وزير الخارجية السابق لجمهورية البيرو يكتب: بنما تنضم إلى الرفض الدولي المتزايد ل"بوليساريو"    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء        اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بوعشرين: أصحاب "كلنا إسرائيليون" مطالبون بالتبرؤ من نتنياهو والاعتذار للمغاربة    الدار البيضاء.. حفل تكريم لروح الفنان الراحل حسن ميكري    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    سبوتنيك الروسية تكشف عن شروط المغرب لعودة العلاقات مع إيران    كأس ديفيس لكرة المضرب.. هولندا تبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخها        الوزير برّادة يراجع منهجية ومعايير اختيار مؤسسات الريادة ال2500 في الابتدائي والإعدادي لسنة 2025    فولكر تورك: المغرب نموذج يحتذى به في مجال مكافحة التطرف    اختفاء غامض لشاب بلجيكي في المغرب        مرحلة استراتيجية جديدة في العلاقات المغربية-الصينية    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    محامون يدعون لمراجعة مشروع قانون المسطرة المدنية وحذف الغرامات    تخليد الذكرى ال 60 لتشييد المسجد الكبير بدكار السنغالية    خبراء يكشفون دلالات زيارة الرئيس الصيني للمغرب ويؤكدون اقتراب بكين من الاعتراف بمغربية الصحراء    رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم: "فخور للغاية" بدور المغرب في تطور كرة القدم بإفريقيا    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات        الموت يفجع الفنانة المصرية مي عزالدين    وسيط المملكة يستضيف لأول مرة اجتماعات مجلس إدارة المعهد الدولي للأمبودسمان    عندما تتطاول الظلال على الأهرام: عبث تنظيم الصحافة الرياضية    طقس السبت.. بارد في المرتفعات وهبات ريال قوية بالجنوب وسوس    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    موتسيبي يتوقع نجاح "كان السيدات"    موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"        افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها        مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    مشروع قانون جديد لحماية التراث في المغرب: تعزيز التشريعات وصون الهوية الثقافية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



2015 سنة الآمال والمخاوف
نشر في اليوم 24 يوم 01 - 01 - 2015

ككلّ السنوات تحلّ 2015 حاملة معها كمّا هائلا من الآمال والمخاوف، إلا أن هذه السنة تمتاز بالإرث الثقيل الذي انتقل إليها من سابقتها، سنة 2014، بالنظر إلى ما حفلت به هذه الأخيرة من تحوّلات داخلية وخارجية كبيرة ومتلاحقة. فسياسيا، تعتبر سنة 2015 محطة للإنجاز والانتقال من التبشير والتخطيط إلى الفعل بالنسبة إلى حكومة عبد الإله بنكيران. هذه الأخيرة، وبعد شهور من الاكتشاف والتعرّف على الملفات، ومرحلة الانفجار التي أخرجت أحد مكوّنات تحالفها السياسي وعوّضته بآخر، باتت اليوم، مطالبة بإنجازات ملموسة في السنة الرابعة من ولايتها الحكومية.
السنة الجديدة هي، أيضا، موعد لأول امتحان انتخابي حقيقي لحزب رئيس الحكومة عبدالإله بنكيران، منذ فوزه باستحقاقات 2011 التشريعية. والسنة التي سيقطع فيها المغرب فعليا مع دستور 1996، وينتقل مؤسساتيا إلى العمل بمقتضيات دستور «الربيع العربي». ويتجسّد هذا الانتقال بتنظيم أول انتخابات محلية بعد الحراك الشعبي الذي شهده المغرب قبل ثلاث سنوات، وتجديد الغرفة الثانية في البرلمان، أي مجلس المستشارين.
وفيما يُنتظر أن تكشف 2015 عن التعداد الحقيقي الجديد للساكنة المغربية، بعد الانتهاء من قراءة استمارات الإحصاء السكاني الأخير، ستبدأ الحكومة في تفعيل جزء من أهم وأبرز وعودها سواء في الانتخابات السابقة أو في البرنامج الحكومي، وهي تقديم دعم مالي مباشر للفئات الهشة في مقابل حذف الدعم الخاص بصندوق المقاصة، من خلال دعم الأرامل وتغطية طلبة الجامعات صحيا.
في المقابل، تنطوي السنة الجديدة على كثير من التحديات والمخاوف، أبرزها جيش المقاتلين المغاربة في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، والذي كان أحد العوامل التي جرّت الجيش المغربي إلى استعمال مقاتلاته المتطوّرة في قصف مواقع التنظيم في كل من العراق وسوريا. واستمرار الأزمة الدبلوماسية الخطيرة مع الحليف التقليدي للمملكة، فرنسا. كما تنتظر المغرب سنة حاسمة في ملف الصحراء، بعد مراهنة خصومه عليها لإحراجه ودفعه لتقديم تنازلات تمس بمصالحه ووحدته الترابية؛ وعودة التلويح بخيار الحرب من جانبهم.
