جلالة الملك في خطاب المسيرة الخضراء : حان الوقت لتتحمل الأمم المتحدة مسؤوليتها، وتوضح الفرق الكبير، بين العالم الحقيقي والشرعي، الذي يمثله المغرب في صحرائه، وبين عالم متجمد، بعيد عن الواقع وتطوراته        في بلاغ للمكتب السياسي .. وضوح رؤية جلالة الملك في قضية الصحراء مكَّن بلادنا من تأمين مضامين سوسيواقتصادية للسيادة على التراب    هذا ما أكده التنسيق النقابي الوطني بقطاع الصحة في ندوة صحفية بالرباط    التنسيق النقابي للأطر الصحية يتوعد الحكومة بالتصعيد احتجاجاً على خرق اتفاق يوليوز            قبل مواجهة الغابون وليسوتو.. وليد الركراكي يعقد ندوة صحفية الثلاثاء المقبل    انتخاب السيدة نزهة بدوان بالإجماع نائبة أولى لرئيسة الكونفدرالية الإفريقية للرياضة للجميع …    عدد سكان المغرب زاد ب2.9 مليون نسمة خلال 10 أعوام    ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة القدم بمدريد    مورو يدشن مشاريع تنموية ويتفقد أوراشا أخرى بإقليم العرائش    ندوة وطنية بمدينة الصويرة حول الصحراء المغربية    انتخاب المغرب بالأغلبية لتولي منصب نائب رئيس منظمة الأنتربول عن القارة الإفريقية    البنيات التحتية الأمنية بالحسيمة تتعز بافتتاح مقر الدائرة الثانية للشرطة    أسئلة لفهم مستقبل فوز ترامب على بنية النظام الدولي ومَوقِف الدول العربية    هذه برمجة الدورة ال21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش    إطلاق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    مؤشرات إيجابية نحو إنهاء أزمة طلبة الطب واستئناف الدراسة    منصف الطوب: هذا ما تحتاجه السياحة لتواصل صورتها اللامعة    استعدادات المنتخب الوطني: الركراكي يعقد ندوة صحفية وحصة تدريبية مفتوحة للإعلام    بنسعيد يزور مواقع ثقافية بإقليمي العيون وطرفاية    بالصور .. عامل الجديدة يوشح مجموعة من الموظفين بأوسمة ملكية بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء    ضبط عملية احتيال بنكي بقيمة تتجاوز 131 مليون دولار بالسعودية    بوجمعة موجي ل"رسالة24″ : يجب تعزيز الرقابة وحماية المستهلك من المضاربين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    سفير أستراليا في واشنطن يحذف منشورات منتقدة لترامب    قانون إسرائيلي يتيح طرد فلسطينيين        جدري: القطاعات التصديرية المغربية كلها تحقق قفزة مهمة    كلميم تطلق تشييد "مركب لالة مريم"    تظاهرات واشتباكات مع الشرطة احتجاجا على فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية    جو بايدن يشيد بهاريس رغم الخسارة    نجم منتخب أوروغواي السابق دييغو فورلان يحترف التنس    شخصيات رياضية تكرم محمد سهيل    وزارة الصحة تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    أولمبيك مارسيليا يحدد سعر بيع أمين حارث في الميركاتو الشتوي    محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بتهمة "التجاهر بالفاحشة"    بعد رفعه لدعوى قضائية.. القضاء يمنح ميندي معظم مستحقاته لدى مانشستر سيتي    مزور: المغرب منصة اقتصادية موثوقة وتنافسية ومبتكرة لألمانيا    إعطاء انطلاقة خدمات مركز جديد لتصفية الدم بالدار البيضاء    إحصاء 2024 يكشف عن عدد السكان الحقيقي ويعكس الديناميكيات الديموغرافية في المملكة    انخفاض عدد المناصب المحدثة للتعليم العالي إلى 1759 منصبا في مالية 2025    التّمويل والصّيانة تحديات تحاصر أجرأة مشاريع برنامج التنمية الحضرية لأكادير    300 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا .. والوزارة تقترح هذه الخطة    دراسة: أحماض أوميغا 3 و 6 تساهم في الوقاية من السرطان    انطلاق الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    ابتسام بطمة ترد على شائعات العفو الملكي    برنامج يخلد المسيرة الخضراء بمونتريال    "مهرجان سينما الذاكرة" يناقش الدبلوماسية الموازية في زمن الذكاء الاصطناعي    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة        كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحثاً عن حل شامل
بقلم: سناء كريم*

شهد المغرب قرابة شهر آذار/مارس تطور مسار جديد في ملف السلفية الجهادية الذي يعتبر أكثر الملفات حساسية، مسار يدفع في اتجاه الانفتاح على التيار السلفي " من أجل فهم مشترك للحالة السلفية وسؤال المشاركة في الحياة العامة" .
