسية معهم، غير أنه في بعض الأحيان، حسب ما تحكيه فاطمة، تصادف إحداهن أتراكا مسالمين يحبون معاشرة المغربيات، وبعضهم تزوجوا ببنات الليل بعدما أمضوا عدة ليال معهن، ويعيشون الآن في هناء واستقرار. الشواذ في حدود الساعة العاشرة مساء، في شارع تلابشي الكائن بمنطقة تقسيم، تجد صفوفا من الشواذ يرتدون ملابس نسائية، ويضعون شعرا مستعارا وأحمر شفاه، وينتعلون الكعب العالي، يتمايلون في مشيتهم ويحدثون بميوعة. الشارع معروف بالشواذ المغاربة الذين يقفون هناك في انتظار الزبون. بعد مدة تبدأ السيارات التي تمر من الشارع في الوقوف. توقفت إحدى السيارات ذات لون أبيض من نوع فورد، ونزل منها شاب يبدو أنه في الثلاثين من عمره، قصد أحد الشواذ الواقفين في الشارع، تحدثا لدقائق تم ذهب معه وركبا السيارة. تكررت العملية عدة مرات، وكلما فرغ مكان، يأتي شاذ آخر ليحتله. رشيد، أحد الشباب المغاربة الذين التقيناهم عشية اليوم ذاته، حكى ل«اليوم24» عن حياته في اسطنبول، وكيف جاء إليها لامتهان الدعارة، قائلا: «سعرنا مرتفع عن سعر النساء، يصل إلى 300 دولار لليلة، وزبناؤنا من نوع خاص، أغلبهم من الأتراك والخليجيين والمصريين. نعيش على شكل مجموعات هنا في اسطنبول، بعضنا يعيش في حي المغاربة، والبعض الآخر في الأحياء المجاورة»، ويضيف: «جئت من المغرب رفقة أصدقاء لي بعدما ضاقت الحياة بنا هناك، في الأصل كنت أعمل في صالون تجميل (مايي كوافير)، لكني في الليل كنت أخرج للسهر».