أصبح معبر الكركرات، على الحدود الجنوبية للمغرب مع موريتانيا، محور صراع متجدد مع البوليساريو في أروقة الأممالمتحدة، بعدما شرعت السلطات المغربية في تنفيذ برنامج لتنمية المنطقة الحدودية وتعزيز المراقبة الأمنية والجمركية فيه. وتوجه زعيم الجبهة إبراهيم غالي إلى الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا للتشكي من تعزيز المغرب لوجوده في هذه المنطقة الحدودية، معتبرا ذلك “استفزازا”، قد يهدد الاستقرار. وانتقد زعيم الجبهة إقدام المغرب على جلب قوات الأمن وإسكانهم في موقع قرب “الطريق المعبد” الذي “أنشأه المغرب بشكل غير قانوني” عبر المنطقة العازلة. وانتقد بناء مباني في المنطقة، معتبرا أن ذلك “يعد انتهاكاً خطيراً لوقف إطلاق النار والاتفاقية العسكرية”. محذرا من أن ذلك من شأنه أن “يؤجج الوضع المتوتر أصلاً ويزيد من تهديد الأمن في المنطقة”. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى “التصرف بحزم في وجه محاولة المغرب الجديدة تغيير الوضع القائم في المنطقة العازلة”. فما هي خلفيات رد فعل الجبهة؟ وحسب الموساوي العجلاوي، الخبير في شؤون الصحراء، فإن رد فعل زعيم البولساريو يأتي في سياق محاولة الجبهة اللعب على ورقة المعبر الحدودي مع موريتانيا، وأيضا في سياق محاولة شد الأنظار عن الضغوط الداخلية في تندوف، وأيضاً من الجزائر التي تعيش تحولات داخلية. فمنذ سنة 2007، وبعد فشل اللعب على ورقتي حقوق الإنسان في الصحراء وتوزيع الثروات، “أصبحت البوليساريو تستخدم ورقة معبر الكركرات، حتى تبقى حاضرة في الواجهة الإعلامية وفِي تقارير الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء”. هذا، وتسعى الجبهة من خلال تحريك هذه الورقة للضغط على المغرب، وأيضا على موريتانيا وإسبانيا، خاصة في ظل مخاوفها من حصول تحول في توجهات الرئيس الموريتاني الجديد الغزواني، حسب العجلاوي. كما أن جزءا من الثروة السمكية للأسطول الإسباني يجب أن يفرغ في موانئ موريتانيا ومنه ينتقل بالشاحنات عبر الكركرات للشمال. ثانيا، “يسعى المغرب إلى عدم تكرار ظاهرة اعتراض بعض وحدات البوليساريو للشاحنات في المعبر واستفزاز السائقين المغاربة. كما أن المغرب وجه رسالة للأمم المتحدة بأنه لن يتسامح مستقبلا مع أي خرق من هذا النوع”. ويشدد العجلاوي على أن زعيم البوليساريو يسعى من وراء رسالته إلى “شد الأنظار عمّا يجري من تطورات داخلية في المخيمات، فهو يتعرض لضغوط في تندوف وفِي الجزائر التي تشهد حراكا شعبيا”. وكان المعبر الحدودي قد برز إلى الواجهة في غشت 2016، عندما تحول إلى نقطة لمافيات التهريب والعصابات المنظمة، خاصة في المنطقة العازلة، ما شكل خطرا أمنيا على المغرب وعلى حركة النقل عبر الحدود، وبما أن الأممالمتحدة لم تتحرك لضبط المنطقة الممتدة على بضع كيلومترات، فقد قامت قوات مغربية بتنفيذ “عملية تطهيرية” في المنطقة، وفي هذا السياق أعلن مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة أن “العملية تأتي لمواجهة ما تشهده المنطقة من مخاطر على الأمن، وانتشار عمليات التهريب، والاتجار في المخدرات، وكل أنواع الاتجار غير المشروع”. مؤكدا أن هذه العملية تمت “بتنسيق تام مع البعثة الأممية وفي احترام كامل للاتفاق العسكري رقم 1 المتعلق بوقف إطلاق النار. كما قام المغرب بتعبيد الطريق الحدودي في المنطقة العازلة، وهو مع رفضته الجبهة التي احتجت لدى الأممالمتحدة وردت بنشر وحدات عسكرية في المنطقة العازلة على مقربة من القوات المغربية، ما هدد بنشوب حرب في المنطقة. كما قامت باستفزاز سائقي الشاحنات المغاربة، ما دفع الأمين العام للأمم المتحدة للمطالبة بسحب القوات وعودة الهدوء للمنطقة. ويسعى المغرب، من خلال تعزيز المراقبة الأمنية في معبر الكركرات، إلى ضمان حركة مرور انسيابية آمنة للسلع التي تنقلها الشاحنات، حيث يعتبر المعبر البري الوحيد للمغرب تجاه موريتانيا ودوّل إفريقيا جنوب الصحراء.