رسم تقرير جديد للمرصد المغربي للسجون، صورة سلبية حول أوضاع سكان السجون، أبرزها ارتفاع نسب الاكتظاظ، وعدد المعتقلين احتياطيا، وارتفاع عدد مخالفات السجناء، ما يؤشر على وضعية غير مريحة، وسط غياب مراقبة فعالة، سواء من مؤسسات القضاء أو مؤسسة حقوق الإنسان المستقلة، ناهيك عن المجتمع المدني. وقال عبد اللطيف رفوع، رئيس المرصد في ندوة صحافية أمس بالرباط، إن تقديم التقرير يأتي في سياق “يتسم بمنحى تراجعي في مجال الحريات وحقوق الإنسان، وتراجع الشروط الاجتماعية والاقتصادية، أفرز معه عدة احتجاجات في العديد من المدن والمناطق المغربية خلال سنتي 2017 و2018، حيث قوبل السخط الشعبي السلمي بمقاربة أمنية متشددة تراوحت بين فرض القيود على الحريات العامة، وموجة من الاعتقالات، ومحاكمة وإدانة العشرات من النشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين”. وبلغ عدد السجناء 38 ألفا و757، منهم 1907 سجينة، و1224 من السجناء الأحداث (الأقل من 18 سنة)، ولاحظ التقرير، الذي استند إلى إحصائيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، أن المحكومين بأكثر من سنتين إلى 5 سنوات يمثلون 25 في المائة، يليهم المحكومون بأكثر من سنة إلى سنتين بنسبة 22 في المائة، ثم المعتقلون المحكومون بأكثر من 6 أشهر إلى سنة بنسبة 20 في المائة، يليهم من حيث النسبة المحكومون بأكثر من 10 سنوات إلى 30 سنة بنسبة 11 في المائة. في حين أن المحكومين بأقل من 6 أشهر تصل نسبتهم إلى 9 في المائة، وأخيرا المحكومين بالمؤبد ونسبتهم 1 في المائة (أي 837 سجينا)، علاوة على 73 سجينا محكوما بالإعدام. ويلاحظ من خلال هذه الإحصائيات أن المحكومين بالسجن من سنة واحدة إلى 10 سنوات يشكلون نسبة 55 في المائة، وإذا أضفنا نسبة المحكومين ب10 سنوات إلى 30 سنة، أي 11 في المائة، يظهر كيف أن توجه القضاء المغربي في إصدار الأحكام لا يزال يغلب عليه التشدد في العقوبة إزاء المتهمين، ويؤكد هذا التوجه الرقم المتعلق بالسجناء الاحتياطيين، الذين يشكلون، بحسب التقرير، نسبة أزيد من 39 في المائة، أي ما يعادل 32 ألفا و732 سجينا وسجينة. ومعلوم أن ارتفاع نسبة السجناء الاحتياطيين تساهم بدورها في ارتفاع واقع الاكتظاظ، الذي يصل في بعض السجون إلى نسبة 205 في المائة، كما هو حال سجن العرجات 1 الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 1200 سجين، لكن عدد السجناء به خلال سنة 2018 بلغ 2461 سجينا وسجينة. وقدم التقرير معطيات حول توزيع ساكنة السجون تؤويهم 76 مؤسسة سجنية، لكنه لم يتعرض إلى مشاكل تعاني منها الأسر تتعلق بإيداع السجناء أحيانا بعيدا عن محل سكناهم، ما يتسبب في إرهاق كبير للعائلات. كما أنه لم يتضمن معطيات حول واقع المعتقلين السياسيين، أو الذين تصنفهم منظمات حقوقية كذلك، والذين يشتكون من إخضاعهم لنظام العزلة، المعروف بأنه نظام انتقامي. غير أن عبد الرحيم الجامعي، نقيب ونائب رئيس المرصد، نوّه ب”الرؤية الجديدة” في إدارة السجون، والتي بدأت مع تعيين المندوب الحالي، محمد صالح التامك، لكنه سلّط الضوء على عدد من الإشكالات مصدرها القضاء مثلا، كما هو الحال بالنسبة لظاهرة الاعتقال الاحتياطي، وقال الجامعي إن معالجتها تتطلب إخراج “الآلية الوطنية ضد التعذيب” من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان. وأكد الجامعي أن هناك مراقبة ومتابعة لأوضاع السجناء، من قبل النيابة العامة مثلا أو من قبل قاضي تطبيق العقوبة، لكنها “تبقى مراقبة إدارية تتعلق بسير تنفيذ العقوبة، وليست مراقبة حقوقية”، داعيا إلى “حكامة حقوقية داخل السجون”. وقدّم التقرير معطيات حول زيارات اللجان الإقليمية والسلطات القضائية، كشفت أن زيارات النيابة العامة للسجون بلغت سنة 2018979 زيارة، تليها من حيث العدد زيارات قاضي تطبيق العقوبة ب 462 زيارة، ثم قاضي التحقيق ب334 زيارة، وقاضي الأحداث ب178 زيارة، ثم رؤساء الغرف الجنحية ب28 زيارة، ولم يشر التقرير إلى عدد زيارات المؤسسات الوطنية المستقلة مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان. علاوة على أن التقرير لم يتضمن ما يشير إلى موضوع تلك الزيارات، ولا مدى فعاليتها في النهوض بأوضاع السجناء. ودعا عبد اللطيف رفوع، رئيس المرصد، إلى تمكين الهيئات المدنية والحقوقية من الحق في تتبع ومراقبة أوضاع السجناء، والإسهام في النهوض بها.