على الرغم من انشغالها الكبير بتطورات الوضع في أوكرانيا، إلا أن الدبلوماسية الاسبانية، لا زالت ترى في تأزم علاقاتها مع المغرب، مصدر قلق، في ظل التطورات التي عرفها محيط مدينة مليلية المحتلة هذا الأسبوع، من محاولة الآلاف من المهاجرين اقتحام سياجه في محاولتين متتاليتين، تعدان الأضخم على الإطلاق. وقال وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل ألباريس، في حوار حديث له نقلته صحيفة "ABC" الاسبانية، الجمعة، أن ما وقع خلال هذا الأسبوع في محيط مليلية "حقيقة مقلقة للغاية". وحاول ألباريس تحميل السلطات المغربية مسؤولية القفزة الأخيرة لآلاف المهاجرين على سياج مليلية المحتلة، وقال في المقابلة "لقد أمضينا عدة أشهر دون حدوث هذا النوع من القفزات، أو عندما كانت هناك محاولات، وبالتعاون مع السلطات المغربية، نجحوا في صدها ولم يصلوا إلى هذه الجدية". واعترف الوزير بأنه "على اتصال بالسلطات المغربية لإعادة توجيه هذا الوضع"، ومع ذلك، لم يحدد مستوى هذا الاتصال ولا وتيرته، وقال في مقابلة ركزت بشكل أساسي على الوضع في أوكرانيا: "إنني أكرس ساعات طويلة لهذا الأمر". وتصف مصادر دبلوماسية اسبانية الوضع بين المغرب واسبانيا حاليا، بأنه في مرحلة "سلام بارد"، لم يتحقق إلا بعد خطاب الملك محمد السادس في شهر غشت الماضي الذي تحدث عن أهمية العلاقات بين البلدين، وحديث الملك الاسباني فيليبي السادس في نفس الاتجاه، لدى استقباله لسفراء جدد في بلاده. حديث وزير الخارجية الاسباني عن وجود اتصالات مع المغرب، يأتي بعدما كانت مصادر اسبانية قد تحدثت عن برود اتصالاته مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الافريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، حيث كان بينهما اتصالان، الأول في 21 دجنبر الماضي كان قد أعلن عنه ألباريس، والثاني في 28 نونبر عندما اعتذر بوريطة لنظيره الاسباني عن حضور منتدى الاتحاد من أجل المتوسط الذي عقد في اليوم الموالي في برشلونة. وتحد التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية الاسباني حول أزمة الهجرة في مليلية تراجعا عن تصريحات سابقة، أدلت بها مصادر حكومية صباح أمس الخميس لصحيفة "La Vanguardia"، اتهمت فيها المغرب ب"العدوان" و"الابتزاز". في المقابل، اكتفى المغرب أمس بتصريح فضفاض على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، ردا على الاتهامات الاسبانية باستغلال الهجرة للضغط على حكومة بيدرو سانشيز. وقال بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، في جوابه على سؤال صحافي ل"اليوم 24′′، حول اتهامات إسبانيا للمغرب باستعمال ملف الهجرة للضغط عليها، إن "المغرب يعمل على تعبئة إمكانيات جد مهمة ويقوم بعمل جبار جدا من أجل مراقبة سواحل المملكة التي تتجاوز 3500 كلمتر". وأضاف بايتاس، في الندوة الصحافية التي أعقبت الاجتماع الأسبوعي للمجلس الحكومي، ساعات بعد تمكن نحو 950 مهاجر من التسلل إلى مدينة مليلية المحتلة، "المغرب ينهج مقاربة إنسانية في ملف الهجرة"، دون إرفاق تصريحه بأي تعقيب مباشر على الاتهامات الاسبانية الثقيلة للمغرب.