بعد أشهر قليلة من واقعة توقيف رئيس الدائرة الشمالية لأحواز وجدة من طرف الوالي محمد مهيدية عن ممارسة مهامه لمدة 6 أشهر، قبل أن تتدخل وزارة الداخلية وترجع الموقوف إلى عمله، بعدما تبين أن الأمر لا يتعلق بخطأ مهني بقدر ما هو خلاف لرئيس الدائرة مع أحد المنتخبي عاد الوالي ليصدر قرارا جديدا في حق رئيس قسم الشؤون الاقتصادية بولاية الجهة، والحاقة منذ مؤخرا بباشوية بني أدرار، كمحطة ثانية بعد إعفائه من مهامه. أمام انعدام أسباب الإعفاء توجه "بوجمعة ميموني" الموظف المعفى من مهامه كرئيس للقسم المذكور، إلى القضاء للطعن في قرار الوالي الذي اعتبره قرارا "مجحفا"، ويدخل في إطار "الشطط في استعمال السلطة"، ووفق وثائق الملف التي تتوفر "اليوم24" على نسخ منها فان المذكرة المصلحية (القرار)، التي أعفت الموظف من مهامه وإلحاقه في البداية بباشوية وجدة، مشوب ب"عيب السبب"، حيث أن القرار المطعون فيه جاء "منعدم السبب والتعليل"، على اعتبار أن الإدارة ملزمة بتعليل قراراتها طبقا للقانون 01-03 المتعلق ب"إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية"، وهو قرار أيضا وفق مذكرة تقدم بها محامي الموظف مخالف لمنشور الوزير الأول حول "إلزامية تعليل القرارات الإدارية". ووفق نفس المصادر فان القرار لا أساس قانوني له، لأن الموظف "لم يتوصل بأي إنذار أو استفسار، حتى يتسنى له الدفاع عن حقوقه قبل اتخاذ القرار المذكور، وهو ما أكده المجلس الأعلى في أحد قراراته الذي ينص بصريح العبارة على أنه يتعين إعطاء الفرصة للموظف لتقديم توضيحاته حول الأفعال المنسوبة إليه قبل اتخاذ القرار". وكشفت المصادر ذاتها أن الوالي "لا يملك صلاحية اتخاذ قرار الإعفاء"، وأن الاختصاص يعود بالدرجة الأولى إلى وزير الداخلية الذي له "حق التعيين والتأديب"، وهو ما أكدته المحكمة الإدارية بمدينة أكادير في قضية مشابهة، بعدما أعفي رئيس نفس القسم من مهامه من قبل والي جهة سوس ماسة درعة، والذي جاء فيه أن السلطة التي لها "حق التسمية والتعيين"، هي التي تملك حق التأديب، وبالتالي فان القرار الصادر عن الوالي الذي اعتبر انه مشوب بعيب الاختصاص تقرر إلغاءه. وقالت المصادر ذاتها أن ميموني الذي كلف بمهمة رئيس القسم الاقتصادي والاجتماعي بولاية وجدة بقرار من وزير الداخلية، بعد الأخذ بعين الاعتبار كفاءته المهنية والنقط المحصل عليها طيلة فترة عمله بما فيها نقطة السيد الوالي الحالي، كما أنه منذ تعيينه سنة 1991 "لم يرتكب أي خطأ مهني يذكر ولم يتلقى أي إنذار أو استفسار أو ما شابه ذلك". من جانبه دافع والي الجهة الشرقية عن قرار إعفاء الموظف المذكور، حيث أكد في المذكرة التي وجهها مؤخرا إلى رئاسة المحكمة الإدارية والتي تتوفر "اليوم24" على نسخة منها أن القرار الذي اتخذه "تصرف في نطاق القانون"، وإعمالا لسلطته التقديرية، وفي حدود صلاحياته، ودافعُه في ذلك "المصلحة العامة وحسن تدبير المرفق"، وكشف الوالي في نفس المذكرة أنه يتوفر على "الصلاحية القانونية موضوعيا ومكانيا وزمانيا لإصدار إعفاء الموظف من مهامه"، باعتباره الجهة الإدارية الموكل لها قانونا "تدبير الموارد البشرية بالولاية". وبالرغم من كون قرار الإدارة بإعفاء الموظف من مهامه قرار قال الوالي بأنه "يندرج في إطار سلطة الإدارة التقديرية"، ومن ثم "لا رقابة على ركن السبب فيه"، إلا أن الوالي ولإبراز استناد قرار الإعفاء على أسس سليمة من القانون والواقع أرجع سبب اتخاذ القرار إلى "محدودية كفاءة الموظف في تدبير قسم الشؤون الاقتصادية من جهة، وتصرفاته غير الملائمة خاصة في تدبير الملفات المرتبطة بالنقل والمأذونيات من جهة أخرى حيث نتج عن هذا الوضع استياء عام في أوساط مرتفقي مصلحة النقل ونقابة هيئة سائقي سيارات الأجرة"، وهو السبب الذي يرد عليه محامي الموظف بمراسلة موقعة من ثلاثة نقابات تبرئ الموظف مما ذهب إليه الوالي في تحديد سبب الإعفاء.