عصبة الأبطال الإفريقية.. الجيش الملكي يفوز على ضيفه مانيما الكونغولي بهدفين لصفر    وفاة المعمرة اليابانية توميكو إيتوكا عن سن 116 سنة    عبد المولى المغربي رئيسا جديدا للاتحاد الليبي لكرة القدم    البحرين يقلب الطاولة على عمان ويُتوج بكأس الخليج    فرنسا.. تهم خطيرة تلاحق الجزائري سعيد بن سديرة بعد دعوته لشن هجوم كيميائي ضد شعب القبائل    الوداد الرياضي يفوز على مضيفه المغرب التطواني (2-1)    اكتشاف خزانات وقود معيبة في سيارات "هوندا أمريكا"    جنازة تشيّع السكتاوي إلى "مقبرة الشهداء".. نشطاء يَشهدون بمناقب الحقوقي    "مايكروسوفت" ترصد 80 مليار دولار للذكاء الاصطناعي    أسعار بذور البطاطس تهوي إلى 20 درهما.. وانخفاض السعر ينتظر المطر    "نصاب" يسقط في قبضة الشرطة    تأمين حاجيات الدواجن خلال شهر رمضان بالأسواق يجمع وزير الفلاحة بكبار التجار    بطولة إنجلترا لكرة القدم.. مانشستر سيتي يفوز على ضيفه وست هام (4-1)    إحراج جديد لنظام الكابرانات أمام العالم.. مندوب الجزائر بالأمم المتحدة ينتقد وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية علنًا    يوسف أخمريش يُجدد العقد مع توتنهام الإنجليزي    نشرة إنذارية: زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية على المرتفعات بعدد من أقاليم الشمال    إعادة انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي    منيب: نريد تعديلات لمدونة الأسرة تحترم مقاصد الشريعة لأننا لسنا غربيين ولا نريد الانسلاخ عن حضارتنا    تامر حسني يخرج عن صمته ويكشف حقيقة عودته لبسمة بوسيل    الأخبار الكندية تكلف "غوغل" أكثر من 69 مليون دولار    حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة مستمرة.. استشهاد 22 فلسطينيا وفقدان 14 آخرين في قصف إسرائيلي    استئناف محادثات غير مباشرة بين حماس وإسرائيل حول هدنة في غزة بقطر    أندية القسم الثاني تلعب وسط الأسبوع    بعد 23 من تبني اليورو .. الألمان يواصلون تسليم المارك    المتقاعدون يدعون للاحتجاج ضد تردي أوضاعهم ويطالبون بالزيادة الفورية والرفع من الحد الأدنى للمعاشات    اندلاع حريق مهول في مستودع للعطور ومواد التجميل بعين السبع    تفسير أولى تساقطات سنة 2025 .. "منخفض أطلسي" يغطي شمال المغرب    الحسيمة: أشغال توسيع الطريق الرابطة بين الخلالفة وأساكن تقترب من الانتهاء    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية في الحسيمة ومناطق أخرى    تسرب غاز البوتان يودي بحياة شاب في زايو وسط استنفار أمني    غزة تسجل 59 قتيلا خلال يوم واحد    سليم كرافاطا وريم فكري يبدعان في "دا حرام" (فيديو)    بطولة انجلترا.. الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    "اف بي آي" ينفي أي صلة ل"الإرهاب" بانفجار مركبة تيسلا في لاس فيغاس    "ضحايا النظامين الأساسيين" يصعدون بوقفة احتجاجية أمام وزارة التربية    حادثة سير مميتة تسلب حياة طفل بجرسيف    تداولات الأسبوع في بورصة الدار البيضاء    رالي "أفريكا إيكو ريس".. تجاهل تهديدات البوليساريو والمشاركون يواصلون رحلتهم على أراضي الصحراء المغربية    خبراء يحذرون من استمرار تفشي فيروس "نورو"    تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    المغرب أنتج 735 ألف طن من لحوم الدواجن خلال 10 أشهر وارتفاع أسعارها يعود للوسطاء    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مراكش تتحول إلى عاصمة للتفكير في أزمات العالم
نشر في اليوم 24 يوم 09 - 11 - 2017

المغرب في قلب عالم يموج بالتحولات والتهديدات المتصاعدة إقليميا ودوليا، وهو على غرار باقي دول العالم، مطالب بالتفكير في تموقعه وجوابه الخاص عن هذه التحديات.
