تستعد فرنسا لاستضافة مؤتمر دولي حول ليبيا يوم غد الثلاثاء، برعاية أممية، تجمع فيه مختلف أطراف الأزمة الليبية، ويخصص للإعداد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في البلاد. وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية، أن هذا الاجتماع الذي سيترأسه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وترعاه الأممالمتحدة سيشارك فيه كل من رئيس الوزراء فايز السراج والمشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح عيسى ورئيس مجلس الدولة خالد المشري. وأضاف المصدر أن "الهدف من هذا المؤتمر الدبلوماسي غير المسبوق هو توفير الظروف لإيجاد مخرج للأزمة الليبية وتحديد إطار لمؤسسات مستدامة يعترف بها المجتمع الدولي". ووفق المصدر ذاته، فقد دعا الإليزيه إلى هذا المؤتمر ممثّلين عن 19 دولة معنية بالملف الليبي وهي: الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وإيطاليا، والدول المجاورة لليبيا (مصر وتونس وتشاد) والقوى الإقليمية (الإمارات وقطر والكويت وتركيا والجزائر والمغرب). وسيشارك في المؤتمر أيضا كل من الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو رئيس لجنة الاتحاد الإفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا، ورئيس بعثة الأممالمتحدة إلى ليبيا غسان سلامة. وتتضمن المبادرة الفرنسية 12 بندا، ينص أهمها على توحيد المصرف المركزي، وإنهاء كل المؤسسات الموازية للإدارات الرئيسية إلى جانب الاتفاق على إجراء الانتخابات قبل نهاية عام 2018، بناء على جدول زمني تعلن عنه البعثة الأممية، مع فرض عقوبات من قبل المجتمع الدولي على من يعرقل سير عملية الاقتراع. ووقعت أطراف النزاع الليبية، في دجنبر 2015، اتفاقا، برعاية من الأممالمتحدة، لإنهاء أزمة تعدد الشرعيات، تمخض عنه مجلس رئاسي لحكومة الوفاق، ومجلس الدولة، وتمديد عهدة مجلس النواب في مدينة طبرق (شرق). ومع ذلك بقيت ليبيا منقسمة بسبب التناحر بين حكومة الوفاق الوطني في طرابلس برئاسة رئيس الوزراء فايز السراج، وإدارة منافسة يدعمها الرجل العسكري القوي خليفة حفتر في الشرق. غير أن أحمد الروياتي، خبير في الشأن الليبي، يذهب إلى أن الوضع في ليبيا أصبح أفضل نسبياً بعد توقيع اتفاق الصخيرات، رغم أن الاحتدام بقي قائماً بين التيارات السياسية المتصارعة، المنبثقة عن الانتخابات الليبية، أو على المستوى الاجتماعي والفكري، لكن بالمقارنة مع الفترة التي سبقت توقيع الاتفاقات، فإن الفرقاء تمكنوا من توحيد بعض المؤسسات الحيوية في البلاد. وقال الروياتي: "إن ما يجعل هذا الصراع يمتد هو التدخل الدولي، والإقليمي تحديداً"، وهو نفس الموقف الذي عبر عنه المغرب من كون "تعدد المبادرات لن يفضي إلى توحيد الجهود لحل الأزمة الليبية". وهكذا لم تفلح الأممالمتحدة في تحويل ذلك الاتفاق إلى واقع على الأرض بسبب تعقيدات المشهد السياسي الداخلي. إلى ذلك قلل رئيس حزب "التغيير" في ليبيا جمعة القماطي، من أهمية الرهان على مؤتمر فرنسا حول ليبيا، المزمع إجراؤه يوم غد الثلاثاء، معتبرا إياه "محاولة للالتفاف على الاتفاق السياسي وعلى خارطة الأممالمتحدة لحل الأزمة في ليبيا". وأعرب القماطي عن خشيته من أن يكون "مؤتمر فرنسا المزمع عقده محاولة لفرض أجندة الذهاب إلى الانتخابات قبل تهيئة المناخ المناسب لها، وذلك من خلال تأجيل التصويت على مشروع الدستور، الذي قال بأنه "الضمانة الدستورية لأي انتخابات تشريعية ورئاسية". ورأى القماطي، أن "الأطراف المدعوة لمؤتمر فرنسا حول ليبيا، تعكس التفافا على الاتفاق السياسي الذي جرى بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة، ودعوة خليفة حفتر، الذي لا يُعتبر طرفا في هذا الاتفاق، بل لازال يرفضه ولا يعترف بمخرجاته". واعتبر القماطي، أن "هذا يعني أن القمة هدفها الجوهري هو تأكيد وجهة النظر القائلة بعدم ضرورة المرور عبر الاستفتاء على الدستور، بالنظر إلى كون مسودته تنص على استقالة الشخصيات العسكرية من مناصبها وتنازل حاملي الجنسية الأجنبية عنها بما لا يقل عن سنة قبل عقد الانتخابات، والذهاب مباشرة إلى الانتخابات وإسناد حفتر فيها ليكون هو الفائز فيها". وأضاف: "ليست هذه هي المرة الأولى التي تسعى فيها فرنسا لفرض رؤيتها على الوضع في ليبيا، فقد سبق للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن رعى في تموز (يوليو) الماضي لقاء بين السراج وحفتر قرب باريس في سبيل حل الأزمة الليبية، ولم يقد ذلك اللقاء إلى نجاحات على أرض الواقع". وأشار القماطي، إلى أن "الجهود الفرنسية تواجه تحديات كبيرة، منها رفض غالبية الأطراف السياسية وخصوصا المحسوبة على ثورة فبراير، فضلا عن تحفظ عدد من القوى الدولية، وفي مقدمتهم الولاياتالمتحدة وإيطاليا". وزاد: "لذلك لا أعتقد أن بمقدور فرنسا، ولا من يدعمها من قوى إقليمية منحازة لصالح خليفة حفتر، أن تفرض أي اتفاق سياسي جديد، دون تلبية مطلب الدستور أولا، بالنظر إلى طبيعة التعقيدات التي تعرفها الساحة السياسية في ليبيا"، على حد تعبيره.