منذ 2004 وضعت الحكومة برنامجا وطنيا لمحاربة دور الصفيح التي كان يقطنها آنذاك 270 ألف أسرة، وكان الهدف هو إنهاء هذه المشكلة في 2010، بميزانية وصلت إلى 17 مليار درهم، لكن هذا البرنامج لازال مستمرا إلى اليوم، بعدما تضاعف عدد سكان دور الصفيح ليصل إلى 472 ألف أسرة، ولتصل ميزانية البرنامج إلى حدود 2018، إلى 28 مليار درهم. إشكالية هذا البرنامج واختلالاته كانت محور تقرير جديد للمجلس الأعلى للحسابات حول البرنامج الوطني لمحاربة "مدن بدون صفيح"، أعده بطلب من "لجنة المراقبة المالية" بمجلس النواب، وقدم الثلاثاء 23 يونيو أمام اللجنة. ومن الخلاصات التي قدمها رئيس المجلس إدريس جطو، عن سبب الفشل في معالجة هذه الظاهرة، أنه "مادام المدخل للحصول على سكن في المغرب هو البراكة، فإن البراريك ستستمر"، ومادامت "الهجرة القروية مستمرة"، بحيث وصل السكان الحضريون إلى 62 في المائة، وستصل إلى 70 في المائة، فإن "السكن الصفيحي سيستمر"، معتبرا أن المغرب اختار محاربة السكن غير اللائق، بتوفير سكن لائق بثمن رمزي، في حين أن دولا أخرى اختارت طرقا أخرى، مثل توفير السكن وجعله متاحا للناس لينتقلوا من السكن الصفيحي إلى السكن العادي، واعتبر أن "هناك خللا ما" في سياسة المغرب. وشمل التقرير الذي قدمه أمام اللجنة كمال الداودي، القاضي بالمجلس الأعلى للحسابات الفترة ما بين 2004 و2018. فبرنامج مدن بدون صفيح وضع في 2004 على أساس أن ينتهي في 2010، وكان هدفه كالتالي: "القضاء على جميع أحياء الصفيح سنة 2010 أو على الأقل، جعلها ظاهرة هامشية". في 2004، كانت هناك 270 ألف أسرة تقطن في دور الصفيح في 70 مدينة، ومركز حضري. ولكن تبين أنه حتى نهاية 2018، لوحظ أن البرنامج لازال ساري المفعول ويشمل 472 ألف أسرة، في 85 مدينة ومركزا حضريا. وهنا "يلاحظ الفرق بين ما سطر في بداية البرنامج وما هو قيد الإنجاز، والمدة الزمنية الممتدة". وحسب القاضي الداودي، فقد كان صعبا تحقيق أهداف البرنامج، نظرا إلى تعقد مشكلة دور الصفيح بسبب "استمرار ظهور الأحياء الصفيحية"، وتبين من خلال الاتصال مع السلطات أنه "يصعب استئصالها"، كما سجل أن عدد المستفيدين في كل برنامج يرتفع دائما بنسبة 19 في المائة. وسجل التقرير محدودية التدابير المتخذة، وغياب إطار قانوني لمحاربة السكن غير اللائق، وتعدد المتدخلين من سلطات ووزارة الإسكان، كما سجل غياب "قاعدة بيانات" لدى وزارة السكنى حول المستفيدين من البرنامج. وحذر التقرير من أن برنامج مدن بدون صفيح، الذي تدبره وزارة السكنى من خلال ذراعها مجموعة "العمران"، استنزف الوعاء العقاري، فقد كان هناك توقع سنة 2004 لوعاء لا يتعدى 5255 هكتارا، لكن بلغت المساحة المخصصة له في حدود 2018، حوالي 29 ألف هكتار، موزعة بين وحدات برنامج "مدن بدون صفيح" التي بلغت 5000 هكتار، ووحدات يجري بيعها بثمن السوق لتغطي نفقات السكن الموجه للقضاء على الصفيح، بلغت مساحتها 24 ألف هكتار، "نسبة كبيرة منها حاليا لم يتم تسويقها". واعتبر الداودي أنه جرى تمديد البرنامج من 2010 إلى 2012، ثم إلى 2014 ثم 2018. وإلى الآن، يجري الحديث عن تمديد ل 2021، "ولا شيء يوحي بالوثوق بهذه لآجال". وبخصوص إعلان مجموعة من المدن بأنها أصبحت "بدون صفيح"، لاحظ معد التقرير أن مدنا أُعلنت بدون صفيح "دون استيفاء كل الشروط" ويصل عدد هذه المدن إلى 59 مدينة في 2018، وبقيت 26 مدينة تعرف انتشار الصفيح. ولاحظ أن مراكز صغيرة أعلنت بدون صفيح في حين أن تركيز السكن الصفيحي يوجد أساسا في المدن الكبيرة مثل الدارالبيضاء وتمارة، ولهذا فإن "المعيار العددي يبقى نسبيا". وبخصوص الوضعية الحالية للسكن الصفيحي، فإن 472 ألف أسرة موزعة على 85 مدينة ومركزا حضريا، باتت مستهدفة، بارتفاع بمعدل 10600 أسرة كل سنة. ولحد الآن، يجرى إعادة إسكان 280 ألف أسرة، ولكن أضيفت 202 ألف أسرة، بمعدل الإنجاز يصل 60 في المائة. وبالتالي، فإن عدد الأسر التي انتقلت فعليا من السكن الصفيحي إلى السكن العادي، هو 280 ألف. وعدد الوحدات التي اكتمل إنجازها ومتاحة تهم 39 ألف أسرة. أما الوحدات قيد الإنجاز، فتهم 41 ألف أسرة، في حين بقي 109 آلاف أسرة لم تستفد بعد، والوحدات الموجهة لها قيد الدراسة.