مؤتمر السياسة الدولية الذي انعقد أيام الجمعة والسبت والأحد الماضية بمدينة مراكش، شهد جلسات مكثفة ومتواصلة، لتشخيص العالم الجديد الذي يتشكّل حاليا، والأخطار التي يشكلها على الدول والمجتمعات، ويستشرف محاولات للجواب عن هذه التحولات. ثلاثة أيام كاملة من النقاشات والمداولات، خلاصتها أن البشرية تعيش فترة انتقال لعالم ما قبل انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما بعدها، وأن العالم العربي يعيش مرحلة تفكيك وإعادة تشكل شاملة.
المؤتمر الذي اختار مراكش لعقد دورته العاشرة، منح وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمان آل ثاني، منصة حصرية للحديث عن الأزمة الخليجية الدائرة حاليا بين بلاده وجيرانها الخليجيين، كما شكّل فرصة نادرة لخروج أصوات لا تسمع كثيرا لمسؤولين ومشاركين في القرار الرسمي للدولة المغربية.
الوزير المنتدب السابق في وزارة الخارجية، والمكلف حاليا بمهمة في الديوان الملكي، يوسف العمراني، كان أحد أبرز الأصوات المغربية التي شاركت في جلسات هذا اللقاء، مقدما لمحة عن القراءة المغربية للتطورات والتفاعلات الإقليمية والدولية.
العمراني: أربع دول فاشلة في الجوار
العمراني قال في جلسة خصصت لموضوع التطورات في منطقة الشرق الأوسط، إن أول ما ينبغي تسجيله، هو أنه لم يعد اليوم بالإمكان الفصل بين الشرق الأوسط والمغرب العربي ومنطقة الساحل، "لأننا نواجه التحديات نفسها والمخاطر نفسها، كما لا يمكننا تجاهل أوربا كفاعل أساسي في المنطقة، عبر سياستها الخاصة بالجوار".
العمراني شدد على ضرورة الإقرار على "أن الوضعية في المنطقة باتت اليوم فوضوية، وأصبحت لدينا تحديات مركبة وانقسامات وتفكيك للعالم العربي، هذا واقع. وإذا أضفنا إلى ذلك الانقسام الحاصل في مجلس الأمن الدولي، والتي تجعله غير قادر على حل الصراعات الحالية في المنطقة، فإننا أمام ضرورة البحث عن وسائل جديدة".
العمراني الذي يعتبر أحد أكبر العارفين بالملفات الدبلوماسية والقضايا الدولية المرتبطة بالمصالح المغربية، قال إن كلا من العراق وسوريا وليبيا واليمن، تحولت اليوم إلى دول فاشلة (failed state)، "ولم تعد هناك دولة مركزية فعلية يمكنها فرض الحلول وتحقيق التنمية وتطوير الديمقراطية أو اقتراح حلول للإشكالات الهوياتية، والتي تعتبر أكبر الإشكالات التي تواجهها الدول، من قبيل الصراع السني الشيعي".
وخلص العمراني إلى أن منطقة الشرق الأوسط هي اليوم من المناطق القليلة في العالم التي تفتقد إلى نظام إقليمي فعال في حل الأزمات، حيث عجزت الجامعة العربية في القيام بشيء ملموس في حل الصراعات القائمة، "كما بقي دور المنظمات الإقليمية محدودا، مثل مجلس التعاون الخليجي واتحاد المغرب العربي الذي بات في موقع استحالة حل الإشكالات الحاصلة".
