ولي العهد الأمير الحسن يستقبل الرئيس الصيني بالدار البيضاء الذي يقوم بزيارة قصيرة للمغرب    المغرب يدعو إلى هامش أكبر من الاستقلالية المادية لمجلس حقوق الإنسان    تحطم طائرة تدريب يودي بحياة ضابطين بالقوات الجوية الملكية    متابعة موظفين وسماسرة ومسيري شركات في حالة سراح في قضية التلاعب في تعشير السيارات    هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'    أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام    الصحراء: الممكن من المستحيل في فتح قنصلية الصين..        المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    استطلاع: 39% من الأطفال في المغرب يواجهون صعوبة التمدرس بالقرى    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن        رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفاصيل المؤامرة التي أدت إلى إفلاس تعاونية الحليب الجيد بمراكش

يواصل حوالي ألف عامل من عمال تعاونية الحليب الجيد بمراكش احتجاجاتهم ووقفاتهم ومسيراتهم بشكل يومي تحت المراقبة الشديدة للقوات الأمنية، حتى أن محيط التعاونية تحول إلى «ثكنة» عسكرية لتكمل تفاصيل المشهد الوضع المأساوي،الذي يجتازه العمال الذين هُضمت حقوقهم بعدما تم هضم حقوق آلاف الفلاحين المساهمين في تأسيس هذه التعاونية، وبعدما تحول الموظفون الذين كانوا مستخدمين عند هؤلاء الفلاحين إلى أربابها بعد سيطرتهم على كل دواليبها .. إنه واحد من أكبر ملفات الفساد التي تعرفها بلادنا.. وهاهم العمال يتجرعون بدورهم مرارة سوء التدبير والاستغلال..
وسيبقى ملف تعاونية الحليب الجيد بمراكش، من أهم القضايا التي كشفت حقيقة أشخاص تحولوا في رمشة عين إلى أثرياء و«فاعلين سياسيين» .
جريدة الاتحاد الاشتراكي التي تابعت ما يحدث في هذه التعاونية منذ بداية التسعينات، وما يحاك ضد واحدة من أكبر التعاونيات بالمغرب من فساد تدبير شؤونها الإدارية والمالية ، تنشر تفاصيل ما حدث من خلال هذا الملف الخاص .
طفح الكيل ، و خرج المستور إلى دائرة الضوء ، و غدا ما كان إشاعة و تهديدا، وضعا مفلسا حقيقة و على أرض الواقع ، و الحصيلة آمال أزيد من ألف عامل و أسرهم تتحطم فوق صخر اللامبالاة و الإصرار على الخطأ المقصود . فقد توقفت شركة بيست ميلك عن الإنتاج ، و خرج العمال إلى الشارع ليتظاهروا عوض أن يكونوا في مواقعهم داخل معامل الشركة . بيست ميلك تتمة لتراجيديا تعاونية الحليب الجيد . حلقة مرة من مسلسل طويل من النهب و التآمر على التعاونية المذكورة .
الشكاية التي تقدمت بها هيأة حماية المال العام بمراكش والتي وجهتها للوكيل العام ، كشفت الكثير من الحقائق الصادمة التي تؤكد بالفعل أن الجريمة المرتكبة ضد هذه التعاونية شنعاء وتبين قمة الفساد ونهب المال العام .
فحسب وثيقة مؤرخة في 19/2/1992 و تحمل توقيعات بعض أعضاء المجلس الإداري و هم السادة: الحاج عمر بنونة: أمين مال تعاونية الحليب الجيد بمراكش و الذي انتخب بتاريخ 11 يوليوز 1991 من طرف المجلس الإداري كأمين للمال،عرجوني مولاي عبد الكبير،بودة مولاي عبد الحفيظ، الحاج محمد بلكيال، الحاج محمد الصالحي... فإن تعاونية الحليب الجيد كانت تنتج آنذاك 200 طن يوميا من الحليب و بلغ عدد المنتجين 12000 منتج. و يتكون المجلس الإداري للتعاونية ، حسب محاضر اجتماعاته و المؤرخة خلال عقد التسعينات، من الأعضاء الآتية أسماؤهم: - السيد بنطالب لحبيب باعتباره مديرا للتعاونية و الذي استمر في مهامه بهذه الصفة إلى حدود سنة 2010 . - السيد محمد بنمسعود باعتباره رئيسا للمجلس الإداري و الذي لا يزال يمارس مهامه بهذه الصفة إلى حدود الآن. - السيد شهيد عبد الرحمان كاتبا للمجلس الإداري. - و باقي الأعضاء هم مستشارون و يتعلق الأمر بالسادة: عمر بنونة - مولاي عبد الكبير العرجوني - محمد ليقايمي عبد الرفيع محمد البصري عبد القادر باحوص عبد الحق القباج مولاي عبد اللطيف بودة محمد الصالحي سليمان بنسالم امحمد بلكيال.
