يبدو أن حزب الاستقلال مقبل على معركة طاحنة بين أنصار شباط وبين المعارضين له، الذين يتمركزون بالخصوص في المدن التي ينحدر منها الخصوم الكبار لشباط، كما هو الشأن بمدينة وجدة، مسقط رأس توفيق حجيرة، أحد القياديين الثلاثة الذين أصدرت في حقهم اللجنة التأديبية للحزب أخيرا قرار التوقيف 18 شهرا، بسبب المواقف التي عبروا عنها بعد تصريحات شباط الأخيرة حول الجارة موريتانيا. وإذا كان بعض المتابعين يقولون إن المعركة بين الطرفين قد بدأت منذ عدة سنوات، وهي معركة كانت تدور جولاتها في الخفاء، فإن بعض فصولها الآن بدأت تظهر في العلن، كما حصل أول أمس الأحد بمدينة وجدة، عندما قرر شباط إغلاق مقر حزب الاستقلال في وجه الاستقلاليين المنتمين إلى تنظيمات الحزب المختلفة، "بعدما اتصل المسؤولون عن تنظيمات الحزب بوجدة بالأعضاء المدعوين للحضور، علمنا عن طريق مفتش الحزب ليلة أول أمس بأن مقر حزب الاستقلال سيغلق يوم الأحد"، يقول مصدر استقلالي مقرب من توفيق حجيرة. ووفق المصدر ذاته، فإن اللقاء الذي كانت تنظيمات الحزب تعتزم تنظيمه، يضم جدول أعماله نقطتين، الأولى تتعلق بدراسة مستجدات الحزب، والثانية دراسة إمكانية مراسلة الأمين العام، للتعبير عن رفضهم القرار الأخير الذي شمل توفيق حجيرة وياسمينة بادو وعبد الكريم غلاب، لكن تنظيمات الحزب وفق نفس المصدر تفاجأت بإغلاق المقر، "ربما لأننا غير مرغوب فينا"، يضيف نفس المصدر. وأرجع المصدر ذاته الخطوة الأخيرة، التي أقدم عليها الأمين العام لحزب الاستقلال، إلى المؤتمر المقبل للحزب، ورغبة شباط في إبعاد أي منافس لمنافسته في المؤتمر المقبل، خاصة وأن اسم توفيق حجيرة تم تداوله السابق بشكل كبير، كواحد من المرشحين لخلافة شباط على رأس حزب الاستقلال، قبل أن يستدرك المصدر ذاته بالقول، "الاجتماع لم يكن ليؤثر على قرار الأمين العام، ثم إنه من حق الفروع الاجتماع، والاجتماع الذي أوصدت الأبواب في وجهه، لم يكن مفتوحا للعموم، وإنما فقط لهيئات الحزب، ونحن مقبلون على المؤتمر، فمن حق تنظيمات الحزب أن تجتمع وتعبر عن آرائها بحرية". وكشف نفس المتحدث أن هناك عريضة يتم الآن توقيعها من طرف الأعضاء المنتمين للحزب، وبالخصوص القدماء منهم، من أجل التعبير للأمين العام عن رفضهم للقرار الأخير الذي صدر في حق القياديين الاستقلاليين، مبرزا في نفس الوقت أن العريضة سيتم توجيهها للأمين العام في غضون الأيام المقبلة. هذا وحاولت "اليوم24" التواصل مع عبد الحميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، لأخذ وجهة نظره في الموضوع، إلا أنها لم تتمكن من ذلك. وفي السياق نفسه، كشف مصدر آخر بأن الاجتماعات التي في العادة تنظمها تنظيمات الحزب لم تكن تبرمج يوم الأحد، ورغم ذلك فالمصدر ذاته رأى بأن تضمين جدول أعمال الاجتماع الذي كان مقررا نقطة فريدة واحدة، وهي الرد على قرار اللجنة التأديبية الذي أصدرته أخيرا، يطرح إشكالا من الناحية القانونية، حيث إن هذه اللجنة لا يمكن حتى للأمين العام التدخل في عملها، وبالتالي كان يمكن لأعضاء الحزب التعبير عن رفضهم بتوقيع عريضة مثلا، دون اللجوء إلى عقد اجتماع لهيئات لا يمكن لها أن تناقش لجنة عليا منها هي اللجنة التأديبية. وفي نفس الإطار، خرج عدد من الاستقلاليين بمدينة وجدة، يقفون في صف شباط، للتعبير عن تشبثهم بقرارات الأمين العام، حيث أصدروا بلاغا نددوا فيه بما سموه "الحملة المسعورة" التي يراد منها استهداف حزب الاستقلال وأمينه العام، معلنين: "تشبثنا بشرعية أميننا العام الأخ حميد شباط، ومباركتنا لكل القرارات والخطوات التي تتخذ من طرف قيادة حزبنا ضد كل المتربصين بمصالحه العليا"، واكتفى مصدر مقرب من حجيرة، ردا على هذا البلاغ، بالقول إنه يوجد من بين الذين صاغوا البلاغ، أعضاء سبق لحزب الاستقلال أن أعلن توقيفهم ونشر ذلك في جريدة العلم.