مثل ليلة السكاكين الطويلة، نفذ حكيم بنشماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عملية أرادها أن تكون “تطهيرا” لقيادة الحزب من خصومه الذين باتوا يتحكمون أكثر فأكثر في الأجهزة التنظيمية للحزب، حتى إن بنشماش يصدر قراراته على شكل بلاغات إخبارية باسمه وصفته فحسب، كما أشار إلى ذلك بلاغ صادر عن 12 عضوا بالمكتب السياسي غير موالين له. أول أهداف بنشماش كانت عزل غريمه محمد الحموتي، الذي يزداد التيار المنتسب إليه قوة، فقد قرر “سحب التفويض برئاسته للمكتب الفيدرالي”، كما كان قد جرى الاتفاق على ذلك في مخرجات صلح الخامس من يناير الفائت. وأسند بنشماش هذه المهمة إلى نفسه. لكن عزل محمد الحموتي من منصبه كرئيس للمكتب الفيدرالي، “ليس له أي أثر عملي” في المرحلة الحالية، كما يقول أعضاء بالمكتب السياسي موالون للتيار الخصم لبنشماش. فهذه المهمة كانت موجهة لتدبير المرحلة الانتقالية لترتيب ظروف إقامة المؤتمر، و”بعد تشكيل اللجنة التحضيرية، لم يعد لهذا المنصب كما لمنصب الأمين العام نفسه أي أثر على خط سير الحزب”، تضيف المصادر ذاتها. الأمين العام لحزب “البام” قرر أيضا إحالة ملف اجتماع اللجنة التحضيرية على لجنة الأخلاقيات ذلك الاجتماع الذي جرى يوم السبت الفائت في ظروف مثيرة للجدل، ولم يحصل على اعتراف بنشماش وسط تباين الروايات حول دافعه لذلك. بيد أن قرار بنشماش بإحالة أعضاء من اللجنة التحضيرية، بينهم الحموتي، على لجنة الأخلاقيات يراه خصومه في غالب الأحوال “دون طائل”، كما قال قيادي بالحزب، لأن هذه اللجنة التي شكلت منذ تأسيس الحزب لتأديب الأعضاء المخالفين، لم تجتمع منذ سنوات، وفي أقرب تقدير منذ تولي إلياس العماري لمنصبه كأمين عام للحزب عام 2016، ولم يصدر عنها أي قرار على الأقل في السنوات الثلاث الأخيرة، بل “ولم تحل عليها أي ملفات، بما في ذلك قضية صفع الأمين العام نفسه في اجتماع رسمي من لدن نائب برلماني”، كما يوضح مصدر “اليوم 24”. هذه القرارات صدرت عقب اجتماع سريع للمكتب السياسي للحزب لكنها لم تصدر باسمه، دخله الأمين العام للحزب وفي يده حزمة القرارات المذكورة آنفا، وبعد شروعه في تلاوتها قرر الأعضاء غير الموالين له الانسحاب من الاجتماع في مسعى لعدم إضفاء أي شرعية على تلك القرارات لاسيما أن عددهم يعادل عدد أعضاء المكتب السياسي الموالين لبنشماش، وهو ما يفسر عدم صدور بلاغ القرارات باسم المكتب السياسي. هذه القرارات، وتمسك بنشماش بعدم الاعتراف باجتماع اللجنة التحضيرية الذي أفضى إلى انتخاب واحد من خصومه رئيسا عليها، وهو سمير كودار، تفتح الباب على المجهول بالنسبة للحزب الأول في المعارضة بالبلاد. ومن بين النتائج المتوقعة تعطيل ترتيبات المؤتمر، وتأخير عقده إلى أجل لاحق.