وتفيد الوثائق بأن مداخيل التعاونية كانت تصل إلى مبلغ 354.142.856.02 درهم سنويا ، و ذلك خلال سنة 1991، فيما بلغت هذه المداخيل سنة 1990 ما مجموعه 314.323.171.47 درهما.
و قد شكلت مصاريف النقل و التعويضات عن التنقل خلال سنة 1991 ما مجموعه 10.452.691.93 درهما، بينما بلغت هذه المصاريف خلال سنة 1993 ما مجموعه 14.330.971.15 درهما، كما شكلت ما سمي مصاريف متنوعة خاصة بالتسيير Frais divers de gestion ما مبلغه 4.201.372.82 درهما ، و ذلك خلال سنة 1991 في حين وصلت هذه المبالغ خلال سنة 1993 ما مجموعه 5.761.778.02 درهم.
التدبير الإداري و المالي ظل موضوع قلق
تقول شكاية هيأة حماية المال العام إنه من خلال بعض محاضر اجتماعات المجلس الإداري للتعاونية، أن موضوع التدبير الإداري و المالي ظل موضوع قلق و انشغال لدى بعض أعضاء المجلس.
و هكذا نجد أنه خلال اجتماع المجلس الإداري بتاريخ 15 نونبر1991، تدخل السيد عبد الحق القباج و اقترح على المجلس أن يراجع جميع فاتورات صوائر التعاونية بدلا من مراجعة لائحة و أجور العمال، لأن الظرف غير مناسب، كما طالب بإحالة ملف المدير السابق السيد بيشارة العربي على العدالة لمتابعته قضائيا.
أما محضر اجتماع المجلس الاداري للتعاونية المنعقد بتاريخ 5 نونبر 1991 يحضر فيه أيضا نفس القلق و الانشغال بالوضعية الإدارية و المالية للتعاونية، و هكذا فقد طالب السيد محمد ليقايمي بضرورة تقديم لائحة ديون التعاونية بمالها و ما عليها و بصفة مدققة.
و طالب كل من عبد القادر باحوس و امحمد بلكيال و مولاي عبد اللطيف بودة بضرورة إحاطة المجلس الإداري علما من طرف مديري التعاونية بكل ما يرونه غير صالح و يخل بالسير الطبيعي للتعاونية كما طالبوا ضمن نفس الاجتماع بضرورة استشارة المجلس الاداري في جميع القرارات التي تنوي الادارة اتخادها و ذلك تجنبا للهزات التي تتعرض لها التعاونية كل حين ، على حد تعبير المتدخلين.
و أشار السيد عبد القادر باحوس إلى أن المستفيد الوحيد من أموال التعاونية هم الوكلاء الذين لا يؤدون فاتوراتهم في الأوقات المحددة لهم، و تساءل عن ديون وكيل الصويرة و آسفي و بني ملال.
و من جهته طالب السيد عبد الرفيع محمد البصري بإعادة النظر في ديون التعاونية و تقديم لائحة مدققة بأسماء المستفيدين من أموال التعاونية و بتقديم لائحة المستخدمين و العمال مع تحديد حجم ديونهم تجاه التعاونية.و إن بعض الفلاحين و المستخدمين يؤكدون أن تعاونية الحليب الجيد بمراكش تعيش سوء تدبير و اختلاس و خيانة الأمانة.
المؤامرة والتفويت لإعلان الإفلاس
هذه الوضعية ، حسب بعض الفلاحين و المستخدمين ، هي التي جعلت المسؤولين عن التعاونية يقدمون على تفويتها في ظروف غامضة و ملتبسة إلى شركة خاصة تسمى «بيست ميلك» . و ذلك بالضبط ما تؤكده شكاية هيئة حماية المال العام .
وبما أن تعاونية الحليب الجيد بمراكش تستفيد من المال العام و يتجلى ذلك في الدعم الذي كانت تتلقاه عند شراء الأعلاف، بحيث تقتني منها التعاونية ملايين الأطنان سنويا، خاصة من تركيا بواسطة البواخر التي عادة ما كانت ترسو في ميناء الجديدة أو الجرف الأصفر، و يتم شحن هذه الأعلاف بواسطة القطار و الشاحنات إلى مدينة مراكش، ليتم بيعها إلى الفلاحين مع إضافة هامش ربحي لا يقل عن 30 % للطن الواحد. كما أن استفادة التعاونية من المال العام يتجلى أيضا في الدعم الذي تتلقاه عند شراء الأبقار القادمة بشكل خاص من ألمانيا و فرنسا، حيث يتم إعفاؤها من الرسوم الجمركية على خلاف باقي الشركات ذات النشاط المماثل ، كما أنها تستفيد من دعم الدولة بخصوص مسحوق الحليب الذي كانت تنتج منه تعاونية الحليب الجيد ملايين الأطنان سنويا و يتم اعفاؤها من الضرائب المختلفة خاصة عند استيراد الآليات و المعدات، حيث يتم إعفاؤها من الضرائب الجمركية و الضريبة على القيمة المضافة و الإعفاء الضريبي عند اقتناء المعدات و الآليات من السوق الداخلية.
