سنة سوداء تمر منها شركات العقار بالمغرب، ففي الوقت الذي عرف فيه أداء مجموعة «أليانس» العقارية تراجعا كبيرا خلال السنة الماضية، فضلا عن توالي الحجز على حسابات المجموعة، وتعليق تداول أسهمها في بورصة الدارالبيضاء مرتين متتاليتين، عانت مجموعة «الضحى» من شح السيولة، في حين لم تتمكن الشركة العامة العقارية الصمود في وجه الأزمة لتقرر الانسحاب من البورصة. الضحى..أزمة السيولة مرت مجموعة «الضحى» من أزمة خانقة في سيولتها المالية، حيث إن المديونية وصلت إلى حوالي 8.8 ملايير درهم، وهو ما جعل «الضحى» تطلق «مخطط خلق السيولة»، والذي يهدف إلى توفير السيولة خلال السنتين المقبلتين واستعادة التوازنات المالية للمجموعة، حيث أكد مسؤولو «الضحى» أن الاستمرار في هذه السياسة سيمكن من تخفيف نسبة المديونية بالمقارنة مع رأس المال من 80 في المائة حاليا إلى 30 في المائة مستقبلا. وتماشيا مع «مخطط خلق السيولة»، تعتزم المجموعة الانتهاء من إنتاج 12300 وحدة سكنية برسم سنة 2015 بدل إنتاج 25 ألف وحدة كمعدل ما بُني في 2012 و2014. كما أن المعدل الوسطي لتسويق الوحدات في طور الإنجاز يتجاوز 70 %. ما جعل المجموعة تعمل على الحد من إطلاق أشطر جديدة للتسويق. أما الهدف من هذا الحد، فيتمثل في تجنب تسويق شطر جديد طالما لم يتم تسويق الأشطر القديمة بشكل واسع. هكذا، ومنذ بداية سنة 2015 تم تسويق شطرين لا غير، ويتعلق الأمر ب«الأزهر 2» بالدارالبيضاء، و«السعادة 2» بأكادير. أليانس..أداء سلبي وحجز على الحسابات ختمت مجموعة أليانس سنة 2014، على وقع تراجع كبير، طال أرباحها، إذ لم تتجاوز الأرباح الصافية خلال السنة الماضية 130 مليون درهم، مقابل 530 مليون درهم خلال سنة 2013، ما يعني أن المجموعة فقدت نحو 400 مليون درهم «40 مليار سنتيم» من الأرباح الصافية خلال سنة واحدة. وعزت المجموعة هذه النتائج إلى الظرفية الاقتصادية الصعبة والتباطؤ الذي يعيشه قطاع العقار، بالإضافة إلى أزمة السيولة التي تعرفها السوق المغربية. الوضعية الاستثنائية التي تمر منها المجموعة، لم تقف عند هذا الحد، إذ يعاني قطبه للبناء «EMT» أزمة مالية خانقة، كما حجزت شركة «كونتوار ميتالورجيك»، فرع مجموعة «هولماركوم»، على الحسابات البنكية للمجموعة العقارية في حدود 10.7 ملايين درهم خلال شهر مارس الماضي، بسبب ديون مستحقة على قطب البناء التابع لها. ويبلغ حجم مديونية شركة «EMT 69.2» مليون درهم مستحقة لفائدة المجهزين والممونين، وهو المبلغ الذي تسبب في هزة مالية عنيفة للمجموعة، كما قرر محمد العلمي نافخ لزرق، رئيس المجموعة، بيع 25 ألف سهم في «ألمنيوم المغرب» في سوق البورصة، بسعر بلغ 1165 درهما للسهم، وهو ما يتجاوز عتبة 5 في المائة من المساهمة في الشركة المذكورة. وأكد مجلس أخلاقيات القيم المنقولة أنه من خلال هذه العملية خرج العلمي لزرق من رأسمال «ألمنيوم المغرب»، زيادة على ذلك، أرغمت إمبراطورية العلمي بعد مرورها بأزمة مالية خانقة، على القيام مؤخرا بعملية اقتراض تتجاوز قيمتها مليار درهم، من أجل مواجهة خطر تفاقم مديونيتها، وضخ جرعة أوكسجين جديدة لأسهمها في البورصة بعد أن تراجعت إلى مستويات