الانتخابات المحلية.. امتحان بنكيران
تشكّل سنة 2015 المحطة التي سيقطع فيها المغرب، فعليا، مع دستور 1996، وينتقل مؤسساتيا إلى العمل بمقتضيات دستور «الربيع العربي». ويتجسّد هذا الانتقال بتنظيم أول انتخابات محلية بعد الحراك الشعبي الذي شهده المغرب قبل ثلاث سنوات، وتجديد الغرفة الثانية في البرلمان، أي مجلس المستشارين. هذا الأخير ظلّ إلى نهاية العام 2014، وسيبقى إلى أواخر صيف العام 2015، محتفظا بتركيبة وبنية تعود إلى الدستور السابق، أي عضوية 270 مستشارا برلمانيا، عوض سقف ال120 عضوا، التي نصّ عليها الدستور الحالي. خروج من هذا الوضع المتجاوز، يتطلّب تنظيم سلسلة من الاستحقاقات الانتخابية، لاختيار ممثلي الغرف والنقابات والجماعات المحلية، وهو المسار الماراطوني الذي يحتاج إلى ترسانة قانونية جديدة.
أول امتحان
رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، والذي سيخضع رفقة حزبه لأول امتحان انتخابي حقيقي منذ فوزه باستحقاقات 2011 التشريعية، كشف خلال السنة المنتهية عن الأجندة المفصلة للوجهين التشريعي والتنظيمي لانتخابات 2015، بعدما كان وزيره في الداخلية محمد حصاد، قد كشف عن مواعيدها. بنكيران قال إنه ومن أجل تنظيم هذه الاستحقاقات الانتخابية، سيتم إصدار المنظومة التشريعية الجديدة للجماعات الترابية، وخاصة القانون التنظيمي المتعلق بالجهوية المتقدمة، ومراجعة وإصلاح نظام اللامركزية بالنسبة إلى الجماعات الترابية الأخرى، والإعلان عن التقسيم الجهوي قبل انطلاق العمليات الانتخابية بمدة كافية، على أن يتم في مرحلة موالية، إخراج النصوص القانونية المواكبة للامركزية، خاصة منها المالية المحلية والجبايات المحلية والممتلكات الجماعية.
في المقابل، سيتم إدخال بعض التعديلات على القوانين الانتخابية الحالية، وإصدار النصوص التطبيقية المتصلة بها، واتخاذ التدابير والإجراءات التنظيمية اللازمة والمتعلقة أساسا بإعداد الهيئات الناخبة الوطنية والمهنية، وهي العملية التي انطلقت قبل أيام بدعوة الناخبين إلى تسجيل أنفسهم في اللوائح الانتخابية، وهي العملية التي ستنتهي شهر أبريل المقبل، لينطلق مسلسل تجديد لوائح الهيئة الناخبة الخاصة بالغرف المهنية بين شهري مارس ومايو. «أما بالنسبة إلى القوانين الأخرى المواكبة للامركزية، خاصة منها المالية المحلية والجبايات المحلية والممتلكات الجماعية، فسيتم إحالة مشاريعها على مصادقة البرلمان فور إعدادها، وعلى أبعد تقدير، خلال الدورة التشريعية الموالية، بعد التشاور في شأنها مع الفاعلين السياسيين، ليتم إصدار النصوص التنظيمية المرتبطة بها مباشرة بعد الانتهاء من العمليات الانتخابية»، يقول بنكيران في إحدى مشاركاته الأخيرة في جلسات البرلمان.
هيكلة الدولة
الأكاديمي والعضو في قيادة حزب العدالة والتنمية، عبد العلي حامي الدين، قال إن أبرز التحديات المطروحة في جدول الأعمال الوطني خلال السنة الجديدة، هو ذلك المتعلق بإعادة هيكلة الدولة وفق منظور جديد للجهات والجماعات الترابية في علاقتها بالدولة المركزية. «فخلال هذه الدورة، ستدخل مسطرة التشريع المتعلقة بالقوانين التنظيمية للجهات والجماعات الترابية مرحلة الحسم، بعد مرحلة المشاورات السياسية التي باشرتها الحكومة مع الأحزاب».
مشاريع القوانين التنظيمية المنتظر صدورها، يجب حسب عبد العلي حامي الدين، أن تنطلق من تعزيز ما راكمته التجربة المحلية من مكتسبات، وتجيب عما سجّلته من اختلالات تعوق التنمية المحلية. وشدّد حامي الدين على أن طريقة انتخاب رئيس مجلس الجهة تعتبر نقطة حاسمة في هذا المسار، مقترحا حصر التنافس في الدوائر التي تعتمد الانتخاب اللائحي، بين رؤساء اللوائح الثلاث الأولى، وذلك استلهاما لروح الدستور الذي حصر منصب رئيس الحكومة داخل الحزب الحاصل على الرتبة الأولى في الانتخابات.
الجمعية التي تضم رؤساء مجال الجهات ال16 الموجودة حاليا في المغرب، عبّروا مؤخرا عن رأيهم بخصوص هذا الورش السياسي الضخم، كشفوا من خلاله كيف تراجع المغرب رسميا عن حلم الجهوية كما طُرح في الخطب الملكية ومشاورات اللجنة الملكية الاستشارية التي أعدت تقريرا حول هذا المشروع. الجمعية التي بسطت ملاحظاتها المتعلّقة بمسودة القانون التنظيمي الخاص بالجهوية، الذي طرحته وزارة الداخلية، تحدّثت على لسان عدد من أعضائها عن وجود «نيّة مبيّتة» لإقبار مشروع مغرب الجهات، بما حمله من حمولة اقتصادية واجتماعية وديمقراطية.