وقالت شكاية هيأة حماية المال العام فرع مراكش إن السؤال الذي يطرحه الفلاحون و المستخدمون هو كيف للتعاونية التي كانت تستفيد من ملايير السنتيمات سنويا، من خلال دعم الدولة المادي و عبر الاعفاءات الضريبية، أن تعيش اليوم أزمة خانقة، في الوقت الذي تعرف شركات مصنعة لنفس المنتوج أوج ازدهارها رغم عدم استفادتها من دعم الدولة و الاعفاءات الضريبية؟
المعطيات التي تحفل بها الشكايات المقدمة إلى القضاء استنادا الى إفادات الفلاحين و المستخدمين، تؤكد أن تعاونية الحليب الجيد بمراكش الموزعة إلى عدة مصالح تعرف اختلالات مالية و إدارية و هو ما يمكن الوقوف عنده من خلال ما يلي:
مصلحة استقبال و مراقبة الحليب
يسرد الفلاحون و المستخدمون ما يعتبرونه خروقات تعرفها هذه المصلحة و التي يمكن إجمالها في ما يلي:
- السماح لفئة معينة من كبار الفلاحين بالغش في الحليب و ذلك بإضافة كميات كبيرة من الماء و الاتفاق مع مسؤولي هذه المصلحة بالتغاضي عن هذه التلاعبات مقابل عمولات كبيرة، حيث يشير الفلاحون إلى استفادة رئيس المجلس الاداري للتعاونية من مبالغ تصل إلى 20 مليون سنتيم شهريا ،و ذلك خلال سنوات 92-93-94-95-96-97 .
مصلحة المنتجين و المالية
في نظر الفلاحين و المستخدمين، فإن هذه المصلحة تسير بطريقة أو بأخرى من طرف أقرباء السيد المدير العام كما تسير من طرف محاسب التعاونية و تعرف بدورها عدة اختلالات.
مصلحة العلف
يعتبر الفلاحون و المستخدمون أن هذه المصلحة تخدم مصالح السيد المدير و الرئيس و أقربائهم و عملائهم بالدرجة الأولى و يتم منح امتيازات لفلاحين دون آخرين.
وإن باقي المصالح (مصلحة العلف، مصلحة الأمن الداخلي للتعاونية، مصلحة الحسابات، مصلحة العمال المستخدمين، مصلحة الفوترة، مصلحة التجارة و التوزيع، التضريب... ) تعرف بدورها عدة اختلالات إدارية و مالية كما توضح ذلك رسالة بعض الفلاحين و المستخدمين وجهوها إلى مكتب فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب..
وبالرجوع إلى شهادة الملكية الصادرة عن المحافظة العقارية و المؤرخة في 20/3/2012 و المتعلقة بالملك المسمى «حي صناعي 378 « ذي الرسم العقاري عدد 103578/04 الكائن بالحي الصناعي سيدي غانم و المتكون من أرض بها مستودع بالطابق السفلي من الجهة الشمالية للملك و بنايات بالطابق الأرضي من الجهة الجنوبية و المسجل في إسم تعاونية الحليب الجيد بمراكش، سنجد أنه مثقل بديون كبيرة. و هكذا نجد أن البنك الشعبي بمراكش قد سجل رهنا رسميا من الرتبة الأولى على العقار المذكور بتاريخ 13/8/2003 و ذلك ضمانا لأداء سلف مبلغه سبعة ملايين و خمسمائة ألف درهم (7.500.000.00 درهم) بفائدة معدلها 8.25 % سنويا كما سجل نفس البنك رهنا رسميا آخر على نفس العقار بتاريخ 1/10/2003 من الرتبة الثالثة ضمانا لسلف قدره خمسة ملايين درهم (5.000.000 درهم) بفائدة معدلها 9 % سنويا.
و تجدر الإشارة كذلك إلى أن هناك عدة حجوزات تحفظية سجلت على نفس العقار ضمانا لأداء ديون مفصلة على الشكل التالي:
أ - حجز تحفظي مقيد بتاريخ 13/10/2009 ضمانا لدين قدره 1293003.45 درهما لفائدة شركة وفا باي.
ب - حجز تحفظي مقيد بتاريخ 23/10/2009 ضمانا لدين قدره 574668.2 درهم لفائدة التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين.