الوزير المغربي السابق قال إنه وفي الحالة الليبية، ورغم اتفاق الصخيرات، "لم نتمكن حتى الآن من تطوير أي حل. وحتى في القضية الفلسطينية، ورغم التقارب الذي حصل بين فتح وحماس، إلا أننا ما زلنا نفتقد للقيادة ونفتقد للرؤية ونفتقد للالتزام، ليس من جانب اللاعبين المحليين، بل حتى من جانب اللاعبين الدوليين. وأعتقد أننا لا يمكن أن ننهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ما دمنا نفتقد لهذه العناصر الثلاثة، أي الرؤية والقيادة والالتزام vision commitment and leadreship.
والعلو: المتوسط خسر إشعاعه
الوزير الإسباني السابق في الخارجية، أنخيل ميغيل موراتينوس، الذي تولى إدارة الجلسة، قال إن دول المشرق العربي نظرت إلى المغرب في بعض الفترات باعتباره منطقة هامشية على غرار منطقة المغرب العربي، "لكن اليوم، يمكن للمغرب أن يتحدث بصوت مرتفع عما حققه في علاقته بالتزاماته العربية وقضية الشرق الأوسط ونموذجه الخاص في التعاطي مع القضايا".
فيما اعتبر وزير الاقتصاد والمالية السابق، والاتحادي فتح الله والعلو، أن العالم يعيش حاليا مرحلة انسداد شبه شامل. وأوضح والعلو أن المنطقة المتوسطية افتقدت إشعاعها السابق، كما تعيش أوربا تداعيات عشر سنوات من الأزمة، وما ترتب عنها من تداعيات اقتصادية وصعود للشعبوية وأزمات مرتبطة بالهجرة… "بل إن أوربا أدارت ظهرها لجوارها المباشر في الضفة الجنوبية".
وضع عاد والعلو ليقول إنه يتضمن نقاط ضوء وبوادر أمل رغم كل ذلك، تتجسد في بوادر إحياء فكرة الوحدة الأوربية، وبروز محدودية المد اليميني والشعبوي في أوربا، وفشل بعض المشاريع الانفصالية، من قبيل المشروع الكطالاني في إسبانيا. "ورغم أن الجميع يتحدث عن العودة القوية لروسيا، إلا أن هذه الأخيرة تعاني من هوة بين محاولات العودة الجيواستراتيجية ومحدودية نموذجها الاقتصادي الداخلي؛ في المقابل، يشهد العالم صعودا قويا ومستمرا لآسيا، وخاصة للصين كقوة عالمية أولى".
والعلو شدد على أن الصين اليوم لم تعد مجرد ورشة للصناعة العالمية، "بل أصحبت مختبرا للاقتصاد الأخضر والاقتصاد الرقمي العالمي. ما يهمني في هذا الأمر هو تأثير الصعود الصيني على إفريقيا".
التوظيف العمومي يقتل النمو
جهاد أزور، المدير المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، قال بدوره إن المنطقة العربية في مفترق طرق تاريخي، "لكن هناك تباين كبير بين الدول غير البترولية التي تسجل معدل نمو في مستوى أربعة في المائة، بينما الدول البترولية لا تأمل تحقيق حتى واحد في المائة". التحولات التي تعرفها المنطقة حاليا، ستكون لها، حسب المسؤول نفسه، نتائج سياسية وليست اقتصادية فقط. "فكل من الدول المصدرة للبترول وتلك التي تستورده، تحتاج إلى نمو أكثر، علما أن دول المنطقة أبانت عن مرونة كبيرة، بالنظر إلى الصدمات المتتالية التي عرفتها من الأزمة المالية العالمية، والربيع العربي وانخفاض أسعار البترول".
جهاد أزور أضاف أن هناك مخاطر جديدة تحذق بالمنطقة، "مع التوتر الدبلوماسي في الخليج، وعودة التوتر بين أمريكا وإيران". وعن المنافذ الممكنة لتجاوز شبح الفوضى الشاملة في المنطقة، قال المسؤول بصندوق النقد الدولي، إن المدخل الأول هو الاشتغال على التعليم والتكنولوجيا، "أي المرور من تعليم تربوي كلاسيكي نحو تعليم يمتد على طول المسيرة المهنية، والاشتغال أكثر على الكفاءات والمعارف، والتكنولوجيا يمكنها فعل الكثير في هذا المجال".