رئيس الجمعية، الرئيس الاتحادي لجهة مكناس تافيلالت، سعيد شباعتو، لخّص رأيه حول المقتضيات المعروضة حاليا لإصدار القانون التنظيمي الخاص بالجهات، بالقول إن الأمر يتعلّق ب»لاتركيز الاعتصامات والاحتجاجات» من خلال نقلها إلى الجهات «وجعل الرئيس محاصرا لا يقدّم ولا يؤخّر، وحين يخرج من حصاره يمشي للحبس». من جانبه، رئيس جهة الشاوية ورديغة، المهدي عثمون، قال إن المسودّة التي طرحتها وزارة الداخلية تحضيرا لمشروع القانون التنظيمي الخاص بالجهات، يحمل «تراجعا مبيّتا لإحداث بلوكاج قانوني أمام الرئيس الذي أصبح بمقتضى الدستور آمرا بالصرف، من خلال تقليص اللجان التي تشتغل إلى جانبه من سبع حاليا إلى ثلاث لجان فقط، وحذف منصب الكاتب العام للجهة وتعويضه بمديرين يحتاجان إلى مصادقة وزارة الداخلية قبل مباشرة مهامها».
الصحراء.. سنة الحسم؟
من بين الاختراقات التي حقّقها خصوم المغرب في ملف الصحراء مؤخرا، نجاحهم في تضمين تقارير الأمين العام للأمم المتحدة تلميحات إلى إمكانية فرض حلّ نهائي لهذا الصراع، بشكل قد يمسّ بالمصالح المغربية وسيادته الكاملة على الصحراء. التقرير الأخير للأمين العام للأمم المتحدة، تحدّث عن سنة 2015 باعتبارها موعدا للحسم في هذا الملف، وهو ما كان قد أثار حفيظة المغرب واحتجاجه القوي، خاصة أنه يتقاطع مع الكثير من خطب المعسكر الانفصالي المناوئ للمغرب. بان كي مون قال في نسخته الأولى من تقريره السنوي الأخير، إن شهر أبريل من العام 2015 هو الموعد الذي ينبغي لمجلس الأمن الدولي أن يتخذ فيه قرارا حاسما في حال عدم تسجيل أي تقدّم في المفاوضات.
تصعيد ردّ عليه المغرب بقوة، حيث تطلّب الأمر تدخّلا ملكيا عبر مكالمة هاتفية مباشرة مع بان كي مون، فيما راح خصوم المملكة يحضّرون لهذا الاستحقاق، عبر تعبئة انفصاليي الداخل وتنظيم دورة جديدة من مخيمات «بومرداس»، التي يعسكرون خلالها داخل الجزائر، ثم يعودون إلى المغرب. كما أجرت جبهة البوليساريو خلال الأسابيع الأخيرة، مناورات عسكرية عبّأت لها قواتها العسكرية، وخصّصتها للتدريب على اختراق الجدار العازل الذي أقامه المغرب في الثمانينيات من القرن الماضي، وكان له دور حاسم في تغليب كفته في المواجهة العسكرية. وجرت هذه المناورات في منطقة اغوينيت التابعة للمنطقة العسكرية الرابعة للجبهة، والموجودة ضمن المنطقة العازلة خلف الجدار الرملي. الجبهة الانفصالية حرصت على بعث رسائل سياسية قوية إلى المغرب، مفادها، استعدادها لاستئناف المواجهة العسكرية، وهو ما يستبعده المراقبون لما دبّ في أوصال الجبهة من ضعف. وبحضور زعيمها محمد عبد العزيز، نظّمت الجبهة استعراضا عسكريا قبل انطلاق المناورات، شارك فيه المئات من المقاتلين، وكشفت فيه الميليشيا عن أسلحة مضادة للطائرات ومدرعات ومدافع.
في المقابل، كشف إعلان الجيش الأمريكي عن حاجته إلى مترجمين يرافقونه خلال مناوراته المقبلة بالمغرب في إطار ما يُعرف بمناورات «الأسد الإفريقي»، عن تاريخ إجراء هذه المناورات التي سبق للمسؤولين الأمريكيين أن وصفوها بأكبر مناورات يجرونها في إفريقيا. ويتعلٌّق الأمر بالفترة المتراوحة بين منتصف شهري يناير ومارس من السنة المقبلة. الإعلان نشرته وكالة متخصصة في انتقاء المرشّحين للتوظيف لحساب الدولة الأمريكية، وهي وكالة «فيديرال بيزنس ابورتينيز» المعروفة اختصارا باسم FBO، تبحث بموجبه عن مترجمين قادرين على المشاركة إلى جانب الجيش الأمريكي، في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات المسلحة الملكية، وذلك طيلة الثلاثة شهور الأولى من العام المقبل بنواحي مدينة أكادير.