ج - حجز تحفظي مقيد بتاريخ 3/11/2009 ضمانا لدين قدره 287334 درهما لفائدة التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين.
د - حجز تحفظي مقيد بتاريخ 22/2/2010 ضمانا لأداء دين قدره 93972000 درهم لفائدة التعاضدية الفلاحية المغربية للتأمين.
ذ - الرهن الجبري المقيد بتاريخ 29/11/2011 ضمانا لسلف مبلغه 3408203.45 درهما لفائدة القرض الفلاحي للمغرب.
و هناك ديون أخرى كبيرة مسجلة على نفس الرسم العقاري توضحها شهادة الملكية.
و تشير شهادة الملكية المتعلقة بالملك المسمى «يوبلي» ذي الرسم العقاري عدد 41017/04 الكائن بمراكش الحي الصناعي و المسجل في اسم شركة «بيست ميلك» و التي حلت محل تعاونية الحليب الجيد مثقل بعدة ديون منها على سبيل المثال فقط الرهن الرسمي المقيد بتاريخ 30/4/2009 من الرتبة الأولى ضمانا لسلف قدره 65000000 درهم بفائدة معدلها 5.15 % سنويا لفائدة القرض الفلاحي للمغرب و الرهن الرسمي المقيد بتاريخ 30/4/2009 من الرتبة الثانية ضمانا لسلف قدره 30.000.000 درهم لفائدة القرض الفلاحي للمغرب ، و توضح شهادة الملكية رفقته أن العقار مثقل بديون أخرى.
كما تفيد شهادة الملكية الخاصة بالملك المسمى « ح ص 132 « ذي الرسم العقاري عدد 55922/04 و الكائن بمراكش المنارة سيدي غانم و المتكون من أرض بها بناءات مكونة من طابق سفلي (مصنع) و طابق علوي هو في اسم شركة «بيست ميلك» و المثقل بدوره بمجموعة من الديون و منها على سبيل المثال فقط الرهن الرسمي المقيد بتاريخ 30/4/2009 من الرتبة الثالثة ضمانا لسلف مبلغه 30.000.000 درهم بفائدة معدلها 5.15 % لفائدة القرض الفلاحي للمغرب.
بناء على كل هذه الوقائع لم يتردد فرع مراكش للهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب ، بالمطالبة باتخاذ كافة التدابير التحفظية الرامية إلى تحقيق العدالة و خاصة ما يتعلق بحماية وسائل الاثبات من أي تبديد أو تلاعب محتمل و متابعة كل من ثبت تورطه بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه القضية.
موظف يكشف فضائح المسؤولين
ولعل أكبر دليل على ما عرفته تعاونية الحليب من فساد يتجلى في التصريحات الخطيرة التي ادلى بها محمد الازهري، وهو أحد الموظفين السابقين بتعاونية الحليب الجيد حيث اتهم الحبيب بن الطالب المسؤول الإقليمي بحزب الأصالة و المعاصرة بمراكش و مدير هذه التعاونية صراحة بتحويل أرصدتها وأملاكها إلى أرصدته الخاصة ، وقال في لقاء نظمته الهيأة الوطنية لحماية المال العام خلال السنة الماضية . « إن الحقيقة الماثلة للعيان اليوم هي ان تلك الأموال التى هي مزيج من أموال الفلاحين وأموال الدولة تحولت إلى أرصدة بعض المسيرين، ويعرف الفلاحون وقبلهم عمال التعاونية وجميع المسؤولين بمراكش ان الضيعات الفلاحية التى تتجاوز عشرات الهكتارات بكل من منطقه ايت إيمور وسيدي عبد الله غيات وقلعة السراغنة ومكناس والمسجلة باسم الحبيب بن الطالب وزوجته وأبنائه القاصرين، وكذا الضيعات التي يملكها رئيس التعاونية الذي لا يتعدى ان يكون رئيسا شكليا يتحكم في قراراته مدير التعاونية الحبيب بن الطالب » وأضاف: « إن مدير التعاونية الحبيب بن الطالب ورئيسها محمد بن مسعود.. وبعد أن حولا أموال التعاونية إلى أرصدتهما وممتلكاتهما، ومن أجل حصولهما على الحصانة السياسية ركبا غمار الانتخابات متنقلين بين الأحزاب اعتقادا منهما أن هذه الحصانة تعفيهما من المساءلة القانونية والقضائية».