قياسية. CGI.. بين المحكمة والبورصة على إثر التعليمات الملكية لوزارتي الداخلية والاقتصاد والمالية، التي تخص حل مشاكل المواطنين المتضررين من مشروع المجمع السكني بمدينة باديس بالحسيمة، والمنجز من طرف الشركة العامة العقارية CGI، التابعة لمجموعة صندوق الإيداع والتدبير، أحيل 24 إطارا بصندوق الإيداع والتدبير والشركة العامة العقارية، بمن فيهم المديرون العامون للشركة والمجموعة، حيث تمت إقالتهم وتقديمهم للعدالة، إذ يواجهون اتهامات بتبديد أموال عمومية والمشاركة في ذلك، بعدما كشفت الأبحاث التمهدية في الملف، مسؤولية الأطر المكلفة بالمشاريع العقارية في الاختلالات المالية والخروقات المسجلة في التصاميم الخاصة بمشروع تجزئة «باديس». لم يقتصر الأمر على ذلك، بل تم سحب أسهم الشركة العامة العقارية من بورصة الدارالبيضاء، مع ما خلف ذلك من مآسي، خاصة بالنسبة إلى المستثمرين الصغار الذي اشتروا السهم قبل 3 سنوات بسعر مرتفع لكي يتقرر مؤخرا تحديد سعره الذي سيخرج به من البورصة في 725 درهما. العمران وغضبة بنكيران قبل غضبة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، خلال اجتماع مجلس الرقابة لمجموعة العمران المنعقد خلال نهاية الشهر المنصرم، وإثارته لعدم رضاه عن بطء وتيرة إنجاز سكن الفقراء، رصدت دراسة حديثة قام بها المركز المستقل للدراسات الاقتصادية، العديد من اختلالات شركات «العمران»، مبرزة أن المجموعة لم تعد حريصة على الحفاظ على البعد الاجتماعي في تدخلاتها، ويتجلى في التراجع المستمر في نسبة العقار الموظف للإغراض الاجتماعية، كما أنها لم تعد تكتفي بتحقيق التوازن المالي للعمليات التي تنجزها، بل أصبحت تميل شيئا فشيئا إلى تحقيق الربح من خلال مزاولة أثمنة تطابق أسعار السوق في الوقت الذي يعتمد نشاطها على تعبئة العقار العمومي بشروط تفضيلية، كما أن شركة «العمران» أبانت، يقول التقرير الذي صدر مؤخرا، عن عجز كبير في مواكبة الأوراش الكبرى التي سبق فتحها وتصفية الأوضاع العقارية والتعميرية للعديد من العمليات بالوتيرة اللازمة، الشيء الذي يعطل على المستفيدين منها الحصول على رسومهم العقارية والاطمئنان على استثماراتهم. وأرجعت الدراسة، جل اختلالات «العمران» إلى سوء التدبير، وأعطت مثالا بميزانية التسيير التي تقارب 542 مليون درهم كمعدل سنوي، وذلك راجع إلى الارتفاع المهول الذي عرفته كثلة الأجور التي انتقلت من 370 مليون درهم المسجلة خلال سنة 2010 إلى ما يفوق 517 مليون درهم خلال سنة 2014 أي بزيادة تناهز 40 %. وبالمقارنة مع مؤسسات عمومية أخرى تحتل مجموعة العمران المرتبة الثانية بعد مجموعة المكتب الشريف للفوسفات في ما يتعلق بتحملات الأجور العائدة لكل موظف «charges per capita»، والتي تبلغ 371,050 درهما في السنة، بينما تأتي مجموعة صندوق الإيداع والتدبير في المرتبة الثالثة بتحملات تبلغ 349.540 درهما في الوقت الذي يعتبر فيه حجم استثمار مجموعة العمران وحجم نتائجها المالية جد ضعيفة بالمقارنة مع المؤسسات الأخرى. وخلص التقرير أن مؤشرات الأداء المعتمدة في مجموعة العمران تظهر التراجع البيّن الذي أصاب نشاط العمران منذ 2011 والاختلالات