الخطوة تأتي لتفعيل ما سبق أن أعلنه الناطق باسم قوات المارينز «أوربا إفريقيا» عشية انطلاق مناورات الأسد الإفريقي الأخيرة منتصف السنة الحالية، حيث قال «تشاد ماكمين» إن مناورات «الأسد الإفريقي» للعام 2015 ستكون الأكبر من نوعها في القارة الإفريقية وبشكل غير مسبوق. ويأتي ارتفاع وتيرة التعاون العسكري المغربي الأمريكي، بعد الفتور الذي شهدته سنة 2013 بسبب ملف الصحراء، حيث ألغى المغرب مناورات تلك السنة احتجاجا على اقتراح واشنطن توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء، لتشمل مراقبة حقوق الإنسان.
وتشمل المناورات العسكرية التي ستشهد أكبر محطّاتها بداية العام المقبل، مجالات مختلفة من قبيل التعاون التقني والتكتيكي وتعزيز القدرات الاستخباراتية للجيش والقيام بعمليات لحفظ السلام والدعم الإنساني للمدنيين، مع اختبار قدرة التدخّل المشترك في حالات الأزمات. وفيما يعتبر المغرب والولايات المتحدة الأمريكية المشاركان الأساسيان في هذه المناورات، إلا أنها تحظى بمتابعة ممثلي قرابة 15 دولة أوروبية وإفريقية، بهدف خلق قاعدة للتحرّك المشترك والتنسيق.
سماء العلاقات المغربية الفرنسية ستظل ملبدة
خارج ملف الصحراء الذي يهيمن عادة على أجندة الدبلوماسية المغربية، يُنتظر أن تكون سنة 2015 حافلة بالملفات الشائكة، يتقدّمها ملفّ الإرهاب القادم من تنظيم «داعش» على يد مقاتلين مغاربة تدرّبوا في صفوفه، والأزمة الدبلوماسية الخانقة وغير المسبوقة مع فرنسا. فالوثائق الأخيرة التي نشرها حساب «كريس كولمان» عبر موقع تويتر، كشفت عمق وخطورة الشرخ الحاصل بين المغرب وفرنسا، والذي يعني استمرار الجفاء بين البلدين خلال السنة الجديدة. في المقابل، ينتظر أن ينعم المغرب بسنة مريحة في علاقاته بالقوى الكبرى الأخرى، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، بعد الاختيار الجديد الذي قامت به الدبلوماسية المغربية أخيرا، والقائم على تنويع الشراكات والتحالفات. فيما باتت دول الخليج العربي سندا سياسيا واقتصاديا أساسيا للمملكة.
فبعد حادثي استدعاء الشرطة الفرنسية مدير الديستي، عبد اللطيف الحموشي، وتهجم القبطان السابق، مصطفى أديب، على الجنرال بناني في مستشفى بباريس؛ كشفت مراسلة مؤرخة في 25 يونيو 2014، منسوبة إلى السفير المغربي في فرنسا، شكيب بنموسى، وهي موجهة إلى الخارجية المغربية، مضامين لقاء عقده بنموسى مع المستشار الدبلوماسي للوزير الأول الفرنسي مانويل فالس، «ستيفان روماتي». اللقاء شهد التداول في وصول المفاوضات بين المغرب وفرنسا إلى الباب المسدود، وأنه يجب بحث إطار آخر للتفاوض، علما أن المغرب أوقف الاتفاقية القضائية مع باريس طالبا حصانة للمسؤولين المغاربة من أية متابعة في التراب الفرنسي.
المسؤول الفرنسي كشف أن إطار التفاوض الحالي وصل إلى الباب المسدود، وأن الأمر يقتضي إرادة سياسية لخلق مبادرة جديدة، تسمح باستكشاف الأشكال القانونية التي تستجيب للمواضيع المشتركة بين فرنسا والمغرب، وأن هذه المبادرة التي يمكن أن تبدأها فرنسا، يمكن أن تشرك أطرافا أخرى ذات ثقة، من قانونيين ودستوريين، الذين يمكنهم «استكشاف أجوبة متناسبة مع الدستور الفرنسي بما يحمي العلاقات الثنائية، وتنظيم الاختصاصات بين النظامين القضائيين، دون إعطاء الانطباع بأن نظاما قضائيا له اختصاص أكبر من الآخر».
في خلفية هذه الأزمة حادث دبلوماسي بأبعاد أمنية شديدة الحساسية، لم تشهده العلاقات المغربية الفرنسية في عز سنوات التوتّر التي تخلّلت عقد الثمانينات بين الملك الراحل الحسن الثاني والرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران. سبعة عناصر أمن فرنسيين توجّهوا، في أحد أيام شهر فبراير الماضي، إلى مقرّ إقامة السفير المغربي شكيب بنموسى، مطالبين بتنفيذ استدعاء موجّه إلى مدير المخابرات الداخلية المغربية، عبد اللطيف الحموشي، للمثول أمام أحد قضاة التحقيق. وفي أصل التحرّك شكاية تقدّمت بها جمعية مغمورة تدعى حركة المسيحيين لإيقاف التعذيب، اتّهمت فيها مدير إدارة مراقبة التراب الوطني بالتورّط في تعذيب سجينين، أحدهما مزدوج الجنسية يدعى عادل المطلاسي، كان قد اعتقل عام 2008 وأدين في ملف للمخدرات قبل أن يتم ترحيله إلى فرنسا، والثاني هو النعمة أسفاري، أحد المدانين في ملف مخيّم «أكديم إيزيك» المتمثل في قتل عدد من عناصر الأمن المغاربة. السجينان يتهمان إدارة الحموشي بتعذيبهما قبل عرضهما على القضاء.
