اعتبر المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، تاج الدين الحسيني، أن المغرب لم يقدم موقفا رسميا ونهائيا في الموضوع الليبي، مؤكدا أنه رغم التحفظ المغربي، فإن المرجعيات المغربية المعتمدة في الملف يرتبط بالشرعية الدولية. وذكّر الحسيني بما بذله المغرب في جلب الأطراف الليبية إلى طاولة المفاوضات على أرضه، والتوصل إلى اتفاق الصخيرات الذي تضمن، وفق وصف المتحدث، حلولا جد ناجعة لتسوية الأزمة الليبية. ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد الخامس أن الوضع اليوم، بعد أربع سنوات بالتمام من اتفاق الصخيرات؛ خرج عن نطاقه الإقليمي وخضع للتدويل، خصوصا بعد التوافق بين حكومة فايز السراج والرئيس التركي رجب طيب أردوغان حول اللجوء إلى الدعم التركي لطرابلس بالخيار العسكري، الذي سيعرض على البرلمان في أنقرة. ويعتقد الحسيني أن المشهد السياسي الإقليمي، وفق التحركات التركية، يشير إلى تأسيس حلف تركي- جزائري- تونسي دون أن يكون المغرب طرفا فيه، لأن الرباط متحفظة بخصوص التدخل التركي في الأزمة الليبية، وهو ما دفع بأنقرة إلى اعتبار الأطراف الأساسية في تفعيل التعاون الأمني في المنطقة، وهي الجزائر وتونس باعتبارهما دول الجوار لليبيا والأكثر ارتباطا بما يحدث في الأراضي الليبية. ومن المرتقب، أيضا، عقد مؤتمر برلين للتباحث في مستجدات الأزمة الليبية، والذي لن يكون المغرب حاضرا فيه بخلاف الجزائر وتونس، وبالتالي، فإن هذا يبقى، وفق الحسيني، مؤشرا قويا على تحفظ المغرب في الدخول على الخط، على عكس دول أخرى تتدخل بقوة في الشؤون الليبية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو سلبا أو إيجابا. وعلى عكس بعض دول منطقة الشرق الأوسط أو أوروبا، يشير الحسيني إلى أن المغرب يفضل مسك العصا من الوسط، بخلاف محور مصر والسعودية والإمارات المعارض لحكومة السراج، على عكس قطر التي تشجع بقوة التدخل التركي العسكري في البلاد. وتبعا للتعارض بين الأطراف الخليجية بالذات، وخصوصا بين قطر من جهة، والسعودية والإمارات من جهة أخرى، يبقى المغرب حذرا ومحايدا في الأزمة الليبية، لأن الرباط تعتبر الدوحة شريكا وصديقا وفيا في التزاماته المالية وتعاونه الإقليمي. وفي الوقت عينه يعتبر الخبير في القضايا الدولية أن المغرب لا يفكر أبدا في ترك شريكه التقليدي والتاريخي السعودي وحليفه الرياض الأول في الشرق الأوسط دولة الإمارات العربية المتحدة، دون إغفال العلاقات والانسجام القوي الذي يجمع المغرب اليوم بمصر، وذلك في العديد من القضايا الحيوية. لذلك، فالمغرب يبقى محايدا ومتشبثا بما خلص إليه الفرقاء الليبيون بمختلف مسانديهم دوليا وإقليميا في متم 2015 في الصخيرات، كما سيبقى المغرب رافضا لتدويل الأزمة وداعما لمفاوضات بين الليبيين، على أن تبنى المفاوضات على أرضية ما اتفق عليه في الصخيرات، وخارج هذه الأجندة يرى الحسيني أن المغرب لن يبدي موقفا رسميا في الموضوع. واستبعد الحسيني أن تفكر الرباط مستقبلا في التورط مجددا في الملف الليبي بدعوة الأطراف المتصارعة في ليبيا إلى أرضه والإشراف على مفاوضات شاقة، كما حدث سابقا في الصخيرات، والأوضاع الراهنة تشير إلى أن المغرب لا يمكنه العودة إلى الوراء، خاصة أن التعاون بين تركيا وحكومة السراج اتخذ مجراه..