بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة        دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    العرائش: الأمين العام لحزب الاستقلال في زيارة عزاء لبيت "العتابي" عضو المجلس الوطني للحزب    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مغاربة بتركيا :شهر العسل، الحريك، الجنس وأشياء أخرى ...
نشر في الأحداث المغربية يوم 22 - 06 - 2011

«واش غاديين نشوفو نور ومهند تماك ولا موحالش؟» السؤال أعلاه يحيل على هوس مغربي بتركيا أصبح اليوم تحصيل حاصل بعد أن انتقل إدمان مشاهدة المسلسلات التلفزيونية التركية إلى إدمان من نوع آخر جعل الكثير من المغاربة يجدون في الدولة العثمانية سابقا وجهتهم المفضلة هذه الأيام. بين السواح الذين يبحثون في البوسفور عن منزل نور ومهند وبين بعض الفتيات الذاهبات إلى بلاد الأتراك بحثا عن زبائن من نوع خاص، وصولا إلى عصابات بأكملها تتخذ من هذا البلد مرفأها نحو كثير من الأعمال غير القانونية، أبحرت «الأحداث المغربية» في اتجاه بلد برنة وطعم خاصين جدا. وعادت من هناك برحلة بطعم السياحة والاكتشاف والدعارة والإجرام والعوالم الشرقية التي تمكنت إلى التسلل إلى أوربا في غفلة من حراسها الأشداء.
وجوه مضيئة .. أصحابها يرتدون ملابس أنيقة .. ابتسامات فرح مرسومة على وجوه تعلو دهشة الزهو .. أو الخوف الحذر من المستقبل .. ثرثرات هنا وهناك .. مشاهد تقاسمها ركاب رحلة «الدار البيضاء / إسطنبول» يوم الجمعة 3 يون2011 مساء .. أسئلة كثيرة تقاسمها ركاب الرحلة أيضا..
إسطنبول ترسم مستقبل المغاربة ..
يجيبون على الأسئلة التي توجه لهم بصعوبة كبيرة .. كما لو أنهم أمام مقرر دراسي حفظوه بصعوبة كبيرة.. يشعرون بأبسط توتر كلما سئلوا عن سبب توجههم إلى تركيا. «واش غاديين سياحة؟ .. مزيان !؟» سؤال تردد على مساعمهم طيلة الفترة الفاصلة بين تسجيل الأمتعة وإركاب المسافرين المتوجهين إلى اسطنبول.
التجار يتبادلون تجاربهم في البيع والشراء.. ويتحدثون عن تنوع السوق التركي من حيث منتوجات النسيج أساسا. وعلى مقاعد أخرى تجلس شابات مغربيات يتقاسمن تجاربهن في السفر بصوت منخفض يخفي وراءه طبيعة الأحاديث التي يشتركن فيها، لا يكسر صمتها إلا قهقهات تطلق بعضهن من حين إلى آخر. تصر بعض المغربيات اللواتي يزرن أول مرة اسطنبول على معرفة بعض التفاصيل التي يمكن أن تساعدهن في الخطوات الأولى بحثا عن «مهند» ..
غير أن الأمر كان مختلفا بالمقاعد الخلفية للطائرة.. إذ حل عليها ضيوف من طينة مختلفة، لا يفكرون في جمال التركيات ولا يسعون للبحث عن موقع فيلا «نور» على البوسفور .. همهم الوحيد هو ألا تفتضح حقيقة سفرهم وأن يجتازوا أمن المطار التركي بسلام، كما كان الحال بالنسبة للسلطات الأمنية بمطار محمد الخامس.
كانوا أزيد من عشرة شبان استقلوا طائرتهم في اتجاه اسطنبول. منعوا في البداية من ولوج الطائرة بدعوى أن تذكرة العودة غير مؤكدة. لكن سرعان ما تم حل المشكل بعدما اقنتوا تذاكر عودة جديدة.. فقد كان هذا الشرط هو الأمر الوحيد الذي سيساعدهم على ولوج الطائرة والسفر إلى بلاد الأناضول .
