الدرك الملكي بخميس متوح يحجز 420 لترا من مسكر ماء الحياة بضواحي أم الربيع    محكمة طنجة تُدين طبيبًا ومساعدًا في قضية اختلاس أدوية وبيعها    صندوق الضمان الاجتماعي يمنح فرصة للإعفاء الجزئي من ذعائر التأخير والغرامات وصوائر تحصيل الديون    الدعم الاستثنائي الموجه لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في شهر مارس المقبل بعد تفعيل المرسوم الجديد ذي الصلة (بنسعيد)    استعداد لكأس إفريقيا 2025.. اجتماع لتتبع أشغال تهيئة الملعب الكبير لطنجة    إضراب يشل المستشفيات العمومية    ترامب يستعرض "طموحات توسعية".. كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند    الحسيمة .. تعبئة متواصلة لضمان فتح حركة السير على مختلف المسالك الطرقية بالإقليم    كرة القدم.. رئيس ريال مدريد يدعو إلى إجراء انتخابات النادي    العلمي وبوريطة يحضران حفل تنصيب رئيس غانا الجديد    مجموع مبالغ التسوية الطوعية للضريبة بلغ أكثر من ملياري درهم وفقا لمكتب الصرف    بنسعيد يكشف مستجدات الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر    النصب عبر السماوي.. الأمن يطيح بشبكة إجرامية خطيرة    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    وزير الاستثمار: 48 مشروعا استفاد من المنحة الترابية للأقاليم الأقل تنمية    22 قتيلا حصيلة حوادث السير بالمغرب    جينيفر لوبيز و أفليك يتوصلان لتسوية الطلاق    وزير الصناعة والتجارة: 69 بالمائة من المغاربة يفضلون المنتوج الوطني    عملية التسوية التلقائية للممتلكات بالخارج تحقق ملياري درهم في 2024    دعوى قضائية ضد الرئيس الجزائري في باريس    ارتفاع حصيلة زلزال التيبت إلى 126 قتيلا    الصين: ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال منطقة التبت إلى 126 قتيلا    وفاة الرمز التاريخي لليمين المتطرف في فرنسا عن 96 عاما    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    استقالات قيادية تهز الرجاء الرياضي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الشرق الأوسط الجديد بين سراب الأوهام وحقائق القوة.. بقلم // عمر نجيب    تشاد والسنغال تستنكران تصريحات ماكرون بشأن ما اعتبره "جحود" الزعماء الأفارقة    وزارة المالية: حاجيات الخزينة لشهر يناير تصل إلى 14 مليار درهم    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزير الصحة في مواجهة انتقادات حادة بسبب إلغاء صفقة عمومية ب180 مليون درهم    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    المنتخب النسوي U20 يخوض معسكرا مكثفا بالمعمورة    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    سفيان رحيمي يتصدر قائمة الهدافين دوليا لعام 2024 حسب تصنيف IFFHS ب 20 هدفًا مذهلًا    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    موعد مباراة برشلونة ضد بيلباو في نصف نهائي كأس السوبر الإسباني والقنوات المجانية الناقلة    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    ماحقيقة فيروس الصين الجديد الذي أثار الفزع حول العالم؟    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يونس مسكين يكتب: نصيبنا من البريكسيت
نشر في اليوم 24 يوم 03 - 02 - 2020

فعلها البريطانيون حقا وأصبحوا خارج أوربا سياسيا. ما كان البعض يعتقده مجرد مناورات وتفاوض اقتصادي بأوراق سياسية، أصبح حقيقة، وما تمكن محور ألمانيا-فرنسا في السابق، حين منع الصين من «شراء» اليونان وإسبانيا من فتح نافذة الخراب الاقتصادي على أوربا، فشل فيه مع بريطانيا العظمى. هي الخطوة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية التي تقدم عليها أوربا في الاتجاه المعاكس، أي اتجاه التفكك والتفرقة، عوض الاندماج والوحدة. وفي خلفية الأمر تحولات جيو-استراتيجية أكبر من أوربا نفسها، حيث يعيد العالم رسم خريطة القوة بين الماسكين بزمامها. ومن سخرية الأقدار، أن تكون أوربا التي خرج من رحمها العالم كما تعرفه البشرية اليوم، وجعلت نفسها محور دورانه منذ قرنين على الأقل، تبدو كما لو تواطأت على «قتل الأم»، ولا أدري هل كانت الصدفة وحدها ما تجعل أمريكا والصين وروسيا يختلفون في كل شيء، لكنهم يتفقون على إضعاف أوربا وإنهاكها ومن ثم تفكيكها.
دعنا من حسابات الكبار، ولننظر إلى نصيبنا مما سينجم عن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي، في جدول حسابات الربح والخسارة. وقبل أن نبحث عما يمسّنا بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا الحدث التاريخي، دعونا نسجل أولا أننا في المغرب وضعنا بيضنا كلّه، ومنذ عقود طويلة، إن لم يكن منذ قرون، في السلة الأوربية. من جيراننا الشماليين يأتينا كل شيء، من أمن إقليمي ومعاملات تجارية وتبادلات ثقافية. ومنذ قطع الاستعمار جذورنا الإفريقية، ودق إسفينا بيننا وبين امتدادنا المغاربي والعربي، باتت أوربا نافذتنا الوحيدة التي نطل من خلالها على العالم، ومهما حاولنا ادعاء محاولتنا بلوغ النافذة الأمريكية أو الصينية، فإن طول قامتنا، الاقتصادية والسياسية، لا يسعفنا للأسف. وحسنا فعلنا قبل ثلاث سنوات من الآن، حين استعدنا مقعدنا الإفريقي.