شبح داعش يهدد الحقوق والحريات
ثاني أكبر الملفات التي تخيّم بظلالها على علاقات المملكة بمحيطها الخارجي، يتمثل في جيش المقاتلين المغاربة في صفوف تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي، والذي كان أحد العوامل التي جرّت الجيش المغربي إلى استعمال مقاتلاته المتطوّرة في قصف مواقع التنظيم في كل من العراق وسوريا. المعطيات الأمنية المغربية تفيد بأن قرابة 900 مغربي توجّهوا إلى سوريا خلال سنة واحدة، وأن مجموع هؤلاء يفوق حاليا الألفي مقاتل. وتضيف المعطيات الرسمية نفسها أن هناك ارتفاعا كبيرا في وتيرة عودة هؤلاء المقاتلين، حيث إن الشهور الثلاثة الأولى من السنة المنتهية عرفت عودة 33 شخصا، مقابل 8 فقط عادوا في الفترة نفسها من السنة الماضية، فيما ارتفع العدد الإجمالي للمقاتلين العائدين إلى ما فوق المائة خلال شهور قليلة، وهو ما كلّف المغرب فتح جبهة جديدة للحرب ضد الإرهاب، من خلال اعتقال جميع العائدين وإحالتهم على القضاء، بل إن الحكومة ذهبت إلى حد تعديل قانون مكافحة الإرهاب، وتجريم أي التحاق بمعسكرات داعش.
تحرّكات أمنية وقضائية تجعل 2015 مفتوحة على احتمالات تراجعات حقوقية جديدة، حيث قام وزير الداخلية محمد حصاد، خلال جلسة برلمانية حديثة، بكشف لائحة بالأهداف المحتملة التي قد تطالها إجراءات أمنية بمبرّر محاربة الإرهاب، حيث قدّم الوزير نماذج عن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها مجموعة من الدول الغربية والعربية للتضييق على حرية التنقل واستعمال الأنترنت، واتّهم جمعيات حقوقية مغربية بضرب معنويات الأجهزة الأمنية، وتلقي تمويلات كبيرة من الخارج لخدمة أغراض مضرة بالمصالح الوطنية، بما فيها الوحدة الترابية.
وزير الداخلية قال إن قيام المصالح الأمنية بواجباتها تعترضه «سلوكات بعض الجمعيات والكيانات الداخلية التي تعمل تحت غطاء الدفاع عن حقوق الإنسان، والتي أصبحت بصفة قوية لا تتوانى في توجيه اتهامات لهذه مصالح بارتكاب أفعال واهية، ولدينا الأدلة على أن لا أساس لها من الصحة، كالاتهام الأخير بالاختطاف والتعذيب والاعتقال التعسفي»، هدف تلك الجمعيات، حسب محمد حصاد، هو إضعاف حرص القوات الأمنية وضرب مصداقية عملها، وخلق التشكيك في الإجراءات المتخذة، «وقد تأكد أن هذا السلوك يندرج في إطار حملة مدروسة تخدم مصالح أجندة معينة للمس بمعنويات الأجهزة الأمنية، حيث يتم إعداد وتقديم ملفات وتقارير مغلوطة في سعي إلى دفع بعض الأجهزة والمنظمات الدولية إلى اتخاذ مواقف معادية لمصالح المغرب، بما فيها قضية الوحدة الترابية». الجمعيات التي حرص حصاد على تأكيد تسميته لها ب«الكيانات»، قال إنها تحظى بدعم مالي من الخارج يفوق الدعم الموجّه إلى الأحزاب السياسية، «بالإضافة إلى استغلالها الانفتاح الذي ينعم به المغرب وهامش الحريات الذي تعمل السلطات على عدم المساس به».
ورغم حرص حصاد على الطمأنة بالقول إن هذه المخططات لن تثني السلطات عن استكمال الورش الحقوقي المفتوح في إطار دستور 2011، سارعت جلّ الفرق البرلمانية إلى التحذير من المساس بالحقوق والحريات، حيث دعا رئيس الفريق الاستقلالي، نور الدين مضيان، إلى تجنّب جعل التهديدات الإرهابية بوابة لاستهداف حقوق الإنسان وضرب المكتسبات التي حققها المغاربة، وأضاف مضيان أن الحل الحقيقي يكمن «في حماية وصيانة كرامة المواطن أولا وأخيرا، وتمكين الأحزاب والهيئات النقابية والمدنية من القيام بدورها في تأطير المغاربة وحمايتهم من الاتجاهات الفكرية المتطرفة». من جانبه، نبه النائب في فريق العدالة والتنمية، عبد الله صغيري، بعد تنويهه بعمل الأجهزة الأمنية، إلى ضرورة احترام المقاربة الحقوقية، وقال إن المطلوب هو مقاربة مندمجة تستحضر باقي القطاعات، داعيا وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى الاضطلاع بدور أكبر في التمكين لدور العلماء والوقاية الفكرية والعلمية.