وكشف جهاد أزور عن دراسة حديثة أنجزها الصندوق، "أبانت أن التشغيل في القطاع العمومي يقتل النمو، لأنه يؤدي إلى انخفاض المردودية العامة للعمل بالنظر إلى الأجور المنخفضة فيه".
باحث بمكتب الدراسات البريطاني Covington and Burling LLP، قال إن العالم يمر حاليا بمرحلة غموض كبير. ستايوارت ايزنشتات أوضح أن المملكة العربية السعودية دخلت في تحضيرات لمرحلة ما بعد البترول، وراحت تنفتح على الاستثمار الخاص، "والأمر نفسه ينطبق على الإمارات العربية المتحدة، كما أن مملكة الأردن تدفع في اتجاه جعل منطقة الخليج تساهم أكثر في حل المشكلة السورية، كما أن المغرب يتقدم أكثر في جبهة الحرب على الإرهاب والتطرف…".
المتحدث الذي شارك في الجلسة الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط، أوضح أن هناك ثلاثة مؤشرات سلبية أساسية، "أولها ظهور قوى غير دولتية تهدد الاستقرار في المنطقة، ثم عدم الاستقرار السياسي الناتج عن استفتاء كردستان، والذي يهدد بتفكيك دولة العراق وكامل المنطقة، ثم الحرب المدنية السورية التي لم تفض إلى إي شيء، بل إن قوات نظام بشار الأسد عززت موقعها".
الروس يسلحون تركيا والسعودية
ستيوارت ايزنشتات قال إن مصر مازالت تواجه "التأثير السلبي لسياسات الإخوان المسلمين في مجال السياحة والصناعة، وتركيا بدورها تعرف صعوبات يواجهها أردوغان، سواء مع حلف الشمال الأطلسي أو روسيا، والمغرب بدوره يخوض مواجهة ضد الأصولية، حيث يلعب الملك دورا كبيرا كحاجز ضدها".
وحرص المتحدث على التنبيه إلى أن "الروس أصبحوا يبيعون أسلحة لتركيا، وهو ما لم يكن يمكن تصوره قبل خمس سنوات، كما بدؤوا في بيع أسلحة للسعودية، لكن لأمريكا أولويتين أساسيتين، أولهما القضاء على داعش ودعم القوى المعتدلة في اليمن، والثانية هي تجنب صعود الجيش الإيراني ومحاولة مراجعة الاتفاق النووي مع طهران".
هذا الحديث عن الأولويات الأمريكية، يحيل على واحدة من أهم خلاصات المؤتمر الذي احتضنته مراكش على مدى ثلاثة أيام، والمتعلّقة بعالم ما بعد صعود ترامب إلى حكم الولايات المتحدة الأمريكية.
المدير العام السابق لصندوق النقد الدولي المقيم بمدينة مراكش، ستراوس كان، قال إنه لا يريد أن يكون قاسيا، حين سئل عن رأيه في الرئيس الأمريكي الحالي. الخبير الفرنسي المنحدر من الحزب الاشتراكي، قال إن ترامب يمثل ظاهرة خطيرة جدا، لكونه رجل غير قابل للتوقع. "أنا لا أقول إن رئيس ديمقراطية كبيرة لابد أن يكون سياسيا محترفا، بل يمكن أن يأتي من المجتمع المدني أو عالم الأعمال، لكن هناك قواعد لإدارة بلد، ما وهو لا يحترم هذه القواعد وأعتقد أن ذلك سينتهي بشكل سيء".