وتحدث الأزهري عن الخروقات الكبيرة التي عرفها تسيير التعاونية وكيفية مرور جموعها العامة وطريقة تفويتها وتحويلها إلى شركة : « إذا كانت تعاونية الحليب الجيد بمراكش تُسَيّرُ عبر مجلسها الإداري الذي ينتخب في جموع عامة من قبل المنخرطين حسب قانونها الأساسي، فإن الجموع العامة التي كنت شاهدا على أشغالها، كانت تتم خارج القانون، سواء من خلال الدعوات الموجهة إلى الأشخاص المرغوب في حضورهم دون الحصول على انتدابات من جمعيات الفروع، أو من خلال المحاضر التي يتم التوقيع عليها وتتضمن قرارات غير التي نوقشت في الجمع العام، وأكبر مثال على ذلك هو آخر جمع عام عقدته التعاونية قبيل التفويت بشهور معدودة، حيث طُرحت مسألة تحويل التعاونية إلى شركة بسبب قرار الدولة القاضي بضرورة دفع التعاونيات ذات أرقام معاملات معينة جميع أنواع الضرائب مثل باقي الشركات، غير أن الجمع العام رفض رفضا قاطعا تحويل التعاونيه إلى شركة، قبل أن يُفاجأ الجميع بتفويت أهم اشطر وعقارات التعاونية إلى شركة «بيست ميلك» خارج القانون رغم ان مسيري التعاونية سبق وأن صرحوا في مناسبات عديدة بأن التفويت تم بقرار من الجمع العام. وهو ما جعل العديد من الفلاحين ينتفضون ضد هذا القرار، ليتم الالتفاف على انتفاضتهم تارة بالترهيب وأخرى بشراء ذممهم ، فيما تم التفاوض مع بعضهم الذين لجأوا إلى القضاء، وتمت تسوية وضعيتهم بمبالغ ماليه مغرية تفوق احيانا حقوقهم ومستحقاتهم القانونية تفاديا لأن يأخذ الملف مسارا آخر على مستوى القضاء ».
وأضاف الأزهري الذي وصف نفسه بأنه كان واحدا من المقربين من مراكز القرار بتعاونية الحليب الجيد بمراكش:
« خلال مسؤوليتي بتعاونية الحليب الجيد والتى جعلتنى أكون قريبا جدا من مسيريها، وواحدا من الحاضرين في جموعها العامة ، كان مراقب الحسابات يقدم تقاريره المالية، حيث تفيد هذه التقارير بأن رقم معاملات التعاونيه سنويا يفوق 50 مليار سنتيم، غير أن الفائض الذي يتم التصريح به لم يكن يتجاوز 600 او 700 مليون سنتيم ويتم تعليل ذلك بتحويل عشرات الملايير كل سنة إلى مجال الاستثمار، غير أن آليات التعاونية ووسائلها اللوجستيكية المهترئة والمتهالكة تُسائل المسيرين عن الملايير التي ادعوا توظيفها في مجال الاستثمار».
وقال الموظف السابق بتعاونية الحليب الجيد، بأن هذه التعاونية كانت مصدر عيش عشرات الآلاف من صغار الفلاحين وأزيد من ألف عامل بمصنعها عاشت خلال العشرين سنة الماضية أسوأ أيامها بسبب الفساد المالي وسوء التدبير، وهو الأمر الذي جعلها اليوم تعيش على حافة الإفلاس. مضيفا أنه منذ انفجار الأزمة داخل تعاونية الحليب الجيد بمراكش وبعد تفويت معمل تصنيع الحليب ومعظم عقاراتها بشكل غير قانوني لشركة (بست ميلك) بدأ العديد من الفلاحين والعمال يتحدثون عن نهب المال العام داخل التعاونية ، غير أن مسيري التعاونية كانوا يردون على هذا القول بأن الأمر لا يتعلق بالمال العام داخل التعاونية وإنما بأموال خواص ممثلين في الفلاحين وأن هؤلاء صادقوا على عملية التفويت .
وأشار الأزهري إلى أن أموال التعاونية وممتلكاتها والأرباح التي كانت تجنيها سنويا، لا يستفيد منها الفلاحون الذين يرجع اليهم الفضل في بنائها منذ ازيد من 80 سنة خلت، هي مزيج من أموال الفلاحين وأموال الدولة. وتتجلى أموال الدولة، التي نعتبرها أموالا عامة، في الدعم الذي كانت تتلقاه التعاونية عند شراء الاعلاف، بحيث تقتني منها التعاونية ملايين الأطنان سنويا، خاصة من تركيا، بواسطة البواخر، التي عادة ما كانت ترسو في ميناء مدينة الجديدة، او الجرف الاصفر ويتم شحن هذه الأعلاف بواسطة القطار والشاحنات الى مدينة مراكش ليتم بيعها إلى الفلاحين مع إضافة هامش ربحي لا يقل عن30 بالمائة في الطن الواحد.