ينحدرون من فاس، بني ملال .. وتارودانت .. جمعتهم طائرة واحدة .. وحلم واحد.. فبعد ساعات قليلة ستطأ أقدامهم مطار «صبيحة» باسطنبول وهو ثاني أكبر المطارات مدينة الحوالي 15 مليون نسمة، والتي تجر وراءها تاريخا طويلا من الحضارة أجزاء كبيرة منها يتقاسمها مع العرب.
إسطنبول المدينة التي تعج بالسياح، تحولت أحياؤها «لاللي.. تقسيم.. سلطان أحمد.. عثمان بك.. وامتداد بحر البوسفور» دون منازع إلى مدينة الأحلام بالنسبة لعدد كبير من الغاربة.. من شهر عسل إلى تجارة، مرورا وبسوق الجسد المكتظ بالمغربيات وصولا إلى تحولها إلى معبر لا شرعي في اتجاه أوروبا.
شهر عسل إسطنبولي
ما إن انتهى حفل الزفاف،حتى حمل الاثنان حقائبهما وتوجها نحو المطار. الجزء الأحلى من ارتباطهما المقدس سيكون بانتظارهما هناك في بلاد الأتراك. بالعاصمة اسطنبول سيقضي العروسان الجديدان أسبوع العسل بعيدا عن الروتين المغربي وقريبا من رومانسية المسلسلات التركية.
كانت مسألة شهر العسل محسومة بالنسبة للعروس: أسبوعان بين أكادير وإفران المغربيتين لم تدخل أبدا في حسابات العروس لأنها موضة قديمة. كانت كلمتها هي العليا وما على العريس سوى أن ينفق بسخاء.
بين شوارع وأحياء اسطنبول عاشت فاطمة ورضوان أيام من العسل تحت الشمس الدافئة والنسمات العليلة، ووسط برنامج خاص بالزيارات للمتحف الآية صوفيا مرورا بمسجد السلطان أحمد والمسجد الأزرق.. رحلة الأحلام إلى جزر الأميرات.. إضافة إلى متعة عبور بحر «البوسفور» في رحلة مشوقة بحثا عن القصر الأبيض الذي احتضن نمو حب «نور ومهند»، كما لو أنهما يريدان أن يثبتا للعالم ولكل من رافقهم في رحلتهم المنظمة من المغرب أن الحب المغربي لا يمكن إلا أن ينافس العشق التركي.
ولأن فاطمة لم تكن راضية عن الفندق الذي نزلا فيه أول الأمر طلبت من الزوج الانتقال إلى واحد آخر أكثر هدوء ورومانسية يقدم خدمة جيدة. دلال فاطمة لم يقف هنا فحسب فقد قام الاثنان بتمديد الإقامة لثلاثة أيام إضافية مما ضيع على رضوان ثمن تذكرتي العودة.
العروس المغربية الأنيقة بيضاء البشرة دقيقة الملامح كانت تتفنن في اختيار الهدايا التي ستعود بها للأهل والأصدقاء الذين شاركوهم فرحة العرس. بينما كان رضوان يدفع بسخاء راضيا.
وخلال السنوات الأخيرة، تحولت العديد من المدن التركية إلى المكان المفضل للأزواج المغاربة الذين يقضون فيها عطلات شعر العسل. وبموقعها المميز، تكتسب اسطنبول أهمية بالغة في إضفاء الشعور بالهدوء، والاسترخاء، وسط ساحة كبيرة من الأماكن السياحية التي تملأ برامج السياح بالمغامرة والتشويق.
ليالي العرب .. ليالي المغربيات
من «ليالي العرب» إلى «قهوة العرب» بمنطقة تقسيم المشهورة باسطنبول التركية.. تنتقل «عفاف» بحثا عن زبنائها من السياح العرب الذين هجروا عددا من الدول العربية، ليبحروا على نسمات بحر البوسفور بحثا عن المتعة.
«عفاف» المغربية ذات 24 سنة واحدة من بين العشرات من المغربيات التي يعج بهن الملهى الليلي ليالي العرب وبعض الملاهي التركية واللواتي يقدمن خدمات جنسية للسياح العرب على وجه الخصوص. حيث يتفوقن على الروسيات والبلغاريات والرومانيات في اصطيادهن للزبناء العرب الأكثر دفعا للمال.