وفيما اعتبر الدبلوماسي الياباني يوكيو أوكاموطو أن ترامب هو رئيس مثالي بالنسبة لدولة مثل اليابان، لكونه يجعل الأمن على رأس أولوياته، وهو ما يتطابق مع انشغالات اليابان الأساسية؛ قال الخبير القادم من كوريا الجنوبية، ريو جين روي، إنه و"رغم كل ما يفعله ترامب، إلا انه مازال يتمتع بالشعبية في أمريكا، ولا تصدقوا الاستطلاعات التي تقول إنه فقدها، نعم هناك أشخاص كثيرون ينتقدونه لكنهم يحملونه في قلوبهم". وأوضح المتحدث الكوري أن أكبر تحد يواجهه ترامب، هو الانتخابات التشريعية التي ستُجرى في منتصف ولايته، "لكن مع النتائج الاقتصادية الإيجابية التي حققها، أعتقد أنه سيحصل على أغلبية أكبر. لا أعتقد أن الأزمة الحالية المرتبطة بالتدخل الروسي ستصل إلى مستوى الإقالة (impeachment)".
خبير روسي: ترامب زعيم ثورة
متحدث آخر قادم من روسيا، هو الأستاذ المتخصص في الدبلوماسية ألكسندر بانوف، قال إن ترامب هو في الحقيقة قائد ثورة شبابية ومسنودة من الطبقة المتوسطة في أمريكا، "وعلى الأقل أصبح للولايات المتحدة الأمريكية ثورتها الخاصة". وأضاف المتحدث الروسي أن ترامب يمثل طبقة متوسطة أمريكية أتبعتها سياسات البيروقراطية الأمريكية (the establishement)، "وإلا لماذا تم انتخابه؟ الجواب هو أن ملايين الأمريكيين تعبوا من رؤية أسرتين، أسرة كلينتون وأسرة بوش تحكمان الولايات المتحدة الأمريكية". وخلص بانوف إلى أن الصين هي التي تبدو حاليا كخصم حقيقي صاعد في مواجهة الولايات المتحدة، في ظل نظام عالمي يحاول حاليا إزاحة أمريكا من القيادة.
من جانبه، وزير الخارجية الفرنسية السابق، أوبير فيدرن، قال إن فوز دونالد ترامب لم يفهم بعد بشكل جيد من طرف اليسار ومكونات الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الأمريكية. "هؤلاء لم يفهموا أن الطبقة المتوسطة الأمريكية أصبحت متحفظة جدا تجاه العولمة والتركيز أكثر على الأقليات والنساء كما فعل الحزب الديمقراطي في الانتخابات الأخيرة".
الدبلوماسي الفرنسي المجرّب، قسّم العالم إلى عدة فئات من حيث قراءة صعود ترامب. "فهناك الفرحون مثل نتانياهو، والذين يستفيدون بشكل غير مباشر مثل الصين التي تقوم برسملة أخطاء ترامب، ثم هناك من يرتابون مثل المكسيك وكندا والفلسطينيين، ثم هناك الذين يقلقون وهم الدول المحمية من طرف أمريكا، مثل اليابان وأستراليا وكوريا والأوربيين. كل الباقين مثل روسيا يحاولون التأقلم بتكتيكات مختلفة، حيث يسعى ماكرون مثلا إلى ربط علاقة شخصية مع ترامب، بينما أعلنت ميركل أنه لم يعد بالإمكان التعويل على واشنطن ويجب الاعتماد على الذات".
فيدرين استبعد بدوره فرضية إقالة ترامب، أو ما يعرف أمريكيا بال" impeachment"، كما لم يستبعد فرضية انتخاب ترامب لولاية ثانية في غياب منافس حقيقي. "لا أعتقد أن ترامب سيكون مجرد قوس، وأننا سنعود إلى نموذج الرئيس العقلاني كما كان في السابق، هناك شيء بدأ مع أوباما يتمثل في ابتعاد أمريكا عن دورها التقليدي، لكن أوباما كان ذكيا وجذابا، في حين أن ترامب مبتذل (vulgaire)".
عودة القوميات العربية..
فرنسي آخر شارك في جلسات المؤتمر، هو المتخصص في الشؤون الدولية داخل جريدة "لوفيغارو" رونو جيرار. هذا الأخير قال إن الربيع العربي الذي يعتبره بمثابة ثورات شعبية تسندها الثورة الرقمية، تحول إلى مواجهة بين الإسلاميين وخصومهم، "وما وقع في النهاية هو عدم انتصار هذه الإيديولوجيا أو تلك، "الذي انتصر هو عودة الحس الوطني والقومي".
