لجأ حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، في صراعه مع خصومه إلى استعمال تقرير لجنة التحكيم والأخلاقيات بالحزب حول شرعية مخرجات اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني الرابع، والذي جاء متوافقا مع ما يقوله بنشماش حول عدم شرعية تلك المخرجات، لكن ذلك أدى إلى احتجاج رئيس لجنة التحكيم، إدريس بلماحي، الذي رفض إقحام اللجنة في “صراعات لا علاقة لوظيفتها بها”. بلماحي قرر في رسالة وجهها إلى الأمين العام، تجميد وظيفته كرئيس للجنة الوطنية للتحكيم والأخلاقيات، منددا بتسريب التقرير قبل طرحه على مداولات المكتب الفيدرالي والتصديق عليه، مفسدا بذلك “فرحة” الأمين العام بمساندة اللجنة لقراراته الأخيرة ضد التيار الخصم له، خصوصا أن بلماحي أشار بوضوح إلى وجود مخطط لاستخدام اللجنة كأداة في الصراع الداخلي. وفي هذا الصدد قال: “باعتباري رئيسا للجنة الأخلاقيات أعلن للرأي العام، أن اللجنة لا ولن تكون طرفا في الصراع، بل نقل التطاحن الذي لا علاقة له، لا بمبادئ ولا بأهداف حزب الأصالة والمعاصرة. ولم ولن تأخذ بعين الاعتبار، لا موقف هذا الطرف أو ذاك، ولا علاقة الصداقة أو الزمالة، أو أي معيار آخر، غير الاحتكام لقوانين ومقررات الحزب”. وتضمن التقرير مقتضيات صبّت في صالح ما يقوله بنشماش عن مخرجات اجتماع اللجنة التحضيرية، وخصوصا انتخاب سمير كودار، رئيسا للجنة، من قبل خصوم بنشماش. واعتبر انتخاب كودار وباقي نتائج الاجتماع “غير شرعية”. ووعدت اللجنة ب”فتح تحقيق في الخروقات والتجاوزات والممارسات التي شابت عملية انتخاب رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر، مع تحديد المسؤوليات والآثار المترتبة عنها”، فور توفرها على المعطيات الكاملة. ورغم أن بنشماش زكى قراره نشر تقرير اللجنة في بلاغه التوضيحي، إلا أنه بموقف رئيس لجنة التحكيم والأخلاقيات، يكون قد فقد الأداة الرئيسة التي كان يخطط بواسطتها تزكية قراراته ضد معارضيه في التيار الخصم، خصوصا في عمليات عزل أعضاء بالمكتب السياسي، أو الفدرالي، وأيضا، أعضاء معارضين له في اللجنة التحضيرية. لجنة التحكيم والأخلاقيات، بحسب مصدر من الحزب، ستتوقف عن مباشرة أي أعمال تحقيق أخرى بعد الآن، أو النظر في ملفات يحيلها الأمين العام عليها. ما سيضع عدة قرارات لبنشماش كانت تنتظر مصادقة اللجنة في مهب الريح. لكن التيار الخصم طعن في مسطرة اعتماد التقرير، على اعتبار أن مشروع قرار لجنة التحكيم والأخلاقيات يجب أن يسلم إلى المكتب الفدرالي قبل اعتماده. هذه الملاحظة الجوهرية زَكَّاهَا رئيس اللجنة في رسالته عندما قال إن “ما نسميه تقريرا هو مجرد توصية مرفوعة إلى المكتب الفدرالي لاتخاذ قرار بشأنه وفق ما هو محدد في أنظمة الحزب”. وبحسب بلماحي، فإن نشر أعمال لجنة الأخلاقيات خارج الضوابط القانونية، “يُعد مخالفة جسيمة واستهتارا بالمؤسسات الحزبية، وتبخيسا لمجهودات اللجنة التي يكن لها الجميع الاحترام والتقدير”. بنشماش، وبعدما نشر تقرير لجنة التحكيم على الموقع الإلكتروني للحزب، بادر إلى التنويه، في بلاغ توضيحي صدر، أمس، بمضمون التقرير وتبنى قرار نشره بمبرر “حرصنا على تقاسم المعلومات مع الرأي العام الحزبي بكل شفافية”، لكنه أكد في الوقت نفسه أن “الوثيقة المعممة هي مجرد رسالة إخبارية”، وأن التقرير التفصيلي سيتم عرضه على أنظار المكتب الفدرالي بمجرد أن يكون جاهزا. المكتب الفدرالي عينه، الذي عزل رئيسه، محمد الحموتي، وخمسة أعضاء آخرين منه غير موالين له منذ بدأ الخلاف داخل الحزب. وقال مصدر قيادي ممن يطالبون برحيل بنشماش ل”أخبار اليوم” إن “بنشماش استعمل لجنة الأخلاقيات ضدنا، وهذا يسيء له وللجنة قبل كل شيء”، ومضى قائلا: “الأمين العام يخطئ من تلقاء نفسه، ولا يفعل شيئا سوى تعميق الشرخ، وسنقلب كل شيء عليه في النهاية”. وفي هذا السياق، أعلن محمد بودرا، عضو المكتب السياسي سابقا في الحزب ورئيس بلدية الحسيمة، عن مبادرة لتجاوز حالة الانقسام بين الأمين العام وخصومه، ودعا إلى التوقف عن إكراه الأعضاء على الاصطفاف مع طرف ضد آخر. وتتضمن المبادرة تكوين مجلس رئاسة مشترك يضم في عضويته كل من الأمين العام والأمناء العامين السابقين ورئيسة المجلس الوطني ورئيس المكتب الفدرالي ورئيس هيئة المنتخبين ورئيسة منظمة النساء ورئيسة منظمة الشباب ورؤساء الجهات ورئيسي فريقي البرلمان. ومن مهام هذا المجلس الرئاسي هي البحث عن مخارج للأزمة، في أفق المؤتمر المقبل. لكن قياديا من خصوم الأمين العام توقع أن تفشل المبادرة، لأن الطرفين في الحزب وصلا إلى “درجة القطيعة”، وأضاف “إما نحن أو هم، لا يمكننا الاستمرار مع أمين عام لا يملك قراره، ويتقلب في كل لحظة وحين”.