على غير العادة٫ من بداية الدورة 13 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش٫ كانت قاعة الوزراء ممتلئة في الحصة الصباحية٫ الحدث عرض فيلم ( حمى) لهشام عيوش ضمن المسابقة الرسمية. الفيلم٫ الذي يمثل المغربي٫ يعد ثاني شريط لعيوش بعد فيلمه الأول (شقوق)٫ والذي كان قد عرض سابقا خارج المسابقة الرسمية. الفيلم يحكي قصة الطفل بنجمان٫ الذي كان يعيش رفقة والدته الفرنسية٫ لكن بعد دخولها السجن بتهمة الدعارة٫ اضطر إلى الإنتقال للعيش رفقة والده المغاربي٫ والذي لم يتعرف عليه من قبل في منزل العائلة سيضطر بنجمان إلى العيش رفقة والده وجدته وجده٫ لكن اللقاء كان صادما هشام عيوش٫ الذي تخصص في تقديم المهمشين والتائهين في أفلامه٫ يقدم لنا في فيلمه الجديد نماذج عديدة منهم : الجد الذي يحلم بالعودة إلى البلد ٫ الأب الذي يشعر أنه يعيش من أجل لا شيء٫ الابن المتمرد٫ المهاجر الافريقي الذي يبحث عن السعادة بعيدا عن الدمار والحرب٫ الرجل المثلي الذي يحاول الحصول على تصالح المجتمع٫ بالاضافة إلى شباب الاحياء الهامشية٫ أبناء المهاجرين الذين يعيشون حياة كلها عنف٫ دون نسيان الشاب من ذوي الاحتياجات الخاص (المرمي) في احدى مراكز الإيواء الفيلم الذي استفاد من موسيقى جميلة استعملها المخرج بذكاء٫ تميز كذلك بالأداء الجيد لديدي ميشون في دور بانجمان٫ و سليمان دازي٫ الذي كان وجهه جد معبر في دور الأب٫ كما أن عيوش أكد مرة أخرى أنه يملك عين كاميرا جيدة٫ سواء عند التصوير في الفضاءات أو الأماكن المغلقة كما أنه قدم الأحياء الهامشية في صورة جميلة وإذا كان الكل قد انتظر فيلما صادما لعيوش٫ فيبدو أن المخرج الشاب قد تعلم الدرس٫ حيث أن استفزازاته كانت مدروسة كما حدث في لقطة محاولة الطفل حرق القرآن٫ او في المشاهد الحميمية٫ بالرغم من أن معاودته التطرق إلى المثلية الجنسية في الفيلم بدا مقحما وخارج السياق بالاضافة إلى صعوبة اقناع المشاهد بالتطورات المرتبطة بالشخص من ذوي الإحتياجات الخاصة٫ كما أن المشاهد شعر بنوع من التمطيط في النصف ساعة الأخيرة من الفيلم. بفيلمه ( حمى) أكد عيوش أنه مخرج يمكن ان يتجاوز الاستفزاز لتقديم سينما جميلة لكن السؤال المطروح هو أن الفيلم صور كله في فرنسا وباللغة الفرنسية٫ بالرغم من أن القصة يمكن ان تنقل إلى المغرب ٫ فهل يعود ذلك الى عدم تمكن المخرج من الدارجة أم أن تقديم الفيلم بالفرنسية سيجعله مقبولا أكثر٫ مع العلم أن حوار الفيلم نجح في المزاوجة بين لغة الشارع العنيفة ولغة شاعرية كانت محور كلام المهاجر الإفريقي.