بلغة الأرقام، تقدر مجموع المبادلات التجارية بين المغرب وبريطانيا بنحو 15 مليار دولار، ثلثها فقط يمثل الصادرات المغربية إلى المملكة المتحدة، فيما يعود الثلثان المتبقيان إلى واردات المغرب من بريطانيا. أي أننا ورغم مرورنا عبر قناة الشراكة التي تربطنا بالاتحاد الأوربي، مع كل ما تتيحه من تفضيلات ومكاسب حصل عليها المغرب بعد مفاوضات ودعم من الشركاء الرئيسيين داخل أوربا، نعاني عجزا تجاريا كبيرا مع بريطانيا. ومنذ شهر أبريل الماضي، بات بحوزتنا رقم دقيق كشفته دراسة موثوقة حول الانعكاسات التجارية ل«البريكسيت»، يقول إن المغرب سيخسر قرابة 100 مليون دولار في معاملاته مع بريطانيا، بعد انسحابها من الاتحاد الأوربي. نتيجة بديهية، رغم أن عددا من الدول الإفريقية، تتقدمها دولة جنوب إفريقيا، ستخرج رابحة من «البريكسيت»، لأننا اخترنا أن تكون جميع تعاملاتنا مع الأوربيين تمرّ عبر محطة بروكسيل.
انعكاس يبدو أن دبلوماسيتنا حاولت استباقه، حين التحقت، قبل أسابيع قليلة، بركب الدول التي وقّعت اتفاقات مع بريطانيا، لحماية العلاقات الاقتصادية معها في مرحلة ما بعد الانسحاب من الاتحاد الأوربي. وفي نهاية شهر أكتوبر الماضي، كان مسؤولو المملكتين البريطانية والمغربية يوقعون في لندن اتفاقيات تنص على استمرار العمل بجميع الامتيازات التي يتضمنها اتفاق الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي، بعد تفعيل «البريكسيت».
خطوة تبدو محتشمة، في الوقت الذي يفرض فيه السياق البريطاني الحالي الضغط عليها لانتزاع شروط أفضل من تلك التي يخولها الاتحاد الأوربي للمغرب؛ لكن، في ثنايا الاتفاق المغربي البريطاني الجديد ما قد يفسّر اكتفاء المغرب باستمرار العمل بالشروط الأوربية مع بريطانيا، حيث حصل المغرب على تعهّد بريطاني رسمي بفتح أسواقه أمام جميع السلع الواردة من المغرب، بما فيها تلك الناشئة في الأقاليم الصحراوية للمملكة، وبهذا يكون المغرب قد أغلق جبهة سياسية يفتحها عليه خصومه بين الفينة والأخرى.
أكثر من هذا المغنم السياسي، يمكن أن تتحوّل المبادلات التجارية المغربية البريطانية إيجابيا لمصلحة المغرب، في الشق المتعلق بالصادرات الفلاحية. فاتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوربي تفرض حصصا معينة لا يمكن أن تتجاوزها الصادرات المغربية من المنتجات الفلاحية، وذلك بفعل الضغوط الإسبانية على الخصوص لحماية مصالح فلاحيها. فرصة يبدو أن وزير الفلاحة، عزيز أخنوش، لم يفلتها، حين توجه إلى بريطانيا عام 2018، وفاوض مسؤولي المملكة المتحدة بهذا الشأن.
هناك نقطة شديدة الأهمية تهم المصالح المغربية بشكل مباشر في مرحلة ما بعد الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوربي، تنطوي على أبعاد سيادية مهمة. يتعلّق الأمر بمشكلة النزاع البريطاني الإسباني حول صخرة جبل طارق. فجارتنا الشمالية، إسبانيا، لغّمت اتفاق «البريكسيت» الذي انسحبت بريطانيا على أساسه، ببند فرضته تحت التهديد بسلاح الفيتو الذي يملكه أعضاء الاتحاد، لمنع المصادقة على بعض القرارات، ينص على احتفاظها بحقها في إثارة مطالبها الخاصة باسترجاع الصخرة من تحت السيادة البريطانية، واستثناء جبل طارق من بنود اتفاق الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوربي. وبالفعل، خضعت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، ووقعت التزاما يعترف بالوضع الاستثنائي لصخرة جبل طارق.
ماذا يعني ذلك؟ إنه يعني، بكل بساطة، توترات دولية كبرى في انتظار مضيق جبل طارق في سواحلنا الشمالية، ولنتذكر أن المملكتين البريطانية والإسبانية لم تترددا في تحريك أسطوليهما العسكريين العام الماضي، حين تفجّر خلاف حول السيادة على مياه الصخرة، في سياق لم يكن بعيدا عن مفاوضات «البريكسيت» العسيرة. بريطانيا، الخارجة من الاتحاد الأوربي، ستجد نفسها، بعد نهاية المرحلة الانتقالية التي تمتد إلى عام واحد قابل للتجديد مرة واحدة، في مواجهة أوربا موحدة خلف إسبانيا المطالبة بجبل طارق. وأي تحريك لهذا الملف، يعني دخولا مباشرا للمغرب على الخط، باعتبار القوى الإقليمية والدولية متوافقة منذ عقود على أن أي انسحاب بريطاني من جبل طارق يتطلب انسحاب إسبانيا من مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وهو ما لا يملك المغرب أن يتنازل عنه، ما يجعله طرفا مباشرا في أية أزمة دولية قبالة أكبر موانئه التجارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.