تقطع «عفاف» وغيرها من المغربيات اللواتي يحترفن الجنس «الدعارة» بأكبر المدن التركية.. حكايتهن تختلف في تفاصيلها لكنها تتوحد في مسارها..
«تنجي لتركيا من فترة إلى فترة.. أو ماتنفوتش فيها ثلاث أشهر ..» تقول عفاف، بفخر كبير، تؤكده طريقة كلامها المثيرة. حيث اختارت أن تحترف الجنس بالمغرب، وأن تعير نفسها ستة أشهر في السنة للسوق التركية. إذ لاتستطيع أن تتجاوز الثلاثة أشهر، بسبب صعوبة الحصول على أوراق الإقامة ببلاد الأناضول.
عفاف التي تردد دائما «اخترت هذه المهنة من أجل حماية حياتي»، تساءلت: «أي عمل في مصنع كان سيوفر لي مثل هذه الضمانات؟». اختارت الطريق إلى تركيا، بدلا من سوريا أو حتى البقاء في المغرب. بعد أن تعرفت على مغربية تنظم لها ولغيرها برنامجا خاصا.
يبدأ مسار كل مغربية تحترف الجنس غالبا من مطار محمد الخامس، الذي تغادره على أساسا أنها عاشقة لجمال تركيا وأنها سائحة، وينتهي بها الأمر إلى فندق من الدرجة الثالثة أو الرابعة أو حتى إلى شقق مفروشة، تستقبل به زبناءها من العرب أساسا، تلبي رغباتهم دون قيد أو شرط، وذلك مقابل 80 إلى 100 أورو عن كل ليلة معفاة من مصاريف الأكل والمبيت.
رغم أنها تتقاضى أقل مما تجنيه بالمغرب، فهي تعتبر الثلاثة أشهر التي تقضيها ببلاد الأناضول، رحلة سياحية جميلة، ينتفي فيها الشعور بالخوف الذي يسيطر عليها بالمغرب. تهاجر شبكات احتراف الجنس المغربيات إلى تركيا تحت غطاء السياحة أو بعقود عمل، وبعد دخولهن إلى التراب التركي يستغللن في الدعارة في دور مخصصة لذلك بمناطق «لاليلي، سلطان أحمد، تقسيم ، أكسري ..» بإسطنبول أو يهجرن إلى اليونان وقبرص بطرق غير شرعية ليتم استغلالهن في «العمالة الجنسية» وكذلك في تسجيل أشرطة إباحية تبث على قنوات إباحية محلية.
يتكلف عرب ومغاربة بهذه الشبكات بجلب المغربيات، حيث يقمن بسحب جوازات السفر منهن بمجرد وصولهن إلى تركيا. جوازات سفرهن، التي تستغل في تهجير عراقيات وإيرانيات ويمنيات إلى دول أوربية بعد تزويرها وإرفاقها بتأشيرات مزيفة. وتهجر الفتيات المرشحات للاشتغال في بيوت العمالة الجنسية إلى اليونان وقبرص بجوازات سفر قبرصية أوبلغارية، وتفرض عليهن بمجرد وصولهن إلى هذه البيوت حراسة مشددة ويمنعن من مغادرتها.
يؤكد عدد من المغاربة المقيمين في تركيا، أن مجموعة من الفتيات المغربيات يتم استغلالهن من طرف مسيري مراقص ليلية في اسطنبول يجبرن على الرقص الإباحي رغم أنهن أقل براعة من الراقصات الروسيات والبلغاريات والرومانيات وحتى التركيات.
في غياب أي مراقبة على تلك الأماكن التي تقع في مناطق تسيطر عليها مافيات دولية مختصة في الاتجار في البشر والمخدرات. فالإقبال الكبير على المغربيات من طرف السياح العرب الذين اجتاحوا تركيا مع دخول المسلسلات التركية المدبلجة للعربية إلى البيوت العربية.
تواجد عدد كبير من المغربيات بسوق «العمالة الجنسية» بتركيا لا يقلق كثيرا السلطات الأمنية التركية، خاصة إذا توفرن على إقامات شرعية، شريطة ألا تقلق راحة «محترفات الجنس التركيات»، فهذه المهنة ينظمها القانون، خاصة بعدما وافق مجلس الدولة التركي على تطوير مهنة «احتراف الجنس» بهدف حماية التركيات من منافسة غير شرعية للروسيات والمغربيات واللبنانيات في «سوق العمل».