معطيات الإحصاء ستحكم العشرية الجديدة
رغم أن الإحصاء العام للسكان والسكنى أنجز في العام 2014، فإن الكشف عن نتائجه الأولية والنهائية لن يتم إلا في العام 2015. عملية القراءة الأولية للاستمارات التي ملأها الباحثون التابعون للمندوبية السامية للتخطيط، ينتظر أن تبدأ، في الأسابيع الأولى من العام الجديد، في الكشف عن أول المعطيات، وأهمها تلك الخاصة بالعدد الحقيقي والرسمي لساكنة المغرب، والخصائص الديمغرافية لهذه الساكنة، من حيث توزيعها بين الجنسية وبين الأعمار والفئات السوسيو-مهنية، علاوة على المعطيات التفصيلية التي تتعلّق بالمستوى التعليمي والثقافي للمغاربة، ومستوياتهم الاجتماعية وتوزيعهم المجالي بين الجهات والأقاليم…
الكشف عن الثروة اللامادية؟
الإحصاء الثاني في عهد الملك محمد السادس، استفاد من تعبئة واستنفار استثنائيين، حيث يُنتظر منه أيضا المساهمة في الكشف عن «الثروة اللامادية» التي دعا الملك، في آخر خطاب للعرش، إلى تقييمها، وأصدر تعليماته للمندوبية السامية للتخطيط من أجل المساهمة في ذلك. وأبرز محطات التحضير لهذا الإحصاء، كانت عبر الاستقبال الملكي الاستثنائي الذي حظي به المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، والذي تميّز بتزامنه مع ذروة الصراع حول الأرقام الإحصائية والاختصاصات، بين المندوبية وحكومة عبد الإله بنكيران. كما تلقى هذا الأخير رسالة ملكية استثنائية، تتعلّق بتنظيم الإحصاء العام للسكان والسكنى، الذي نظّم شهر شتنبر الماضي. وبعدما أنهى الاستقبال الملكي للحليمي فصول الصراع بين هذا الأخير والحكومة، بإمساكه العصا من الوسط، ودعوته الطرفين إلى التعاون والتنسيق؛ جاءت الرسالة الملكية لتكشف الطابع الاستراتيجي والمهم للإحصاء السكاني المرتقب، الذي استدعى تعبئة ملكية خاصة، وانخراطا مباشرا في ترتيبات إنجازه.
أداة للتقييم
وفيما يعتبر الإحصاء السكاني لهذه السنة، الثاني في عهد الملك محمد السادس بعد الإحصاء الذي أجري في العام 2004، والسادس في تاريخ المغرب المستقل، حرصت الرسالة الملكية على التذكير بالأهمية الخاصة التي تحظى بها هذه العملية الإحصائية الكبرى، «لما توفره مثل هذه العملية الوطنية الكبرى دوريا من قاعدة معطيات أساسية ومحينة، حول مختلف مستويات التراب الوطني، تتيح التقييم الموضوعي لأداء سياساتنا العمومية في مجال التنمية، ولما حققته بلادنا من تقدم اقتصادي واجتماعي»، تقول الرسالة الملكية الموجهة إلى بنكيران، قبل أن تؤكد اندراج الإحصاء ضمن المجالات الاستراتيجية التي تتولاها بشكل مباشر المؤسسة الملكية، حيث قالت إنه يدخل في باب الحرص الملكي على «ما هو منوط بجلالتنا من مسؤولية السهر على رعايانا الأوفياء، بمختلف فئاتهم وجهات إقامتهم، وعلى وفاء المملكة المغربية لتعهداتها الدولية بصفة عامة، ولتوصيات منظمة الأمم المتحدة المتعلقة بدورية القيام بإحصاءات السكان والسكنى في العالم».
عبد الخالق التهامي، الخبير الأكاديمي في شؤون الإحصاء والأستاذ بالمعهد الوطني للاقتصاد التطبيقي التابع لمندوبية أحمد الحليمي، قال إنها ليست المرة الأولى التي تدخل فيها العملية الإحصائية الأكبر بالمغرب ضمن مجال الاهتمام الملكي، «بل كانت المؤسسة الملكية دائما تصدر الإشارات الدالة على سهرها المباشر على حسن سير هذه العملية». وأوضح التهامي أن هذا الإشراف الملكي يهدف إلى إعطاء العملية سندا قويا يدعمها خلال عملية البحث الميداني، «وبالتالي، لا يمكن لأي رجل سلطة، كبير أو صغير، أو مسؤول أمني أو من الدرك الملكي أو رئيس مؤسسة معينة، الامتناع عن التعاون مع الباحثين خلال عملية جمع المعطيات، وفي حال حدوث ذلك، يكون أمام الإدارة المكلفة بالإحصاء السند القانوني لملاحقته قضائيا».
التهامي قال ل«أخبار اليوم» إن عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى تتسم بأهمية بالغة نظرا إلى كونها تصبح قاعدة البيانات الأساسية في جميع السياسات والمخططات التنموية، «حيث تتخذ قرارات مهمة وتطبّق بناء على المعطيات التي يوفّرها هذا الإحصاء، وهو بذلك يتطلّب تعبئة وإمكانات لوجستيكية كبيرة، خاصة منها الموارد البشرية، مثل الأساتذة والطلبة وحاملي الشهادات المعطلين الذين تحتاج إليهم عملية البحث الميداني».
