وصف جلالة الملك الوضع بمنطقة الكركرات بالخطير ويعرض وقف إطلاق النار عمليا للانهيار، وكشف بلاغ صادر عن الديوان الملكي مساء الجمعة أن جلالة الملك أجرى اتصالا هاتفيا مع انطونيو غيتريس، الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة، تطرق فيه " إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة الكركرات بالصحراء المغربية، بسبب التوغلات المتكررة للعناصر المسلحة ل"البوليساريو" وأعمالهم الاستفزازية". وأضاف البلاغ أن هذه الأعمال اقترفت بشكل مقصود قبل شهر من عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي بهدف خلق البلبلة، وفي محاولة يائسة لنسف هذا المسلسل. وذكر البلاغ بأنه تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، كانت وزارتا الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية و المفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قد أشعرت، في مناسبات عدة، المينورسو والأممالمتحدة بهذه الأعمال. وقد طلب جلالة الملك من الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوضع حد لهذا الوضع غير المقبول، الذي يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر. ويأتي الاتصال الملكي بالمسؤول الأممي بعد عدة توغلات من طرف مسلحين في منطقة الكركرات على الحدود بين المغرب وموريتانيا وضمن المنطقة العازلة، وتسيير مسلحين على متن سيارات رباعية الدفع، وكان سبقها نشر صور وأشرطة لمسلحين بالمنطقة محسوبين على جبهة البوليساريو،كما يأتي لوضع النقط على الحروف على اعتبار أن وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 هو الذي أوقف المغرب بمقتضاه عملياته المسلحة ودخل في مسلسل أممي لإنهاء النزاع بالطرق السياسية، حيث عرض المغرب رسميا الحكم الذاتي كحل. ولم يتأخر رد أمين عام الأممالمتحدة غيتيريس، إذ قال بيان صادر عن المتحدث باسمه، إن الأمين العام يشعر بقلق بالغ حيال التوتر المتزايد في محيط كركرات بالقطاع العازل جنوب الصحراء، وأشار البيان إلى أنه لا تزال هناك عناصر مسلحة من جبهة البوليساريو على مقربة من القوات المسلحة الملكية، وهو وضع مستمر منذ غشت 2016، حيث يتم رصدها خلال ساعات النهار من قبل بعثة الأممالمتحدة في الصحراء المينورسو، وأضاف البيان أن الأمين العام يدعو كلا الطرفين إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واتخاذ كافة الخطوات اللازمة لتجنب تصعيد التوتر، ويكون ذلك من خلال تصرفات الجهات العسكرية أو المدنية، وتابع أن الأمين العام يؤكد أيضا ضرورة عدم عرقلة الحركة التجارية العادية وهو ما تقوم به البوليساريو التي تسعى إلى عرقلة الحركة التجارية، ويحث الأمين العام ،بقوة، الأطراف على القيام بسحب غير مشروط لجميع العناصر المسلحة من القطاع العازل في أقرب وقت ممكن، لخلق بيئة مواتية لاستئناف الحوار في سياق العملية السياسية التي تقودها الأممالمتحدة، حسبما ذكر البيان. وأضاف أنه يدعو الأطراف كذلك إلى التمسك بالتزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار واحترام كل من نص الاتفاق وروحه. وازدادت حدة الاستفزازات التي تقوم بها جبهة البوليساريو تجاه المغرب، بعد عودة المغرب للاتحاد الإفريقي ،مؤخرا، وبدعم من أكثر بلدان القارة السمراء نفوذا وتأثيرا، فالتجاوب الإفريقي مع عودة المغرب جعل محتضني البوليساريو، وخاصة جنوب إفريقيا والجزائر، في وضع حرج، فبعد التحرش بالحدود المغربية مع موريتانيا وبالضبط منطقة الكركرات، والتهديد بحمل السلاح، ومحاولة التأثير على الزيارات الملكية للدول الإفريقية، حيث تتعمد قيادة البوليساريو زيارة عدد من الدول التي زارها العاهل المغربي بأيام قليلة ، انتهاء بانعقاد الجلسة المغلقة لمجلس الأمن بدعوة من الاوروغواي يوم 22 فبراير الجاري، ومحاولة البوليساريو تسويق انعقاد الجلسة وكأنه انتصار وفتح مبين ، في حين يرى الباحث المختص في الشؤون الصحراوية ، الموساوي العجلاوي، في تصريح للاتحاد الاشتراكي، أن الاجتماع عاد جدا ولا يحمل أي طابع تقريري، واعتبر أن ما يقع هو محاولة للضغط على المغرب، بعد عودته القوية للاتحاد الإفريقي. وكشف العجلاوي أن المهم الآن هو العمل على المساهمة في بناء التقرير السنوي الذي يعرض منتصف أبريل القادم، والذي يتم الإعداد له من الآن وطيلة شهر مارس القادم. وأشار نفس المصدر إلى أن البوليساريو تسعى إلى الاستفزاز من خلال ما تقوم به في منطقة الكركرات وإثارة ملف حقوق الإنسان للتغطية على خسارتها في القارة السمراء ، كما أوضح أن الجزائر وحلفاءها ما زالوا في انتظار موقف الإدارة الأمريكيةالجديدة بقيادة ترامب. أما روسيا، فهي تتصرف وفقا لمصالحها. وأوضح العجلاوي أن أكبر ضربة للبوليساريو هي زيارة جلالة الملك لمواقعها بإفريقيا . فالبوليساريو تعيش اليوم أزمة داخلية خانقة بعد شح المساعدات الدولية لها، خاصة من أوروبا التي اكتشفت أنها ضحية نصب واحتيال، ناتج عن استعمال مساعداتها الإنسانية في إغناء أغنياء الحرب بالبوليساريو وإعادة بيع المساعدات للعصابات والإرهابيين وتجار الممنوعات على حساب المحتجزين في سجون رمال "الرابوني" القاتلة، كما عجزت الدبلوماسية الجزائرية التي أصيبت بأعطاب بعد تراجع محركها الأساسي ممثلا في الغاز الذي كان يسيل لعاب بعض الدول على المستوى العالمي ،وخاصة الدول الفقيرة ، والمشاكل الداخلية التي تعرفها البلاد،عجزت في الحفاظ على مواقع البوليساريو التي عرفت اندحارا كبيرا على المستوى الدولي، ففي الوقت الذي سعت فيه البوليساريو جاهدة إلى كسب تعاطف المنتظم الدولي طوال السنوات الماضية، أعلنت 46 دولة عن تجميد اعترافها بجبهة "البوليساريو"، و مازالت 34 دولة ،فقط، تعترف رسميا بمن تسمي نفسها "الجمهورية العربية الصحراوية"،الجبهة التي أعلنت تأسيسها سنة 1973، بينما لا تزال تحظى إلى حدود الساعة بتعاطف مجموعة من الدول غالبيتهم في القارتين الإفريقية والأمريكية، في الوقت الذي كان فيه عدد الدول التي تعترف بها في السبعينيات حوالي 70 دولة.