التي أصبحت تطبع تدبيرها، والتي سرعان ما انعكست على مستوى أدائها من حيث وتيرة إنجاز البرامج وتسويقها، ومن حيث التراجع الكبيرعن البعد الاجتماعي لهذه البرامج، إلى جانب ما أصبح يهدد استمرارية نشاط البعض منها بعد نفاذ الاحتياط من الأراضي الذي سبق تشكيله، والعجز عن تعبئة عقارات جديدة وغياب أي اجتهاد يذكر على مستوى ابتكار نماذج جديدة للتدخل تنسجم أكثر مع الظروف الحالية. البورصة تتأثر بما يقع للشركات العقارية ساهمت الشركات العقارية في المغرب في تراجع حاد لبورصة الدارالبيضاء خلال الفترة الماضية، وهو ما يعكس الوضعية الحرجة التي تعاني منها تلك الشركات، والتي بدأت في التراجع منذ العام الماضي. وفقدت أسهم مجموعة «أليانس»، حوالي 70 في المائة من قيمتها، ولم تكن شركتا «الضحى» و«إقامات دار السعادة» أحسن حالا، حيث تراجعت قيمه أسهمهما على التوالي بنسبة 34 و38 في المائة خلال النصف الأول من العام الجاري. ويرى المحللون أن هذا التراجع الحاد للشركات العقارية الذي انعكس سلبا على بورصة الدارالبيضاء، يُعزى إلى المشاكل التي عانت منها تلك الشركات على مدار العام الماضي، والتي لم تستطع الحد من تداعياتها خلال النصف الأول من العام الجاري، كي تقلل من خسائرها. وحسب محللي شركة «أوب لاين»، فقد كانت سنة 2014 صعبة على البورصة، التي تقهقرت بنسبة 12.8 في المائة مقابل الارتفاع المسجل سنة 2013 والبالغة قيمته 5.7 في المائة. تعويل على قانون مالية 2016 يرى يوسف بنمنصور، رئيس الفيدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين، أن على الحكومة التراجع عن سياستها الخاصة بدعم الاستثمار العمومي، والذي شهد خلال السنين الأخيرة تراجعا من حيث المبالغ التي خصصتها الدولة لهذا الاستثمار، الذي يعتبر قاطرة مهمة لنمو القطاع العقاري بالمغرب، وأضاف بنمنصور في حوار له مؤخرا مع جريدة «ليكونوميست»، أن القانون المالي المقبل يجب أن يعطي اهتماما خاصا لهذا الجانب، باعتبار أن القطاع يوفر ما بين 40 إلى 50 ألف فرصة شغل سنويا، مشيرا أن على الحكومة دعم الاستثمار العمومي في مجال البناء والأشغال العمومية وإنتاج السكن. وبشأن تباطؤ وتيرة تمويل القطاع من قبل البنوك، كشف بنمنصور أن التشدد في منح القروض لا يمكن اعتباره توجها ملائما للظرفية الاقتصادية الحالية، علما أن القروض الموجهة إلى المنعشين العقاريين تراجعت مؤخرا بشكل كبير، فيما تحسنت تلك الموجهة إلى السكن، إلا أنها لم تبلغ المستوى المطلوب، فمعدلات الدخل بالمغرب معروفة. وإذا لم تكن هناك قروض فلا يمكن لشرائح اجتماعية واسعة الولوج إلى السكن لافتقارها إلى الموارد اللازمة لتمويل اقتنائه، خاصة ما يتعلق بالفئات المتوسطة، التي ما تزال تحتاج إلى مزيد من الاهتمام من قبل الدولة. وتابع القول: «قدمنا، في هذا الشأن، مجموعة من المقترحات من أجل إدماجها في القوانين المالية التي تحضرها الحكومة، منها السماح للمقترضين بخصم فوائد القروض التي يؤدونها من الأجر الخاضع للضريبة، وذلك دون تحديد سقف معين، إضافة إلى خصم الأقساط المخصصة للاكتتاب في مخططات الادخار من أجل السكن، لكن هذه المقترحات لم تؤخذ بعين الاعتبار».