«إلا شفتي الرقص ديالهم ما فيه ما يعجب. اللبس ديالهم .. مقرف ..» يعلق مغربي من رواد ملهى «ليالي العرب».
هذا المغربي، الذي يقدم نفسه على أنه «بزناس» وأنه اعتاد على اللعب بالخطر في كل دولة يستقر بها. ينكر مغربيته في أول سؤال يلبس لباس الفلسطيني لكن عندما يطمئن لك.. يكون مستعدا ليقدم كل الخدمات التي تبحث عنها، كمغربي شريطة ألا يتحول إلى وسيط في دعارة المغربيات.
تركيا بديل قوارب الموت
قصير القامة .. نحيل الجسم .. تقاسيم وجهه لا تعلن سنه الحقيقي.. اختار الاستقرار بتركيا بعدما كان مهاجرا سريا بإيطاليا قبل أن يسقط في يد الشرطة الإيطالية لتعيده إلى المغرب. قرر بعد مرور سنة تقريبا من عودته ولوج عالم «البزنس» غير الشرعي بتركيا ويتحول إلى وسيط في التهجير السري، حجز تذاكر السفر، سرقة البطائق البنكية، الجوازات المزورة .. لكن عمله الرسمي باسطنبول يعتمد أساسا على «الحريك».
«منقدرش نخدم في صح .. ولفت تبزنيس في كلشي .. وراني دائما عايش خارج القانون..» يقول الوسيط المغربي الذي يعمل بشراكة مع وسطاء آخرين بكل من تركيا واليونان، ويؤكد باستمرار للحالمين بالهجرة أن وصولهم إلى أروبا عبر مثلث المغرب، تركيا، اليونان ثم الدخول إلى إيطاليا أمر محقق وخطورته تقل بكثير عن طرق اعتاد المغاربة في المجازفة داخلها لأجل الوصول إلى عدد من الدول الأوربية.
«عندي الناس ديالي تيخدمو معايا من المغرب .. تيرسلوا ليا الدراري أو أنا تنوصلهم إلى اليونان .. »، يقول الوسيط المغربي المختص في تهجير المغاربة إلى اليونان، بتكلفة تتعدى 10 آلاف درهم. «أو إلا باغا نقطعوا الحدود اليونانية إلى الطاليان فالثمن تيوصل إلى 40 ألف درهم .. أنا عندي الطريق سالكة ماشي بحال المصري ..» يضيف الوسيط.. الذي لا يتردد في التأكيد على أن يقدم خدمات جيدة للمغاربة وأنه لا يقبل أن يتلاعب بأحلامهم، عكس أحد الوسطاء المصريين الذي يسلب المغاربة أموالهم.
هؤلاء شباب يلجون التراب التركي كمغاربة ويغادرونه إلى اليونان كفلسطينيين أو عراقيين واليوم كسوريين ويمنيين.. تغيير الجنسية شرط لابد منه لنجاح مغامرة الهجرة السرية إلى الفضاء الأوربي .. وتأشيرة تمكنهم من الحصول على ترخيص للبقاء على الأراضي اليونانية في انتظار فرصة جديدة للتوجه إلى إيطاليا أو غيرها من الدول الأروبية التي تعج بالمهاجرين.
المسار المفترض لهؤلاء المغاربة من اسطنبول التركية إلى الحدود اليونانية، كان من المفروض أن يتم بواسطة قوارب مطاطية، إلى أحد مراكز الاستقبال التابعة «للمفوضية العليا لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة. وهناك يصرح المهاجرون وفقا لتعليمات الوسيط المغربي، بكونهم لا يحملون الأوراق الثبوتية اللازمة ويطلبون الحصول على حق اللجوء في أوروبا، وبعد قضاء بضعة أيام بهذا المركز يتم ترحيلهم إلى بعض المدن اليونانية أو إعادتهم إلى تركيا.. ومن ثم يظل مصيرهم غير معروف وتائه بين تركيا واليونان. من حسن حظ هؤلاء الشباب أن رحلة إلى جزيرة «ساموس» اليونانية كانت مبرمجة في اليوم التالي لوصولهم إلى اسطنبول.. دفع كل واحد منهم حوالي 1000 أورو لقطع الشريط البحري الذي يفصل الشواطئ التركية عن الجزيرة.. وتقطع هذه المسافة الفاصلة بالزودياك لفترة لا تتجاوز 3 ساعات.