تفويت ملغوم لإتمام مسلسل الإفلاس
معطيات مماثلة تضمنتها شكاية الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، إلى الوكيل العام للملك باستئنافية مراكش ملتمسة منه إعطاء تعليماته للضابطة القضائية المختصة من أجل إجراء أبحاثها وتحرياتها، في شأن تبديد أموال عامة وخاصة، وخيانة الأمانة، والاغتناء غير المشروع، والتسبب في تشريد مئات العمال بكل من تعاونية الحليب الجيد بمراكش، وشركة «بيست ميلك» .
الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب تحركت بناء على شكاية وطلب مؤازرة، توصلت بها من قبل عدد من عمال ومستخدمي تعاونية الحليب الجيد بمراكش، وشركة «بيست ميلك»، اتهموا من خلالها كلا من السيد محمد بن مسعود رئيس المجلس الإداري لتعاونية الحليب الجيد بمراكش، والحبيب بن الطالب، المدير العام السابق لذات التعاونية، بسوء تدبير شؤون التعاونية لعقود، ونهب أموالها التي يمتزج فيها المال العام بأموال آلاف الفلاحين، واللذين اغتنيا خلال فترة تدبيرهما لشؤون التعاونية، حيث تحول الحبيب بن الطالب من مجرد مستخدم عادٍ بالتعاونية إلى أحد أكبر ملاكي الضيعات الفلاحية التي تقدر بمئات الهكتارات.
و تشير المعلومات والمعطيات التي استقتها الجمعية من قبل عدد من الفلاحين والمستخدمين بالتعاونية، إلى أن أسباب إفلاس التعاونية راجع إلى سوء التدبير الذي كان سائدا خلال سنوات تحمل الحبيب بن الطالب مسؤولية إدارتها، حيث أقر لنفسه تعويضا شهريا بصفته مديرا عاما قدره حوالي17 مليون سنتيم . كما حول التعاونية إلى ملكية خاصة، عبر تشغيل أشقائه وأقاربه مكلفا إياهم برئاسة مصالح داخل المعمل، بالرغم من أن مؤهلاتهم العلمية لا تسمح لهم بالإشراف عليها، و أقر لهم رواتب خيالية تتراوح ما بين 20 و30 ألف درهم، دون احتساب التعويضات المختلفة.
سوء التدبير والتلاعب في أموال التعاونية من قبل رئيسها ومديرها العام، وصل إلى حد إقرار مجلس الإدارة لسلف لفائدة الحبيب بن الطالب بلغ 200 مليون سنتيم، قبل أن يوقع نفس المجلس على وثيقة بموجبها يعفي المدير العام من هذا الدين.
و كلها معطيات كافية، حسب المنظمة الحقوقية، لتكشف جوانب من التآمر من أجل الاستيلاء على أموال الفلاحين الذين بنوا هذه المؤسسة من أموالهم الخاصة عبر عقود، الشيء الذي أدى إلى إفلاسها، ومن أجل التستر على سوء التدبير والتسيب المالي في التعاونية، عمد رئيسها رفقة المدير العام إلى تفويتها لشركة «بيست ميلك» في ظروف غامضة، علما بأن آخر جمع عام للتعاونية رفض فيه الأعضاء جملة وتفصيلا عملية التفويت، بحيث انتهى هذا الجمع برفض الفكرة من أساسها.
و تكشف الهيئة الحقوقية ، أن رئيس التعاونية ومديرها العام، كانا قد روجا إلى فكرة التفويت بسبب إقرار الحكومة خضوع كبار التعاونيات الفلاحية بالمغرب للضريبة شأنها في ذلك شأن باقي الشركات، خلال سنة 2005، ولأن باقي التعاونيات رفضت دعوة تعاونية الحليب إلى عدم الرضوخ للقرار الحكومي، فإنها لجأت إلى التفويت في غياب مصادقة الجمع العام، الذي له وحده الكلمة الفصل في مثل هذه القرارات.
أكثر من ذلك إن المدير العام للتعاونية ومعه رئيسها، لم يكتفيا بتفويت التعاونية إلى شركة «بست ميلك» فقط، بل أصبحا معا بقدرة قادر مساهمين في هذه الشركة، الشيء الذي يطرح أكثر من علامة استفهام.
وبحسب المعطيات التي قدمها عدد من عمال ومستخدمي التعاونية، فإن الحبيب بن الطالب، ومن أجل استكمال مسلسل الإجهاز على المؤسسة، وإلصاق تهمة الإفلاس بالشركة الجديدة بعد محو آثار سوء تدبير التعاونية لعقود، عمد إلى منع مجموعة من الفلاحين من تسليم كميات الحليب للتعاونية، بهدف القطع نهائيا مع الفلاحين الشيء الذي جعل كميات الحليب المنتجة بهذه المؤسسة ينخفض من أزيد من 400 طن يوميا إلى بضعة عشرات الأطنان، ومع ذلك استمر الضغط واستمرت الخيانة، حيث إن كميات الحليب التي تتوصل بها مدينة الدار البيضاء، مثلا، لا تباع، ويتم إرجاعها إلى المعمل، ومنه إلى المزابل، وهو ما يضيع على الشركة عشرات الملايين يوميا، ومن ثم عجز الشركة عن دفع أجور العاملين ومستحقات الفلاحين، وبالتالي إفلاسها.