محو القرارات اللاشعبية بدعم الأرامل والتغطية الصحية للطلبة؟
ينتظر أن تكون 2015 سنة لتسجيل حدثين اجتماعيين من طرف حكومة بنكيران قد يخففان من أثر القرارات اللاشعبية التي اتخذت في 2014 (المقايسة وإصلاح صندوق التقاعد). فبعد أكثر من ثلاث سنوات من تشكيلها، ستبدأ هذه الحكومة في تفعيل جزء من أهم وأبرز وعودها، سواء في الانتخابات السابقة أو في البرنامج الحكومي، وهو تقديم دعم مالي مباشر للفئات الهشة مقابل حذف الدعم الخاص بصندوق المقاصة. ففي الأسبوع الأخير من سنة 2014، صدر المرسوم الذي ينتظر أن يبدأ العمل به في بداية السنة الجديدة؛ والذي أنهى إحدى النقط التي ظلّت وزارة المالية تعتبرها صعبة الحسم، والمتمثلة في تحديد مبلغ الدعم الذي ستتلقاه النساء الأرامل. فبعد التأرجح بين عتبتي 500 و1000 درهم شهريا، تم اللجوء إلى المبالغ التي تم اعتمادها بالنسبة إلى النساء المطلقات اللواتي يعجز أزواجهن عن دفع النفقة، حيث خُصص لهنّ مبلغ 350 درهما شهريا عن كل فرد من أفراد الأسرة في حدود ثلاثة أفراد. وهكذا ستتلقى الأرامل المعوزات دعما ماليا يتراوح بين 350 و1050 درهما شهريا.
مظلة صحية للطلبة
وفي آخر يوم اثنين من السنة المنتهية، صادقت لجنة وزارية مكلّفة بموضوع التغطية الصحية، في اجتماع لها، على قرار إدخال جميع الطلبة الجامعيين الموجودين في المغرب تحت التغطية الصحية، وتمتيعهم بإحدى أفضل سلّة علاجات متوفرة في المغرب، أي تلك التي يوفّرها الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (الكنوبس). بنكيران حسم النقاشات العالقة بخصوص هذا القرار، وقرّر اعتماد المجانية التامة لفائدة الطلبة، وإدخال حتى الطلبة الأجانب المقيمين في المغرب فيها، وهو ما سيكلّف الدولة قرابة 400 درهم عن كل طالب، أي حوالي 10 ملايير من السنتيمات. وسيشمل الأمر جميع الطلبة غير المستفيدين من أي تغطية صحية أخرى، والمسجّلين في المؤسسات الجامعية العمومية والمعاهد العليا التابعة لها وتلك التابعة للقطاع الخاص، ومتدرّبي التكوين المهني ما بعد الباكالوريا. الطالب المشمول بهذه التغطية سيستفيد من سلة العلاجات نفسها التي يتمتع بها الموظف العمومي، «على أن توضع آلية تقنية لمنع حدوث تجاوزات، من قبيل تعيين طبيب معتمد في كل حي جامعي، يكون أول مرحلة في مسار الطالب للخضوع للعلاج، حتى تكون الملفات موثّقة وصحيحة.
أما المرسوم الخاص بدعم الأرامل، فيشترط في الأطفال الأيتام من جهة الأب، متابعة الدراسة أو التكوين المهني في حال بلوغهم سن التمدرس، من أجل الاستفادة من 350 درهما شهريا، في حدود ثلاثة أطفال لكل أم. واعتمد المرسوم توفّر الأم الأرملة على بطاقة «راميد» كشرط للاستفادة من هذا الصندوق الجديد، علاوة على شهادة من إدارة الضرائب تثبت عدم خضوعها للضريبة، باستثناء تلك المتعلقة بالسكن الرئيس. المادة الرابعة من المرسوم، الذي وقّعه إلى جانب بنكيران كل من وزير الداخلية محمد حصاد ووزير المالية محمد بوسعيد ووزيرة التنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، وضعت حاجزا يحول دون استفادة الأطفال الحاصلين على دعم برنامج «تيسير» الخاص بتشجيع التمدرس، أو أي دعم مباشر آخر «يُدفع من ميزانية الدولة أو ميزانية جماعة ترابية أو تدفعه مؤسسة أو هيئة عمومية». فقرة تحدّ بشكل كبير من حجم الاعتمادات المالية التي سيتطلّبها هذا الدعم الجديد، ويعكس التحفّظات الكبيرة التي كانت مصالح وزارة المالية قد أبدتها، وعبّر عنها الوزير محمد بوسعيد صراحة في البرلمان.