الخبير الفرنسي أوضح أن الانقسام الشيعي السني يظل مهما في فهم المنطقة، "لكنني أعتقد أنه لم يعد المفتاح الرئيس مقارنة مع الحس الوطني الذي أصبح مهيمنا لفهم هذا الشرق الأوسط الحالي".
وقدّم رونو جيرار مثال الأزمة الحالية بين دول الخليج، والتي تصاعدت رغم أنها دول سنية، "ثم هذا التحالف الجديد الذي يولد أمامنا بين تركيا السنية وايران الشيعية، لأن الأولوية بالنسبة إليهما هي وحدتهما الترابية وانسجامهما الوطني، حيث يعتبران أن الحركة الكردية تهددهما في ذلك".
عودة الوازع الوطني يجسّده المتحدث الفرنسي أيضا في التحرك القوي للجيش العراقي في الفترة الأخيرة، حيث استعاد المناطق النفطية بكركوك من السيطرة الكردية، "بل حتى اليمين الإسرائيلي لم يعد يتحدث حصريا عن الدين، ويركز على التهديدات الأمنية المحدقة بإسرائيل. وحتى فلسطين سارعت إلى إنهاء وضع غزة التي تحولت إلى دويلة داخلها".
السؤال الذي ينبغي أن يطرح الآن حسب رونو جيرار، هو "من هي القوى التي ستسيطر على الوضع في المنطقة؟"، ثم يعيد ليجيب أنها روسيا فلاديمير بوتين التي استطاعت جمع الثوار السوريين مع النظام، "وبوتين الذي يستقبل في أسبوع واحد ملك السعودية ثم يستقبل من طرف آخر مرشد الثورة الإيراني، ولن أفاجأ إذا حدثت مصالحة بين السعودية وإيران، لأن روسيا هي التي ستكون وراءها، بينما لم يكن هذا ممكنا في السابق إلا عبر أمريكا".
ودعا المتحدث الفرنسي الغرب إلى الكف عن التفكير بالتمني (wishful thinking) في دبلوماسيته، وأن يصبح أكثر واقعية وينظر إلى المدى البعيد وبتبصر، ويأخذ التوازنات الكبرى بعين الاعتبار. فيما ردّ عليه وزير الخارجية الإسباني السابق، أنخيل موراتينوس، بالقول إنه يتمنى فقط عودة الدبلوماسية إلى تدبير صراعات العالم.
درس مغربي
الوزير المغربي السابق والمكلف حاليا بمهمة في الديوان الملكي، يوسف العمراني، قال إن المنطقة العربية قبل عشرين سنة من الآن، كانت تعرف صراعا وحيدا يتطلب حلا، وهو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، "بينما اليوم هناك صراعات متعددة، إلى جانب فاعلين جدد في المنطقة، هي التنظيمات الإرهابية".
وأوضح العمراني أن العالم العربي اليوم مطالب بالتأقلم مع السياق الجديد، "ولم يعد بإمكانه الاعتماد على القيم المشتركة واللغة الموحدة، بل عليه أن يبحث عن تطور اقتصادي وخلق فرص الشغل، بينما لا يحقق العالم العربي اليوم سوى معدل نمو في حدود 2 في المائة". وشدّد يوسف العمراني على أن الأمن والعمل العسكري مهم في مواجهة التنظيمات الإرهابية، "لكن السؤال هو كيف يمكن الانتصار على داعش في الواجهة الإيديولوجية؟ الجواب الأمني على الظاهرة الإرهابية هو جواب ناقص، كما لا يمكن لأية دولة ولا أية حكومة مواجهة هذا التهديد لوحدها، بل علينا أن نعمل معا في إطار رؤية مشتركة، وهذا يتحقق أولا بحل النزاعات القائمة، وعلينا أن نقوم بأدوارنا الخاصة بدل تحميل المسؤولية للفاعلين الدوليين، وذلك عبر الحكامة الجيدة والديمقراطية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.