السلم الاجتماعي مقابل صرف أجور العمال عن الخمسة أشهر الأخيرة،شرط أساسي رفعه أحد المستثمرين مقابل تعهده بإعادته الروح إلى تعاونية الحليب الجيد بمراكش. والتي تم تفويتها في ظروف مثيرة للجدل إلى شركة"بسيت ميلك"الخاصة،والتي توقفت عن الإنتاجمنذ أكثر من شهر،وأوقفت صرف أجور العمال ومستحقات الفلاحين،قبل أن تعلن إفلاسها وتدخل مرحلة التصفية القضائية،واضعة بذلك نهاية لمسيرة امتدت لأكثر من سبعين سنة من عمل هذه المؤسسة،التي كانت إلى وقت قريب ثاني أكبر مؤسسة لإنتاج الحليبومشتقاته وطنيا،بعد الشركة المركزية للحليب. شرط آخر أكثر قسوة رفعه المستثمر الجديد مقابل أن تدب الحياة من جديد في أوصال تعاونية الجيد، أو"دار الحليب"كما يسميها المراكشيون،الشرط يتعلق بتسريح 250 عاملا من أصل أزيد من 1000 عامل، مع تعويضهم عن سنوات الخدمة التي قضوها بالتعاونيةووريثتها "بيست ميلك". والي جهة مراكش،محمد فوزي،هو الذي تكلف بالإعلان عن شرطي المستثمر،خلال لقاء عقده مؤخرا مع نقابة العمال ،رافضا الكشف عن هوية"المنقذ من الإفلاس"،شأنه في ذلك شأن حميد شباط عرّاب هذه"الصفقة"،والذي سبق له أن زار معتصم العمال،بصفته أميناعاما للإتحاد العام للشغالين بالمغرب،حيث طلب منهم فك الاعتصام،مؤكدا بأن مستثمرا دخل على خط متعهدا بوضع حد للأزمة التي عصفت بالتعاونية،وتحفظ عن ذكر اسمه، مكتفيا بالإشارة على أنه أجرى لقاءات مع وزراء الداخلية و المالية و الفلاحة، من أجلوضع آخر اللمسات على الاتفاقية مع المستثمر الجديد. وقد سبق لهيئة حماية المال العام أن تقدمت بشكاية أمام الوكيل العام للملك بمراكش،مطالبة بمتابعة المتورطين في ما تعتبره"جرائم رشوة واستغلالا للنفوذ وتبديدا للمال العام واغتناءً غير مشروع بالتعاونية"،وبالاستماع إلى كل من"لحليب بنطالب"،مديرالتعاونية،و"محمد بنمسعود" رئيسها،وهي الشكاية التي تمت إحالتها على الفرقة الوطنية للشرطة القضائية منذ 26 يوليوز من السنة المنصرمة،ولا زالت تراوح مكانها. كما وجّه كل من الفريق الفيدرالي للوحدة والديمقراطية بمجلس المستشارين والجمعية المغربيةلمحاربة الرشوة (ترانسبارنسي المغرب)مؤخرا رسالتين إلى وزير العدل والحريات حول مآل ملف التعاونية. يشار أيضا إلى أن الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب تقدمت بشكاية إلى الوكيل العام للملك بمراكش في شأن ما تعتبره"تبديدا لأموال عمومية وخاصة، وخيانة الأمانة، ودفع مؤسسة تعاونية الحليب الجيد بمراكش إلى الإفلاس، وخلق شركة الهدفمنها تبرير الإفلاس وإلصاق سوء التدبير ونهب أموال التعاونية بالشركة الجديدة، والتسبب في تشريد مئات العاملين والمستخدمين، وضياع حقوق الآلاف من العمال و صغار الفلاحين". وأشارت الجمعية إلى أن العمال والفلاحين يتهمون كلا من محمد بن مسعود، رئيس المجلس الإداري للتعاونية،ومديرها السابق الحليب بن الطالب، بسوء تدبير وتبديد أموال عمومية والاغتناء غير المشروع،"حيث تحول الحليب بنطالب من مجرد مستخدم بسيطبالتعاونية إلى أحد كبار الملاكين والأثرياء بالمغرب" تقول الشكاية،التي لفتت إلى أن تفويت التعاونية إلى شركة خاصة في ظروف مثيرة للجدل كان الهدف منه" التستر على سوء التدبير المالي الذي أدى إلى إفلاس التعاونية". وطالبت الجمعية بالتحقيق في شأن أزيد من 46 مليار سنتيم، عبارة عن ديون في ذمة التعاونية والشركة، خلال أقل من خمس سنوات، وما إذا كانت هذه الديون التي تم اقتراضها من عدد من البنوك تم استثمارها في تنمية و تطوير الإنتاج أم تم تحويلها إلى أرصدةبعض المسيرين،الذين أصبحوا من أثرياء مراكش و دخلوا قبة البرلمان متنقلين بين عدة أحزاب.