ورغم أن عددا كبيرا من المغاربة يلجؤون إلى العبور من تركيا إلى اليونان برا عبر الغابات أو عبر الواد الراكد مقابل 500 أورو «5500 درهم» . إلا أن اختيار الرحلة البحرية ب«الزودياك» أقل خطورة. كما أن الأمن اليوناني يتعامل مع الوافدين عن طريق البحر بسرعة كبيرة ..
اليونان معبر إلى أوروبا
يؤكد الوسيط المغربي أن الشرطة اليونانية، تسلم المهاجرين السريين وثيقة للإقامة في الأراضي اليونانية لمدة شهر «الخرطاية»، حيث جميع «الحراكة» يدلون بتصريحات مغلوطة وعلى أنهم فلسطينيون حتى لا يتم احتجازهم في الملجأ لأكثر من أسبوع، إلا أن المحققين اليونانيين قد يكتشفون حقيقة « الحراكة» رغم عدم حملهم لوثائق الهوية بسبب اللهجة خاصة وأن اللهجة المغربية مميزة عن باقي لهجات دول المشرق العربي وهو نفس الأمر الذي ينطبق على الجزائريين والتونسيين.
أما الملجأ الوحيد للمغاربة بعد الخروج من مركز الإستقبال هو سوق ب«آمونيا» هذه المدينة التي تعتد مافيات المخدرات، السرقة ومزورين من جنسيات إفريقية وآسيوية يحترفون « البزنس» الممنوع.
وتعد «أمونيا» ملتقى كل المغاربة وغيرهم من المهاجرين السريين. وتبقى هذه السوق الوجهة الأساسية والضرورية لجميع المهاجرين السريين قصد اقتناء بطاقات الهوية الشخصية الأوربية المسروقة من مختلف الدول الأوربية مقابل 200 أورو لتزويرها والسفر بها إلى دول أوروبية.
وحسب عدد من العاملين بمطار محمد الخامس، فإن عشرات المغاربة الشباب يسافرون يوميا إلى تركيا عبر مختلف الخطوط الجوية التي تؤمن رحلات إلى اسطنبول وأن عددا من المغاربة المقيمين بتركيا، يتجاوز 1000 مغربي، يقطنون بشكل غير قانوني بعدد من المدن التركية. ينتظرون التسلل إلى البلدان الأخرى، حيث اتخذوا من تركيا سبيلا لبلوغ اليونان ومن ثم الوصول إلى الدول المجاورة لها، وذلك بمساعدة بعض الأتراك الذين يقومون بتهريب المهاجرين برا وبحرا مقابل مبالغ أقل تكلفة وفي وضع يشوبه نوع من المجازفة، لكنه أكثر أمنا من ركوب قوارب الموت.
ويشير الوسيط المغربي في التهجير أن «الحراكة» وبعد نزولهم من مطار اسطنبول يتوجه أغلبهم إلى منطقة تدعى «لاللي أو أكسري»، حيث يقيمون لأيام بفنادق غير مصنفة حيث يتواجد مجموعات من العرب المختصين في تهريب المهاجرين إلى اليونان في رحلة تدوم الساعتين وذلك مقابل مبلغ 500 أورو أي ما يعادل 5500 درهم، قبل أن يتم إطلاعهم على الأمور التي يجب أن تتخذ موضع الاحتياط في حال انتبه حرس الحدود لهم أو الوقوع في قبضتهم.
وتفيد هذه الأخيرة باعتناق هوية مزيفة وكذا التظاهر بعدم امتلاك المال، ليتم حجزهم لمدة يومين وإخضاعهم لفحوصات طبية ومن ثم إعطائهم ورقة تسمى ب«الخرطاية» مدون عليها البيانات المفصح عنها حيث تسمح لهم بالتجول قانونيا في اليونان لمدة شهر مع إمكانية التجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.