إذ يدفع هذا الحوار الفكري الذي أطلقه "منتدى الكرامة لحقوق الإنسان"، الذراع الحقوقي لحزب العدالة و التنمية، جنباً إلى جنب مع "جمعية عدالة من أجل الحق في المحاكمة العادلة" و"جمعية الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان"، وبدعم من "مؤسسة قرطبة بجنيف"، في اتجاه تقليص التوترات و الانقسامات الفكرية الحادة داخل المجتمع المغربي حول إعادة تأهيل وإدماج السلفيين المعتقلين في إطار قانون مكافحة الإرهاب في الحياة العامة، ورسم خريطة بشأن إيجاد تسوية شاملة متوافق عليها في هذا الموضوع.
أول لقاء أو حوار تشاوري في المغرب من أجل إيجاد حل ملف "السلفية الجهادية في البلاد، حضرته فعاليات حقوقية وممثلين عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان ومحامين وأكاديميين، وأقطاب السلفية في المغرب الشيخ حسن الكتاني، والشيخ محمد رفيقي "أبو حفص"( سبق أن حُكما ب20 و25 سنة سجنا عقب التفجيرات الإرهابية في 16 أيار / مايو 2003)، والشيخ عمرالحدوشي(سبق أن حكم ب 30 سنة) قبل أن يغادروا السجن بعفو ملكي، وبعض المعتقلين السابقين كجلال المودن، واللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين التي تمثل معظم من تبقى من معتقلين بهذا الملف. وغاب عنه مجموعة من الوسطاء الذين تقدموا مؤخرا بمبادرات تسير في اتجاه حل ملف الإرهاب في المغرب مثل (هيئة المحامين الوسطاء للتصالح الوطني بقيادة المحامي أحمد راكز، وحزب النهضة والفضيلة، في شخص أمينها العام محمد خليدي، وحزب الأصالة والمعاصرة في شخص النائبة البرلمانية خديجة الرويسي)، جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، كما غاب عنه الشيخ محمد الفيزازي، (الذي سبق أن حكم بثلاثين سنة سجنا عقب التفجيرات الإرهابية في 16 أيار/ مايو 2003 قبل أن يغادر السجن في 14 نيسان/ أبريل 2011 بعفو ملكي)، وممثلين عن المجلس العلمي الأعلى، والحركات الدعوية الذي يعتبر هذا الحوار في صميم اختصاصاتها.
ورغم هذا الإقصاء الذي أثر حتما في مسار هذا الملف وجعل منه ميدانا للمنافسة السياسية والحقوقية بدليل أن عبد الرحيم مهتاد، رئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين يهيئ لتنظيم لقاء دولي قريبا حول الملف نفسه بحضور جميع المكونات السياسية والجمعيات الوطنية والدولية للمطالبة بالإفراج عمن تأكدت مظلوميتهم داخل السجون المغربية، والذين توبعوا في ملفات الإرهاب عن طريق الخطأ، (رغم الإقصاء) إلا أن حيثيات أهمية هذا اللقاء التشاوري الوطني الأول من نوعه في المغرب، يسجل حتما لتوجه جديد في التعامل مع هذا الملف الحساس .هذا التوجه نجد مرجعته لدى عدد من العناصر، أولها جرأة النقاش حول مواضيع محددة تمس الفكر السلفي بحضور جمعيات حقوقية وازنة، بكل الحمولات الفكرية والإيديولوجية المختلفة التي تحملها ووجها لوجه أمام شيوخ كانوا يعتبرون لوقت قريب إعلاميا وأمنيا منظرين للفكر السلفي الجهادي بالمغرب. وهو ما يشهد على منطق استيعابي جديد نعتقد أن الربيع العربي سببا رئيسا فيه، منطق تجاوز بكثير حسابات المنطق الاستئصالي الذي كانت بعض الجهات السياسية والحقوقية تصر على التعامل به منذ الأحداث الأليمة التي عاشها المغرب في 16 أيار/مايو 2003.
ويبقى السؤال، هل انتبهت الدولة أخيرا إلى ضرورة استثمار الحوار كأداة لوضع حد لهذا الإشكال الذي يزيد عمره عن 10 سنوات إسوة ببعض الدول كمصر والجزائر وليبيا والأردن والسعودية واليمن، أم أن الأمر لايتعدى كونه مبادرة فردية من المجتمع المدني؟
الجواب عن هذا التساؤل سيحمله اللقاء التشاوري الثاني الذي من المفترض أن ينفتح أكثر على الجهات الرسمية التي تتحكم في مسار هذا الملف منذ إرهاصاته الأولى التي سبقت 16أيار/ مايو 2003. لكن الأكيد اليوم، أن هذا الحوار الذي ناقش إشكالية العنف والجهاد و التدبير السلمي للاختلاف، ولامس الموقف السلفي من التعددية والديمقراطية، والموقف من حقوق الإنسان والمرأة، والحريات الفردية..، وطرح سؤال الاندماج في علاقة بالمعتقلين على خلفية هذا الملف والتعقيدات التي تواجههم داخل السجن وخارجه، سواء بالإقصاء من برامج الاندماج داخل السجن أو بتعطيل حقوقهم المدنية والمهنية في علاقة بالإدارة والمصالح العمومية، يبقى فرصة ثمينة لتعبيد الطريق أمام حوار حقيقي بين الدولة كطرف رئيسي وحاسم في آليات الحل، وبين المعتقلين المعنيين من جهة أخرى، هذا علاوة على أن هذا الحوار ضروري من أجل الفهم الحقيقي لأفكار هؤلاء الذين "قيل يوما" إنهم يهددون أمن البلاد من جهة، ومن أجل فرز لائحة المعتقلين الذين يشكلون بحق تهديدا أمنيا للمغرب من جهة أخرى وهم أقلية قليلة جدا، والبقية ممن جرفتهم يد الأمن جراء الصدمة الكبرى التي خلفتها تفجيرات 16 أيار/مايو 2003 في الدارالبيضاء وهم السواد الأعظم، وذلك من خلال استيعاب العديد من الإشارات و الضمانات التي تقدم بها المشايخ وباقي المعتقلين الذين عانقوا الحرية سواء من خلال التواصل مع جمعيات المجتمع المدني بمختلف حمولاتها الفكرية والإيديولوجية، أو من خلال انخراطهم في العمل السياسي والجمعوي.
