في خطوة استثنائية، قرر الملك محمد السادس العفو عن 4215 من المعتقلين في مجموع المؤسسات السجنية في المملكة، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، من ضمنهم 37 من المعتقلين المحكومين في قضايا تتعلق بالتطرف والإرهاب. وشملت لائحة معتقلي ما يسمى ب"السلفية الجهادية" المنتمين "لمجموعة 86″، التي اعتقل أفرادها مباشرة بعد أحداث 16 ماي 2003، والتي كانت تضم أبرز مشايخ "السلفية"، ممن أفرج عنهم سنة 2012 بموجب عفو ملكي، بمن فيهم حسن الكتاني، ومحمد الفزازي، وعبد الوهاب رفيقي، وعمر الحدوشي. وفي هذا الصدد، أكد عبد العالي حامي الدين، رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، أن هذه الخطوة الملكية إشارة واضحة نحو طي ملف المعتقلين السلفيين بالمغرب، والمرور إلى مرحلة جديدة، مشيرا إلى ضرورة اعتماد المقاربة الشمولية في التعاطي مع القضايا والمتابعات التي تتم في إطار قانون مكافحة الإرهاب. وأشار رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، في تصريح ل"اليوم 24": "نحن نثمن هذا العفو الملكي ونعتبره خطوة في الاتجاه الصحيح"، كما دعا إلى أن تتواصل هذه العملية مع باقي المعتقلين. وبخصوص مقاربة إدماج هؤلاء المفرج عنهم، طالب حامي الدين الدولة ومؤسساتها بضرورة توفير الإدماج الاجتماعي لهذه الفئة، وأوضح: "نتمنى ألا يتم الاكتفاء فقط بإطلاق سراحهم، وإنما دعمهم وإدماجهم". كما أبرز رئيس المنتدى أن المقاربة التصالحية التي أصبح ينهجها المغرب، والتي تقوم على أساس العفو، يجب أن تستنبط منها رسائل قوية في تعاطي الدولة مع ملف "السلفيين"، كما شدد على ضرورة الاهتمام بوضعية السجون من الناحية الفكرية والمادية، وكذلك التركيز على الجانب الاجتماعي والاقتصادي، موضحا أن تغافل هذه الأمور "كان سببا في انغلاق عدد كبير من المعتقلين واندفاعهم إلى أفكار التشدد" ودائما حسب قوله. ومن جانبه، ثمن عبد الرحيم الغزالي، المتحدث باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، هذه الخطوة الملكية، واعتبرها إيجابية وتنحوا في مسار التعامل الجدي مع هذا الملف، كما قال الغزالي، في اتصال هاتفي مع "اليوم 24": "ندعو الدولة المغربية إلى اتخاذ خطوات مماثلة في هذا الاتجاه من أجل طي صفحة هذا الملف". وقد شكل حدث الإفراج عن معتقلي "التيار الجهادي" إشارة قوية نحو زحزحة ملف معتقلي أحداث 16 ماي 2003، وبذلك خطوة استثنائية ومنعطفا جديد في تعامل الدولة مع المعتقلين السلفيين والتيار السلفي عموما.