تفيد التقارير الحقوقية التي أُنجزت في موضوع تراجيديا تعاونية الحليب الجيد ، بأن غموضا يكتنف العلاقة بين تعاونية الحليب وشركة بيس ميلك، فالأخيرة ظلت لسنوات تدفع رواتب حوالي 100 عامل ومستخدم تابعين للتعاونية، بالرغم من أن علاقة الشغل بينهم ترتبط بالتعاونية وليس الشركة المذكورة. وهو الأمر الذي يطرح أكثر من علاقة استفهام حول الدوافع الحقيقية لكل من الحبيب بن الطالب ومحمد بن مسعود إلى تفويت التعاونية وتحولهما إلى شركاء في الشركة الجديدة.
لذلك ظل المطلب الأساسي لعمال ومستخدمي التعاونية ، هو التحقيق في الأسباب التي أدت إلى إفلاس التعاونية ومعها شركة «بست ميلك»، مثلما ينتظرون من القضاء الاستماع إلى كل من الحبيب بن الطالب، المدير العام السابق للتعاونية، الذي التحق بالتعاونية في النصف الثاني من الثمانينيات من القرن الماضي كمستخدم، قبل أن يتحول إلى أحد كبار ملاكي الضيعات الفلاحية بجهة مراكش، والاستماع إليه في شأن ظروف وملابسات تفويت تعاونية الحليب، وأسباب إفلاسها، وكيف حصل على كل تلك الملايير من السنتيمات التي اقتنى بها عشرات الضيعات الفلاحية بكل من ضواحي مراكش ومكناس وقلعة السراغنة وسيدي عبد الله غيات. و كذا البحث في مصدر ثرواته وممتلكاته المسجلة باسمه وباسم زوجته وأبنائه.
و هي نفس المطالب التي حملتها شكاية الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالمغرب، ملتمسة من وكيل الملك «التحقيق في شأن أزيد من 46 مليار سنتيم، عبارة عن ديون في ذمة المؤسستين السالف ذكرهما، خلال أقل من خمس سنوات،و الكشف عما إذا كانت هذه الديون التي تم تحصيلها من عدد من البنوك تم استثمارها في تنمية و تطوير الإنتاج أم تم تحويلها إلى أرصدة بعض المسيرين. كما نلتمس منكم السيد الوكيل العام، أن تتم معاينة معمل تصنيع الحليب، للوقوف على الوضعية التي توجد عليها الآليات والمعدات والتجهيزات التي أصابها الصدأ، حتى يتم الكشف عن الوجهة التي ذهبت إليها الأموال التي تم اقتراضها».
دار الحليب مآسٍ بطعم الإفلاس
مأساة دار الحليب و هو الإسم الذي تُعرف به تعاونية الحليب الجيد لدى عامة الناس بمراكش ليست فقط بيانات و بلاغات نقابية و شعارات تردد في الوقفات الاحتجاجية ، و إنما لها حقل مباشر تُترجم فيه مدلولها القاسي و المر ، هو حياة العمال .
أحمد موماي ، أحد هؤلاء تتحدد في حياته ملامح هذه المأساة التي تعادل بالنسبة إليه الإجهاز على توازن أسرته و ضرب مستقبل أبنائه و إدخال مصيرهم إلى نفق مجهول . يبلغ أحمد من العمر خمسين سنة . هو رب أسرة تتكون إضافة إلى الأبوين، من ابنين أكبرهما يبلغ عشرين سنة و الأصغر 14 سنة .قضى في خدمة تعاونية الحليب الجيد 26 سنة أفناها في تطويرها . فقد التحق بها سنة 1987 ، و وصل معها إلى 2013 و هي في حالة إفلاس بعدما عبثت بها الأيدي ، لتعرض حياته على مصير مماثل .
يتحدث بمرارة عن مسار هذه التعاونية خلال الفترة قضاها فيها ، التي كان مسارها طبيعيا إلى غاية 2007 ، عندما قرر بعض مسيريها تحويلها إلى شركة .