من جهة أخرى، شكك البعض في هذه المبادرة وتم اعتبارها محاولة لمنتدى الكرامة المقرب من حزب العدالة والتنمية لتلميع صورته، بعد التراجع الذي سجل عليه في التعاطي مع هذا الملف منذ قيادة هذا الحزب للحكومة المغربية، وتعيين مصطفى الرميد على رأس وزارة العدل والحريات، واستغلال الحزب لهذا الملف سياسيا لكسب المزيد من التأييد الشعبي.
اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، الممثل الشرعي لمعظم المعتقلين، أبدت بعض التخوفات أيضا من تسييس هذا الملف، من خلال إدراج بعض الملاحظات والمواقف حول هذا اللقاء من قبيل تركيز أرضيته على مجموعة من الأفكار الهامة التي تتجه نحو احتواء -الحالة السلفية- باعتبارها حالة سياسية-، أكثر من تركيزه على معالجة وضعية حقوقية مزرية ناجمة عن انتهاكات جسيمة طالت فئة من المغاربة تم الزج بهم في السجن وأهدرت كرامتهم و تعرضوا لاعتداءات على حقوقهم التي يضمنها القانون المغربي ، والتي تؤكد عليها الاتفاقيات الدولية التي التزم بها. كما اعتبرت أن الحديث عما هو سياسي وفكري سابق لأوانه..".
ومع ذلك، ركّز السجناء على مسألة العفو والإفراج كونها ذات أولوية على المطالب البسيطة مثل نقلهم إلى أماكن أقرب إلى أسرهم، و السماح باستعمال أجهزة الراديو في السجن، وعدم تقييد حزم الرعاية من الأسر.
وبين طرح التوبة الذي أعلنت عنه الدولة منذ سنوات في شخص وزير الداخلية السابق لمن رغب في الاستفادة من العفو الملكي، وطرح"التسوية وجبر الضرر" الذي تنادي به الجمعيات الحقوقية، يطرح الجانب الآخر من داخل السجون أيضا خيارات عدة ، ففيما تبنى عدد من المعتقلين خيار "المراجعة والمصالحة"الذي طرحه حسن الخطاب المحكوم ب30 سنة وعبد القادر بلعيرج المحكوم بالمؤبد من داخل السجن، ترى فئة أخرى ممن انضم إلى مبادرة الوفاق الوطني الحديثة التأسيس داخل السجون ضرورة إيجاد حل توافقي من خلال نهج سياسة حوار هادئ مع الحفاظ على السلم الاجتماعي.
وترى مجموعة أخرى من المعتقلين–وهو الطرح الذي تتبناه اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين- ضرورة إنصاف الضحايا ورد الاعتبار أليهم من طرف أجهزة الدولة التي انتهكت حقوقهم بما يخالف القانون الوطني و التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان. وأول خطوة في هذا الطريق تتمثل –حسب اللجنة- في اعتراف الدولة بهذه الانتهاكات مثل (الاعتقالات التعسفية، الاختطاف القسري، التعذيب.. ) وتوجهها نحو تصحيحها والقطع الحقيقي معها وتتويج ذلك بإطلاق سراحهم في إطار عفو شامل.
ورغم اختلاف هذه المقاربات، إلا أن الهدف منها واحد وهو الطي النهائي لهذا الملف من خلال الإفراج عمن تأكدت مظلوميتهم داخل السجون المغربية، ولم يتورطوا في أعمال إرهابية على أرض الواقع، بل حوكموا من أجل أفكارهم أو بسبب الاعتقالات العشوائية التي تلت تفجيرات البيضاء في 16 أيار/مايو 2003.
ويبقى الانتظار إلى حين ظهور إشارات الإرادة السياسية لإنهاء هذا الملف، لأن فيه يكمن الحل، و خدمة لخيار الإصلاح الذي تبناه المغرب في ظل الربيع العربي من الملح بالنسبة إلى حقوق الإنسان اتخاذ خطوات فعلية في هذا الإطار.
*سناء كريم كاتبة وصحفية من المغرب.
مؤسسة كارنجي للسلام العالمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.