مسطرة معقدة
المرسوم ألزم الأرامل المحتاجات إلى دعم الصندوق بتقديم ملفاتهن أمام اللجنة الإقليمية التي يرأسها العامل، وتضمينها الوثائق التالية: نسخة من بطاقة التعريف الوطنية للأرملة، وشهادة وفاة الزوج، وموجز رسم ولادة الأطفال الأيتام وشهادة حياتهم، ثم شهادة مدرسية أو شهادة متابعة التكوين المهني بالنسبة إلى الأطفال البالغين سن التمدرس، أو شهادة طبية تثبت الإصابة بالإعاقة. وتتولّى اللجان الإقليمية البت في هذه الطلبات، وإعداد لائحتين؛ واحدة خاصة بالنساء الأرامل المؤهلات للاستفادة من الدعم، وأخرى تخص اللواتي لا تتوفّر فيهن الشروط الضرورية لذلك.
وستبدأ هذه اللجان الإقليمية عملها باجتماعات دورية مرة كل شهر، أو كلما تطلّب الأمر ذلك في حال توصلها بالطلبات. وألزم المرسوم هذه اللجنة بالبت في الطلبات في أجل لا يتعدى 30 يوما تحتسب ابتداء من تاريخ التوصل بالملف. فيما قرّرت الحكومة تشكيل لجنة مركزية دائمة للإشراف على هذا الدعم، تترأسها وزيرة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن بسيمة الحقاوي، وتضم ممثلين عن كل القطاعات الحكومية المعنية بالموضوع. ويعود لهذه اللجنة المركزية القرار النهائي في الملفات المحالة عليها من اللجان الإقليمية، أي أن هذه الأخيرة ستكتفي بفرز الملفات بين من تتوفر على الشروط الضرورية ومن لا تتوفر عليها.
بعد موافقة اللجنة المركزية على تمكين الأرملة من الدعم، سيتم تحويله إلى حسابها المفتوح في وكالة بنكية تابعة للبريد، أو أية وسيلة أخرى تقررها الهيئة المختصة بصرف الدعم. وفي حال إدلاء الأرملة بوثائق غير صحيحة أو معلومات خاطئة مكّنتها من الاستفادة من الدعم، ينص المرسوم على استرجاعه منها عن طريق المسطرة الخاصة باستخلاص الديون العمومية.
أخيرا..ثورة التلفزة الرقمية في انتظار التحرير الحقيقي
مع توالي تصريحات المسؤولين الحكوميين، وأولئك المتحكمين في زمام القطب العمومي للإذاعة والتلفزيون، المرحّبة بخيار تحرير المشهد السمعي البصري لمواجهة التهديدات المحدقة بالسيادة الإعلامية للمغرب، ينتظر أن تشهد سنة 2015 التفعيل الحقيقي لهذا التحرير، باعتبارها الأجل القانوني الذي يُلزم المغرب ابتداء من منتصفها (شهر يونيو) بالانتقال من البث الأرضي للقنوات التلفزيونية إلى البث الرقمي الشامل.
وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة قال في آخر جلسة برلمانية للأسئلة الشفوية إن المغرب مقبل على إطلاق التلفزيونات الرقمية لمواجهة المنافسة الأجنبية، والرفع من جاذبية المنتوج المحلي، وإقناع المغاربة بالتوجه إلى تقنية «تي إن تي».
تحوّل يعتبر بمثابة اختراق سياسي كبير قامت به الحكومة الحالية، حيث مهّدت له بإصدار مرسوم يحدث اللجنة الوطنية للانتقال من البث التلفزي التناظري إلى البث الرقمي الأرضي، وهو ما اعتبر بمثابة سحب للملف من يد رئيس القطب العمومي فيصل العرايشي، الذي فشل في تحضير المغرب لهذا الانتقال التكنولوجي الكبير، الذي تلزمه به الاتفاقيات الدولية.
وزير الاتصال مصطفى الخلفي كان قد خصّص لقاءً مع الصحافة العام الماضي لهذا الموضوع، معتبرا أنه وبعد مرور 7 سنوات على الالتزام بهذا الانتقال التكنولوجي، أي منذ 2006، وتحقيق نتائج غير كافية، دفع وزارته إلى مضاعفة الجهود من أجل حماية السيادة الوطنية على المستوى التلفزيوني، مضيفا أن المشروع تم إحياؤه من جديد، بتنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة التكنولوجيات الحديثة، ليتم اعتماد أرضية للمشروع الذي سينطلق من يونيو المقبل إلى غاية يونيو 2015.
وكشف الوزير قائلا إن تمتّع المغرب بتغطية % 85 من التراب الوطني بالبث الأرضي الرقمي تقابله نسبة 4،2 في المائة من الأسر المتوفرة على جهاز الاستقبال، وهو ما دفعه إلى تعيين اللجنة الوطنية للانتقال من البث التلفزي التناظري إلى البث الرقمي الأرضي، وفق مرسوم، ووضع تصور متكامل محين لمخطط الانتقال إلى التلفزة الرقمية الأرضية، وكذا التحضير لإطلاق الحملة الإعلامية والتواصلية حول التلفزة الرقمية الأرضية.
ومن بين الإجراءات التي يمكن أن تلجأ إليها الحكومة لتشجيع الأسر المغربية على اقتناء الأجهزة الإلكترونية، الخاصة باستقبال القنوات المغربية بشكل رقمي بعد انتهاء عهد البث الأرضي، تخصيص دعم للأسر المعوزة، وحماية السيادة الوطنية في المجال الإعلامي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.