يقول أحمد« كان ذلك بمثابة نقلة مقلقة في حياتي المهنية ، فقد كنت أعمل في تعاونية ، فإذا بي ، و بشكل مفاجئ أجد نفسي في شركة . حيث أن الإدارة السابقة تملصت من المسؤولية ، و فوضتها لشركة بيست ميلك . طالبنا حينها بالإبقاء على حقوقنا و خاصة الأقدمية و ما يتعلق بها من مكتسبات . استجابت الشركة لمطالبنا ، إلى حدود سنة 2010 ، حيث بدأ تماطل الشركة ظاهرا . بدأ أولا بتأخر في أداء الرواتب لمدة شهر ، وكذلك الأمر بالنسبة لواجبات الصناديق الاجتماعية و التأمين . ثم تطور التأخر في صرف الأجور إلى ثلاثة أشهر. و تفاقم الوضع إلى أن لاحظنا الغياب النهائي للإدارة عن الشركة . اختفى المدير المالي و المدير الإداري . و رغم ذلك استمر العمال بمجهودهم في الإنتاج الذي تدهور من 450 طنا من الحليب يوميا إلى ستة أطنان ، إلى أن توقفت نهائيا » .
و يمضي في وصف ما وقع بالتعاونية قائلا « استنزفوا كل محتويات الشركة و وسائلها في الانتاج ، و تخلصوا من أسطول كبير من الشاحنات تابع للتعاونية ، وقاموا بكراء شاحنات من بعض الخواص لإثقال كاهل الشركة بالديون ، التي وصل حجمها إلى خمسين مليار سنتيم » .
لم يتسلم أحمد راتبه منذ ستة أشهر ، و كان ذلك كافيا لكي يتزعزع استقرار أسرته : « لم أعد أجد ما يمكنني من إعالة أسرتي ، بل لم يعد لي حتى ما به آكل او أقتني بنزين الدراجة التي أتنقل بها ، و كل عمال الشركة يجتازون ظروفا مماثلة . الأبناك تطاردهم بدعاوى قضائية لاسترداد قروضها ، وبعض العمال بسبب انهيار أوضاعهم أضحوا يطلبون المساعدة بالمساجد . و بعضهم كان قد امتلك شقة بواسطة قروض السكن ، الآن باعها ليدفع للبنك مستحقاته تفاديا لما هو أسوأ . و الكثير منهم اضطر إلى إخراج أبنائه من المدارس لأنه لا مال له للوفاء بمصاريف الدراسة .. الحصيلة هي حالة من الإفلاس الجماعي لحياة ألف عامل و أسرهم .. ».
المصير المأساوي لعمال تعاونية الحليب الجيد ، يعكسها بقوة مسار حسن الموقت ، الذي قضى في خدمة التعاونية 36 سنة . فبعد أن بلغ 53 سنة من العمر ، فهو يقف وجها لوجه أمام المجهول . يروي قصته في التعاونية قائلا :
« التحقت بدار الحليب سنة 1977 ، كان الإنتاج حينها يتجاوز ستين طنا يوميا ، و كان هناك فائض يوزع على الفلاحين عند نهاية كل سنة . و كان العمال يتقاضون أجورهم و حقوقهم بشكل منتظم . و تطور أداء التعاونية إلى أن وصل إلى 450 طنا في اليوم . و أصبحت التعاونية تقوم بتجفيف الحليب و تمول به شركات أخرى منتجة للحليب بالمغرب . لكن في سنة 2007 حدث المنعطف الذي بدأت الأمور تتدهور معه .. حيث تقهقر الإنتاج إلى عشرة أطنان و أقل في اليوم ، و اختفت إدارة شركة بيست ميلك ، و تراكمت ديونها . و في عيد الأضحى أغلقت نهائيا .
عاينا تصرفات غريبة ، لا يمكن تفسيرها إلا بإرادة إغراق الشركة و دفعها نحو الإفلاس ، فقد اصر المسؤولون على جلب الحليب من مناطق بعيدة بتكلفة مرتفعة( أربعة دراهم )، عوض استعمال الحليب المجمع بالمنطقة و الذي تظل تكلفته جد منخفضة بالمقارنة مع الحليب المستقدم من الشمال مثلا . و هو سلوك سوريالي ليس هناك من عاقل قد يقبله . و لا يجد أي تفسير إلا في الرغبة المقصودة لإنهاك الشركة ...» .
كان من المفروض أن يكون حسن في وضع من ينتظر تقاعدا مريحا ، لكن تلاعب يد العابثين بالتعاونية أجهز على أحلامه . فهو معيل أسرة تتكون إضافة إلى الأبوين من ثلاثة أبناء كلهم في طور الدراسة . منذ ستة أشهر ، لم يتقاضى أجره كباقي زملائه ، « وصلت إلى وضع لا يطاق ، أخرجت أبنائي من المدرسة لأنني لم أجد ما به أسدد مستحقات دراستهم ، أكثر من ذلك لم نعد نجد حتى ما به نسدد رمقنا من مأكل و من متطلبات بسيطة للحياة ..» .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.